ملخص تقرير السيد «صموئيل سلفرستون»
سري سمور/ جنين ـ فلسطين المحتلة
السادة والسيدات الكرام المحترمين....
بعد السلام والتحية يسرني ويطيب لي أن أضع بين أيديكم هذا الجهد المتواضع المتمثل بملخص عام ومجمل لتقرير السيد صموئيل سلفرستون(Samuel Silverstone) رئيس لجنة التحقيق الدولية حول الجريمة النكراء التي ارتكبتها قوات الكوماندوز البحري الإسرائيلي بحق ركاب سفن أسطول الحرية فجر يوم الإثنين الحادي والثلاثين من أيار/مايو عام ألفين وعشرة للميلاد.
وقد شكِّلت لجنة تحقيق دولية لبحث هذه الجريمة بعد أخذ ورد ومد وجزر ومداولات وتحركات واسعة استمرت فترة طويلة؛ذلك أن الجانب الإسرائيلي،مثلما نعلم، كان يرفض قطعيا فكرة لجنة التحقيق الدولية من أساسها،إلا أنه وبعد ضغط شديد وافق على الفكرة،وقد تدخل الرئيس الأمريكي السيد باراك حسين أوباما شخصيا وطلب من حكومة الاحتلال التعاطي مع لجنة سلفرستون،فوافقت تل أبيب على مضض،وشهدت الساحة الداخلية هناك جدلا كبيرا حول هذا الأمر بين مختلف المواقف للأحزاب والكتل وطبعا المؤسسة العسكرية والأمنية.
صموئيل إدوارد سلفرستون الحائز على العديد من الجوائز الدولية التقديرية،والمرشح لجائزة نوبل ،وما لا يقل عن عشرة أوسمة رفيعة،وهو علاّمة في القانون الدولي والإنساني ،وله باع طويل في صياغة الكثير من القوانين الإنسانية ومدونات حقوق الإنسان في العالم ،وقد كان له دور بارز في التحقيق في جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان في مناطق عدة من العالم كالبلقان وراوندا ونيجيريا وسيريلانكا.
وبعد جولات لم تهدأ لشهور ونشاط دءوب للسيد سلفرستون وطاقمه وجنوده المجهولين من الفنيين والمساعدين والسكرتاريا الذين تنقلوا من الولايات المتحدة ،حيث أن أحد الشهداء الأتراك يحمل جنسيتها، وتركيا وفلسطين ومصر والجزائر والكويت وقبرص واليونان وغيرها من البلدان،والتقوا خلالها كل من شارك في الأسطول بارتياد السفن أو التجهيز أو التمويل أو النشاط الإعلامي والشعبي ،وجلس معهم جلسات استجواب واستماع مطولة ،إلا أن اللجنة وبسبب التعنت الإسرائيلي المعلوم والمتوقع ،لم تتمكن من لقاء الجنود الذين نفذوا عملية القرصنة ،رغم أن السيد سلفرستون طلب وبشكل رسمي و صريح لقاء الجندي الذي اقر بقتل ستة من الشهداء الأتراك،إلا أن طلبه رفض مرارا وتكرارا ،ولكن بعد ضغطه وإلحاحه التقى بالجندي لمدة خمس دقائق فقط وتفاخر الجندي بما فعل وقال بأنه كان ينفذ الأوامر ويرى بأن واجبه الديني والقومي هو حماية أمن إسرائيل،كما جاء في تقرير سلفرستون ،واكتفت الحكومة الإسرائيلية بإرسال مندوبين عن وزارة الدفاع وسلاح البحرية للجلوس مع لجنة سلفرستون ،وطلب السيد سلفرستون حضور مندوب عن سلاح الجو-قسم المروحيات فحضر بعد مماطلة وتسويف كالمعتاد.
بعد كل هذه اللقاءات والاستجوابات والاجتماعات وجمع الكثير من الوثائق والأقراص المدمجة أصدر السيد صموئيل سلفرستون تقريره الذي جاء في سبعة آلاف صفحة(7000 ص) فقط لا غير تمهيدا لاستكمال الإجراءات القانونية بخصوصه ،وقد أطلق السيد سلفرستون وبتمويل من الأمم المتحدة موقعا على شبكة الإنترنت بعدة لغات منها(إضافة للعربية والعبرية والتركية) الإنجليزية والفرنسية واليونانية والنرويجية والسويدية وأتاح الموقع للمتصفحين تحميل التقرير مجانا بصيغة(PDF) باللغة التي يرغب بها الزائر أو المتصفح ،كما أن الموقع يتيح استقبال استفسارات المتصفحين والباحثين ،ويجيب عليها بشكل دوري ،ويخصص السيد سلفرستون أو نائبه أو أحد مساعديه يوما في كل شهر للتفاعل والنقاش وإجابة التساؤلات بشكل مباشر(onlinee) ،وعنوان الموقع على شبكة الإنترنت لمن يرغب بزيارته هو:-
أما أنا فإنني أحتسب جهدي في قراءة وتلخيص هذا التقرير عند الله تعالى ،وأعلم أن الكثير من الأساتذة المحترمين في كليات وأقسام العلوم السياسية والقانون والآداب في عدة جامعات فلسطينية وعربية وغيرها قاموا بعمل ملخص للتقرير،ولكن أقل ملخص مكون من 150 صفحة ،وليس كل الناس لديهم الوقت الكافي لقراءة مادة بهذا العدد من الصفحات،أما أنا فإنني أضع بين أيديكم الكريمة خيوط التقرير العريضة على النحو التالي:-
أولا: يشير التقرير إلى أن أسطول الحرية كان يحمل مساعدات إنسانية لا علاقة لها بأي شيء يمس أمن إسرائيل ،فالسفن حملت أغذية وأدوية ومواد بناء وألعاب أطفال وكراسي متحركة وكهربائية للمعاقين،ويوضح التقرير أن بعضا من حمولة السفن تسمح إسرائيل بدخولها عبر المعابر التجارية فيما لا تسمح ببعض آخر كمواد البناء إلا بكميات قليلة لدواع أمنية يسهب التقرير في شرحها وتفصيلها،كما تطرحها أجهزة الأمن الإسرائيلية.
ثانيا: ركاب سفن أسطول الحرية هم من المدنيين ومن مختلف الجنسيات والديانات والثقافات ومنهم الشيخ المسلم والراهب المسيحي ،ومنهم البرلماني والفنان والصحفي ،ومنهم الرجل ومنهم المرأة.ولم يكونوا يحملون أي سلاح،ولم يوجد أي دليل أو قرينة على أن لهم نوايا بإلحاق الضرر بأمن إسرائيل،لكن بعضهم ردد هتافات معادية للسامية وذات طابع عنصري،مما تسبب في ازدياد مخاوف إسرائيل وشكوكها في نوايا هؤلاء الركاب القادمين إلى غزة عبر البحر المتوسط.
ثالثا: دوافع هؤلاء بشكل عام كانت محاولة لكسر الحصار عن قطاع غزة ،وقد تبين للجنة التحقيق بأن الحصار الإسرائيلي للقطاع شديد وقاس إلى حد كبير،صحيح بأن سكان القطاع لا يعانون من المجاعة عموما ،إلا أن هناك نقصا في الكثير من المواد الضرورية للحياة العادية،كما أن الحصار أدى إلى ارتفاع حاد في نسبة البطالة ،وتسبب بأضرار اجتماعية جسيمة ،وبشكل خاص توجد أزمة ونقص في مواد البناء الضرورية لإعادة إعمار وترميم ما دُمّر أثناء حرب الكوانين 2008/2009م التي تسببت في تدمير آلاف البيوت والمدارس والمستشفيات والمنشآت والبنى التحتية والمرافق كليا أو جزئيا ،كما توجد قيود إسرائيلية مشددة على السماح بإدخال القرطاسية واللوازم المدرسية ،ومظاهر وآثار وانعكاسات الحصار واضحة على مختلف جوانب الحياة وعلى سلوك وتعامل الناس في القطاع الذي تجولت فيه اللجنة كثيرا وجلست مع مختلف فئات سكانه التي أجمعت على أن الحصار شديد وقاس ،بل إن أهالي القطاع وصفوا للجنة سلفرستون الحصار بالظالم!
رابعا: لقد تحركت السفن بلا تنسيق مع الجانب الإسرائيلي الذي يعتبر أمن سواحل البحر المتوسط ضمن حدوده من اختصاصه ،ويضيف لها مسافات عميقة في المياه يعتبرها ضمن حزامه الأمني الخاص ،ورغم تحذيرات الإسرائيليين المعلنة والصريحة بأنه لن يسمح بوصول السفن إلى شواطئ القطاع ،واصلت السفن رحلتها ولم يعر القائمون على الرحلة ولا روّاد السفن اهتماما لتحذيرات الحكومة الإسرائيلية.
خامسا:
سادسا:يدين التقرير بشكل شبه واضح وصريح إسرائيل لاستخدامها المفرط للقوة ويقول بأنه كان بالإمكان السيطرة على السفن خاصة السفينة «مافي مرمرة» دون المساس بأرواح الركاب ،مثلما حصل لاحقا مع السفينة الأيرلندية راشيل كوري ،ويشير التقرير إلى قيام بعض ركاب السفينة التركية بضرب جنود الكوماندوز البحري الإسرائيلي ،إلا أنه يستدرك بأن استخدام الذخيرة الحية ضدهم أمر لا مبرر له،ويتحدث التقرير عن الشهداء الأتراك مع إرفاق صور لهم ونبذة عن سيرهم الذاتية.
سابعا::يتحدث التقرير عن قناعة تامة بضرورة مراعاة مصالح ومخاوف إسرائيل الأمنية لا سيما من جهة البحر بما لا يؤثر على الوضع الإنساني والمعيشي لسكان قطاع غزة،ويخصص التقرير فصلا كاملا ومطولا عن تهريب وتصنيع الصواريخ الفلسطينية ،ويتحدث بإسهاب عن مخاوف إسرائيل من تهريب مواد تستخدم في صناعة الصواريخ أو حتى نشطاء لهم خبرة في هذا المجال ينقلونها إلى نظرائهم في غزة.
ثامنا:يوصي التقرير بضرورة إيجاد حل جذري لحصار قطاع غزة ،وضرورة إدخال المواد المختلفة لسكانه،بما لا يتعارض مع أمن إسرائيل، ،وينصح التقرير بتعاون كافة دول حوض البحر الأبيض المتوسط في هذا الجهد ،كما يحض التقرير على السماح لسكان القطاع بالسفر عبر البحر شريطة وجود التنسيقات اللازمة مع الإسرائيليين.
تاسعا: يوصي التقرير وينصح الراغبين في القدوم بحرا إلى قطاع غزة من متضامنين و سياسيين وبرلمانيين وفنانين ونقابيين أو غيرهم بتجنب لغة تحدي إسرائيل ،وأن ينسقوا معها عبر سفاراتها وقنصلياتها في الخارج،بشكل مباشر أو من خلال دولهم أو مؤسساتهم،كي يتجنبوا تكرار ما حدث،ويحض إسرائيل على الموازنة بين إجراءاتها ومخاوفها الأمنية وحرية المتضامنين في الوصول على غزة،ويشدد التقرير هنا على حق إسرائيل في الدفاع عن أمنها.
عاشرا:يرى التقرير أنه يتوجب إيجاد صيغة لتشغيل معبر رفح بشكل دائم لذا فهي تحض كل الأطراف المعنية على العمل الجاد للتوافق على صيغة لتحقيق هذا الأمر بالسرعة الممكنة،وتشير إلى أنها تلقت إشارات إيجابية من كافة الأطراف المعنية بالموضوع،كما يوصي إسرائيل بفتح المعابر التجارية لفترات أطول من الحالية وزيادة كمية ونوعية السلع المسموح بدخولها إلى القطاع.
تلك عشرة من النقاط والخطوط العريضة التي تلخص أبرز ما جاء في تقرير البروفسور صموئيل سلفرستون،والتي آمل أن أكون قد وفقت في نقلها وتلخيصها لكم،وكما تعلمون أيها السادة والسيدات فإن إسرائيل أعربت عن غضبها واستيائها مما جاء في هذا التقرير الذي أهمل حاجاتها الأمنية،ولم يعتبر أن ركاب السفن هم إما من الإرهابيين أو من المتعاطفين معهم،ولم ينص على أنهم متسللين غير شرعيين،وبناء على ذلك أعلنت الحكومة الإسرائيلية رسميا رفضها لهذا التقرير جملة وتفصيلا،وبأنها لن تعترف بأي تفاعلات أو نتائج تنبثق عنه لاحقا.
وإلى اللقاء في ملخص التقرير القادم حول جريمة إسرائيلية جديدة.
أستودعكم الله....والسلام ختام
التاريخ:يوم/شهر/سنة ألفين وخشبة.
التوقيع
أخوكم المحب لكم
فلسطيني زهقان تعبان قرفان من أيام لجنة بيل والكتاب الأبيض وحتى الآن