تأثير اللوبي الصهيوني على السياسة الأمريكية
تأثير اللوبي الصهيوني على السياسة الأمريكية
محمد هيثم عياش
برلين/ /23/11/2007 تختلف العلاقات السياسية بين دولة ودولة على حسب سياسة مسئول كل دولة ، اذ لم تشهد العلاقات الالمانية الامريكية تدهورا مثل ما شهدته أثناء حكومة المستشار الالماني السابق جيرهارد شرودر الذي قاد زمام المعارضة ضد التدخل العسكري في العراق ووقوع ذلك البلد منذ عام 2003 تحت سيادة العنف جراء احتلال اجنبي ظالم فقد كادت الحرب قد تقع بين برلين وواشنطن ووضع الرئيس الامريكي جورج بوش المانيا وفرنسا ضمن محور الشر كما قام وزير الدفاع الامريكي السابق دونالد راومسفيلد بتمييز أووربا فجعل المانيا والدول المؤيدة لسياستها ضمن اوروبا العجوز ووضع التشيك وبولندا والدول التي ساندت واشنطن بحربها في العراق بأوروبا الشابة والحديثة ، ومنذ عام 2003 وحتى قبيل الإطاحة به كمستشار لألمانيا في تشرين ثان / نومفبر من عام 2005 ظهرت على الساحة الثقافية والسياسية الكثير من الكتب التي تحذر العالم من زعيم البيت الابيض ، الا أن هذه الكتب الجديدة اختفت فجأة حتى ظنت الصحافة والسياسة بأن البيت الابيض بدأ يعود الى صوابه ، الا أن السبب في ذلك يعود الى عودة العلاقات الالمانية الامريكية الى سابق عهدها الى عهد المستشار الالماني السابق هلموت كول الذي حكم المانيا تحت اسم الحزب المسيحي الديموقراطي لمدة ستة عشرة عاما ، ومنذ وصول المستشارة انجيلا ميركيل الى مبنى المستشارة الالمانية في 22 تشرين ثان/نوفبمر من عام 2005 أصبحت العلاقات بين برلين وواشنطن علاقات صداقة مريبة واختفت الكتب التي تحذر من السياسة الامريكية .
ولا أحد يستطيع من الرؤساء الامريكيين السابقين الذين لا يزالون على قيد الحياة ومعهم الرئيس الحالي جورج بوش وموظفي الادارة الامريكية أن ينكر تأثير اللوبي الصهيوني على سياسته وتوجيه اللوبي السياسة الخارجية للولايات المتحدة الامريكية . فقد استطاعت الصهيونية العالمية ان تتوغل في البيت الابيض ووزارة الدفاع / البنتاجون / كما سيطرت على اكثر مقاعد مجلس الشيوخ الامريكي / لكونجرس / ووزارة الخارجية وتوجيه السياسة الامريكية منذ انتصار الحلفاء على دول المحور في الحرب العالمية الثانية وقادت الولايات المتحدة الامريكية المطالبة بإقامة دولة لليهود على تراب فلسطين بالرغم من ان الاتحاد السوفياتي السابق كان اول من اعترف بذلك الكيان الا ان تأثير الصهيونية على سياسة الاتحاد السوفياتي تكاد لا تذكر بالرغم من ان اليهود كانوا وراء الشيوعية العالمية .
هذا ما أشار اليه كل من شتيفان ولت وجون ميرسهايمر استاذي العلوم السياسية ولعلاقات الدولية في جامعتي هارفارد وشيكاجو في كتابيهما / تأثير اللوبي الاسرائيلي – الصيهوني على السياسة الامريكية / عرضاه في مبنى الجمعية الاتحادية للسياسة الالمانية في العاصمة برلين مساء يوم أمس .
ويعتقد الكاتبان ان عدم احراز أي انتصار لامريكا وحلفاءها في حلف شمال الاطلسي / الناتو / ضد ما يسمى بـ / بمنظمات الارهاب الدولية / هو إبقاء العالم في أجواء حرب وعدم طمأنينة بالسلام وبالتالي الى استمرار الوجود الامريكي في منطقة الخليج العربي ، والحرب ضد الارهاب جاءت من أجل ابقاء مصادر النفط تحت مراقبة الولايات المتحدة الامريكية وذلك من خلال رؤية المدرسة الجديدة للوبي الصهيوني تكمن في استمرار الاستراتيجية الجديدة التي أعلن عنها الرئيس الامريكي السابق جورج بوش بـ / النظام العالمي الجديد / عقب غزو العراق الكويت واخراج الجيش العراقي من ذلك البلد ، اذ ان انتصارا سريعا على منظمات الارهاب الدولية يعني انتهاء الدور الامريكي في المنطقة . ويعتقد الكاتبان أن استمرار النزاع في منطقة الشرق الاوسط وابقاء المنطقة في وضع لا حرب ولا سلام يأتي لاعتقاهما بأن اللوبي الصهيوني يريد للمنطقة هذا الخيار فانه اذا تم الاتفاق بين أطراف النزاع في المنطقة على صيغ مرضية تكمن بانسحاب جيش الكيان الصهيوني الى حدود ما قبل حرب الخامس من حزيران عام 1967 فانه لم يعد هناك في العالم أي نزاع فالصهيونية العالمية تريد رؤية العالم وو يعيش في حالة من التوتر .
ترى هل لدعوى الكاتبين استناد على الوقائع ؟ فقد أكد استاذ العلوم السياسية والعلاقت الدولية في جامعة مدينة ريجنبسورج شتفيان بيرلينغ الذي قام بتقديم الاستاذين للحضور بأن الوقائع السياسية التي يعيشها العالم حاليا دليل واضح على تأثير هذا اللوبي على السياسة الامريكية ، فمبدأ اقامة دولة لليهود عل تراب فلسطين لها استناد من تعاليم المسيحية واليهودية كما ان عدم التوصل الى صيغة حل مستقبل مدينة القدس الشريف لها دلائل تستمد من التعاليم الاسلامية والمسيحية معلنا بأن اجتماع كامب ديفيد الذي تم تحت رعاية الرئيس الامريكي السابق بيل كلينتون بحضو الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات رئيس الوزراء الصهيوني السابق ايهود باراك في عام 2000 كان للوبي الصهيوني تأثيره الكبير على فشل تلك المفاوضات كما ان الحرب العراقية واحتلال العراق جاء من خلال اتفاق صهيوني مسيحي متعصب اي من محور وزير الدفاع السابق ونالد راومسفيلد ونائب الرئيس الامريكي ديك تشيني وكونتسيلا رايس وهم من مدرسة اللوبي الصهيوني بدعم من الرئيس الامريكي جورج بوش الذي ينتمي الى المدرسة المسيحية التي تنادي بتطبيق المسيحية على منهاج اليهودي المعروفة باللاتينية / بابتسيت / هذه الفرقة التي يصل عدد اعضائها في الولايات المتحدة الامريكية الى حوالي 16 مليون شخصا تعتقد بأن سياسة الرئيس الامريكي جورج بوش تقوم على وحي من الله وتنادي بتطبيق شريعة الانجيل بحذافيرها . كما ويعتقد استاذ مادة العلاقات الدولية في جامعة هومبولدت البرلينية لارس بيرجر ان اللوبي الصهيوني وراء استراتيجية الرئيس الامريكي جورج بوش وضع محاربة التنظيمات الاسلامية نصب عينيه ومبدئا اساسيا لسياسته في العالم الاسلامي فلذلك نرى الادارة الامريكية تترقب تطورات الحركات الجهادية من خلال معقلهما الرئيسي وهما المملكة العربية السعودية ومصر فالوجود الامريكي في المنطقة ضروري لوضع تحركات هذه الحركات تحت مراقبة البيت الابيض مؤكدا انه بالرغم من الوجود الكبير للجيش الامريكي في المنطقة الا ان الادارة الامريكية فشلت في حماية منشئاتها المتواجدة في الشرق الاوسط وافريقيا من الهجمات عليها كما فشلت ايضا في حماية منشئاتها داخل بلادها .
وتساءل المؤلفان في كتابهما عن مدى أسباب استمرار التضامن الدولي مع الكيان الصهيوني وتأثير اللوبي الصهيوني على السياسة الامريكية ، فالكيان الصهيوني يعيش منذ قيامه على دعم مالي وسياسي كبير من الولايات المتحدة الامريكية ومن المانيا لأسباب تاريخية جراء ادعاءات مذابح الهولوكست أثناء وقبيل الحرب العالمية الثانية التي لها أسبابا تاريخية واجتماعية ايضا ، فالكيان الصهيوني هي الدولة الوحيدة في العالم التي تتمتع بالدعم والمساعدات ، متسائلان أيضا ما اذا كان هذا الدعم له مفهومه الاستراتيجي الكبير لسياسة الولايات المتحدة الامريكية في المنطقة ، أو أن هذا الدعم انساني قح ؟ مؤكدان بأن جميع هذه التساؤلات تبقى بدون إجابة صريحة الا أن الدوافع الأساسية وحقائق هذا الدعم تكمن في قوة اللوبي الصهيوني الذي لا يملك الا سلاحا واحدا ألا وهو توجيه تهمة لكل من ينتقد الكيان الصهيوني بأنه معاد للسامية فالمعاداة للسامية أصبحت بمثابة إرثا للذنوب يوخز ضمير السياسة الاوروبية .