متى نفكر بعقولنا لا بعواطفنا؟

متى نفكر بعقولنا لا بعواطفنا؟

م. هشام نجار

 اعزائي القراء

هل تذكرون اغنية الفنان الراحل فريد الأطرش والتي يقول فيها : مرة يهنيني ..ومرة يبكيني... ونا  كلمة تجيبني..وكلمة توديني    

هذا هو بالضبط حال الكثير من إخوتنا العرب الذين يبنون آراءهم على ما يملكونه من فائض عاطفي يوظفونه على حساب العقل البشري , فعندما تأخذنا كلمه وتودينا أخرى معنى ذلك اننا اعطينا عقولنا إجازه طويله مع الأسف .العاطفه مطلوبه ولها مجالها ولكن يجب ان لا تطغى على العقل حتى لا يصبح حالنا كحال الراحل فريد الاطرش فيوم تبتسم له حبيبته تبهجهه ويوم تقطب حاجبيها في وجهه تبكيه وتطين عليه عيشته

إخوتي وأخواتي 

الأمر الذي دعاني لكتابة مقالتي هذه هو مناقشات حامية الوسيط جرت على احد المواقع الإلكترونيه, بطل هذه  المناقشات  السيد معمر القذافي رئيس مؤتمر القمه الأخير في سرت الليبيه اما المشاركون في النقاش فهم من الاطباء والمهندسين والاساتذه والصحفيين والادباء والمترجمين ,بإختصار كانوا من كافة مثقفي العالم العربي, ولكن قبل ان ادخل في هذه الواقعه دعوني اتكلم قليلآ عن العقل والعاطفه وتأثيرهما على قراراتنا الهامه 

 إخوتي واخواتي

العاطفه والعقل هما بعض الركائز الإنسانيه التي زرعها الله سبحانه وتعالى     في مكوناتنا ولاغنى عنهما إطلاقآ لحياتنا الا ان نسبة إستخدامهما لدى الامم تختلف من شعب إلى آخر,وأشبه العاطفه بكمية الملح اللازمه لطبخة طعام فهو لازم وضروري ولا يستصاغ الطعام بدونه, ولكن ماذا لو دلقت كيلو غرامآ  واحدآ منه في طبق طعامك  فهل بإستطاعتك ان تستصيغ وجبتك؟ قطعآ لا   فالإكثار من إستخدام الشيئ يفسده 

 لنطرح على انفسنا السؤال التالي: هل نحن شعب عاطفي اكثر من اللازم؟ اجيب بنعم , لماذا؟ لأننا نستخدم كميه من الملح في طعامنا اكثر بكثير مما يحتاجه طعامنا واجسامنا فنفسد شهيتنا ونلحق الضرر بجيبنا 

  لنعد الآن الى ماجرى في هذا الموقع الألكتروني من نقاش مازال حاميآ فلقد إشترك في قراءته  ١٠٠٠ قارئ خلال إسبوع  وعلّق عليه١٠٠  معلق

اعزائي القراء 

الكل يعلم ان العقيد معمر القذافي قاطع كافة مؤتمرات القمه السابقه وبهدل زعماءها وهجر العرب ,ولما وصل الدور عليه دار مائه وثمانين درجه 

 حول نفسه وحوّل مؤتمر القمه إلى منبر إعلامي يدعو له ويبارك وطنيته ويقدس عروبته . وبحركات مسرحيه إستقبل وفدآ عراقيآ مناهضآ للإحتلال وببراعة تمثيليه بدأ بلم التبرعات واصبح فجأة المحافظ على كرامة الأمه.. الورع المؤمن.. الصادق.. الأمين وبين عشية وضحاها وخلال يومين فقط تحول قسم من هؤلاء المثقفين الى تقديس العقيد كأنه الرجل المنقذ للأمه . كنت اعزائي اتابع هذا الجدال الحامي من بعيد الا ان النقاش بدأ يأخذ مجرىً سوقيآ لتتدخل إحدى النساء الليبيات المقربات من القذافي على حد تعبيرها  لتشن حملة  سوقية قذره ضد كل من ابدى ملاحظاته  او وجّه نقدآ للعقيد وصل الى حد التهديد والوعيد . هذا امر متوقع من إمرأه تدعي انها من حارسات العقيد وان لها اخآ في اللجان الثوريه هددت به كل مشكك بنوايا العقيد المسرحيه ,كان امرآ مؤلمآ برهن بشكل قاطع على سوقية النظام

إخوتي اخواتي

اعود  فأقول إن امر هذه المرأه ليس بذي بال عند الساده الوطنيين اصحاب المواقف المعروفه والذين يتصدون للمسرحيات المكشوفه التي يقوم بها جلالة ملك الملوك, ولكن المؤلم هو موقف بعض المثققين الذين وقفوا مع هذه المرأه  السوقيه ليبدوا إعجابهم بشجاعة العقيد ووطنية العقيد وكرم العقيد لمجرد تمتمته بكلمات غير مفهومه عن الوطنيات او دعمه المسرحي للمقاومة العراقيه او لإفتتاحه تلفزيون امجاد يا عرب امجاد . ناسين مرور اربعين عامآ على حكم العقيد كان خلالها  يتلوى ويتلون ويقسّم العالم العربي ويساعد على شرذمة الأمه ويخون اصدقاءه الثوريين ويسجن شعبه  ويشرده خارج حدود وطنه

 ولم يتصدق مليمآ واحدآ لشعب فلسطين واطفال غزه... إستغل الرجل مؤتمر قمة الكسسي في سرت  ليعلن إفتتاح موسم مسرحياته المكرره على خشبة  مسرح الأمه العربيه  بينما سيادته كان يلعن كل مؤتمرات القمه السابقه ويواري وراءها التراب

 إخوتي وأخواتي

العقيد لا يلام .. والسيده قريبته لا تلام, ولكن الملام هم القله من المثقفين الذين صفقوا له اليوم بينما كانوا ينتقدونه البارحه على طريقة اغنية الفنان فريد الأطرش:مرة يهنيني ..ومرة يبكيني.. ونا  كلمة تجيبني..وكلمة توديني

انا لست ضد تغيير الزعماء لمواقفهم باتجاه الوجهة  الصحيحه فعلآ  لا قولآ فالكلام لا جمارك عليه بل كل الشعوب العربيه تُلح على التصحيح الصحيح وليته يحصل فيريحون ويستريحوا وإن كان ما زال املآ, ولكن انا ضد هؤلاء الذين ينقادون عاطفيآ وهم المثقفون الذين يعلمون ان كل نظرية تحتاج الى فرض وطلب وبرهان, وبرهان الكلام هو افعاله  والأفعال لايكشفها  الا الزمن . فهّلا تركتم الزمن يكشف لكم الفعل ثم بعدها تقررون بالعقل غدآ صحة رأيكم من عدمه آخذين بالحسبان اربعين عامآ من تاريخ ذكرت لكم بصيصآ منه ... قبل ان تقرروا بعاطفتكم اليوم؟

مع تحياتي