فلسطين .. والحوار المستحيل

فلسطين .. والحوار المستحيل !

عبد الله خليل شبيب

[email protected]

حينما يكون فريقان أحدهما متجه إلى الشرق والآخر إلى الغرب ؛ وأحدهما يمثل نفسه وشعبه ..والآخر مأمور ومجبور على السير حسب أوامر ورغبات أعداء شعبه ... فهل هناك أمل أن يلتقيا؟!

  هذا بالضبط ما هو حاصل في الشقاق الفلسطيني : اختلاف بين نهجين واتجاهين متناقضين ؛ وبالتالي بين هدفين أو أهداف ووسائل مختلفة وكثير منها متناقضة كذلك .

  فهل يشك أحد أن سلطة رام الله محكومة كليا للرغبات الأمريكية – اليهودية ..موجهة لصالح تلك الرغبات والمصالح ، وليس سرا أن الأموال والأسلحة والأوامر [ واللجم] تنصب عليها من الأمريكان والصهاينة وحلفائهم المأمورين ..!!.. ومن هنا فلا بد من [ مفاوضات عبثية بدون نتائج ] تصاحبها في الوقت نفسه أنشطة استيطانية محمومة ..يقابلها هدم متكرر لبيوت الفلسطينيين وتدمير لمصالحهم وتجريف لأشجارهم ومزارعهم ..ومصادرة يومية ومستمرة لأراضيهم وممتلكاتهم بحجج مختلفة إضافة لعمليات الاعتقال والقتل والمداهمات والاجتياحات اليومية وما يصاحبها من جرائم صهيونية ! .. وإغلاق للمؤسسات الشعبية والخيرية ونهب لمقتنياتها وأموالها وأموال اليتامى والفقراء والمساكين والضعفاء يقوم بها جنود [ الجيش الأخلاقي ] الصهيوني ..ولا يتورع عنها [ حثالة أجهزة عباس ] فيكملون [ لعق الفتات] من وراء الناهبين اليهود !! ويتمادى المجرم السفاح [ يهود باراك ] بالمطالبة بإغلاق جميعات مراكزالأيتام والجمعيات الخيرية والإنسانية الإسلامية على نطاق العالم  .. لتعريض اليتامى والفقراء للموت جوعا ..- علما بأن الاجتياحات هي في المناطق التابعة للسلطة وشرطتها ومحافظيها .. فأين هي السلطة ..وأين سلطتها ..وأين رجالها ؟؟!

.. للأسف فإن أجهزة السلطة كثيرا ما تكون مكملة ومشاركة للجهود اليهودية ضد أبناء ومؤسسات شعبها الأهلية والخيرية !!! فكم اعتقلت من عناصر المقاومة ..وكم أغلقت وصادرت وخربت من ممتلكات ومؤسات الشعب التي ترعى اليتامى والأرامل والفقراء وعائلات الشهداء والمحتاجين .. فتتركهم بلا غطاء – تماما كما يفعل اليهود !

   إن التنسيق الأمني بين سلطة عباس العاجزة المأمورة المأجورة وبين سلطات الاحتلال اليهودي .. تصب 100% في صالح الاحتلال .. وتتلخص في تحويل أجهزة السلطة وتوابعها إلى مجرد أدوات وجواسيس لخدمة الاحتلال .. كما اتضح في وقائع عديدة وبما لا يقبل الشك! .. مما يجعلها " وصمة عار " ونقطة سوداء في تاريخ السلطة وحاضرها و" خيانة " يستحق مرتكبوها " أقصى العقوبات " كما صرح أسرى معتقلون في سجن عسقلان مؤخرا – تعليقا على بعض المداهمات المتكررة التي يشنها جيش الاحتلال على نابلس حيث – كما قالوا : " إن الاعتقالات الأخيرة التي نفذتها قوات الاحتلال في مدينة نابلس تفضح عورة هذا [ التنسيق ] ؛ حيث شملت الاعتقالات شبابا ورجالا أمضوا أياما طويلة وأشهرا في زنازين الأجهزة الأمنية [للسلطة ] وأقبية التحقيق التابعة لها "! مما يعني أن جميع المعلومات التي حصلت عليها تلك الأجهزة  بالتعذيب وغيره .. قد قُدمت على [ طبق من خيانة وحقارة ] للعدو اليهودي .. الذي كثيرا ما يُعطى الإشارة أو المعلومة ليقوم بإعادة اعتقال المحررين من زنازين [السلطة الدايتونية ].. وقد حصل منها على ما لم يستطع الحصول عليه بنفسه من معلومات وأسرار.. لأنه كثيرا ما تعتقل السلطة [ الخادمة لليهود ] عناصر أطلقها الصهاينة حيث لم يستطيعوا الحصول منها على معلومات .. فيكلون تلك المهمة لحلافائهم الفتحاوييين السطويين الدايتونيين !!         (21/7)

.. يقول بيان لأسرى " حماس " تسرب من معتقل عسقلان :" إن صدر الشعب أوسع لهذه السلطة وعناصرها من صدر الاحتلال الذي رحل عن الجنوب اللبناني مخلفا جيشا بأكمله في حال يرثى لها من الهزيمة والضياع في وجه المقاومة !..."

ويضيق :" لقد بلغ السيل الزبى ، ووصلت الحال مع [ أبناء جلدتنا] حدا لا يمكن مواصلة الصمت والسكوت عليه !!".. حيث يقول بعض قادتهم ( إن التنسيق الأمني يشبه العلاقة بين السجين وسجانه ).  

  بل لقد بلغ الأمر [ بعباس وعصابته ] أن يزايدوا حتى على أعتى اليهود تتعصبا و[ ليكودية ] فينتقدوا بشدة ( تحرير الأسرى ) ويعتبروه ( رضوخا من السلطةالصهيونية للإرهاب العربي والفلسطيني !!!).. وتشجيعا لذلك الإرهاب !!

.. بعد تحرير الأسرى و( جثث الشهداء ) في لبنان .. وتحذيرا من تكرار مثلها في فلسطين .. كتب المعلق الرئيسي في صحيفة [ معاريف العبرية = بن كاسيت ] يقول :

أعرب مسؤولون في السلطة الفلسطينية – في محادثات مغلقة –عن قلق شديد من هذه التطورات (!!) ومن آثارها على السلطة الفلسطينية وقالوا للمسؤولين[ الإسرائيليين ] :" إنكم بهذه الأفعال تثبتون أنكم لا تفهمون إلا لغة القوة ؛ من يقاتلكم ويختطف جنودا لكم تكافئونه بإطلاق سراح أسرى مع ( دم على الأيدي !!) ؛ أما من يفاوضكم ويندد ( بالإرهاب !!) فعليه أن يستجدي ...

يضيف [ بن كاسبيت في معاريف ] ناقلا كلام [أبو مازن] في لقاء مغلق مع [ أولمرت] :

" إذا أفرجت [ إسرائيل ] عن مئات السحجناء- مع دم على الأيدي في إطار [ صفقة شاليت ] فستكون هذه شهادة وفاة للسلطة الفلسطينية (!!).. أنتم تُلحقون ضررا هائلا بالمسيرة السلمية .. وبفرص المعتدلين في التغلب على ( المتطرفين )!!

يضاف إلى ذلك أن سلطة  مصر تضغط لتأخير فتح معبر رفح عسى أن تستجيب ( حماس ) تحت الضغط ..للتنازل في صفقة إطلاق الأسير اليهودي الذي وعدت مصر الدولة اليهودية بإتمامه .. وتشعر بحرج شديد لعدم قدرتها حتى الآن على تنفيذ [ وعدها ] وتريد الضغط على المتسببين والمعطلين ..وعقابهم !!       (21/7)

  ... ليس الإنسان بحاجة إلى مسكة من عقل أو مسحة من ذكاء ليعرف أن عباس و[ شلته ] مرهونون بيد أمريكا ودولة اليهود .. ولا يستطيعون عصيان أوامرهم ..وبالتالي ممنوع عليهم الحوار – حتى لو رغبوا فيه – لأن معنى ذلك أن تقطع أمريكا والصهاينة وحلفاؤهم الأوربيون عن تلك السطة كل معونة وتسحب عنها كل غطاء .. فلا يبقى مجال لكسب ولا لنهب ..ولا لمناصب ولا لمكاسب ..ولا يبقى لهم إلا الحل الذي لا بد منه : حل السلطة .. والقذف بكل المسؤوليات على [ رأس سلطات الاحتلال ] فتعود مسؤولة مسؤولية مباشرة عن كل شيء !

  وباختصار .. فإن الجماعة [ شلة دايتون ] [ موظفون مأمورون ] لا يملكون من أمر أنفسهم شيئا ..وقد أصبح كيانهم وحياتهم بل ومستقبلهم الأسود مرهونا بهذا الموقف وهذه الوظيفة  التي لا يملكون منها فكاكا !!

.. ومن هنا فإننا نرى أن أية جهود للجمع بين حماس وبين فتح [ المخطوفة المحروفة  عن مسارها وأهدافها ] .. مجرد اضاعة للوقت والجهد ودوران في حلقات مفرغة .. إلا أن يحدث تغيير في أحد الاتجاهين .. أي إما أن [تنحرف] ( حماس ) عن خط المقاومة بل والإسلام الآمر بها .. وتصبح مثل غيرها [ ناعقة في الجوقة اليهودية عاملة لمصالح [ الأمن الإسرائيلي ]] وتفقد بذلك لا دورها فحسب بل مبرر وجودها .. وتخسر الدنيا والآخرة ... وهذا محض مستحيل !!

أو أن تتحرر فتح من [ مختطفيها ] وتعود للصف الوطني وتكف عن إكمال مهمات الأعداء الذين يقتحمون كل مناطق السلطة بدون تردد أو تحفظ – مخالفين بذلك – حتى – [اتفاقية أوسلو التآمرية السرية ] التي عقدت من وراء الشعب الفلسطيني ورفضها معظمه ..ولم تلتزم الدولة اليهودية بشيء من مقتضياتها ..ومنها عدم دخول مناطق السلطة .. بل إن قوات وأجهزة السلطة تقف – كعادتها –متفرجة على أية عمليات اعتقال أو قتل أو تدمير ترتكبها قوات الاحتلال اليهودي !.