أيها الأسرى ... لستم وحدكم
داعس أبو كشك
تسود الاراضي المحتلة في هذه الايام هبة جماهيرية عارمة غير مسبوقة للتضامن مع الاسرى الذين يخوضون اضرابا عن الطعام في السابع عشر والسابع والعشرين من الشهر الجاري بعدما اضربوا في السابع من الشهر نفسه وذلك احتجاجا على اجراءات سلطات الاحتلال بحقهم ، والتي تشمل التفتيش المفاجئ لغرف الاسرى ومصادرة حاجياتهم الشخصية وحرمانهم من استكمال تعليمهم وعزل عدد منهم في الزنازين واصدار احكام عقابية عليهم ، او قيام سلطات الاحتلال بنقل عدد من الاسرى من معتقل الى اخر ، كل ذلك بهدف تفريغ موقف الاسرى الشجاع من قبل سلطات الاحتلال ، ناهيك عن ما يتعرض له ذوي الاسرى من اذلال واضطهاد وتعسف من تأخير على الحواجز الى تجريدهم من ملابسه من قبل سلطات الاحتلال التي تمارس ابشع الوسائل المنافية لحقوق الانسان وضاربة بعرض الحائط بكل المواثيق والقوانين الدولية ، وهذا يشكل وصمة عار في جبين الانسانية.
وامام هذا الواقع جندت السلطة الوطنية الفلسطينية ومعها المؤسسات الرسمية والشعبية كافة جهودها في تنظيم اوسع حملة اعلامية على كافة المستويات الفلسطينية والعربية والعالمية من اجل تشكيل رأي عام ضاغط على اسرائيل من اجل اطلاق سراح الاسرى الفلسطينيين والتأكيد على البعد السياسي لهذه القضية وانهاء ملف الاسرى.
لقد عمدت اسرائيل منذ احتلالها للاراضي الفلسطينية على اعتقال مئات الالاف من ابناء شعبنا والزج بهم في سجونها لا لذنب اقترفوه بل لأنهم اصحاب حق وقضية ، وقامت سلطات الاحتلال باصدار الاحكام التعسفية ضدهم ، وارادت من خلال ذلك الى اخماد المشاعر الوطنية ، ولكن حساباتها كانت تختلف عن حسابات اصغر طفل فلسطيني تحدّى الجلاد ورسم صورة وطنه الذي يريده وطنا حرا مستقلا ويكون له موقعا تحت الشمس اسوة بشعوب العالم ، ومقابل اجراءات الاحتلال خاضت الحركة الاسيرة نضالا دؤوبا وقدمت عشرات الشهداء من اجل الدفاع عن حقوقها وكرامتها وانسانيتها ، وسجلوا بذلك اروع صفحات النضال في السفر الوطني الفلسطيني.
وفي الوقت الذي نحيي فيه يوم الاسير الفلسطيني فاننا نحني هاماتنا اجلالا واحتراما لنضالاتهم لأنهم ناضلوا من اجل القضية والوطن وكرامة الانسان ، وهذا يستدعي ان يكون التفاعل مع قضية الاسرى تفاعلا دائما لا ان يكون تفاعل مناسبات ينتهي بانتهاء المناسبة ، لان قضية الاسرى هي قضية الوطن لانهم قدموا حياتهم من اجل شعبهم وهذا يتطلب من كل المؤسسات الرسمية والشعبية تنظيم اشكال جديدة لمساندة الاسرى ، لا ان يبقى الامر مقصورا على عدد محدود من ذوي الاسرى الذين يخوضون اعتصاما اسبوعيا امام مقرات الصليب الاحمر لفضح سياسة الاحتلال المتعلقة بالاسرى ، فالاسير هو ابن الشعب و من حقه على الجميع اسناد نضاله لا ان نتركه وحيدا في الميدان ، واذا كان التضامن مع الاسرى قضية نضالية وانسانية وها يفرض علينا القيام بحملة اعلامية شاملة على كافة المستويات والعمل من اجل انجاحها مقدرين عمل وزارة الاسرى ونادي الاسير على جهودها المتواصلة في كشف ممارسات سلطات الاحتلال بحق اسرانا وتجنيد الرأي العام العالمي في الدفاع عن حقوقهم المطلبية.
وامام هذا الواقع فان هؤلاء الاسرى والاسيرات والذين يخوضون معركة الامعاء الخاوية ، فانهم يدقون جدران المعتقلات لتحريك المؤسسات والفعاليات الجماهيرية في سبيل دعم نضالها وصولال الى تحقيق مطالبها ، وهذا يفرض على الشعب الفلسطيني ان يعطي القدوة في التضامن مع اسراه قبل ان نطلب من اي انسان اخر التضامن مع اسرانا ، لأن هؤلاء الاسرى قد ضحوا بحرياتهم من اجل ان ننعم جميعا بالحرية والاستقلال، فان من واجبنا الا نتركهم وذويهم وحيدين في المواجهة ، بل علينا ان ننخرط جميعا في ذلك حاملين شعارا واحدا وهو " ايها الاسرى ... لستم وحدكم ، وسنظل جميعا على قلب واحد في سبيل الحرية لنا ولكم والخلاص من الاحتلال واقامة الولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف " .