النظام السوري لا تهضم معدته كلمة (لا)

محمد فاروق الإمام

النظام السوري لا تهضم معدته كلمة (لا)

حتى ولو كانت من خارج الحدود

محمد فاروق الإمام

moh2008_almam@yahoo.com

أعلن المركز الإعلامي لجماعة الإخوان المسلمين في سورية أن موقعه سُرق لثلاثة أيام، ووضع اللصوص على واجهته رسالة طويلة موجهة للجماعة وأبنائها، تحثهم على طاعة ولي أمر المسلمين بشار أسد!.. وأن الخروج عليه يخالف الإسلام، وعدم جواز الخروج عليه شرعاً.. ووضعوا الأحاديث الشريفة التي – بزعمهم - تدعم ادعاءاتهم.

وجاء في تصريح للمركز الإعلامي بعد استرداد موقعه الرسمي أنه (في يوم الأحد بتاريخ 16/1/2011م، فوجئ فريق العمل في موقع المركز الإعلامي، ومتابعو الموقع في كل مكان، بتوقّفه عن العمل، وغياب موادّه كلياً عنه، ثم باعتراف الجهة التي قامت بعملية القرصنة والسطو عليه)!..

وشن الموقع هجوماً غير مسبوق على النظام السوري، بعد أن كان ملتزماً بما أقرته الجماعة من مهادنة النظام ووقف الأنشطة المعارضة له عقب العدوان الصهيوني على غزة، وبقيت على التزامها بعد وصول المراقب العام الجديد للجماعة المهندس رياض شقفة إلى قيادة الجماعة خلفاً للمراقب العام السابق الأستاذ علي صدر الدين البيانوني.

ومما جاء في تصريح الموقع الذي اتهم النظام السوري صراحة بسرقة الموقع: (إنّ هذا التصرّف، إذ يدلّ على عقليةٍ صبيانيةٍ للجهة المرتكِبة له، فإنه يبيّن في الوقت نفسه، مدى الهلع الذي وصلت إليه أجهزة النظام الاستبداديّ السوريّ، وذلك بعد انتصار ثورة تونس الشقيقة على الاستبداد، الذي يشبه إلى حدٍّ بعيد.. الاستبدادَ الذي يمارسه هذا النظام منذ عشرات السنين).

وشدد تصريح المركز الإعلامي على عدوانية النظام السوري بقوله: (كما يُقدِّم هذا العدوان، صورةً واضحةً بلا رتوشٍ أو ديكورات، عن درجة خطورة هذا النظام على حقوق الإنسان، الذي لم يكتفِ بطغيانه على شعبنا السوريّ الأبيّ داخل سورية، بل امتدّت ذراعه الخشبية إلى خارج البلاد، وذلك لشدّة هلعه، وما يُحِسّه من حالة عدم الاستقرار أو التوازن، نتيجة درايته الكاملة بما ارتكبه وما يزال يرتكبه من ظلمٍ وإذلالٍ ونهبٍ وفسادٍ وقهرٍ وسفكٍ للدم ونهجٍ أحاديٍّ في الحكم.. واستئصالٍ لكل مَن يُعارض ديكتاتوريّته، حتى لو كانت هذه المعارضة بالكلمة الحرّة، والقلم المعبِّر عن تطلّعات شعبنا الحُرّ.. الأمر الذي يدلّ على حقيقة شخص الحاكم في هذا النظام، ويجعله – بجدارة - ولياً لأمر الفاسدين والسفّاحين والنهّابين والمعتدين ومنتهكي القِيَمِ والأعراض والحُرُمات، ولقُطّاع الطُّرق وأرباب السطو، الذين كان سطوهم على موقعنا أنموذجاً لمنجزاتهم التي يفخرون بها، تماماً كعملية السطو العظمى، التي تحوّل بموجبها وطننا – بالانقلاب العسكريّ منذ عشرات السنين - إلى جمهوريةٍ عسكرية، ثم وراثية).

واستهجن التصريح لبوس صفة الولاية للنظام السوري مؤكداً على سطو النظام السوري لكرسي الحكم في سورية غدراً وغيلة فيقول: (نؤكِّد على أنّ الحاكم، ليكونَ وليّاً لأمر المسلمين، عليه أولاً ألا يسطوَ على كرسيّ الحكم بالحديد والنار والقوانين الاستثنائية ومسرحيات تعديل الدستور، ثم أن يَـحكمَ بالإسلام الوسطيّ العادل الحق.. فمن يقتل الأحرار ويُنصِّب نفسه ربّاً على شعبه من دون الله عزّ وجلّ، ومَن تصل شظايا (ولايته للأمر) إلى طفلةٍ كطلّ الملوحي، وعجوزٍ نابغةٍ كهيثم المالح، وإلى حجاب المرأة المسلمة، ومساجد الجامعات، ومَصاحف سجن (صيدنايا) وأسراه، وتصبح - في ظلّ ولايته المستلَبة أصلاً - تلاوةُ القرآن الكريم في المدارس الرسمية والخاصة، جريمةً يعاقَب عليها الأطفال والمعلّمون والمعلّمات، وتُصبِح حقوق المواطَنة الكاملة – في عهده - حَصراً على فئاتٍ بعينها.. وغير ذلك من عمليّات القمع والاضطهاد والعدوان على الإسلام والمسلمين.. مَن يفعل ذلك، فمن الهراء - بالمفهوم الإسلاميّ - أن يوصَف بوليّ الأمر، ومن السُّفه والجهل أن تُساقَ بعضُ أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم، للتدليل على أنّ حاكماً ظالماً عاتياً لا يحكم بما أنزل الله.. هو وليّ لأمر المسلمين)!..

وجاءت سرقة الموقع والسطو عليه ردا على الرسالة التي بعث بها المراقب العام المهندس رياض شقفة إلى النظام السوري، في سياق اللقاء الذي أجرته معه جريدة الشرق القطرية، والتي أعلن فيها: أنه (لو سُمح لنا بالنزول إلى سورية سنعمل فقط في مجال الدعوة بدون اسم الإخوان المسلمين وبدون أي أحزاب إلا إذا صار نظاماً حزبياً ووافقت الدولة عليه ونحن نستطيع أن نتعامل مع الواقع في مجال الدعوة وأن يسمح لنا النظام بالعودة للعمل في أوساطنا وفي مدننا وليس أكثر من هذا ونحن نتجاوب مع هذا الوضع لو حدث).

النظام السادي السوري يثبت بما لا مجال للشك أنه مصر على التغول في سياسته الأمنية وشهر عصاه الغليظة تجاه الشعب السوري ونخبه السياسية وأطيافه الفكرية، وأن معدته لا تهضم كلمة (لا) تقال له حتى ولو من خارج الحدود، متجاهلاً بصلف وغرور ما حدث لرفيق دربه وخويّه النظام الذي كان يحكم تونس، والحال التي صار إليها طاغية تونس من الذلة والمهانة وسوء المصير له ولأسرته وحاشيته الفاسدة، وكل الذين كانوا يدورون في فلكه ويطبلون له ويزمرون ويهتفون!!

وإذا ما سرق النظام موقع المركز الإعلامي لجماعة الإخوان المسلمين وسطا عليه، فهذا عرفٌ سلكه هذا النظام منذ اليوم الأول لسطوه على الحكم في سورية، في فجر اليوم الثامن من آذار عام 1963 عبر دبابة ضالة أدارت ظهرها للعدو الصهيوني.

وإذا ما امتدت يده لسرقة المركز الإعلامي لجماعة الإخوان المسلمين فقد سبق وامتدت يده الباغية لتزهق أرواح المصلين في مسجد السلطان في حماة، ومسجد بني أمية في دمشق، وفي إزهاق أرواح المئات من معتقلي سجن تدمر، وفي إزهاق أرواح المئات في جسر الشغور وحلب وحمص واللاذقية وسرمدا، ولترتكب يده المجرمة أبشع مجزرة شهدها العالم في القرن العشرين في مدينة حماة، حيث أزهقت هذه اليد الآثمة بدم بارد أرواح عشرات الألوف من أهلها الآمنين، وسوّت مع الأرض نصف أحيائها، بما فيها من دور عبادة (مسيحية وإسلامية) ومراكز ثقافية ومعالم تاريخية.

وإذا ما امتدت يده لتسرق المركز الإعلامي لجماعة الخوان المسلمين فقد سبق وامتدت يده الطويلة المجرمة لتزهق أرواح معارضيه وهم على بعد آلاف الأميال عن سورية.