قالوا ولم نقل

قالوا ولم نقل

عن مؤتمر قمة دمشق العربية

محمد هيثم عياش

[email protected]

 أجمعت آراء اولئك الذين شاركوا كمراقبين لمؤتمر الزعماء العرب الذي عقدوه في العاصمة السورية دمشق يومي السبت والاحد من 29و 30 آذار/مارس المنصرم  بأنه اجتماع فاشل وعبارة عن ضحكات تبادلت من خلاله النكات كما تبين خلال الاجتماع عمق الفجوة في السياسة العربية اذ فشل الزعماء العرب الذين شاركوا في ذلك المؤتمر التوصل الى حل أزمة الرئاسة اللبنانية  كما ان المؤتمر كان فاشلا قبل انعقاده لغياب زعماء دولتين هامتين في الجامعة العربية ، اذ أكد الدبلوماسي الالماني ميشائيل ليندنر الذي كان مراقبا للمؤتمر من قبل وزارة الخارجية الالمانية غياب عاهل السعودية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ومعه الرئيس المصري حسني مبارك عن تلك القمة بمثابة ضربة موجعة للسياسة العربية التي فشلت إخراج لبنان من ازمته السياسية كما فشل العرب بإقناع أطراف النزاع اللبناني إنهاء خلافاتهم فالقوى المعارضة لسوريا مدعومة من الغرب وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الامريكية  وبتضامن من السعودية ومصر فالسعودية عاتبة على سوريا  لانها لا تمارس أي ضغوط سياسية على مؤيديها لانهاء الازمة اللبنانية ، والقوى المؤيدة لسوريا مدعومة من ايران وروسيا أيضا التي ترى بأن أنهاء  الازمة اللبنانية مرتبطة باتفاق الاطراف السياسية في ذلك البلد ،  مضيفا ان عدم توصل الزعماء العرب الى سياسة حازمة لانهاء الوضع السياسي في لبنان والعمل على إعادة الهدوء الى العراق اضافة الى مشاكل سياسية أخرى أثبت بأن جامعة الدول العربية ضعيفة وغير قادرة دبلوماسيا على إنهاء الخلاف العربي العربي وان قمة دمشق تعتبر بمثابة خطوات رئيسية نحو إلغاء هذه الجامعة خلال سنوات قليلة مؤكدا أنه لمس خلال وجوده في دمشق ومن خلال لقاءات عابرة مع ممثل المملكة العربية السعودية في ذلك المؤتمر السفير احمد القطان رفض الرياض عزل دمشق دوليا وعربيا مؤكدا له حرص السعودية على التضامن العربي وعدم حضور الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود المؤتمر لا يعتبر مقاطعة السعودية له . وحول المبادرة العربية للمصالحة مع الصهاينة جراء قبول الكيان الصهيوني مبادرة العرب رأى عضو شئون السياسة الخارجية في البرلمان الالماني فولفجانغ  نيسكوفيتش بأن الدولة العبرية اضاعت على نفسها فرصا كثيرة لاعتراف العرب بذلك الكيان الا أنه عزا رفض الصهاينة للمبادرة العربية يعود الى ان الانسحاب من الجولان والقدس الشرقية وغيرها من المناطق التي تم احتلالها عام 1967 سيرغم مئات الآلاف من المستوطنين الصهاينة بالعودة الى أوطانهم الاصلية التي جاؤا منها ويجب على الدول العربية والكيان الصهيوني وضع اقتراحات تنهي الاستيطان والاحتلال على حد سواء ، واعتبر هذا السياسي / الشيوعي/ تحذيرات الزعيم الليبي معمر القذافي  الزعماء الدول العربية بأنهم سيلقون مصير صدام حسين  بصداقتهم مع الولايات المتحدة الامريكية اذ كان الرئيس العراقي السابق صديقا لامريكا بأنها جدية الا أنه أوضح بأن الزعيم المذكور رجل متناقض الافكار فهو قد ارتمى نهائيا بأحضان واشنطن  ولا يملك سياسة واضحة ينتهجها في بلاده وعلى الزعماء العرب اذا ما أرادوا انتهاج سياسة قوية تخدم مصالح الدول العربية العمل على التضامن والمصالحة فيما بينهم مؤكدا بأن مؤتمر دمشق كان مؤتمر الخلاف العربي العربي  وخطوة نحو انهيار الجامعة العربية على حد رايهما من خلال مقابلة مع صاحب / هذا التقرير / .

هذا  رأي مراقبو تلك القمة من الاوروبيين إضافة الى آراء المعارضة السورية ، ولعلكم تابعتم آراء هؤلاء المعارضة وشماتة معارضو دمشق من اللبنانيين من فشل التي يقال عنها بأنها قمة ، وأنا لا يهمني شماتة اللبنانيين فزعماء تلك الدولة لم يكونوا منذ تاريخ بلدهم الحديث قبيل وبعيد انهيار دولة الخلافة الاسلامية  العثمانية  عندهم ولاء للبنان فزعمء السنة منقسمون على انفسهم منهم من يؤيد سوريا وغيرها ومنهم من يؤيد مصر والموارنة ينظر اكثرهم الى فرنسا بأنها والدتهم / أمهم الحنونة / ومنهم من ينظر الى بريطانيا بأنها منقذتهم والدروز لهم تاريخ مخز ورسالة زعمائهم الى الملكة فيكتوريا /البريطانية / لا تزال موجودة في وثائق التاريخ السياسي للبنان والشيعة معروفون بولائهم لإيران والقرامطة  / النصيريين / الذين يحكمون الشعب السوري بيد من حديد ويبذلون جهودهم للقضاء  على الاسلام في ذلك البلد . ولكننا نريد أن نبدي رأينا حول الفرق بين القمم العربية وقمم زعماء الاتحاد الاروبي ، فدول الاتحاد الاروبي التي يصل عددها الى 27 دولة مع 22 لغة / المانيا والنمسا يتكلمون لغة واحدة  وبلجيكا لغتها الرسمية فرنسية /  يسود بينهم خلاف عميق في جميع أصعدة السياسة ومن يتابع آراء الزعماء الاوروبيين يعتقد بأن الاتحاد الاروبي على وشك الانهيار الا أنهم يجتمعون في مؤتمراتها الدورية التي تعقد كل ثلاثة أشهر في بروكسل  ولا يغيب عن المؤتمر أحد من زعماء ذلك الاتحاد كما لا يضع أحدهم شرطا من أجل حضوره المؤتمر مثل الزعماء العرب الـ 25 الذين يتكلمون لغة واحدة فما من مؤتمر قمة عربي الا ويسوده خلاف حول المشاركة ولو لأسباب تافهة بل ان العداوة والبغضاء تسودهم ولم يخرجوا من مؤتمر عقدوه وهم متفقون كما لم يقوموا بتنفيذ اتفاقية عقدوها ، فاتفاقيات الدفاع العربي لم تر النور الا مرة واحدة وهي في الحرب التي وقعت عام 1973 اذ شاركت الدول العربية بتلك الحرب كما شاركت هذه الدول بتحرير الكويت من العراق الا أنها لم تشارك في الدفاع عن العراق عنداما اجتاحته القوات الامريكية والموالين لها عام 2003 ووقوعه تحت الاحتلال كما أمر الطاغية الكبير حافظ أسد عندما كان جيشه البطل في لبنان بعدم التصدي لقوات الجيش الصهيوني الذي اجتاح لبنان من اقصاه الى اقصاه بداية الثمانينات واكتفت الدول العربية الاخرى بالحوقلة والرجعة ، علما أن العلماء أجمعوا بأنه اذا ما احتل العدو بقعة صغيرة من بلد اسلامي فالجهاد فرض عين وليس بكفاية ، وومع ذلك فان اللوم عدم حضور رمز وحدة السياسة العربية والاسلامية خادم الحرمين الشريفين  الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود  مؤتمر دمشق الاخير يعود الى سياسة النظام السوري ، هذا النظام الذي يعتبر وراء جميع المآسي التي يعاني منها الشعبين السوري واللبناني نظام صبياني يفتقد حكمة الكبار يمارس إبراز عضلاته أمام زعماء الدول العربية الاخرى ويهدد الصهاينة بحرب مخزية الا أنه عندما قامت الطائرات الصهيونية بالتحليف فوق الاجواء السورية وقصف احد المواقع العسكرية اختبأ في أحد جحوره وكان عند الهزيمة اسرع من الغزال . صدقوننا انه لا فائدة من المؤتمرات العربية التي تعقد فهي لم تحرر فلسطين ولن تنهي أي أزمة سياسية تعاني دولة  عربية منها ، الا أن الطامة الكبرى استعدادهم في تلك القمة الصلح مع الصهاينة اذا ما وافقت على شروطهم الانسحاب الى حدود ما قبل حرب الخامس من حزيران عام 1967 الا أنهم لم يسالوا زعماء الافساد في الارض اذا كانوا يريدون صلحا معهم . هل تعلمون لماذا فشلت القمم العربية التي عقدت منذ قيام ما يطلق عليه الجامعة العربية ؟ لأنهم لم يجعلوا الاسلام نصب أعينهم كأساس رئيسي للعزة والكرامة .