أهلاً بكم في سورية العروبة والإسلام 1

أهلاً بكم في سورية العروبة والإسلام!..

(1 من 2)

د. محمد بسام يوسف*

mbyousof@hotmail.com

تعليمات وزارية:

1- يجب أن تكونَ بعض المعلِّمات (غير) محجَّبات، ويفضَّل أن يكنَّ من مذاهب متنوعة!..

2- يُمنَع قراءة القرآن، في المدارس، وفي السيارات المدرسية!..

3- يجب أن لا يقتصر الاختلاط بين الذكور والإناث على الصف الواحد، بل يجب وضعهم في مقاعد مشتركة داخل الصف!..

4- يجب أن لا يُفصَل الذكور عن الإناث خلال الاستراحة!..

هذه التعليمات (التربوية المدرسية)، ليست صادرةً عن وزارة التربية في (إسرائيل) اليهودية، ولا في فرنسة أو بريطانية أو السويد أو كندا أو أميركة.. ولا في الاتحاد السوفييتي السابق أو في أيٍ من منظومة الدول الشيوعية الملحدة المنقرضة!.. فهذه التعليمات قُرِّرَت وفُرِضَت على المدارس من قِبَل ما يُسمى بوزارة التربية، في الجمهورية العربية السورية الوراثية الطائفية البعثية، التي يتجاوز فيها المسلمون نسبة الثمانين بالمئة!.. ومن قِبَل وزيرٍ طائفيٍّ ما يزال يتصرّف في القرن الحادي والعشرين، كالحشّاشين المتجرِّدين من الأخلاق والضمير والدّين والقوانين التي يتداول وفقها البشر!.. فأهلاً بكم في سورية العروبة والإسلام!..

*     *     *

منذ قيام حزب البعث بانقلابه العسكري في الثامن من آذار عام 1963م، حاول بعضُ أزلامه من أصحاب الأهداف المريضة، الذين اتخذوه مَطيةً للسيطرة على الدولة والحزب والشعب السوريّ والوطن السوريّ.. حاول هؤلاء، السيرَ بطريقٍ معاكسةٍ لعقيدة الأمة وحضارتها المسلمة وثقافتها الإسلامية، لأنهم يعلمون أنّ هذه الأركان مجتمعةً تُشكِّل الهويّةَ المنيعةَ لأي اختراقٍ يقوم به المغامرون، الذين سرقوا وطناً وشعباً، قبل أن يسرقوا ثروات الأمة وخيراتها!..

وقد توالت الخطوات العدوانية على الإسلام والمسلمين في سورية، التي يتولّى كِبرَها –هذه الأيام- النظامُ الطائفيّ الوراثيّ، ويُسخِّر لها –حتى الآن- وزارتي: التربية، والتعليم العالي، بدعمٍ وحمايةٍ كاملةٍ مما يُسمّى بمكتب الأمن القوميّ، وينفِّذها وزيران عَلمانيّان من الواضح أنهما من أشد خَلق الله حقداً على الإسلام والمسلمين، ومن أفسد مَن حَكَمَ سورية في تاريخها، وأوقحهم، وأضيقهم أفقاً.. إذ لم يعُد هناك عمل لوزير التربية الطائفيّ، سوى ما ينال من النقاب والحجاب واللحية والصلاة، وما من شأنه إقصاء المدرِّسات والمعلِّمات والمعلِّمين والمشرفين، من الملتزمات والملتزمين إسلامياً.. من مئات المدارس السورية. كما لم يعد هناك من أولويةٍ لاهتمام وزير التعليم العالي، سوى التفكير بأفضل السبل لإبعاد الطالبات المحجّبات والمنقّبات عن الجامعات السورية!..

يزعم أساطين العَلمانية من البعثيّين والطائفيّين، أنّ هذه الخطوات، هي بهدف القضاء على التطرّف والظلامية والتخلّف في البلاد.. فيما يُفسِح النظامُ كل المجالات، لأصحاب العمائم السوداء الصفويين الفُرس وتابعيهم، ليملأوا البلاد بحوزات الجهل وحُسينيّات التخلّف، ولينشروا المخدّرات ونكاح المتعة، وليخرجوا في شوارع دمشق بسابقةٍ لا تعرفها سورية في تاريخها كله، بحماية أجهزة الأمن الطائفية، يَشقّون الجيوب، ويضربون الصدور، ويُطبِّرون، ويشتمون صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين، وبني أميّة، وأمّهات المؤمنين.. فهل يمكن لعاقلٍ أن يصدِّق ما يسوقه الوزيران المريضان الحاقدان، من مزاعم وافتراءات، لتبرير عدوانهما السافر على قِيَم الإسلام والمسلمين السوريين، في حملةٍ طائفيةٍ عَلمانيةٍ مسعورةٍ لئيمة، لا يرى أصحابها أبعد من أنوفهم؟!..

*     *     *

وكذلك، منذ اليوم الأول لانقلاب حزب البعث، حاول الموتورون من أصحابه أن يُرسِّخوا واقعاً، تمثّله مقالة (أسطورة آدم) المسيئة للأديان، التي كتبها أحد مؤسِّسي حزب البعث (زكي الأرسوزي)، ونَشَرَهَا في مجلة (جيش الشعب) الحكومية الرسمية.. ثم وقعت الإساءة إلى الإسلام والمسلمين في مجلة (الفجر).. ثم أُطلِقَ هذيان (إبراهيم خلاص) في مجلة (جيش الشعب) بتاريخ 25/4/1967م (أي قبل هزيمة حزيران بأربعين يوماً)، التي دعا فيها إلى (وضع الله -جل جلاله- والأديان.. في متاحف التاريخ)!.. وغير ذلك، وما رافقه من ارتكاب عمليات الاعتقال والسَّجن والإعدام والمجازر وتهديم المساجد وإلغاء المدارس الشرعية والاعتداء على الحُرُمات والمقدّسات، والتنكيل بأبناء الاتجاه الإسلاميّ، على نحوٍ سيذكره التاريخ فيما يذكر جرائم نيرون وهولاكو وجنكيزخان وأمثالهم من الطغاة!..

لقد وصلت الحال داخل الجيش السوريّ، الذي أُريدَ له أن يكون جيشاً عقائدياً بعثياً، ثم طائفياً كريهاً.. وصلت الحال فيه منذ الثامن من آذار عام 1963م.. إلى مَنع الصلاة أو ممارسة أي نوعٍ من العبادة في قطعاته أو مؤسّساته.. واليوم تصدر القرارات الرسمية وتُداهم المدارس من قِبَل فراعنة ما يُسمى بمكتب الأمن القوميّ، للتأكّد من تنفيذ تعليمات الوزير الطائفيّ الكريه (علي سعد)!..

بتاريخ 1/6/1980م، قام بعض عناصر النظام وزبانيته، بمهاجمة كلية الشريعة في جامعة دمشق، وبتحطيم ما يمكن تحطيمه فيها، ثم باغتيال الشيخ (علاء الدين إكبازلي) داخلها، وهو ابن الشيخ (أحمد إكبازلي)، وذلك بتاريخ 3/6/1980م، لإرهاب طلابها وأساتذتها، بهدف دفعهم لترك الدراسة والتدريس فيها، تمهيداً لإغلاقها!..

بتاريخ 2/6/1980م، قامت أجهزة مخابرات النظام، بمداهمة جوامع دمشق ومساجدها في ساعةٍ متأخرةٍ من الليل، وعاثوا فيها فساداً، ومزّقوا المصاحف وداسوها، وسرقوا محتويات المساجد من كتبٍ ومسجّلاتٍ وسجّادٍ وأثاث، واستمروا في ذلك حتى الفجر وقدوم المصلِّين، الذين تعرّضوا للإهانة والاعتقال والتنكيل، وقد سبق ذلك وتبعه أيضاً، اعتداءات حزبية وعسكرية كثيرة على المساجد في أنحاء سورية كلها.. ثم شهد السوريون صدور قراراتٍ توجب إغلاق المساجد خارج أوقات الصلاة، وتمنع الدروس الدينية فيها، بل تمنع أذان العصر والفجر بمكبّرات الصوت، وهي قرارات مستمدَّة من أهواء بعض المسئولين الحزبيين والسلطويين الطائفيّين، الذين ينزعجون من أصوات الأذان خلال فترات راحتهم أو نومهم!..

*     *     *

في العصور الغابرة، اجتاح هولاكو بجيوشه الجرّراة حصونَ هذه الأمة وقلاعَها، وأحرق بغداد بما فيها وبمن فيها، وأتخم نهر دجلة بثمار حضارتنا الإسلامية التي أينعت عبر قرون.. لكن في النهاية، خرج رجال هولاكو من بغداد يدينون بالإسلام، لينشروه في بلادهم وفي كل البلاد التي وَطِئتها أقدامهم!.. واليوم، نشهد في سورية التي حاربها البعث وأزلامه الطائفيون الحاقدون على كل ما له علاقة بالإسلام والمسلمين، وحاولوا إلغاء الإسلام وأهله بسياستهم العدوانية الاستئصالية، التي ما هدأت منذ دخول أول دبابةٍ بعثيةٍ القصرَ الجمهوريَّ في عام 1963م.. نشهد أنّ الإسلام قد بقي حياً في نفوس أبنائه، وبقي رجاله وتيّاره الجارف لكل درنٍ وسوءٍ وخسّةٍ ونذالةٍ طائفيةٍ ووضاعة، وبقيت هويّة الأمة تزداد ألقاً على الرغم من محاولات السحق السلطوية، وبقيت الصحوة الإسلامية في سورية شامخةً ثابتةً على الحق، لا يُضيرها كل ما ارتكبه النظام الجائر المستبدّ، من جرائم إنسانيةٍ وطائفيةٍ بحقها!..

نشهد اليوم الواقع السوريّ المحتقِن باستفزاز الطائفيّين المرضى.. نشهده وقد بدأ يلوح فيه فجر الحق، الذي يُسرِّع الموتورون بزوغَه، بسلوكات حقدهم الطائفيّ الذي غلب حكمةَ الإنسان في نفوسهم، فليست بعيدةً الساعةُ التي سينتهي فيها ليل سورية الطويل، فهي الساعة نفسها التي يُصفَع فيها الظالمون الطغاة على مرّ العصور، بالحقيقة الربّانية وسنّة الله الخالدة في أرضه: (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً) (الإسراء:81).. والعبرة بالخواتيم، نحن على يقين!..

                

* عضو مؤسِّس في رابطة أدباء الشام