لا سلام بدون القدس

لا سلام بدون القدس

جميل السلحوت

[email protected]

نقلت وسائل الاعلام الاسرائيلية أن رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو قال أثناء اجتماعه بوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون:" أن لا علاقة للبناء في القدس بتوقف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني، لأن القدس ليست مستوطنة، وأنها عاصمة دولة اسرائيل الأبدية" وكانت الحكومة الاسرائيلية قد أعلنت عن مخططاتها لبناء 1200 وحدة سكنية في القدس فور وصول نتنياهو الى الأراضي الأمريكية في زيارته الحالية، وللتذكير فقط فان الاستيطان الاسرائيلي في القدس الشرقية لم يتوقف يوما واحدا، منذ وقوع المدينة تحت الاحتلال الاسرائيلي في حرب حزيران 1967 العدوانية، وحتى الآن، وتأتي تصريحات نتنياهو  لتؤكد من جديد أنه وحكومته اليمينية غير معنيين بتحقيق أي سلام مع الشعب الفلسطيني وقيادته، يقوم على حلّ دولتين متجاورتين للشعبين، وأن أكثر ما يمكن أن يقدمه نتنياهو وحكومته هو ادارة مدنية على السكان فقط، وليس على الأرض، فالأرض ستبقى نهبا للاستيطان والتوسع، وأن نتنياهو يريد سلاما مع الاحتفاظ بالأراضي المحتلة في حرب حزيران عام 1967، وهذا هو المخطط الاسرائيلي الذي تقوم عليه السياسة الاسرائيلية منذ الاعلان عن قيام دولة اسرائيل في 15- أيار 1948، وما الحديث عن السلام والرغبة في السلام  الا من باب العلاقات العامة والتساوق مع الرأي العام العالمي.

ونتنياهو لم يغير رأيه في كيفية تحقيق السلام القائم على الاحتفاظ بالأراضي المحتلة، وهو واضح كل الوضوح، وكتب ذلك بالتفصيل في كتابهaplace between nations والذي ترجم الى العربية تحت عنوان "مكان تحت الشمس" في بداية تسعينات القرن الماضي.

 والذي يشجع نتنياهو في عدم تغيير سياسته هو الموقف العربي الرسمي الذي لم يحرك ساكنا، ولم يجرؤ على قول "كفى" أو "لا" أمام المسؤولين الأمريكيين، حيث أن الادارات الأمريكية المتعاقبة تدعم اسرائيل في كافة المجالات وبلا حدود، وتحت كل الظروف، والكل يتذكر تصريحات القادة العرب المتكررة عن ثقتهم بـ "شجاعة" الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش، ورغبته في تحقيق السلام في المنطقة، ومع أن "شجاعته" كانت واضحة في احتلال العراق وتدميره وقتل شعبه، وتزويد اسرائيل في آواخر أيام حكمه بقنابل الفوسفور الأصفر الحارقة والمحرم استعمالها دوليا لحرق قطاع غزة ومواطنيه الفلسطينيين، إلا أن تفاخر في مذكراته بأن والدته قالت له:" أنت أول رئيس يهودي لأمريكا" كناية عن دعمه الزائد عن الحدود لاسرائيل.

واسرائيل التي لم تحترم القانون الدولي بخصوص الأراضي التي تقع تحت الاحتلال العسكري، تماما مثلما لم تحترم قرارات مجلس الأمن الدولي بخصوص الصراع الشرق أوسطي، تعلم تماما ما تمثله القدس بالنسبة للديانتين السماويتين الأخريين-الاسلام والمسيحية- وتعلم  ما تمثله بمقدساتها وفي مقدمتها المسجد الأقصى، في العقيدة الاسلامية، فالمسجد الأقصى ركن أساسي في العقيدة، فهو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وأحد المساجد الثلاثة التي تشد اليها الرحال، والقدس ليست للفلسطينيين وحدهم، بل هي للعرب والمسلمين جميعهم، وللمؤمنين في أرجاء العالم، وما الفلسطينيون الا سدنة للمقدسات نيابة عن المؤمنين في الأرض، وهي عاصمتهم السياسية قبل الديانات السماوية عندما بناها الملك العرب اليبوسي ملكي صادق قبل ستة آلاف عام، وتعمدت عروبتها واسلامها بالفتح الاسلامي، لتشكل عاصمتهم السياسية والدينية والتاريخية والثقافية، ولا يمكن أن يتحقق السلام يوما في هذه المنطقة دون عودة القدس الى طبيعتها وشعبها، فهي عاصمة الدولة الفلسطينية العتيدة، التي يستحيل أن تقوم بدون ذلك، وأن الضعف والتمزق العربي الذي يشجع اسرائيل في تماديها لن يستمر الى النهاية.