القذافي يريدنا أن نبقى قطيعاً في زواريب العبودية

محمد فاروق الإمام

القذافي يريدنا أن نبقى قطيعاً

في زواريب العبودية

محمد فاروق الإمام

[email protected]

تراوحت معظم ردود الفعل العربية على الثورة الشعبية التونسية التي أطاحت بواحدة من أعتى النظم الشمولية والديكتاتورية في العالم العربي، وأجبرت أحد طواغيتها على الفرار زين العابدين بن علي، أقول تراوحت بين الصمت المريب و"احترام خيارات الشعب". لكن ملك ملوك أفريقيا وعميد الزعماء العرب ـــ 42 سنة في الحكم ـــ أعرب عن "تألمه" لرحيل بن علي متمنياً بأن يكون بن علي رئيساً لتونس "مدى الحياة"، ليبق التونسييون قطعاناً في زواريب العبودية.

ففي كلمة موجهة الى الشعب التونسي بثتها وسائل الإعلام الليبية الرسمية، أشاد القذافي في جزء كبير من كلمته ببن علي. وقال (لا يوجد أحسن من الزين أبداً في هذه الفترة بل أتمناه أن يبقى في الرئاسة) ليس إلى الـعام 2014 بل أن يبقى إلى مدى الحياة)، مؤكداً أن (الزين حتى الآن أفضل واحد لتونس وعمله جعل تونس في هذه المرتبة). وتساءل (ماذا عمل الرجل لتونس غير الاشياء الحسنة؟)، مؤكداً أنه زار تونس مرات عديدة ووجد أن (الناس مرتاحون). وقال (إن بن علي ما زال يحكم بموجب الدستور وهو رئيس تونس حتى 2014 ... بحكم الدستور ما زال هو الرئيس الشرعي).

وانتقد القذافي أعمال العنف التي أدت الى إسقاط بن علي. وقال: (إن تونس كانت بلداً هادئاً مطمئناً مسالماً، التنمية ماشية فيها، فرص العمل ماشية فيها... فإذا بها في يوم واحد يخربونها. يخربون بيوتهم بأيديهم). وتساءل (هل هناك ثورة محترمة تذهب للسجن وتُخرج عتاة المجرمين القتلة إلى الشارع ليخرجوا في الليل بسكاكينهم يروعون العائلات التونسية... وعشرات المساكين الذين في السجن يتم قتلهم في السجن؟).

وتوجه القذافي الى التونسيين قائلاً: (اذا كان يوجد فساد ... عائلة فاسدة أو جهة فاسدة أو فرد فاسد، لا يمكن أن نموت نحن التوانسة بالعشرات من أجله).

القذافي كان في كلمته يتلوى حرقة على بن علي الذي تجرع الشعب التونسي 23 سنة عجاف من حكمه، ذاق خلالها مرَّ الحياة وشظف العيش والجوع والبطالة وتكميم الأفواه وقمع الحريات والسجون والمعتقلات والمنافي.. القذافي كان في كلمته ووجهه المتجهم يتلوى ألماً على صديقه بن علي لأنه لم ينجح في إنقاذه أو تقديم العون له للبقاء في سدة الحكم متربعاً على رقاب التونسيين، كحال إخوانهم في العديد من الدول العربية ذات الأنظمة الشمولية الديكتاتورية التي راحت تتحسس رقابها وتتلمس رؤوسها وتعد الخطط في النجاة من غضبة الجماهير وثورة الشعوب، التي لابد أنها آتية، وتعيد الحسابات في علاقاتها مع أسيادها، ودرس بن علي ماثل أمامها وقد تخلى عنه أسياده وأداروا له ظهر المجن، مفتشة عن مكان آمن تلجأ إليه إذا ما وقعت الطامة الكبرى وحلت بهم وبسلطانهم النازلة الكبرى.

نبارك للشعب التونسي انتفاضته وثورته على الطاغية المستبد، التي تكللت بالظفر والنجاح بأقل التضحيات وبأسرع ما كان يُظن ويُرتجى، فإلى أمام بعيون متيقظة وصدور منفتحة وعقول واعية مستنيرة، فالعدو الظالم لا يستسلم بسهولة، فالحذر الحذر والانتباه الانتباه واليقظة اليقظة، وليكن كل التونسيين يمينهم ويسارهم ووسطهم يد واحدة للخروج بالبلاد إلى بر السلامة والأمان، وليعيدوا بناء تونس جديد ترفرف في سمائه راية الحرية والديمقراطية والقبول بالآخر دون إقصاء لأحد أو تمييز بين أحد، فالوطن يتسع للجميع ولن يضيق وطن بأهله!!