هنيئاً لكم يا أهلنا في لبنان

ولكن السوريين من يُعزيهم وتصريح إخواني

مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن

[email protected]

بكى الشعب السوري بأسره لسنين طوال حتّى البكاء ضجّ من مآقينا ، وليس لثلاثين عاماً كما طالب المعلم اللبنانيين أن يصبروا عليها أسابيع أُخر، بل البعض له قرابة النصف قرن في السجون ولا أحد يدري عنهم أيّ شيء ، أي من يوم مجيء زمرة الحكم العسكري إلى السلطة ، ثلاثون عاماً لسُجناء في أقبية المُخابرات التي تحدّث عنها وليد المُعلّم للّبنانيين لا تعني لنظام الإرهاب وسفك الدماء شيئاً، ومع ذلك أسأل المعلم وأسياده لبنانياً لماذا؟.. لماذا لم تفكّوا أسر المأسورين عندكم من قبل ولم تبحثوا في شؤونهم إلاّ في الساعات المحرجة ، أو عند انكساركم وضجيج العالم عليكم ، وعند إجباركم على فعل الشيء وليس عن طيب خاطر أو باعث ضميري إنساني ؟ ولماذا نظامكم الدموي لا يستثمر المواقف إلاّ من المآسي الإنسانية وليس من النماء أو من خلال أجواء التحابب ولغة الحوار؟ ولماذا هؤلاء الشباب في أقبيتكم منذ عقود ثلاث بعدما أضعتم زهرة شبابهم  في المُعتقلات بين جدران الوحشة والظلم بعدما لُطخت بدماء الشُهداء الذين قضوا تحت تعذيب جلاّديكم لتصبح منظراً مُخيفاً ومُرعباً، ولماذا حرمتم أُمهاتهم وآبائهم وأهليهم منهم طوال هذه السنين الطوال ؟ فهل هي عُقدةٌ عندكم عندما تتمتعون بمآسيهم وآلامهم ؟ وحرقة دمّهم وعذاباتهم ، فإن كان الجواب بنعم !! فمن أي طينةٍ أنتم قد جُبلتم وقد نُزعت من قلوبكم الرحمة ؟ أمّا سورياً : فليس أقلّه من لبنان ، بل ما صنعه هذا النظام بأبناء بلدنا تعجز عن وصفه الألسن من الفظائع من القتل وتهديم المُدن وأكثر من عشرون ألف مُغيّب ، خُطفوا على يد الاستخبارات العسكرية السورية ولم يعودوا الى يومنا هذا ، وليس من أحدٍ يعرف عنهم شيئاً ، هذا عدا عن عشرات الآلاف ممن قُتلوا والملايين المُهجّرة قسراً ومع ذلك لم تشبعون بعد ، مع العلم بأنكم استطعتم أن تُدخلوا الحزن الى كُل بيت سوري

أمّا اللبنانيون فقد ثاروا ودفعوا الأثمان العالية من كبار رجالاتهم بعدما صبروا وصمدوا بوجه طاغوتكم إلى أن وصلوا إلى الحرّية التي رفضوا تجزئتها أو منحها استعطافاً ، بل نالوها بعد عناء كبير كان الأولى عليكم أن تنسحبوا من حياتهم من يوم لفظهم لكم ، ولكنتم حينها بموقف أفضل ، ولكن التحدّي لا يوّلد إلا التحدّي ، وإرادة الشعوب الحرّة دائماً هي الأقوى، ويجب ألا ننسى وقوف العديد من الدول إلى جانب اللبنانيين  حتى تحرروا من ربقة الطغيان والظلم ، وكذلك السوريين يأملون من العرب والمسلمين والعالم الحر بالنجدة والمؤازرة والنصرة النُصرة فهل هم فاعلون ، هل سيتابعون الطريق معنا إلى حريتنا ليكونوا لنا شُركاء في البناء والرقي والعلاقات الطيبة لحسن الصنيع ، فاللبنانيون لا ينسون فضل من مدّ يده إليهم بالمُساعدة وكذلك السوريين الذين يتطلعون إلى لحظة الخلاص ، فهل سنرى الأيدي الممدودة أم أم التخلّي وقت الحاجة ؟ فإننا  نُناشدهم الله سبحانه لمد يد العون إلى الشعب السوري المجروح ، لإكمال المشوار ، لأنّ مسيرة الحريّة انطلقت وقد شارفت على نهايتها إن كُتب لها الاستمرار لنرى السوريين مثل إخوانهم اللبنانيين مُحررين من القيود التي فرضها عليهم نظام الاستخبارات السوري البوليسي

هذا النظام الذي يُقر الصديق له والقريب إليه ، بأنّه يُتاجر بمآسي الناس ليبقى ويضغط على الآخرين بها، تلك القناعة نقلها اليّ من كان في المؤتمر القومي العربي الذي عُقد في صنعاء من المُقربين للنظام ، عندما طالبناهم التوسط لحل القضايا الإنسانية على أقل تقدير لدى النظام ، فكان الجواب منهم جميعاً بأنّ حليفهم  يضغط علينا بالملفات الإنسانية التي يستغلّها أسوأ استغلال، نعم هكذا قالوا ، وفالوا هو يستخدم مثل هذه الملفات  في العراق لينال الرضا الأمريكي لتفتح الطُرقات أمامه الى واشنطن ، وقالوا هو يستخدمها في لبنان ، وهي التي كانت إحدى وسائله للعبور إلى المنظومة الأُوربية والتي يأمل من وراءها بالرضا الأمريكي ، بعدما وقّع صكوك التنازلات مع الكيان الصهيوني ، ولم يبقى لديه ليصل حسب زعمه إلا بعض الملفات العالقة ومنها ملف لبنان ، فلا ندري عن الثمن الذي يطلبه لفتح الملفات الإنسانية السورية وكم هي مُدته ليفعل، وكم من العذابات والآلام التي على شعبنا السوري أن يتحملها ليتخلص من هذا الكابوس ، أم علينا الانتظار ، أم إحراق الأرض من تحته لتجيش العالم معنا لإزالته

وأخيراً : لا يسعني إلا أن أُبارك سلفاً وإن شاء الله لإخواننا الأسرى المسجونين في سجون النظام السوري ، مُتمنياً على الله سبحانه لهم جميعاً السلامة والعودة الآمنة إلى أحضان وطنهم وأهاليهم وأحبتهم ، ومتمنياً من الله سبحانه وتعالى بأن يُعجل لنا بالفرج عن ألالاف المعتقلين السوريين ، ونأمل أن يعقد هذا النظام في هذه المرّة صفقة مع شعبه وأبناء بلده للإفراج عن كُل معتقل سياسي ، وأن يدعوا جميع المواطنين إلى العودة إلى بلادهم بعدما يرفع ويُلغي قانون الطوارئ وقانون العار وتقنين الجريمة رقم 49 لعام 1981 ، والذي تحت مظلته قُتل عشرات الآلاف ظُلماً ، وكذلك لا يسعني إلا أن أنقل رأي  القياديٍ في جماعة الإخوان المسلمين الذي اتصلت به لأستفسره عن حقيقة المُصالحة بين الإخوان المسلمين والنظام السوري ، فأكد لي بأنّه لا اتصالات البتّة ، وأنّ ما أُشيع هو عبارة عن تكهنات ليس لها أساس من الصحّة ، وقال إننا  مُنفتحون لحل كل القضايا الإنسانية أولاً ، ومنها ملف عودة مئات الآلاف المنفيين قسراً الى سورية ، ثُمّ قال بأنّ مثل هذه القضايا الإنسانية لا يجب أن تخضع لمُساومات وابتزازات من قبل السلطة ، وأنه من المُعيب والمُخزي أن تستمر مأساة المنفيين والمُغيبين داخل السجون طوال كُل هذه العقود ، والنظام رافض لأي حلحلة في مثل هذه القضايا الإنسانية ، وأكّد لي بأنه مع  أي حل من شأنه أن يُخفف العبء عن الشعب المكلوم وذوي الضحايا والمنفيين والمُغيبين ، وأمل بان تسود لغة العقل والحوار ، لا لغة التعالي على الوطن وأبنائه ، ونحن في التيّار الإسلامي الحر والمستقل أيضاً ننشد الانفتاح وحلحلة الأمور ، وسنتوقف عن أي حملات ونُسهّل الأمور بهذا الاتجاه إن رأينا من الإشارات الإيجابية بهذا الخصوص ، وإنّا لمنتظرون.