ماذا بعد اتحاد البحر الأبيض المتوسط

ماذا بعد اتحاد البحر الأبيض المتوسط؟

محمد هيثم عياش

[email protected]

 يعتقد خبراء السياسة الدولية وخاصة السياسة الاروبية والشرق الاوسط بأن قيام اتحاد البحر الابيض المتوسط الذي تمت الموافقة والتصديق على قيامه يوم الاحد الماضي في 13 تموز/يوليو الحالي في باريس بمثابة انتصارا لطموحات الرئيس الفرنسي نيكولاس ساركوزي الذي أعاد بلاده الى حلف شمال الاطلسي / الناتو/ من جديد وبقوة ايضا ليضاهي بذلك  المانيا التي تعتبر شريكا هاما في الحلف المذكور  وبالتالي بداية عهد جديد للرئيس السوري بشار اسد الذي كان لساركوزي فضل كبير على إخراجه  من العزلة الدولية جراء سياسته في المنطقة  التي نجمت عن مقتل رئيس وزراء لبنان السابق  رفيق الحريري أوائل عام 2005 تلك الحادثة التي  كانت وراء إرغام منظمة الامم المتحدة ومجلس أمنها الدولي ومعهما الاتحاد الاروبي سوريا بسحب جيشها من لبنان تلك السياسة التي كانت وراء تقوية التعاون الاستراتيجي بين دمشق وطهران . ورأى وزير الخارجية السويدي كارل بيلدت خلال ندوة دعت اليها الجمعية الالمانية للسياسة الخارجية صباح يوم 18 تموز/يوليو الحالي  ببرلين ان اتحاد البحر الابيض المتوسط لن يساهم بإحلال السلام وإنهاء نزاع  منطقة الشرق الاوسط والنزاعات في شمال افريقيا والخلاف بين الدول الاروبية المشاركة ذلك البحر في حوضه بين عشية وضحاها مشيرا بأن فكرة الاتحاد المذكور كانت مقتصرة على شمال افريقيا والدول الاروبية الواقعة على البحر وانه لولا جهود المسشتارة انجيلا ميركيل بتوسعة رقعة الاتحاد المذكور ليشمل الدول الجنوبية منه / سوريا ولبنان وغيرها / لما وافق الاتحاد الاروبي عليه ، صحيح أن اكثر دول الاتحاد الاروبي لا يقع على البحر المذكور الا أن هذا الاتحاد سيعمل على تشجيع فكرة قيام اتحادات أخرى مثل فكرة قيام اتحاد دول بحر البلطيق الذي يشمل السويد والمانيا وبولندا اذ ان روسيا واوكرانيا وغيرها تعتبر ايضا هامة للاوروبيين لامتلاكها موارد طاقة الغاز ودول البحر الابيض المتوسط التي يصل عدد سكانها الى حولي 775 مليون نسمة على رقعة البحر المذكور الذي تصل مساحته الى حوالي 12 مليون كلم مربعا بالرغم من امتلاكها ايضا النفط والغاز وطاقات اخرى الا أنها تعيش في نزاعات وحالة حروب يتطلب من الاوربيين جهودا مضنية لانهائها معتبرا  قيام التحالف الجديد ومساندة زعماء دول منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا لآراء الرئيس الفرنسي ساركوزي بمثابة الحنين الى فرنسا التي استعمرت تلك الدول  لسنوات كثيرة . ويرى خبير منطقة الشرق الاوسط  الصحافي والكاتب الالماني بيتر شولاتور إخراج سوريا من العزلة الدولية  بمثابة اسناد دور جديد لهذه الدولة في تلك المنطقة فالرئيس الفرنسي أعلن براءة سوريا من الاعتداء على  الفرقة الفرنسية التي كانت بلبنان عام 1983 وراح ضحيتها حوالي 250 جنديا فرنسيا بمثابة مغازلة لدمشق لمساهمتها بالتعاون مع الغرب ضد ايران  وإمكانية مساهمتها بإرسال فرق عسكرية الى العراق لحفظ الامن فيه بدلا من لقوات الامريكية التي من المحتمل ان تنسحب من ذلك البلد معلنا بأن الغرب ارتكب خطأ سيسيا فاحشا بإرغام دمشق بالانسحاب من لبنان  فبالرغم من وجود رئيس لبناني وحكومة الا أن هذه البلد يعتبر معقلا للحركات الاسلامية ولا بد من وجود قوة رادعة لهذه الحركات معلنا الى أن واشنطن التي تبحث عن شرطي في المنطقة منذ سقوط النظام البهلوي بايران ترى ان سوريا تستطيع إسناد هذه المهمة لسوريا بدعم فرنسي حتى اذا لم يتم أي سلام بين دمشق وتل أبيب ومشروع البحر الابيض المتوسط يعتبر خطوة واضحة للعبة جديدة في الشرق الاوسط مؤيدا في الوقت نفسه راي وزير الخارجية السويدي بليدت حول احتمال قيام اتحادات جديدة في اوروبا وخاصة قيام اتحاد بحر البلطيق الا أنه أعلن بأن قيام مثل هذا الاتحاد لن يحل المشاكل القائمة بين روسيا واكرانيا وجيورجيا ايضا  ومثل هذا الاتحاد سيكون ايضا بمثابة تشجيع لقيام اتحاد بحر قزوين ليشمل ايران وروسيا لمواجهة حلف شمال الاطلسي / الناتو / على حد آراءهم .