الحق ينتزع انتزاعا
الحق ينتزع انتزاعا
إبراهيم حسين أبو صعلوك/ اللد
لقد خرج الحديث في الآونة الأخيرة عن مفاوضات السلام بين سوريا وإسرائيل من مرحلة السرية إلى مرحلة العلن، والى الاستئناف بعد التوقف ولكن اللافت للانتباه في هذا السياق هو دور إيران وان كانت ليست طرفا مباشرا في هذه المفاوضات ومما يكسبها دورا هاما يكاد يفوق دور الأطراف المعنية نفسها هو اشتراط إسرائيل كما جاء على لسان وزيرة خارجيتها وجوب تخلي سوريا عن علاقاتها مع إيران وحزب الله وحماس، كشرط مسبق لإجراء المفاوضات رغم أن الجولان ارض سورية محتلة ولا خلاف في ذلك وعليه لا داعي لأي شرط مسبق، ويأتي هذا الاشتراط ليس من باب الصدفة أو العبث لا بل من باب العلم بأن إيران وحليفيها حزب الله وحماس كما تدعي إسرائيل والولايات المتحدة يمثلون القوة في المنطقة في هذه الأيام في ظل انجازات حزب الله في حربه الأخيرة مع إسرائيل والانجازات التي حققها مؤخرا في الدوحة وما تسببه صواريخ حماس وباقي الفصائل الفلسطينية من إزعاج لإسرائيل أضف إلى ذلك غياب دور عربي فعال يتمتع بالقوة التي يمكن لها أن تنتزع الحق المغتصب أو حتى تشكل تهديدا على الأقل لحماية هذا الحق حال عودته.
إن مجرد طرح هذا الاشتراط يؤكد أمرين اثنين أولهما دور إيران كقوة فاعلة وثانيهما ارتباط استرجاع الحق المغتصب بالقوة مما يضع مهارة الأطراف المعنية في استغلال دور إيران على المحك فوزيرة خارجية إسرائيل، تسفي ليفني قد أحسنت استخدام دور إيران من منطلق إدراكها أن الحق ينتزع انتزاعا ولا يعطى وهي تعلم أن إيران هي القوة التي تشكل تهديدا للمنطقة بما في ذلك إسرائيل ويفترض أن تقف إلى جانب سوريا في حالة لجوء سوريا إلى الحرب واستخدام القوة لانتزاع حقها كما صرحت إيران بذلك مرارا فجاء هذا الاشتراط لينزع عامل القوة من بين يدي سوريا مسبقا قبل التوقيع على أي اتفاق وطبعا ستتذرع إسرائيل عند تعليل طلبها هذا بان إيران تعتبر من دول محور الشر - حسب التصنيف الأمريكي- وان كانت حقيقة تسخير هذه القوة من جانب إيران لسوريا لا تتعدى كونها مجرد فرضية حيث ليس هناك ما يمنع أن تعود إيران في أي لحظة إلى علاقاتها القديمة مع الولايات المتحدة وإسرائيل التي كانت إبان حكم الشاه إذا ما سنحت الفرصة بذلك خاصة وان إيران تحكم وترسم في العراق ونفوذها اخذ بالازدياد يوما بعد يوم في أفغانستان بالرغم من تواجد الولايات المتحدة الأمريكية في كلتا الدولتين دون أن تسعى ولو إلى الحد من دور إيران هناك مما يجعل الباب مفتوحا أمام خطب الولايات المتحدة الأمريكية لود إيران لترسيخ وجود الأولى في العراق وأفغانستان، وفي هذا السياق لن تخرج إسرائيل عن طوع الولايات المتحدة الأمريكية إذا ما تم ذلك ، لكن في المقابل على سوريا أن تجتهد قبل فوات الوقت و قبل خطب الولايات المتحدة الأمريكية لود إيران في استغلال الدور الإيراني تماما وبنفس القوة التي تستغله إسرائيل من خلال طرحها لهذه الشروط المسبقة خاصة في هذه المرحلة وعدم التخلي عن علاقاتها مع إيران ولكن إن كانت لا بد فاعلة فليكن هذا التخلي بعد اخذ الضمانات الدولية اللازمة لحفظ حقوقها في أرضها مع أن احتمال قبول إسرائيل التنازل عن هذا الشرط المسبق لربما بفعل ضغط الولايات المتحدة ليشكل هذا التنازل أحد وسائل خطب ود إيران لكي تساعد الولايات المتحدة على فرض الأمن في العراق على الأقل خاصة بعد أن ثبت أن إيران تمول بعض الميليشيات الشيعية المسلحة هناك وحينها ستقبل إسرائيل بالتنازل عن هذا الشرط لترضي أمريكا لكن مقابل شرط أخر يتمثل في تأجير هضبة الجولان كلها أو أجزاء مختارة منها لإسرائيل حيث بدأت إسرائيل تسوغ لهذا الأمر من الآن أي " قبل الحجة بمرحلة" حيت أظهرت استطلاعات الرأي في إسرائيل التي نشرت مؤخرا أن ثلثي الشعب الإسرائيلي تقريبا لا يوافقون على انسحاب إسرائيل من الجولان بشكل كلي مما يؤكد ورود احتمال إمكانية تأجير الجولان خاصة وان هناك تجربتان عربيتان سابقتان في هذا المجال فقد أعيدت الأراضي المصرية والأردنية إلى مصر والأردن بشكل صوري حيث لا تزال شبه جزيرة سيناء المصرية خالية من القوات العسكرية المصرية إلا بعض الجنود الذي يحذر عليهم حمل السلاح الثقيل بالرغم من مرور ما يزيد على عقدين على اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية بينما لا تزال بعض الأراضي الأردنية محتلة حيث حُول هذا الاحتلال بموجب اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية هذه الأراضي من محتلة إلى مستأجرة فما المانع من حدوث ذلك بالنسبة للجولان ما دام على رأي إخوة يوسف عليه السلام " ان يسرق فقد سرق أخ له من قبل" إن حدوث ذلك محتمل جدا لكنه يبقى منوطا بحقيقة النية الإسرائيلية التي تقف وراء هذه المفاوضات والتي يخشى أن تكن مجرد لفت نظر عن التحقيقات التي يواجهها اولمرت بتهم قضايا فساد حاله في ذلك حال غيره من عليِة قومه وان اختلفت التهم ومما يشكك في هذه النية هو اعتراض وزيرة خارجية إسرائيل ووزير دفاعها شركاء اولمرت في الائتلاف الحكومي على المفاوضات حيث إن صح افتراض تأجير هضبة الجولان ستحول هذه النية دون رجوع الجولان ولو بصورة صورية في ظل غياب القوة التي من شأنها أن تنزع الحق انتزاعا.