لماذا لا تُعد تجربة إفشال معاهدة بورتسموث
لماذا لا تُعد تجربة إفشال معاهدة بورتسموث؟
يحيى السَّماوي
قالت قناة " العالم " الفضائية نقلا ً عن مصادرها في النجف الأشرف أن المرجع الشيعي آية الله العظمى السيد علي السيستاني ، أبدى رفضه الشديد للإتفاقية الأمنية المزمع توقيعها بين الحكومة العراقية والبيت الأبيض الأمريكي ، مشيرة إلى أن موقفه هذا يعتبر قاطعا ...
وقبل موقف السيستاني ، أبدت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي في اجتماعها الإعتيادي الأخير ، مخاوفها من الإتفاقية فحذرت من توقيعها ...
حزب المؤتمر أبدى هو الآخر ، و بلسان رئيسه الدكتور أحمد الجلبي ، مخاوفه من الإتفاقية ، محذرا ً من قيودها على العراق ...
أحزاب وشخصيات فكرية ليبرالية ، وأخرى إسلاموية ، ناشدت الحكومة العراقية عدم توقيع الإتفاقية في الظرف الراهن ، والتريث إلى حين زوال الإحتلال لتكون الإتفاقية بين بلدين مستقلين متكافئين ، وليس بين مُسْتعْمِر ومُسْتعْمَر أو بين مُحتل ٍ ورازح ٍ تحت الإحتلال ..
أحزاب مشاركة في الحكم ومُمَثلة في البرلمان إعترفت بأنها لا تعلم شيئا ً عما تناولته الجولة الأولى من المباحثات ...
ألبرلمان العراقي لا يعرف هو الآخر ما دار في الغرف المغلقة بين ممثلي الحكومتين : الأمريكية الحاكمة بفعل الإحتلال ، والعراقية المحكومة بفعل الأمر الواقع ...
الشعب العراقي لا يعرف هو الآخر شيئا ً عن التفاهمات والجولة الأولى من المباحثات ( رغم أن الدستور ينصُّ على أن الشعب هو مصدر السلطات ) ..
ألسؤال : إذا كانت المرجعية الدينية الشيعية والسنية وقوى اليسار واليمين ترفض توقيع الإتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة الأمريكية ، فلماذا لا تتحرك هذه القوى في تظاهرات جماهيرية كتلك التظاهرات التي قادتها أحزاب وطنية وتقدمية ضد معاهدة " بورتسمورث " بين حكومة الإنتداب البريطاني وحكومة صالح جبر ؟
إن بمستطاع الجماهير الشعبية إجهاض المعاهدة قبل ولادتها لو أحسنت الأحزاب والقوى الوطنية العراقية ، إستثمار مثل هذه التظاهرات لتكون بمثابة رسالة واضحة للحكومتين . بل إن مثل هذه التظاهرات الجماهيرية ، ستوفر للحكومة العراقية في حال انطلاقها مبررا ً مشروعا ً للتنصّل من " التفاهمات " التي شهدتها الغرف المغلقة ، وستخفف من ضغوط البيت الأبيض على الحكومة العراقية ...
أليس عراق اليوم هو عراق الديمقراطية كما يزعم الإمبراطور جورج بوش ومندوبه السامي ؟ فلماذا لا تستثمِر الأحزاب والقوى الوطنية هذه الديمقراطية فتسَيِّر التظاهرات السلمية رفضا ً للمعاهدة الأمنية المزمع توقيعها في شهر تموز القادم ؟
لقد حققت حكومة السيد نوري المالكي إنجازات مهمة ضاعفت من شعبيتها بين الجماهير ... ويقينا ً أنها ستحظى بالمزيد من الدعم والتأييد الشعبي حين ترفض الضغوط الأمريكية بشأن توقيع المعاهدة الأمنية مع المحتل ... لكن على الجماهير الشعبية وقواها الوطنية ، توفير الذريعة لحكومة المالكي كي تتنصل من تفاهماتها ولا ثمة ذريعة تقنع المحتل كالتظاهرات الشعبية السلمية .... وهي مسؤولية يتوجب على الأحزاب الوطنية ومنظمات المجتمع المدني ، الإضطلاع بالدعوة لها وقيادتها .
نعرف أنّ الكفاح المسلح ضد الإحتلال ، أصبح إرهابا ً وخيانة ً وطنية ً عظمى تستوجب أقصى العقوبات.... فهل التظاهرات السلمية إرهابٌ وخيانة للوطن ؟ لماذا إذن لا تعاد تجربة إفشال معاهدة بورتسموث ؟