أسباب تأخر انتصار الشعب السوري

محمد هيثم عياش

[email protected]

يعتقد الكثيرون أسباب تأخر انتصار الشعب السوري على الطاغية بشار  أسد ونظامه ونهاية ماساة ذلك الشعب الذي قدَّم من أجل الحرية والعيش الكريم اكثر من ثلاثمائة الف شهيد وفقد الكثير من ممتلكاته . وشرد ذلك النظام الملايين من النساء والاطفال والرجال شيبا وشبانا ، ان سبب تأخر الانتصار على الطاغية المجرم مؤامرة المجتمع الدولي على الانتفاضة السورية . صحيح ان المجتمع الدولي ولا سيما الولايات المتحدة الامريكية ودول اوروبية وعربية خذلت الشعب السوري فواشنطن ومعها بعض الدول الاوروبيين يخشون على امن الكيان الصهيوني وهو ما أشار اليه الكثير من السياسيين الاوروبيين والامريكيين كما يؤكد الصهاينة ذلك فبشار اسد وقبله حافظ يعتبران حماة الصهاينة الذين يتعاملون مع المذكوربن تعاونا استراتيجيا لمصلحة الطرفين امن الكيان الصهيوني وبقاء اسد في السلطة فذهابه سيؤدي الى تغيير جذري على خارطة منطقة الشرق الاوسط . وقد أكد وزير الخارجية الالماني السابق جويدو فيسترفيلبه ذات مرة ان هدف الاسلاميين بعد تحرير دمشق تحرير بيت المقدس ولا احد في اوروبا يريد ذلك .

الا ان السبب الاقوى من تأخر انتصار الشعب السوري على الطاغية اسد يكمن عدم دراية المعارضة السورية بشكل  مرضي وواسع ايضا بتطورات السياسة الدولية  وعدم مشاركة المعارضة بشكل فعال بالمؤتمرات الدولية مثل مؤتمرات الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الاطلسي / الناتو / اضافة الى مؤتمرات منتدى الاقتصاد الدولي في دافوس واجتماعات الامم المتحدة ، واذا ما شارك اقطاب من المعارضة فمشاركتهم رمزية فقط عدا عن ذلك فان المعارضة تثق بشكل غير منطقي وعود الغرب بدعمهم وتبدي اسرار خططها لهؤلاء الذين ينقلون تلك الاسرار الى بشار اسد مباشرة  وبشكل غير مباشر عبر طهران وموسكو . لم تتفاعل المعارضة السورية مع الازمة الاوكرانية التي جذبت أنظار الاوروبيين والامريكيين اليها لاحداث توازن سياسي بين ماساة الشعب السوري وازمة تلك الدولة فالمعارضة تفتقر الى الدبلوماسية ، دبلوماسية الاعلام والدهاء ، واعلان بعض أقطابها تحالفهم مع التحالف الدولي ضد التنظيم الاجرامي الذي يُطلق عليه /  الدولة الاسلامية / جعلهم اضحوكة لدى السياسة والاعلام في الغرب على حد سواء فيقول الاعلام بأن المعارضة السورية بإعلانها الحرب ضد داعش تعتقد انها ستحصل على معونات عسكرية وربما تتدخل امريكا وحلف شمال الاطلسي / الناتو / ضد نظام الاجرام مثل ما فعلوه ضد طاغية ليبيا السابق معمر القذافي او انهاء نظام طاغية العراق صدام حسين ، ويضيف هذا الاعلام ان المعارضة تتمتع بالغباء لجهلها السياسة الدولية . أما السياسيون فيرون باعلان بعض اقطاب المعارضة الحرب ضد داعش خطوة هامة نحو انهاء ازمة الشعب السوري سياسيا عبر الحوار مغ النظام ولا باس ببقاء بشار اسد رئيسا لبلاده بمشاركة المعارضة وبالتالي تسليح تلك المعارضة اذا ما رفض اسد الحوار شرط ان يتم تسليح الغير متشددين اسلاميا من المعارضة  . استطاع الغرب جراء سياسته هذه وجهل المعارضة بمكر السياسة الدولية وخبثها تجاه الشعب السوري ان يفرق بينهم وهذه التفرقة هي لصالح بشار اسد وايران وروسيا والكيان الصهيوني .

أما الطامة الكبرى فان اقطابا من المعارضة تضع تكهنات حول المدة التي سيسقط فيها اسد ونظامه وهي اخطاء لا تغتفر ولم يتعلموا من الماضي ، ففي عام 1982 وأثناء مجاهدة شباب الشعب السوري حافظ اسد وبعيد قتله اكثر من 60 الف شهبد في حماة وارتكابه مجازر في سجن تدمر وانتهاكه لكرامة النساء في دمشق وغيرها ، أعلن المراقب العام السابق للاخوان المسلمين عدنان سعد الدين رحمه الله بمقابلة مع المحطة الثانية من الرائي الالماني  ان نظام حافظ اسد سينتهي خلال مدة تصل اقصاها الى ستة أشهر ، واذا به قد بقي الى ان أهلكه الله واخذه اخذ عزيز مقتدر في  صيف من عام 2000 . وتكرر الخطأ ففي ندوة لجمعية اصدقاء الشرق الاوسط البرلينية وهي جمعية تضم خبراء الشرق الاوسط عقدت بعيد تهديدات واشنطن بتأديب بشار اسد لجريمته النكراء التي تكمن بقصفه غوطة دمشق بالاسلحة الكيمياوية في شهر آب /اوجسطس من عام 2013  ، أعلن قطب المعارضة رياض سيف  لخبراء الشرق الاوسط بان نظام أسد سينتهي خلال شهر ايلول/ سبتمبر اي بعد اقل من شهر من جريمته النكراء ، ولم أستطيع وقتها ضبط أعصابي المعروفة بالبرودة اذ توغلت الحرارة الى شرايينها وقلت له وقتها / ويتش سبتمبر بليس – أي شهر ايلول/ ونظر الي نظرة باردة عليها ابتسامة صفراء باهتة.

ثلاثة اعوام وثمانية أشهر مضت على انتفاضة شعبنا دفع من اجل الحرية النفس والنفيس وعدم الانتصار يكمن بعدم كتمان الخطط . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان فكل ذو نعمة محسود . وقال معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما أُعنتُ على علي رحمه الله ورضي عنه وكرَّم وجهه  بأربع ، كنت رجلا أكتم سري وكان رجلا ظُهره وكنت في أطوع جند وأصلحه وكان في أخبث جند وأعصاه وتركته وأصحاب الجمل وقلت إن ظفروا به كانوا أهون عليَّ منه وإن ظفر بهم اعتددت بها عليه في دينه وكنت أحبَّ الى قريش منه . وقال عمرو بن العاص رضي الله عنه اذا أنا أفشيت سري الى صديقي فأفشاه فهو في حلًّ فقيل له وكيف ذاك ؟ قال انا كنت أحق بصيانته .

فربما تتعلم المعارضة.