جواز سفر (ستانلِس ستيل)
د. محمد بسام يوسف*
استقبل ابنه الشاب قائلاً: ها قد كنتَ –يا ولدي- سبباً مباشراً في إضافة المزيد من المنجزات (العظيمة)، إلى سِفْرِ (أصحاب الفخامة) في بلدك.. بلدكَ الذي لا تعرفه ولم تستنشق هواءه الـمُنَقّى بالأحكام العُرفية، والـمُصَفَّى بمصفاة قانون الطوارئ والقانون رقم49، مع أنك قد غدوتَ في العشرينات من عمرك.. وذلك بفضل مبالغتهم في (الحفاظ) على حقوق الإنسان السوريّ، وحقوق المواطَنة، بكل أشكالها وأنواعها وألوانها، لتجذير نظام التحرير والممانعة والكرامة الوطنية الإنسانية، بكل أجهزته المخابراتية الخمسة عشر، ذلك النظام المنشغل منذ أكثر من ثلث قرن، بحشد الطاقات والكفاءات العلمية والجيوش المسلَّحة الجرّارة، لإتمام مهمة (التوازن الاستراتيجيّ) مع العدو الصهيونيّ، قبل أن يُعلِنَ امتشاقَه سلاحَ مفاوضات (الخيار الاستراتيجيّ)، خياراً وحيداً لتحرير الأرض والعِرض، في جبهة الجولان، النائمة منذ عشرات السنين!..
واسترسل: هنيئاً لك يا ولدي، فقد نلتَ أخيراً، بعضَ نسمةٍ ورقيةٍ من نسمات وطنك الممنوع عنه، الذي لم تعرفه إلا عبر التلفاز والصور الفوتوغرافية.. هنيئاً لك، فقد أكّدوا بإنجازهم (العظيم) هذا، صلابة المواقف المبدئية القومية والوطنية، التي ما تزال بَيْرَقاً مُشِعّاً في الشام، بَدءاً من انقلاب الثامن من آذار لعام 1963م، الذي قضى على (نقيصة) الحياة الديمقراطية، وأتى بـ(فضائل) الديكتاتورية.. وانتهاءً بترسيخ نظام الحكم الجمهوريّ الوراثيّ، الذي (أنعش) آمال السوريين، بالحرية والتحرّر من (بركات) القمع والاستبداد والفساد والتمييز البغيض.. مروراً بـ (انتصارات) حرب الخامس من حزيران لعام 1967م، واتساع رقعة (الديمقراطية) و(الحرية)، في ظل الحكم الشموليّ (الرائع)، ثم في ظل الحاكم باسم الحركة (التصحيحية) المجيدة وَوَحْيِهَا، وما تبع ذلك من (منجزات) الإفلاس والنهب والسلب والفساد الاجتماعي والسياسي والأخلاقي والاقتصادي والإداري والتربوي والثقافي والأمني والعسكري والرياضي.. وغير ذلك من المنجزات (العظيمة)، على رأسها: إتمام واجب تحرير الجولان المحتلّ وفلسطين (من النهر إلى البحر).. تلك المنجزات التي (رفعت) رأس المواطن السوريّ عالياً، إلى درجة ملامسته سقفَ سجن صيدنايا المحدَّث العتيد!..
وتابع: هنيئاً لك يا ولدي، إذ على الرغم من انشغالهم بواجبهم الوطنيّ، في قيادة سورية وشعبها بأرقى الأساليب (الحضارية) للصمود والتصدّي والممانَعة، في وجه الهجمة الإمبريالية الأميركية الصهيونية المشتركة الـ.. الـ.. على الرغم من انشغالهم بكل ذلك، فقد غمروك بكرمهم ومَنحوكَ -أول مرةٍ في حياتك- (جوازَ سفرٍ) وطنيّ، مدته سنتان، مضت منها سبعة أشهرٍ استغرقتها عملية تسليمهم الجواز إليك، بعد معاناةٍ لم تستغرق منك.. سوى بضع سنواتٍ طويلة!.. وعلى الرغم من أنك وُلِدتَ ونشأتَ في ديار الغربة، وما تزال في العشرينات من عمرك!.. وكل ذلك، من غير أن يرسلوكَ إلى قافلة المفقودين من أبناء شعبكَ، الذين تجاوز عددهم السبعة عشر ألفاً!..
قلتُ: هنيئاً لولدك الشاب جوازَ السفر، و(عُقبال) الدكتوراه.. وكأس: حقوق المواطَنة!.. وهنيئاً لحكومة (الوحدة والحرية والاشتراكية)، هذا الإنجاز العظيم!.. وعقبال: (التفكير) بتحرير الجولان، المحتلّ منذ سبعةٍ وأربعين عاماً فحسب!..


* عضو مؤسِّس في رابطة أدباء الشام