السياسة الكويتية تفتح ملفات مجازر النظام السوري

المتواصلة منذ حماة وتدمر وجسر الشغور

إلى حي المشارقة وأخواتها

د. حمود الحطاب

في الساعة الواحدة والعشرين استيقظ أهل حماة على قيامة من الرصاص المخلوط بهدير الدبابات يقول أبو زيد الحموي وهو مواطن سوري من حماة كما اسمه في مقالة له على الإنترنت : لو سألت أي حموي : ماذا يعني لك شهر فبراير? لنظر إليك بكل حسرة وألم, ولرأيت دموعه تكاد تسقط على خديه ولقرأت من خلال وجهه كلمات تخجل من معانيها , ويعبر الحموي عن هذا اليوم الذي قد لا يعرف بعض الناس عنه شيئا وهو يوم شهده العالم بصمت حضاري ديمقراطي مؤسف .وهذا كلامي يقول : هو يوم سقط فيه كل معنى للإنسانية وتحول الصمت الدولي فيه إلى سياسي وتحولت فيه الحكومات والأحزاب إلى شاهد زور, وتحولت فيه الهيئات الإنسانية, والمنظمات الدولية إلى صم بكم عمي. ويضيف المواطن السوري الحموي مفصلا ما حدث:

 إنه في الساعة الواحدة والعشرين استيقظ أهل حماة هذه المدينة الجميلة على قيامة من الرصاص المدوي المخلوط بهدير الدبابات وأصوات الميكروفونات التي تطلب من الناس البقاء في بيوتهم لوجود منع تجول.

  يقول هذا الرجل إن هذا الذي حدث ذكرهم لحظتها بانقلاب البعث السوري العام 73وما فعلوه في حماة من قتل وهدم وتشريد وأحكام بالإعدام وملاحقات وتشريد ويضيف : لقد تداعت الى الذهن في هذه الليلة مجزرة جسر الشغور في 10 /4/ 1980, ومجزرة قرية كنصفرة في مارس 80, ومجزرة سجناء تدمر العام نفسه ومجزرة سوق الأحد في العام نفسه ومجزرة سرمدا والمشارقة بحلب ومجزرة بستان القصر بحلب ومجزرة تدمر النسائية في 9/12 في ذلك العام الذي بدا واضحا أنه عام مشؤوم ولا ذنب للدهر في شؤمه بل الشؤم على وجه من أجرموا في حق البشرية, فلا نعيب زماننا إذ العيب فينا, ولو نطق الزمان لهجانا وهذه إضافة مني.

  ويتذكر الحموي هذا كيف حاصرت دبابات " ت 72 الروسية" المتطورة حماة وليس الجولان, التي أعلن سقوطها عام سبعة وستين قبل أن تسقط واقعا !

  الإذاعة أعلنت سقوط الجولان قبل سقوطها, ولكان أفضل لو أعلنوا بيعها وهذا كلامي وليس كلامه.

  وينسب هذا المواطن السوري ما حدث في هذه القرية أو المدينة الحموية للفرقة الثالثة واللواء 47 بقيادة رفعت الأسد, ولقد استخدمت في تحرير البارودية من حماة أيضا راجمات الصواريخ وطائرات الهليوكوبتر وحدثت مجزرة أعدم فيها ثلاثمائة رجل وألقيت جثثهم في الشوارع , بالضبط هي روح حزب البعث في العراق رغم اختلاف أفئدتهم وقلوبهم بعث يريد بعث الأمة العربية إلى جهنم ,ويتحدث هذا المواطن السوري المعذب نفسيا عن 24 يوما من التنكيل والحصار والمجازر التي ارتكبتها قوات الأمة العربية في سورية ضد مواطنيها , والحجة المعلنة هي :القضاء على جيب للإخوان المسلمين هناك, ليت الإسرائيليين سموا أنفسهم إخوان مسلمين لذاقوا الويل ولتحررت فلسطين.

  هل يكفي هذا ومثله ومثله الكثير لتفسير هروب نصف الشعب السوري إلى خارج سورية أجمل أصقاع العالم ليعيشوا في مستنقعات البرازيل وما شابهها نحو 15 مليون مهاجر تركوا سورية كما تقول إحصائيات وزارة الإغتراب السورية تركوا أرض سورية المباركة وتركوا الجنسية السورية" بعضهم" أو أصبحوا من مزدوجيها في الخارج, ليس هذا الحموي وحيدا في ما يرويه بدقة وتفصيل عما حدث في بلاد الشام التي حكمتها فئة الأقلية العرقية المتطرفة بانقلاب دبابات, ليس هذا الشاهد الوحيد على لطف التعامل البعثي مع شعبه فحادثة سجن سورية الأخيرة شاهد آخر على أساليب التعامل والتفاهم الحضارية ضد هذا الشعب المسلوبة حريته, ولعل مقتل الحريري اللبناني, رئيس وزراء لبنان الأسبق, الذي تشير أصابع الاتهام فيه للنظام البريء في سورية شاهد آخر ,ولعل لبنان العروبة قد ذاقت ويلات احتلال همجي لأراضيها سنوات عجاف, قال لي المرحوم يعقوب الرشيد الذي احتلت القوات السورية منزله في لبنان: إنه عندما زار منزله ليطمئن عليه دبرت له الاستخبارات السورية مقلبا لطيفا في المنزل : إذ وضعوا قنبلة يدوية في مكان ما في المنزل لحظة وجوده فيه, واتهموه بأنه جاء ليفجر هذا الموقع حالا" فقال لهم يا ناس أنا سفير الكويت في بلدان عدة ولست إرهابيا, وهل جئت لأفجر منزلي? فقالوا له ارحل فورا من هنا وإلا...

  مآسي أمة تتخبط في غيها .

  سأكتفي بهذا الحد متناسيا تعذيب السجناء في سجون الحضارة البعثية ومنهم المدعو" مروان حديد" في السبعينات كما أتذكر, وهو من الإخوان فيما يبدو, فنزل وزنه في السجن من نحو مئة وعشرين كيلو غراما إلى أربعين كيلو غراما مات على إثر ذلك!, ريجيم وطني غير صحي يا خفة الدم التي أصبحت توازي إراقة الدم... وإلا شو يا غوار الأمة يا حامي حريتها?

  سأتحدث عن الجالية السورية في الكويت من خلال رؤية بانورامية للحياة في هذا البلد كما هي وكما يصفها بعض أبنائها لنعرف ماذا يوجد في خلجات نفوس السوريين المغتربين في الكويت , والتي ليسوا هم فيها من الغرباء , بل هم أهلها ,وهي بلدهم وهم بين إخوانهم ,ألفين أهلين وسهلين, لنعرف الحزن الدفين في نفوس الواعين منهم وماذا يخبئون في ضمائرهم وسط الضمير السياسي الغائب عن إنسانيته...إلى اللقاء..... ما حكينا شي لهلا.. وشو في ما في?