وزير الأوقاف ... أبو التفانين

أ.د/ جابر قميحة

[email protected]

إنه يوم تاريخي في حياة وزير الأوقاف المصري....عندما خرج علينا بمشروع "الأذان الإلكتروني الموحد" في كل مساجد القاهرة بصوت واحد رخيم، وشغل به الدكتور الشيخ وسائل الإعلام، وأسماع الصغار والكبار، ولم يراع الشيخ أنه يتكلف 14 مليون جنيه من دم أبناء مصر "المخروسة" ( بالخاء لا الحاء ) .

ونسي فضيلته أو تناسى أنه سيضير بآلاف من الذين يرتزقون من وظيفة مؤذن. ومن التعليلات المرزوقية للحماسة لمشروعه أن فضيلته رأى بوابًا أو ابن بواب يؤذن في أحد المساجد(!!!).

وماذا في ذلك يا شيخنا الدكتور وخير المؤذنين وأنداهم صوتًا بلال بن رباح كان عبدًا لا بوابًا ولا ابن بواب، ونام المشروع الزقزوقي , أو انتحر بعد أن اصطدم بصخرة الواقع.

إلى أن قرأنا في " المصريون " الخبر التالي بتاريخ 2 7 2008

" علمت "المصريون" أن الدكتور محمود حمدي زقزوق يتجه إلى التراجع عن تنفيذ مشروع الأذان الموحد، بعدما أيقن صعوبة تطبيقه على المساجد بالقاهرة الكبرى، بسبب وجود فوارق في التوقيت، وفشل الهيئة العربية للتصنيع في معالجة عيوب التشويش والتعطل بأجهزة "الريسيفر"، التي ظهرت أثناء عملية البث التجريبي في العام الماضي.

وجاء تراجع زقزوق عن تطبيق الفكرة التي كان متحمسا بشدة لتنفيذها، بسبب توجسه من فشلها، كما حدث أثناء البث التجريبي، فيما يقرب من 20 مسجدًا بالقاهرة الكبرى، كانت الوزارة نفت في وقت سابق تراجعها عن تنفيذ مشروعها بدعوى ضخامة التكاليف أو فروق التوقيت أو مخالفة الشريعة الإسلامية ومعارضة بعض المجالس المحلية للمشروع، مؤكدة أن تلك الأسباب لا وجود لها....

وأكد زقزوق في أكثر من مناسبة أن الوزارة ماضية في تنفيذ المشروع .

والواقع المر الذي نعيشه يقطع بأن كل القرارات والتصرفات الصادرة من الشيخ الدكتور محمود حمدي زقزوق: وزير أوقافنا تدينه بصورة فادحة ... ونعرض بعضها في السطور الآتية.

1 في مسجد النور بالعباسية وقف يوجه الأئمة صارخًا: "... لا تقلدوا الشيخ كشك، فإن أسلوبه لا يتفق مع منهج الدعوة الإسلامية؛ لأنه كان يسب الناس ويجاهر بأسمائهم على المنابر.

هذا ... وبعدها تلقيت على بريدي (الإلكتروني) عددًا من الرسائل موجهة إلي من "أوقافيين" أئمة وخطباء ممن حضروا اجتماع الشيخ الدكتور زقزوق . وكل هذه الرسائل على وجه التقريب تلتقي على استهجان كلمات الشيخ الوزير. وأحدهم يقول في رسالته ".. يا وزير الأوقاف إن الشيخ كشك كان في خطبه يحمل في شدة على الظلم والظالمين الذين عاملوا شعبناكأنهم قطيع من العبيد ...فهل هذا يعد سبا وقذفا ونقضا لمنهج الدعوة الإسلامية ؟ وآخر يقول في رسالته "..... وهل فينا من يملك موهبة كموهبة الشيخ كشك حتى يقلده ؟؟!!! "

وكتب عالم مسيحي غربي اسمه "جيلز كيبل" "... إنهم يستمعون لكشك في القاهرة، وفي الدار البيضاء، وفي مارسيليا، فهو نجم الدعوة الإسلامية .... " .

2 وفي جلسة مجلس الشورى المنعقدة يوم الأحد 24/12/2006م وجُمَِع فيها من الحزب الوطني كل ساحر عليم، وغير عليم، رأينا الشيخ زقزوق يصول ويجول بغير حق مستخدمًا من الألفاظ ما لا يليق بمسلم. وأترك وصف ما حدث لصحيفة "المصريون" (الأحد 24/12/2006م).

" شن الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف هجومًا حادًا على المرشحين لانتخابات رئاسة الجمهورية في العام الماضي الذين قاموا بزيارة مكتب المرشد العام ل "الإخوان المسلمين" محمد مهدي عاكف من أجل الحصول على "البركة" منه على حد تعبيره " وقال إن هذا الأمر حديث من نقيب الصحفيين وعشرة من أعضاء مجلس النقابة.......

 واصفًا أعضاء الجماعة بأنهم " فئة ذات أفكار هدامة يريدون أن يبهروا العالم بأنهم هنا لهم السطوة والقوة ".

كما حمل كلام الوزير تحريضًا على مواجهة أعضاء الجماعة وملاحقتهم، بعد أن طالب بحماية الشعب المصري منهم , أو كما قال " من الوباء المعروف بجماعة الإخوان المسلمين.

 3 وتحدث زقزوق عن مجموعة الطلبة المنتمين ل "الإخوان" والمعتقلين على خلفية الاستعراض الرياضي الذي نظموه بجامعة الأزهر أثناء اعتصامهم في الأسبوع قبل الماضي احتجاجًا على اعتقال زملاء لهم من أعضاء "اتحاد الطلاب الحر".

مؤكدًُا أن ما حدث منهم ليس لهم ذنب فيه؛ لأنهم ضحية بعد أن غيبتهم هذه الفئة يقصد الإخوان عبر تقديم الخدمات لهم،.

وأذكرك يا شيخنا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عائشة متى عهدتني فحاشًا، إن شر الناس منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره" (البخاري كتاب الأدب) و (مسلم كتاب البر والصدقة والآداب).

وأرانى أردد قوله تعالى: (...فقل تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) آل عمران: 61

********

4 وفي صحيفةالدستور بتاريخ 6 10 2007 كتب الأسناذ الكبيرفهمي هويدي مقالا قيما نقدم منه القطوف الآتية :

" لم أفاجأ حين قيل لي أن الراغبين في الاإعتكاف بالمساجد خلال الأيام العشرة الأخيرة من رمضان يتعين عليهم أن يحصلوا على تصريح من الجهات الأمنة، ولا استغربت ما نشرته الدستور عن أن المخبرين في دمنهور بمحافظة البحيرة يمرون يومياً على المساجد للتحقق من أسماء وهويات المعتكفين فيها، ذلك أن المساجد أصبحت من الأماكن التي تثير قلق أجهزة الأمن التي خصصت لها جيش من المخبرين، أكثرهم ملتحون، باتوا يعسكرون فيها طوال الوقت، لتسجيل ما يقال ومراقبة الداخلين والخارجين، وهؤلاء لا يراقبون فقط وإنما يشتركون أحياناً في إدارة المسجد.

لم يعد سراً أن خطباء المساحد يجب أن تجيزهم مباحث أمن الدولة، وأن بعضهم من "المتعاونين" مع الأجهزة الأمنية العاملين لحسابها، بل قيل لي ذات مرة أن وزارة الأوقاف أرادت أن توظف عدد كبير من الخطباء للمساجد التي أصبحت تحت إشرافها وتم بالفعل ترشيح ألف شخص، وحين عرضت أسمائهم على مباحث أمن الدولة اعترضت على 500 منهم وأبلغت الأوقاف بأن لديها عدداً من "الخطباء" الذين يمكن أن يحلوا محلهم، واشترطت ألا تعقد لهم الوزارة إمتحان القبول الذي يتعين إجتيازه لشغل الوظيفة !!

فيما يبدو فإن سياسة تجفيف الينابيع استصحبت سياسة أخرى لتدجين الخطباء وتكميمهم، الأمر الذي أصبح فيه المسجد مصدراً لقلق الأجهزة الأمنية، وهو منطق قد نفهم مبرراته في بلد أوروبي، أو في الولايات المتحدة التي أصبحوا يسجلون أسماء المترددين على المساجد في بعض مدنها وأحيائها، لكننا لا نجد تفسيراً له في بلد مسلم يؤم المساجد فيه ملايين المتدينين، دون أن يكون ذلك دليلاً على تطرف أياً منهم، لكنه الذعر الأمني والإسراف في الاحتياط، الذي قلب المعادلة بحيث أصبح الشك والإتهام وليس البراءة هو الأصل في التعامل مع الأفراد والمؤسسات.

إن مختلف الشواهد تدل على أن شئون المساجد كلها – حتى مواعيد فتحها وإغلاقها أصبحت تدار بواسطة وزارة الداخلية، الأمر الذي يثير سؤالاً كبيراً حول حكمة الاستمرار في إلحاقها بوزارة الأوقاف" . واعترافا بالواقع أرى أن تكون التسمية الجديدة " وزارة الداخلية فرع الأوقاف " . وأعتقد أنها تسمية سترضي بل ستسعد الشيخ زقزوق للأسباب الثلاثة الآتية :

 1 أنها تسمية صادقة تمثل الواقع القائم بدقة .

 2 أنها تطبيق عملي لحب زقزوق لكل ما هو " أمني رئاسي " .

3 أنها تتفق مع نزعته الحضارية التي دفعته إلى إصراره على تنفيذ مشروع " الأذان الإلكتروني " . وقد تعوضه التسمية الجديدة عن إخفاقه المر الذريع في تنفيذ مشروعه "الحضاري جدا " !!!!