الحكومة المغربية: ياويلتي... ياويلتاه!

الحكومة المغربية:

ياويلتي... ياويلتاه!

فؤاد وجاني

معلوم عن المغاربة الذود عن الحياض ورباطة الجأش والدفاع المستميت عن أعراض المغاربة والعرب والمسلمين كافة.  التاريخ العالمي زاخر بملاحم المغاربة ضد الاحتلال الفرنسي والإسباني والبريطاني، وشاهد على مناقبهم عبر الزمن.  يكفي ذكر عبد الكريم الخطابي وقبائل الريف وقبائل آيت باعمران وأسماء المقاومين لترتعد فرائص الاحتلال الإسباني والفرنسي وتزلزل الأرض من تحتهما.  بل إن المغاربة الأمازيغ قادوا الفتوحات الإسلامية نحو الشمال، ولولا مغاربة من فئة طارق بن زياد وجيوشه الأمازيغيين الأبطال لما وصل الإسلام الى شبه الجزيرة الإيبيرية ولما كانت هنالك حضارة بالأندلس.  بل إن طموح الأمازيغ المسلمين كان يسعى لفتح أوروبا كلها لولا تقاعس الدولة الأموية التي أمرت طارق بن زياد عبر حاكمها موسى بن نصير بالتوقف عن الفتح، فأطاع طارق بن زياد أمر الخليفة في الشام حفاظا على وحدة الأمة الإسلامية، ولو أنه مافعل لكانت جدران البنايات الإسكندنافية اليوم منقوشة بآيات قرآنية كما هي في الأندلس.  لولا المغاربة لما ظل الإسلام في الأندلس ثمانية قرون بعد تحول الخلافة الإسلامية الى إمارات صغيرة مشتتة جمعها المغاربة مرات عديدة بحدي السيف والعزيمة في معركة الزلاقة -وماأدراك ما الزلاقة- بقيادة المرابطين وإمرة يوسف بن تاشفين، وأخرى بزعامة الموحدين تحت إمرة أبي يعقوب يوسف ثم أبي يوسف يعقوب المنصور.  المغاربة هم من حثوا على العلم ورعوه في الأندلس، ولولاهم لما كان هنالك ابن طفيل ولا ابن رشد ولا ابن غيرهم ولاهم يولدون.

اسألوا البرتغال عن طردهم من قبل السعديين، واسألوا المنصور الذهبي عن نشر الإسلام في أدغال أفريقية، واسألوا صلاح الدين عن الباب اليماني الذي تولاه المغاربة الأسود حماة القدس الشريف، واسألوا ليالي الجولان وماء اليرموك عن لواء المغاربة، واسألوا جبال أفغانستان عن المجاهدين المغاربة أيام الاحتلال السوفياتي.

لقد نودي المغاربة للدفاع عن الحرائر فلبوا النداء مؤمنيين بأن كلمة التوحيد هي الجامعة الرابطة بينهم وأشقائهم العرب والمسلمين، وضحوا بالروح والنفيس في سبيل شرف العرض واستقلال الأرض.

لن نحصر المعارك التي خاضها المغاربة بالنيابة عن العرب أجمعين سواء في أوروبا أو في أدغال أفريقيا أو في المشرق. لعلها معارك لاتدرس اليوم في المدارس العصرية الثنائية والثلاثية اللغة المسخة التي تتفنن في وأد أثر الماجدين العظماء من هذه الأمة.  أثر روته دماء المغاربة وكتبته الصحف بمداد من ذهب يرصع جبين التاريخ.

بعد كل هذا التاريخ المضيء، تأتينا اليوم شرذمة من الكويتيين (الناقصين بلهجة الكويت) لتسخر من طارق بن زياد في أحد مسلسلاتها المائعة الفارغة من الرجولة والحياء بينما لايتفوهون كلمة واحدة ضد الاحتلال الموجود فوق أراضيهم.

الشعب المغربي ليس ضد حرية التعبير،  بل إن الشعب المغربي يشجعها ويحث عليها خاصة في ظل عقود تعاقبت عليه من الاضطهاد والقمع.  وإذا كانت السلسلة الكويتية قد فضحت بعض مساوئ الأخلاق كانتشار الرشوة والبغاء والشعوذة والخلاعة وأوكار القمار والفساد في بعض أنحاء المغرب، فإن  المغاربة يقولون لكم بملئ الفم: شكرا ، لأننا جميعا في أشد الحاجة الى النقد الذاتي، فتلكم مفاسد عندكم وعندنا !

أما أن تتطاول الألسنة الكويتية على طارق بن زياد ورموز التاريخ الذين قضوا نحبهم مدافعين عن كرامة وحرية الإنسان العربي والإسلامي، فذلكم جرم بحق الأرض والتاريخ والمغاربة أمازيغا وعربا.

رد الحكومة المغربية الحالية البعيدة كل البعد عن آمال ومشاكل الشعب المغربي وطموحاته كان خائبا كما جرت عليه العادة، فخرج علينا وزير اتصالها مهندما محزما بربطة عنق ينفخ ويزمر ويطبل ليتحدث عن كرامة المرأة المغربية وكرامة الرجل المغربي اللتين لم تحفظهما الحكومة المغربية.

كرامة المرأة المغربية -ياوزير سنوات الظلام- أحطت من قدرها الحكومة حين غيرت مدونة الأحوال الشخصية ورفعت السن "القانوني" للزواج وزجت بالمرأة في الشارع.  كرامة المرأة داستها الحكومة بالنعال حين لم تمنع الصهاينة من تأسيس دور القمار والملاهي الليلية في أغادير وطنجة والدار البيضاء رغم أن دستور البلاد تتصدره هذه الجملة : "المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة".  كرامة المرأة المغربية دنستها الحكومة حين تغاضت عن الشعوذة المنتشرة في المغرب بل أطلقت لها عنوة العنان وحاربت بدلها المساكين من بائعي الخضار المتجولين في الشوارع على أنهم يوسخون سمعة البلاد.  كرامة المرأة المغربية لطختها الحكومة حين فرضت البطالة على ملايين الشباب من الرجال والنساء، وعطلت فيهم روح المبادرة، وقتلت فيهم الطموح لبناء المغرب، وجعلت الشغل امتيازا من نصيب ذوي القربى والأرحام وليس حقا لكل مواطن.  كرامة الموظف الحكومي المغربي أهانتها الحكومة حين بخلت عليه في الأجور وتركته عرضة لارتفاع الأسعار وكأنها تدعوه ضمنيا لقبض الرشوة.

أين كرامة المغاربة حين اعتدت شرطة الحدود الإسبانية على مغاربة قادمين من بلجيكا في مليلية المحتلة بسبب حيازة العلم المغربي وافتخارهم بانتمائهم لأرض مغرب الأحرار، فانهال عليهم الإسبان بالضرب وساموهم شتى ألوان التعذيب والسب والإهانة في خرق سافر لحقوق الإنسان وحرية التنقل والتعبير.  وماذا كان رد الحكومة المغربية: احتفاء بوزير داخلية اسبانيا واستقبال بالأحضان ودعوة للحوار وكأنها تكرمه على إهانة المغاربة! نفسها إسبانيا دفعت أربعة عشر مليون يورو لأعضاء القاعدة في مالي مقابل تحرير إثنين من مواطنيها، وكأنها تبعث برسالة ضمنية إلى المغاربة مفادها أن المواطن الإسباني عزيز على وطنه أما المواطن المغربي فلايستأهل سوى ثمن العصا ولغة الضرب.

أين كرامة المغاربة حين اختطفت سفارة النرويج أولاد العداء العالمي السكاح -الذي رفع الراية المغربية في كثير من المحافل- من عقر الدار المغربية وهربتهم الى والدتهم بالنرويج دون أن يلقى المختطفون حسابا أو عقابا؟

أين هي السيادة ياسيادة الوزير ؟ أين كرامة المغاربة – ياسيادة الناطق الرسمي باسم الحكومة -حين اعتدى ابنكم الموقر على أحد المواطنين العزل وسط العاصمة الربــاط أمام بناية أعلى سلطة تشريعية بالبلاد، أمام قبة البرلمـان، وحين تدخلت الشرطة للقبض عليه تراجعت بعد التعرف على هويته النبيلة وسط استنكار المواطنين الذين شهدوا الحادثة؟؟

إن الحكومة الحالية خيبت آمال الشعب في الرد الزاجر العادل المسترد للحقوق المنهوبة والمسلوبة، وكان الأحرى بها أن تصدر قانونا يمنع السياحة الجنسية، ويفرض التأشيرات على الوافدين والزائرين من دول الخليج وفي مقدمتها الكويت والسعودية، وتقييدها بشروط صارمة كفرض كفيل مغربي يضمن الزائر الخليجي ويحتفظ بجواز سفره طيلة مدة إقامته مع تحديد مدة الزيارة وأسبابها وعنوان الإقامة في المغرب، وأن تنزل أقصى العقوبات الجنائية على كل نفس مريضة تحسب المغرب مرتعا للتنفيس عن الشهوات ودارا لممارسة الفواحش والبغاء.

كان الأجدر بالحكومة المغربية أن تفتح ملف سبتة ومليلية المحتلتين، وأن تقطع المنتجات الزراعية والسمكية والفوسفاطية عن إسبانيا، وأن تغذي النزعات التحررية داخل شمال اسبانيا وجنوبها،  وتدعم المورسكيين، كل ذلك ضمن برنامج واضح الأهداف لاسترجاع سبتة ومليلية في وقت معلوم لايقبل التأجيل ولاالتأخير.

كان الأجدر بوزراة الثقافة أن ترد الصاع صاعين، وتنتج سلسلات ساخرة تعري حقيقة بعض الكويتيين والخليجيين في عقر دارهم ومعاملاتهم للبدون وحياة الترف والبذخ واللامبالاة والعنصرية التي يعيشونها، وكيف أن المصريين هم الذين يبنون مساكنهم، والهنود هم الذين ينظفون شوارعهم، والفلبينيين هم الذين يرضعون أولادهم، والأندونيسيين هم الذين يعدون طعامهم، والأمريكيين هم الذين يتولون الدفاع عنهم، ولتأت قناة الوطن الكويتية بعدها لتفتح فمها -الذي لاتملكه- على الشعب المغربي الذي لم يستجد يوما أحدا كما يفعلون.

هكذا تسترد الكرامة ياحكومة مغربية بدل أن تولولي على لسان وزير اتصالك: ياويلتي...ياويلتاه! . إن المغاربة لم تعد تشرفهم هكذا مواقف مخزية ولاهكذا حكومة.