إبعاد الشيخ أبو طير عمى سياسي

جميل السلحوت

[email protected]

قرار المحكمة الاسرائيلية القاضي بابعاد عضو المجلس التشريعي الفلسطيني الشيخ محمد أبو طير، عن مدينته القدس التي هي مسقط رأسه ورؤوس أجداده، يؤكد من جديد أن اسرائيل لا تحترم القانون الدولي، ولا اتفاقات جنيف الرابعة المتعلقة بالأراضي التي تقع تحت احتلال عسكري، ولا لوائح حقوق الانسان، وتعطي اشارات بأن سياسة الابعاد الجديدة لن تقتصر على شخص الشيخ أبو طير، بل ستتعداه راهنا الى وزير شؤون القدس السابق المهندس خالد أبو عرفة، وعضوي المجلس التشريعي محمد طوطح وأحمد عطون المعتصمين في مقر الصليب الأحمر في القدس منذ ما يزيد عن 160 يوما خوفا من ابعادهم، وستصل أي مقدسي آخر، لكن المضحك المبكي في ما جاء في قرار محكمة الصلح الاسرائيلية بأن الشيخ ابو طير قد أبعد عن مدينة القدس التي دخلها متسللا، فالشيخ ابن الثامنة والخمسين عاما والمولود في قرية أم طوبا، لم يغادر القدس الا الى سجون الاحتلال التي قضى فيها اكثر من نصف عمره، تماما مثله مثل النائبين والوزير السابق الذين ولدوا وترعرعوا في القدس، هم وآباؤهم وأجدادهم، وهم ليسوا متسللين أو غزاة أو مستوطنين، وانتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني في العام 2006 جاءت بناء على ضغوطات أمريكية اسرائيلية أوروبية، لكن من ضغطوا لاجراء الانتخابات بزعم الديموقراطية، لم يحترموا نتائج هذه الانتخابات، لأن نتائجها جاءت على غير ما يرغبون ويريدون، مما يؤكد من جديد زيف دعواتهم وزيف ديموقراطيتهم، واذا كان الشيء بالشيء يقاس فان من حق المرء أن يتساءل عن سبب احترامهم لنتائج الانتخابات الاسرائيلية، التي فاز بأغلبية مقاعد الكنيست الاسرائيلي فيها أحزاب اليمين الاسرائيلي، وما ترتب على ذلك من تشكيل بنيامين نتنياهو زعيم الليكود لحكومة يمينية متطرفة، ترفض الالتزام بمبادئ وأسس مفاوضات السلام، وتقف ضد العالم أجمع بما فيه حليفتهم أمريكا، من خلال مواصلة سياسة الاستيطان في الأراضي المحتلة في حرب حزيران 1967، والتي من المفترض أن تقوم عليها الدولة الفلسطينية العتيدة.

 وعملية ابعاد الشيخ ابو طير بادرة خطيرة، قد تطال أيّ مقدسي فلسطيني، فاسرائيل التي ضمت القدس الشرقية اليها بعد أيام من احتلالها، من جانب واحد وبقرار من الكنيست الاسرائيلي، في مخالفة واضحة لقرارات الشرعية الدولية، وتطبق قوانينها على المدينة المقدسة، تعتبر المقدسيين الفلسطينيين مقيمين- وليسوا مواطنين-، حتى حصولهم على جنسية دولة أخرى، ومن ثَمّ ترحيلهم اليها.

 إن السكوت على قضية ابعاد الشيخ أبو طير، يشكل فضيحة أخلاقية وانسانية وسياسية، وتشكل سابقة خطيرة، وعلى المتشدقين بحقوق الانسان والديموقراطية والقانون الدولي والرعية الدولية، أن يقفوا ضد هذا التصرف الأعمى والذي يضاف الى عقبة وقف الاستيطان، مما يجعل تحقيق السلام المنشود أمنية بعيدة المنال، وخطورة ابعاد مواطن مقدسي عن مدينته تتطلب نشاطا دبلوماسيا، أقله طلب جلسة عاجلة وطارئة لمجلس الأمن الدولي، لاتخاذ قرارات عادلة بإعادة الشيخ أبو طير الى بيته وحضن أسرته، ومنع تكرار عملية الابعاد مستقبلا.، وحل مشكلة الوزير السابق وعضوي المجلس التشريعي المعتصمين في مقر الصليب الأحمر، واعادتهم هم الآخرون الى بيوتهم وأسرهم.