لا خير في مواطن يدفع ضرائب لدولة تحاربه

في رزقه وقوت أطفاله

د. غالب الفريجات

شبكة البصرة

الدولة ليست جابي تقوم باكراه الناس على دفع الضرائب، بدون ان يشعر المواطن باثر لهذه الضرائب، مقابل عرق وكد وتعب المواطنين، الذين يكرهون على دفع ضرائب، لا تعود عليهم بالنفع او الفائدة، زيادة عما يدفعوه مقابل أي خدمة تقدم لهم.

دول العالم الثالث والاردن في مقدمتها، اهلكت المواطنين بانواع الضرائب وتعددها، حتى اصبح المواطن يئن من العبء الضريبي، في مقابل خدمات متدنية، وتزداد تدنيا، واصحابها او المسؤولين عنها يتلكأون في تلبية الخلل او العطل، الذي يعتريها، والسبب وراء كل ذلك، يكمن في تحالف فئات التجار والمستغلين والرأسماليين، ووحوش الفساد وعبث المفسدين، تحت سمع وبصر الدولة واجهزتها، و بدون تحريك أي ساكن، فاصبح الاردن من اكثر دول العالم غلاء، وهو من دول هذا الكون الفقير باستخدامه لطاقاته المادية والبشرية، على الرغم من امكانية استغلال موارده، والاستفادة من نوعية ابنائه، الذين يواصلون الليل بالنهار، من اجل لقمة العيش المغموسة بالقهر، واجرة المسكن التي تأكل جل ما يجنيه، وسيف تعليم الابناء، وغول زيارات الاطباء والمستشفيات، فالاردن الذي يفخر بافضل ما لديه من انجازات، في مجالي التعليم والصحة، انقلبت عليه من نعمة الى نقمة، لانه يئن تحت سياط الكلفة فيهما، بحيث انه غير قادر على مواصلة فواتير التعليم لابنائه، وخاصة الجامعي، وفواتير الزيارات الطبية، اذا كان قد حباه الله بعدد من الابناء، وامتحنه بمرض من الامراض.

تطل علينا الحكومة الاردنية بضريبة من نوع جديد، ضريبة دينار على كل تلفون ارضي او خلوي لصالح الجامعات الحكومية، على الرغم ان هذه الجامعات تمتاز بكلفة عالية، ولا يستطيع كل مواطن ان يوفر مقعدا جامعيا لابنه او ابنته فيها، فلماذا يطلب من الفقير ان يدفع لجامعات تدرس ابناء الاغنياء؟، ولماذا يدفع الفقير لرفاهية رئيس الجامعة والعاملين فيها؟، اعطني خدمة واقدم لك ضريبة، تحرمني من الخدمة، فانت تسرق مني قوت اطفالي تحت مسمى ضريبة.

كمواطن ممنوع علي العمل في الدولة، على الرغم ان راتبي التقاعدي يتوقف على اعادة تعييني ليوم واحد فقط، والتقاعد هو مكافأة للموظف جراء سنوات خدمته، وليس منّة من هذه الجهة او تلك، ولان أي تعيين لا يتم الا بموافقة جهاز المخابرات العامة، فالدائرة دائما لي بالمرصاد، لاسباب سياسية احارب في رزقي وقوت اطفالي منذ خمسة عشر عاما، وانا لم اركب دبابة انقلابية، ولم اقعد وراء مدفع، ولم استخدم سلاحا خفيفا باتجاه أي انسان، حتى ولم الق حجرا في الشارع، وفيما يتعلق بالجامعات، لدي ما يقرب من عشرين تعيين في الجامعات الحكومية والخاصة، وفي كل مرة يختفي هذا التعيين بالرفض السري، فماهو المبرر لان ادفع انا وعائلتي اي ضريبة؟، وفيما يتعلق بضريبة التلفون للجامعات الحكومية، التي تدفع فيها ابنتي ثمنا باهضا للتعلم فيها، في الوقت الذي احرم من العمل في هذه الجامعات، على الرغم ان كفاءتي وانتاجي العلمي افضل من الكثيرين ممن يعمل في هذه الجامعات.

ضريبة التلفون للجامعات الحكومية ليست مبررة على الاطلاق، فالجامعة التي يمضي على تأسيسها عشر سنوات، ولا تستطيع ان تمول نفسها تغلق ابوابها، خاصة وان التعليم في الجامعات الحكومية لا يرتقي عما هو في الجامعات الخاصة، ولا يجوز ان تعيش هكذا جامعات على حساب جيوب المواطنين، ولا يجوز لدولة تحارب مواطنا في رزقه وقوت اطفاله، ان تجبره على دفع ضريبة لمؤسساتها، التي يمنع عليه العمل فيها، وفي المناسبة فان مخرجات التعليم الجامعي في الجامعات عامة الحكومية والخاصة، ليست في المستوى المطلوب، وحتى للذين يتشدقون بانهم المنبع والمصب للجامعات الاردنية، مما يقتضي تشخيص واقع التعليم العالي ومعالجة الخلل الذي يعتريه، والجامعات الحكومية هي مسؤولية الدولة، التي تقوم بتعيين رؤساء لها، في كثير من الحالات لا تحكمها الكفاءة، فبعض منهم السنتهم اطول من قاماتهم، وهم جبناء في اتخاذ القرار وصناعته، وآخرون لا يجيدون غير التملق والكذب، واعضاء هيئة تدريس لا يمكن تعيين أي منهم، بدون موافقة دائرة المخابرات العامة، والتي تمنع أي صاحب رأي او موقف او خلفية سياسية، والمجالس الطلابية يتم انتخاب نصفها، بالاضافة الى تعيين الرؤوساء فيها، والحرم الجامعي ليس صحيا على الاطلاق.

ضريبة الجامعات تؤخذ عنوة من جيوب المواطنين بغير وجه حق مثلها مثل فلس الريف، ورسم التلفزيون، التي اكل الدهر عليها وشرب ومازال المواطن يدفعها، فمن الذي يهتم بالتلفزيون لو تم اغلاقه؟، ولماذا يجبر المواطن على دفع ضريبة له؟، وهو لا يلفت انتباه المواطنين فيما يقدم من مواد اعلامية، واين هو الريف الذي مازالت ضريبته مرصودة في فاتورة الكهرباء؟.

لو دقق كل مواطن في الفواتير التي تصل اليه من ماء وكهرباء وتلفون، لوجد ان نسب الزيادة على اثمان الخدمة المقدمة اليه عالية جدا، تصل احيانا الى (100 %)، والمدقق في خدمات المياه والكهرباء والتلفون، لا يجد أي خدمة تقدم من قبل هذه الجهات على مدار العام، وحتى لاعوام، الاعند زيارة الجابي الذي يلقي بالفاتورة على بوابة البيت، فهي لا تجيد الا رفع سوط الفاتورة في وجه المواطنين.

 

يتداول الناس ان هناك اكثر من عشرين نوع ضريبة يدفعها المواطن الاردني، ولا يقابلها أي نوع من الخدمات، والغريب في الامر ان هذه الضرائب مزمنة، وليست ذات عمر محدد، وقد اصبح الكثير من المواطنين يتمنى ان يمد به العمر، كما هي اعمار هذه الضرائب، التي تقتطع من جيوب المواطنين، والاكثر غرابة ان الدولة هذه تحارب بعض مواطنيها في ارزاقهم وقوت اطفالهم، لاسباب سياسية، على الرغم انها تصرح ليلا ونهارا، ان العمل الحزبي والسياسي مسموح للمواطنين، ويؤكد عدم اقبال المواطنين على المشاركة السياسية، بعدم الثقة في هذه التصريحات.

الدولة الاردنية بكل مؤسساتها تختبء وراء الرجل الاول في الدولة (الملك)، وفي يقيني ان حاجزا بينه وبين الاطلاع على الواقع ومعرفة الحقيقة، لانه لا يعقل ان يرسل مواطنا مظلمته الى جلالة الملك ولا يستجيب لها، لانه يقطع الفيافي والوديان والجبال، ويزور المدن والقرى والارياف، بحثا عن معرفة واقع حياة شعبه، فاذا كان كذلك، فكيف لا يستجيب لمظلمة مواطن يرسل له رسائل عديدة؟، وكيف لا يستجيب كل رؤساء الحكومات لرسائل مواطن يشكو الظلم؟، وهناك العديد من النواب الحاليين والسابقين والوزراء ورجال الدولة، على اطلاع ومعرفة بالمحاولات العديدة والكثيرة، التي يقوم بها مواطن يحارب في رزقه وقوت اطفاله، ويحرم من تقاعده المدني، ويجبر على دفع ضرائب لدولة لا تعبأ به وباحواله واحوال ابنائه، اقولها لا خير في مواطن يدفع ضرائب لدولة، تحاربه في رزقه وقوت اطفاله، ولا خير في مواطنين يقبلون دفع ضرائب، في ظل دولة يعيشون فيها الفقر والبطالة والغلاء الفاحش.