أبو القاسم الشابي ينتفض من جديد

محمد فاروق الإمام

محمد فاروق الإمام

[email protected]

نعم إنه معنا.. إنه الشاعر التونسي الثائر أبو القاسم الشابي انتصب بقامته من جديد متحدياً صلف الظالمين وجبروت الطغاة.. يقود الملايين من الجائعين والعاطلين عن العمل والباحثين عن الحرية والمتشوقين إلى الكرامة التي تصدح حناجرهم بما كتبه هذا الشاعر العظيم قبل ما يزيد على 88 سنة:

إذا الشّعْبُ يَوْمَاً  أرَادَ الْحَيَاةَ       فَلا  بُدَّ  أنْ  يَسْتَجِيبَ القَدَر

وَلا بُدَّ  لِلَّيلِ  أنْ  يَنْجَلِي        وَلا  بُدَّ  للقَيْدِ  أَنْ   يَنْكَسِر

وَمَنْ لَمْ  يُعَانِقْهُ شَوْقُ الْحَيَاةِ        تَبَخَّرَ  في  جَوِّهَا   وَانْدَثَر

فَوَيْلٌ لِمَنْ لَمْ  تَشُقْهُ  الْحَيَاةُ        مِنْ صَفْعَةِ  العَدَم  المُنْتَصِر

كَذلِكَ  قَالَتْ  لِيَ  الكَائِنَاتُ       وَحَدّثَني  رُوحُهَا    المُسْتَتِر

أبو القاسم الشابي يقود الجياع والعاطلين عن العمل والباحثين عن العدل والمساواة وتنسم الحرية في تونس اليوم، في انتفاضة هي قدر المظلومين لا مفر منه، لانتزاع ما استعصى على فهمه الحكام البغاة المستكبرين في الأرض، المستمرئين لمص دماء الشعوب وتكبيلهم بقيود القوانين والمراسيم والفرمانات الظالمة، ونهب ثرواتهم وما حبا الله أوطانهم من خيرات وما أفاض الله عليها من بركات.

شوارع مدن تونس من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب والساحل والجنوب تصطبغ اليوم بقاني الدماء الطاهرة التي استباحتها يد الظلم الأمنية التي لا تعرف إلا القتل وسفك الدماء حواراً مع الشعوب، التي فاض بها الصبر وطفح بها الكيل وبلغ السيل الزبى، وآن لهؤلاء الجياع والعاطلين عن العمل أن ينتفضوا  ويثوروا ويغضبوا، وقديماً قال أبو ذر الغفاري (رضي الله عنه): أعجب لجائع لا يشهر سيفه؟!

ثورة الجياع والعاطلين عن العمل ليسو كما يدعي ابن علي عصابة تضم مجموعة من الإرهابيين الملثمين وحفنة من المناوئين المأجورين، ضمائرهم على كف أطراف التطرف والإرهاب التي تسيرها من الخارج، أطراف لا تكن الخير لبلد حريص على العمل والمثابرة.. إنهم شرفاء الوطن والصابرون على الظلم وهضم الحقوق وغياب العدل وتكميم الأفواه ومصادرة الحريات لأكثر من عشرين عاماً عجاف من حكم أحد كبراء الظلم والاستبداد في عالمنا العربي.

أحي انتفاضة شباب تونس العاطلين عن العمل، وأحي انتفاضة الجائعين التونسيين، وأحي انتفاضة الباحثين عن العدالة والمتشوقين للحرية من مثقفي تونس، وأحي أحزاب المعارضة التونسية لانحيازها إلى صفوف الجماهير الغاضبة.. وارجو أن تكون هذه الانتفاضة حافزاً للشباب والمثقفين في البلدان العربية ذات الأنظمة الشمولية الفاسدة، التي لا تقل – إن لم تزيد – بغياً وتغولاً وفساداً وظلماً ونهباً وقمعاً للإنسان الذي هو أهون عندها وأدنى من جناح بعوضة!!