لا تجرح إحساسي وصدق المشاعر القلبية

لا تجرح إحساسي وصدق المشاعر القلبية

في العلاقات الإسرائيلية البشّارية

مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن

[email protected]

في الخطاب السياسي الجديد بين النظام السوري والعدو الإسرائيلي الذي طغت عليه لُغة الأحاسيس والمشاعر والتودد والتآلف والتحبب ، ولغة الورود والنرجسية والعاطفة الجيّاشة ، والنوايا الطيبة والحسنة ، والعقلية المُنفتحة بعد كبت طويل لم يستطع النظام قبلها بالبوح بمشاعره الفيّاضة بسبب قمع شعبه السوري له ، والآن وبعد أن زالت العقبة أمامه عندما سحق الشعب ، وقتل عشرات الآلاف منه ، وزجّ بأحراره في غياهب السجون وتشريده للملايين منه بدعوة العمالة والتآمر على تحصين سورية ، وإشعال لبنان بدعوى الصمود والتصدّي والعلاك المصدّي ، ومحور المواجهة العتيد بقيادته ، الذي صار نغمة يتغنّى بها المُنافقون لتبرير جرائم النظام ، وسيمفونية خرقت آذاننا ونحن نسمعها ليل نهار ، لتبرر قتلنا وقتل إرادتنا وسجننا وسحقنا وحجز حريتنا ، ومسح كرامة الشعب بالتراب ، وإفقاره وإخراسه ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة ، وأنّ من سواه من القادة خونة وأنصاف رجال ، والدول العربية خائنة والعالم أجمع خائن إلاّ هم  ، الذين جُعل الطُهر فيهم ، لأنهم منقون من الدنس ، ولذلك هم الآن لا يُساومون في الحقوق  فحسب بل يُغازلون ، وكأنهم إلى حفلة العرس ذاهبون ، في حفل مثلي بين إرهابييَن فريد من نوعه بعالمنا العربي ، إذ صمت النظام دهراً ونطق كفراً ، لا ليكشف عن وجهه الأسود الغارق في العمالة والتبعية،  والبيع والشراء بكل القيم السامية، بل ليقول أنا ذا هو إبليس بذاته ، ضحكت على السُذّج من الشعوب ، وركبت موجة القومية والعروبية والإسلامية والعمل العربي المشترك والنضال والكفاح والمُقاومة ؛ وكل الشعارات الرنّانّة إلى أن وصلت لمُبتغاي ،لأذبح تلك المبادئ التي كُنتُ أُتاجر بها على عتبات أنقرة ، التي صارت البوابة إلى أحضان إسرائيل الحبيبة.

ولا أدري كيف سيصرف هذا النظام مُعاناة شعبنا على مدار أربعة عقود في ادعائه الكاذب بالممانعة والمقاومة  وتحرير الأرض الفلسطينية من البر الى البحر وكُلِّ فلسطين، وهو لم ينطق في اجتماعاته الصريحة ببنت شفا عن فلسطين ولو بكلمة ، ولا عن شعبها الواقع تحت الحصار ، ولا عن لبنان ومزارع شبعا ، ولا عن حزب الله ، ولا عن أي مسار عربي مُلازم سوى اللهم نفسي ، لاعتقاده بوصوله إلى الحبل الممدود ، الذي سيؤدي به إلى النجاة من كل جرائمه والمحكمة الدولية ، وفكه من عزلته عبر البوابة الإسرائيلية  ، وليس عبر الشعب السوري المكلوم ، ليُفاجئنا المصدر بالخارجية السورية بالخطاب العاطفي نحو العدو ؛ وحُسن النوايا بين نظام دمشق وإسرائيل الربيب ، التي أدركت ما يتهدد النظام من مخاطر السقوط ، فألقت إليه بزعمها حبل النجاة لإنقاذه في اللحظات التي دخل فيها بالكومة ، ولتنكشف الحكاية بتفاصيلها ، ويذهب الثلج ويبان المرج ، ولتنكشف حقيقة هذا النظام ، الذي لم يألوا جهداً في إظهار نفسه بمظهر الوطنية والحمل الوديع عبر من اشتراهم من أصحاب النفوس الضعيفة بالمال الحرام ، الملوث بدماء شعبنا وشعوب الأبرياء في لبنان والعراق ، ليطبلوا له ويُزمروا ، ويُصفقوا لإنجازاته الوهمية الكاذبة في استفزاز واضح لمشاعر وآلام الشعوب المجروحة من تصرفاته ، وهم الآن لا يتكلمون بشيء بعدما أن كُشف المستور ولو بكلمة استنكار،  لأنهم رهنوا أنفسهم بهذا النظام الذي يُغدق عليهم العطايا ، ويعدهم بأنهم هم المنصورون على حُكامهم بما سيقدمه لهم من دعم وتغطيتهم عند الضرورة

نعم من حق بشار وقبله أبيه أن يُغازلوا الكيان الصهيوني ، ولكن ليس من حق شعبنا السوري المذبوح أن يكون له أي حق في المُشاركة بأي قرار، أو إجراء أي حوار معه وترميم العلاقات ، واستشارته ليكون مدعوماً حتى في مُفاوضاته الغامضة ، وكل الذي على الشعب أن يفعله تأييده في السرّاء والضراء ، في الخطيئة والصواب ، وفي كل حركة يقوم بها ، لأن القائد مُلهم لا يأتيه الخطأ ومُحصّن من كل عين ،وكان قد  أخذ بركات خطواته من أبيه الذي رسم له معالم الطريق، والسياسة التي يتّبعها مع الشعب بقوله : نُريد الأيدي التي تُصقق ولا تهمنا القلوب ،وكذلك بشّار لا يهمه إلا الأبواق وإن كانت تُضلل به ، ويتمثل ذلك عندما رفض الخروج من لبنان حيّوه وهم يتمنون أن يحلّ عن أهلنا في لبنان ، وقالوا له نعم القائد ، وكذلك عند طرده من لبنان وصفوه بالقائد الشجاع والإقتدار والإمتثال للقرارات الدولية  ، وعندما دخل الحرب مع الأمريكي على العراق كان صواباً ، وعندما لم يرد ولو بطلقة رصاص على الغارة الإسرائيلية التي استهدفت منشآت سورية كان عن حكمة منه، ومثله عندما لم يُساعد حزب الله الذي ورّطه بمُقامرة حرب تمّوز كان عن حنكة ، وعند قصف إسرائيل  وقتلها ل 25 عامل سوري داخل الحدود السورية أيضاً بلا رد ، لأنه ترك ذلك  إلى  يوم القيامة ، ليرد حينها بالزمان والمكان المُناسبين ، وحتّى عندما حلّق الطيران الإسرائيلي فوق قصره ، استهزأ بذلك وقال لا نُستفذ وكان عين الصواب ، وهكذا آلة النفاق تُبرر للطُغاة كُلّ موبقة ، وكذلك ستبرر الآن صفقة بشّار على حساب شعبنا وأُمتنا ومصالحها ومصالح حُلفائه، إن رضيت أمريكا باحتضانه من جديد، والتي جاءت مُتزامنة مع الانفراج بالعلاقات الأمريكية الإيرانية في العراق ، وتوقيع الاتفاق اللبناني الذي ظلّ عاسراً بفعل النظام السوري طوال الشهور الماضية ، والذي سُفكت الدماء البريئة الى وقت الموافقة عليه إرضاءاً لمحور طهران ، وكذلك جاء الإعلان عن الاتفاقات الإسرائيلية السورية وإخراجها من حيّز السريّة الى العلن في هذا الوقت لنعلم كم المؤامرة كبيرةٌ على بلداننا وشعوبنا وأُمتنا ومنطقتنا عبر الأدوات، وكذلك المؤامرة ستكون حتّى على حساب حُلفائة "إيران وحزب الله" ، وليس أدل على ذلك أكثر من التضحية بعماد مُغنية

فهنيئاً لكم يا محور الخراب لما وصلتم إليه من التآمر على بلادنا  ومنطقتنا وعروبتنا وإسلامنا ، ونحن نُدرك بأنكم ستأكلون بلحوم بعضكم عندما يصل أحدكم لمبتغاه ، ونُدرك جميعاً المُقابل الذي سيكلف سورية الأرض والشعب لحفاظ بشّار ونظامه على الكرسي والسلطة ، وأُولاها الانتقاص من سيادة الدولة السورية على مُعظم الأرض المُحتلّة ، وربط بلادنا بقيود ستكون مُجحفة ، لأن النظام ذهب إلى هناك وحيداً ، وهمّه الأوحد هو الحفاظ على كرسيه واستمراره ، هذا عدا عن الإحباط النفسي الذي سيصيب شعبنا من وراء هكذا صفقة مُذّلة ومُهينة ، كما هي صفقة التنازل عن اللواء الإسكندروني المُفاجئ ، بعدما حارب تركيا وعاداها عقود من الزمن ، ثُمّ تسليمه الحليف عبدا لله أُوجلان لعدّوه في تصرّف مُنافي للعهود والعقود الدولية وبطريقة تراجيدية مكشوفة ، وبالتالي : فإننا نجد هذا النظام دائماً على استعداد أن يبيع الأرض والمُقدسات من أجل بقاءه ، كما باع الأب المؤسس لهذا النظام الجولان عام 67 للوصول إلى السلطة ، والإسكندرونة للحفاظ على السلطة ، واليوم ما تبقّى من الجولان وفلسطين إرضاءاً لعيون إسرائيل ، وحفاظاً على العقد والعهد الذي بينهما منذ عقود كي لا يزول من السلطة.