جريمة اسمها الإعلام المصري
جريمة
اسمها الإعلام المصري
أشرف إبراهيم حجاج - إعلامي – القاهرة
ليس هناك في مصر على اختلاف طبقاتها إلا مواطنون يرفضون رفضا كاملا هذه النكبة الأخيرة التي ضربت الشعب كله في مقتل . ولقد سمعت فلاحين وعمالا يقولون في حزن " حرام والله ... حرام والله ، ربنا ينتقم من اللي عملوا العملة السودة دي " . ورأيت أن هذه العبارات الفطرية أكثر صدقا وأنبل شعورا من كثيرين من الكبار .
وأنا أكتب الآن مستعرضا كل قنوات التليفزيون ، فأراها كلها تدين هذا العمل الإحرامي . وأمامي الآن على شاشة التليفزيون حمدي رزق ( المشهور ) رئيس تحرير مجلة المصور وهو يتحدث بلهجة حارة ، ويطالب الحكومة بإصدار قانون جديد شديد يوقف " المجرمين " عند حدودهم . كأننا في حاجة إلى مزيد من القوانين الاستثنائية بعد قانون الطوارئ .
وأرى في كل القنوات التليفزيونية اسطوانة مكررة : عشنا من قديم مسلمين وأقباطا على الود والمحبة والتعاون ، وكيف أن ثورة 1919 تعانق فيها الهلال والصليب ، ويرتفع هذا الشعار ، ولم يعترض عليه أحد كما اعترضوا على شعار المصحف والسيفين . ( شعار المحظورة ) ..
وفي هذه الاسطوانة أيضا تكرار لخطاب الرئيس الذي هدد فيه الجناة ، وأنه سيقطع رأس الأفعى .
وتنشر وسائل الإعلام أن السيد حبيب العادلي وزير الداخلية أصدر قرارا بنقل كل الضباط الذين أشرفوا على حراسة الكنيسة . وهذا القرار من سيادته يعد اعترافا بالتقصير في الحراسة . ومثل هذا التقصير لو ثبت لوجب أن يعاقب مرتكبيه بتحويلهم على المحاكمة ، لا الاكتفاء بنقلهم .
ثم إذا كان هذا العمل الإجرامي بيد أجنبية ، ويكاد الاتهام ينحصر في شخص أشبه ما يكون بالأفغانيين ، وقد استنتجوا ذلك من الرأس المقطوعة التي عثروا عليها . إذا كان هذا صحيحا فأين ذهب رجال الأمن ولم يراقبوا الوافدين من الخارج ، وخصوصا إذا كانوا من أصحاب الملامح الأفغانية أو الباكستانية ؟
ثم أين اجهزة التكنولوجيا الحديثة التي تكشف المتفجرات من بعد ؟
ووسائل الإعلام بتكرارها الدائم بإدانة هذه الجريمة قد يؤدي إلى عكس ما يريده المواطنون .
وأرى أن يُحذف من هذه الإسطوانة قول الإعلاميين وضيوفهم : لقد امتزج دم المسلم بدم القبطي بعد هذا الانفجار . لأن كبار رجال الدين الأقباط يقولون إن الضحايا جميعا ليس فيهم مسلم واحد . وأرى أنه لا داعي للعب بهذه الورقة .
ولماذا لا تشير وسائل الإعلام وضيوفها إلى الظلم المفروض على المواطن المصري ، ومن مظاهره الاعتقالات العشوائية ، وتزوير الانتخابات ، وغلاء الأسعار وانهيار المستوى الاجتماعي للمواطن ، وإلغاء إرادته . إن هذه التصرفات الشاذة قد تفقد المواطن كثيرا من الولاء لبلده . وتفقد مصر سمعتها الخارجية .
فعلى الحكام أن يدرسوا ما حدث دراسة عميقة حقيقية ، بعيدا عن التزييف الإعلامي ، فما يرتكبه يعد جناية أخرى.