رياض سيف وطلال أبو دان.. عودة ميمونة

افتتاحية النداء:

الأمانة العامة لإعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي

بين الثامن والعشرين والثلاثين من الشهر الجاري تموز 2010 ، يصل الطور الأول من الحملة السياسية والأمنية والقضائية ، التي أطلقتها السلطات السورية ضد إعلان دمشق ، إثر انعقاد مجلسه الوطني أواخر 2007 ، إلى بعض خواتيمه . فقد خرج من السجن الأستاذ رياض سيف رئيس الأمانة العامة للإعلان ، وننتظر في الساعات القليلة القادمة خروج الفنان

طلال أبو دان عضو المجلس الوطني بعد انقضاء مدة الحكم مثل القادة الآخرين الذين سبقوهما إلى الحرية بأيام معدودات ، ومنهم محمد حجي درويش ومروان العش عضوا المجلس الوطني . وبهذا الخروج يطوى ملف معتقلي إعلان دمشق ، في حين يبقى ملف سجناء الرأي والمعتقلين السياسيين في سورية مفتوحاً على مصراعيه وجاهزاً كل لحظة لتغييب المعارضين السياسيين وأصحاب الرأي الآخر ونشطاء حقوق الإنسان ، وخاصة من المواطنين الكرد وأولئك الذين ينتمون إلى التيار الإسلامي .

عامان ونصف العام أمضاها خلف القضبان رياض سيف وفداء الحوراني وباقة من قادة الإعلان ونشطائه ، كانت ظروف اعتقالهم وسجنهم وإطلاق سراحهم بالغة القسوة ، وتستدعي الاستهجان والاستنكار . وتبقى أعمال الاضطهاد والتنكيل ومحاولات كسر إرادتهم والنيل من كرامتهم أوسمة عز وفخار على صدورهم ، تشير إلى سيرهم بالاتجاه الصحيح ، وتحكي قصة نضالهم العالية وقدرتهم على التضحية ، وتمسكهم بمشروعهم الوطني من أجل شعبهم وقضاياه . وتشهد في الوقت نفسه على بقاء القديم على قدمه ، واستمرار نظام الاستبداد على نهجه الشمولي وممارساته القمعية ، رغم كل الضجيج الإعلامي والسياسي المعلن عن ” الإصلاح والتطوير ” وعن ” التحديث ” والوطن والمواطنية .

تتمثل أبشع فصول هذه الدراما المؤلمة بوضع السجناء السياسيين في سجن قضائي ، وتوزيعهم على مهاجع السجناء الجنائيين سعياً وراء إذلالهم ومضاعفة معاناتهم داخل السجن . مثلما تتمثل بتسخير القضاء السوري ومؤسساته ، ليصبح مطية لأغراض سلطوية هدفها القمع السافر والتنكيل ، ويخرج عندها عن مسار الاستقلالية والعدالة المفترضين . تشهد على ذلك رزمة التهم الجاهزة للجميع وإجراءات المحكمة وقراراتها وأحكامها . ويدرك القاصي والداني أن استهداف تلك الباقة من السجناء لم يكن شخصياً – رغم أهمية مهامهم وأدوارهم ونشاطهم – إنما كان الاستهداف موجهاً ضد إعلان دمشق كمشروع وطني للتغيير الديمقراطي ، أجمعت عليه معظم القوى الفاعلة في المجتمع السوري ، وتلاقى مع طموحات وأحلام العديد من الشخصيات الوطنية والنخب الثقافية والسياسية والاقتصادية ، يعمل على حشد الطاقات من أجل انتقال سلمي ومتدرج وآمن لبلادنا من نظام الاستبداد والدولة الأمنية إلى النظام الديمقراطي والدولة السياسية .

هكذا، وبعد اكتمال خروج رجالات الإعلان من السجن ، يتجاوز الإعلان مرحلة صعبة وحساسة ومعقدة، كانت له بمثابة محنة وامتحان . استعملت فيها جميع الوسائل المشروعة وغير المشروعة في محاولة إضعافه وإجهاضه وكبح اندفاعته في قلب المجتمع ، وتشويه سمعته . لكنه أثبت قدرة على الصمود والاستمرار ، بفضل رجاله المخلصين داخل السجن وخارجه ، الذين خرجوا من الامتحان وأخرجوا مشروعهم للمعارضة الوطنية الديمقراطية بأقل الخسائر .

وإذا خرج سجناء الإعلان من قفص القمع والاستبداد ، فمازال فيه الآلاف المؤلفة من السوريين على اختلاف انتماءاتهم واتجاهاتهم . وتبقى قضيتهم وقضية الحريات العامة وحقوق الإنسان على رأس أولوياتنا باستمرار . وما لم تخرج بلادنا من هذا الكابوس الطويل المستمر منذ نصف قرن تقريباً ، ألا وهو الاعتقال السياسي الكيفي وكبح الحياة العامة وقمع الحريات بغطاء قانون الطوارىء ، لن تستطيع أن تبني مستقبلها وتحقق وحدة وطنية حقيقية صلبة ومتماسكة في وجه الأعداء ، وتنمية فعلية شاملة لكل بنى المجتمع وفعالياته على قاعدة الحرية والمنافسة ، وبناء دولة مدنية عصرية وعادلة ، تمثلها دولة القانون والمؤسسات . لأن حرية المواطن هي جوهر حرية الوطن والبوابة المفضية إليه .

فتحية للذين صمدوا في وجه القهر ، وهم عزل إلا من آرائهم ومواقفهم الشجاعة وكرامتهم الوطنية .

وتحية لكل الذين ثبتوا في الإعلان ومعه على اختلاف مواقعهم وتباين إسهاماتهم ، وساعدوا على تجاوز المحنة .

وتحية لنشطاء حقوق الإنسان من جمعيات ولجان وأشخاص في وطننا وعلى امتداد العالم، على ما بذلوه من جهد في الدفاع عن قضايا الحرية وحقوق الإنسان في سورية , ونخص بالذكر جهودهم المميزة لدعم سجناء الإعلان .

وكل التحية لأبناء شعبنا الطيبين المخلصين ، الذين محضونا ثقة ودعماً وتضامناً ، نعد بأن نكون مستحقين له ، ونبقى عند حسن ظنهم ، ونستمر . . .

عاشت سورية حرة وديمقراطية .