ما كنت أعلم يا تونس
ما كنت أعلم يا تونس
صباح الضامن
ما كنت أعلم يا خضراء أن وريقاتك الثائرة في شتائنا ستصل عمق الظلم وتقتلعه
ما كنت اعلم يا نهضة أورقت في أرضنا الجدباء عملا فأتت على شيخوختنا فأحالتها شبابا .
ما كنت والله أعلم أن يأتي يوم أرى فيه المعجزات تتحقق وقد غاب زمن الإنبهار واندثر زمن العزيمة لترتفع رايات مشوهة في سماء كل منا يتلو فيها عبارات خنوع .
يا تونس
رغم فسيفساء ثورتك إلا أنها لوحة جميلة تشكلت بيد فنان قادر أن يحيل صرخاتك للوحة ضاجة مبهرة . ها أنت تغدين عروسا تختالين بثوبك الأبيض في حفل مهيب مملوء لا بالرقصات بل بالهتافات
تقدمين لنا على طبق من ذهبية الفعال درسا لنفهمه جميعا .
أنت ما همك فلانا تقصيه ولا فلانا تنصبيه بل كأن بيدك الندية ووارف عطاياك فيها أوراقا مكتوب عليها حكما غابت وداستها مخاوف .
يا تونس
ما كنت أعلم أنك أسيرة رغم مناداتك بالحرية فمن له مثل روح شبابك وشيبتك ليس بأسير بل إنه يخبيء توقده تحت رمل سواحل بلاده ينتظر مد الخير يقصي شوائب القيد لتغدو لآليء حريته في جيدك يا عروسة المتوسط .
ويا تونس ألا تشعرين الآن بفخر والكل بإصبعه يقول انظروا فقد غدت بزيتونها المبارك تكاد تضيء قلوب كل شجيرة وأكمة في عالم ممتد .
وما كنت أعلم يا تونس البهية أن صوتك هذا بإيقاع الحب يؤلف بين الدموع والفرح فقد أذهلت يا باكية مزغردة أساطين القلم كيف يكتبوا عنك وأنت الأديبة وكيف يغنون لحنك وأنت الشادية وكيف يسكبون درك وأنت الوافرة ألقا .
سأبكي قلمي وأدوس على ورقي وألغي قافيتي وأنثر نقاطي في هواء مسافر مغادر في غياهب إن لم أكن معك وبقلبك وفيك وبعظمة رؤاك .
يا تونس
ما كنت أعلم أن اليوم سينجب لي خبرا بحريتك فالأسياد قد وأدوا عرائس شعرك في جاهلية ظلمهم ومضى تربك يحمل أناتهن صبح مساء فثقل القلب يا خضراء وبات جذعك يميل مع كل أنة حتى نفخت فيه الروح وأصابه طل من عرق شبابك الوثاب فنفض التراب عن الموؤدة وصار العرس ..
وبالزغاريد يا تونس وهذا ما أعلم تستقبلين حريتك ممزوجة بتعب السنين فياليتني كنت أعلم أنك هكذا لتعلمت فن الشعر وتغنيت بك يا خضراء يا ثائرة الورق الحر مطرا في جفاف أرواحنا .
![]()