القضاء التركي والجيش ووقائع كارثة معلنة

القضاء التركي والجيش ووقائع كارثة معلنة

محمد القشتول

بي بي سي العربية - لندن

انكبت كثير من التعليقات ومقالات الرأي بالصحف البريطانية على بحث الشأن السياسي وتداول السلطة في الشرق الأوسط وإفريقيا.

وتوجه التايمز عبر افتتاحيتها الأولى نقدا لاذعا للمؤسسة العسكرية التركية ملمحة إلى استمرار "نزعتها الانقلابية"، تحت "غطاء الدفاع عن العلمانية".

وتناشد الصحيفة -بمناسبة فتح قضية حل الحزب الحاكم أمام المحكمة الدستورية- القضاة الأتراك عدم الخضوع لضغوط الجيش، وحظر حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم "إذا ما كانوا حريصين على إنقاذ الديمقراطية". وترى الصحيفة البريطانية أن المحكمة التركية تنظر اليوم في قضية قد يكون لها عواقب "جسيمة وربما وخيمة ليس على تركيا فقط بل على العالم الإسلامي برمته كذلك".

ويمكن لقرار حل الحزب -في اعتقاد الصحيفة- أن يضع حدا لآمال تركيا في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، كما سيحول حليفا استراتيجيا ثمينا للغرب إلى "مجتمع رهين قمع عسكري وحماسة دينية".

وتقول الصحيفة إذا ما ارتأت المحكمة أن حزب العدالة والتنمية يهدد دستور أتاتورك، وبالتالي ينبغي حل "واحدة من أنجع الحكومات التركية وأكثرها شعبية"، فإنها ستمنح الحركات الإسلامية ذريعة للتنكر للأساليب الديمقراطية في تداول السلطة، لصالح العنف.

وتعتبر التايمز أن معظم المواطنين الأتراك سيسمعون صوت المؤسسة العسكرية "القوية والناقمة"، عندما ينصتون إلى النيابة العامة وهي تفتتح جلسات المحاكمة باتهام رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان بمحاولة تحويل تركيا إلى دولة إسلامية.

وتذكر الصحيفة بالماضي الانقلابي للجيش التركي، وكيف حاول السنة الماضية أن يقود انقلابا -هو الخامس خلال نصف قرن- ضد إردوغان، وكيف استطاع هذا الأخير "بدهائه"، أن يستفيد من الأزمة، ليعود بأغلبية أوسع، وليعين أول رئيس دولة تركي ذي خلفية إسلامية.

وترى الصحيفة أن المؤسسة العسكرية التركية تحاول - بعد أن أخفقت محاولة السنة الماضية - الانقلابَ على الحكومة بطرق ملتوية، عبر حل الحزب ومنع 71 من أعضائه - بمن فيهم رئيسا الحكومة والدولة- من ممارسة السياسة لمدة خمس سنوات.

وتقول التايمز إن الغموض السائد قد بدأ "يضر بالأسواق المالية، وأدى إلى إحجام المستثمرين الأجانب".

وتثني الصحيفة على موقف الاتحاد الأوروبي الرافض لتدخل القضاء ومن ورائه المؤسسة العسكرية في شأن سياسي بحت.

ولكن هذا الموقف "الحازم" قد لا يؤثر على موقف الجيش التركي الذي بات مؤسسة ذات ميول قومية -حسب الصحيفة- لا ترى بعين الرضى انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، كما بدأت تتوجس منه بسبب موقفه من الحملة على الأكراد.

وتعتبر الصحيفة أن التيار العلماني في تركيا يفوت فرصة الدعم الغربي لأول مرة، عكس حزب العدالة والتنمية - "الذي يصف نفسه بالحزب المحافظ الديمقراطي"- والذي "أثار الإعجاب بسبب سياسته الإصلاحية."

وتختم الصحيفة افتتاحيتها بالقول "إن حكومات العالم الإسلامي تنظر بعين الاهتمام إلى تركيا. فالكثير يخشى أن يؤدي حظر حزب العدالة والتنمية إلى نسف الجهود الرامية إلى ترغيب الحركات الإسلامية في العمل السياسي المشروع."

"العزلة لموجابي"

خصصت الإندبندنت والديلي تلغراف مقالي تعليق لما يعتمل في زيمبابوي، طالبتا فيهما قمة الاتحاد الإفريقي التي تنعقد اليوم في منتجع شرم الشيخ المصري.

وتقول الإندبندنت في افتتاحيتها الأولى إن قرار روبرت موغابي التوجه إلى القمة مباشرة بعد أداء القسم وتنصيبه رئيسا لزيمبابوي لولاية سادسة، ينم عن رغبة في الحصول على تزكية نظرائه الأفارقة.

وتعرب الصحيفة عن أملها في أن "تخيب" قمة شرم الشيخ مسعى رئيس زيمبابوي.

لكنها لا "تفرط" في الرجاء لاعتقادها أن "روح التضامن، بين القادة، واستحيائهم من نقد من أنهى نظام أيان سميث، وجلب الاستقلال لروديسيا، قد توفر "المباركة" التي يطمح إليها موغابي.

وترى الصحيفة على الرغم من ذلك أن ثمة صدوعا في موقف البلدان الإفريقية من نظام زيمبابوي الحالي. فحتى السلطات الكينية استنكرت ما حدث في هذا البلد، ناهيك عن بوتسوانا -حسب الصحيفة-، كما أن بعثة المراقبين التابعة للاتحاد الأفريقي "أكدت أن الانتخبات لم تكن لا بالنزيهة ولا بالحرة".

وباستثناء الرئيس ثابو امبيكي لا يحظى موغابي بكثير من الدعم، فقد أوضح زعيم حزب المؤتمر الإفريقي الحاكم جاكوب زوما، ونيلسون مانديلا والأسقف ديزموند توتو أن ولاءهم لزيمبابوي، "ولاء مشروط".

وإذا كان صوت هؤلاء لن يكون مسموعا في القمة الإفريقية، فإن الصحيفة تأمل في أن يصل صدى "الاحتجاج الإفريقي على نظام هراري" إلى أسماع المشاركين في القمة.

وترى الصحيفة في الختام ضرورة إيجاد حل عاجل للأزمة في الزيمبابوي، "لأن اقتصاد هذا البلد ينهار بسرعة مهولة وضعت قطاعات واسعة من الشعب أمام خيارين، إما الفرار أو الموت جوعا."

وترى الديلي تيلغراف من جهتها أن الدعم الإفريقي الذي كان يحظى به موغابي بدأ يتناقص، لكنها تعتقد ضروروة أن هذا "الاستنكار المعنوي" ليس كاف، إذ ينبغي أن يكون مرفوقا "بعقوبات مادية".

وتقترح الصحيفة البريطانية في هذا الصدد قطع إمدادات الطاقة من وقود وكهرباء، عن زيمبابوي.

ولعل الأمل في أن يلوي هذا الإجراء المقترح ذراع النظام، أن يخفف على أفراد الشعب من آثاره التي قد تفاقم معاناتهم، حسب الصحيفة.

استعدادات "مستترة"

تنقل الإندبندنت مقتطفات من تقرير صحافي نشرته صحيفة النيويركر، يتحدث عن قيام الإدارة الأمريكية بتكثيف نشاطها السري بإيران من أجل الإطاحة بنظام إيران، بعد أن ووجهت خطط الضربة العسكرية بالاعتراض.

وتكشف الصحيفة الأمريكية -حسبما تشير نظيرتها البريطانية- عن موافقة زعماء الكونجرس العام الماضي على منح الرئيس بوش 400 مليون دولار من أجل تمويل خطة سميت "خلاصات الرئيس"، وهي وثيقة سرية جدا، "لن يُكشف عنها إلا بعد أن تنطلق عملية الاستخبارات السرية".

ويقول كاتب التقرير الأمريكي سيمور هيرش إن البرلمانيين الديمقراطيين أبدوا قلقا لتصاعد عمليات القوات الأمريكية الخاصة الهادفة إلى تعقب "أهداف رفيعة المستوى"، داخل إيران "والتي لا تشملها" الخطة سالفة الذكر.

وتركز هذه الخطة على "تقويض برنامج إيران النووي، و حكومة طهران"، بمساعدة حركات معارضة داخل إيران، وعن طريق "صرف الأموال".

ولا تعد الانشطة السرية ضد إيران مسألة جديدة، لكن الجديد هو في توسيع نطاقها، ومداها.

وتبرز النيويوركر -حسب الإندبندنت- اعتراض قادة الجيش الأمريكي المتعاظم على ضرب إيران عسكريا، بينما لا يستبعد الإسرائيليون هذا الاحتمال.