السير قُدما إلى الأمام

مع حتمية نهاية الصراع,

بين الشعب العربي والأنظمة الحاكمة

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

هل سيبقى الصراع قائما بيننا , كشعوب عربية وبين حكامنا ؟

أم هناك طريقة ما يمكن أن تنهي هذا الصراع , وينقلب إلى ترادف وتضافر بين القوتين , لتكون الحصيلة النهائية , خير يعم على الجميع

التسميات المكتسبة, والتي يراها الكثيرون أنها أصبحت واقعا لايمكن تغييره أو تجاوزه , تلك التسميات نفترض وجودها بالآتي :

الوطن العربي

الدول العربية

الشعب العربي , الشعوب العربية .

كيف يمكننا الوصول إلى مسمى واحد موجود على الأرض  ,يدافع عن كيانه الجميع ؟

وحتى نلغي حساسية البعض في الوطن الكبير , يكون من المناسب في الزمان والمكان أسم يرضي الغالبية العظمى , هو الوطن العربي الإسلامي.

فلو أنك سألت  الناس في هذا الوطن , الممتد من المحيط إلى الخليج , لوجدت الغالبية منهم يقولون المقولة الآتية:

نريد هذا الوطن بكامله , والذي يقف ضد تكوين هذا الوطن هم, الأنظمة الحاكمة في أجزائه المختلفة .

لنغوص قليلا في أعماق المواطن في هذا الوطن والشرور المحيطة فيه , منها مانُفّذ , ومستمر التنفيذ للحاضر والمستقبل مع مقتضيات ضرورة صاحب الشر , وتغيير خططه المستمرة منذ زمن بعيد وحتى الآن .

مما جعل المواطن يدور في فلك الدوائر المفرغة , وهذا الدوران المستمر طغى على فكره وخياله , ليكون وليد الساعة لاماضي ولا حاضرا ولا مستقبل , يعيش لساعته ملاحقا بجميع أنواع الهموم  الأمنية والإقتصادية والنفسية , وتاج رأسه الإستسلام , وهدفه في الحياة مخالف لما ورد في قانون رب السموات والأرض (إني جاعل في الأرض خليفة ) .

ينتظر من الغير الخلاص , ولو كان عدوه اللدود , ويسعى للعيش في كنفه لينعم بالحرية مع أن الذي جعله في هذه الصيغة هو ذلك العدو اللدود.

ينعم وطنه بموقعه الجغرافي التوسطي للشعوب , تحمل أرضه مايعادل ثروات العالم مجتمعة من الثروات الباطنية للأرض , مع فصولها المتعددة والمواسم الجميلة ,ليعيش في مكان البرد والصقيع .

في البلدان العربية , المتهم الرئيسي في التفتت والتدهور والتخلف هو رأس النظام , في تلك الأقطار .

مما جعل نشوء فكر داخل تلك البلدان معارض لتلك الأنظمة , يرى من منظاره الخاص , أن الخلاص من تلك الأنظمة , سوف يؤدي بالنتيجة إلى الخلاص من الواقع المظلم والذي يحيط ومطبق على هذا الوطن الكبير .

للأنظمة الحاكمة والمستفيدة من الواقع الحالي , شكلت جبهة مضادة , تمتلك القوة لفرض طروحاتها على المجتمع , وتنفيذ مايؤمن مصالحها تلك.

في الجهة المقابلة والتي تعارض المنحى المتمثل بالأنظمة الحاكمة , ومع أنها تمتلك الرصيد الشعبي , والذي يتفوق على رصيد الأنظمة , ولكنها ضعيفة والضعف ناتج عن التشتت والتشرزم وتعدد الطروحات , وتعدد الإرتباطات في الدوائر المؤثرة على القرار .

مما جعل من تلك التي تناشد التغيير  , وعندما تصل  لرأس الهرم السلطوي

أن يكون الناتج مدمرا , والهدف الذي بنيت فيه وعليه من الأساس, قد ضاع منها , وأدخلت البلاد في صراع مرير ومستمر, كما حصل ويحصل في العراق الآن

الحالة العراقية أصبحت درسا للكثير من أبناء هذا الوطن الكبير , ورأت في أنظمتها الحالية الخير الكثير, مقارَنة بالمآل الذي آل إليه الحال في العراق

وكما أظن أن الصراع مع هذه الأنظمة بالشكل الذي نراه ورأيناه , لن يؤدي إلا :

مزيدا من التهميش , والظلم والقهر ,والصعود إلى الهاوية بشكل أسرع

قد يكون نوعا من الخيال

قد يكون حلم مواطن عادي من أبناء هذا الوطن الكبير

ولكن! ربما يكون هذا الحلم حقيقة

المهم في الأمر: أن نحلم ونفكر ونسعى ونعمل

لا أن نصمت ولا نتكلم

تبدأ الفكرة من مكونات قطبي الصراع

الأنظمة الحاكمة , عندها دستورها وقوانينها وأجهزتها المختلفة واعتمدت بينها مؤسسات لتكريس هذا الواقع القطري المتعدد .

الجامعة العربية , ومؤسساتها المختلفة , والقمم العربية , والمعهادات الأمنية , وترسيم الحدود , واختلاف العملات وقيمتها .

في الجهة المقابلة المعارضة للأنظمة العربية  , لكل قطر له معارضة خاصة به , ولكل طرف له هدف يسعى إليه

وبما أن الكتلة الضخمة من الشعب في الوطن العربي الإسلامي , تقف على النقيض من الأنظمة الحاكمة  , وشعار هذه الكتلة الوحدة بين تلك الأقطار ,وتكوين الوطن العربي الإسلامي ,أن تأخذ بالحسبان , أن ذلك لايمكن تحقيقه, ما لم يكن هناك مشروع شامل , يمهد الأرض لغرس النبتة التي ستأتي بالخير الكبير للأمة جمعاء .

فبدلا من أن تكون هنالك المعارضة القطرية :

السودانية والمصرية والسورية والليبية واليمنية , واختصارا كل أنواع وأقسام وفئات المعارضة للأنظمة في طروحاتها العامة والمبدأية , في نشوء تكتل عام و شامل من كل البلدان العربية .

يطرح مشروعا متكاملا مبنيا على أسس كان قد وضعها خيرة مثقفينا في الوطن العربي الإسلامي .

وأخص بالذكر هنا المفكر والفيلسوف القدير ذكي نجيب محمود رحمه الله في كتابه (حصاد السنين)

لو كان في حياتنا وعي ,نقدي لأتاحوا للرأي العام أن يميز الطيب من الخبيث

همومنا الحضارية والثقافية كثيرة, وكذلك منجزاتنا وأمجادنا كثيرة , فكيف السبيل إلى جمع عناصر القوة , في كياننا ورؤانا , مع التخلص من عوامل الضعف في ذلك الكيان وهذه الرؤى لينشأ لنا العربي الأصيل الجديد

فهذا كله يجب استزراعه في أرضنا من شتلات نستوردها من مراكز الحضارة الجديدة في الغرب ومن الجانبين:ماهو أصيل أنتجناه نحن على تاريخنا , وما هو مجلوب من بناة الحضارة الجديدة , تتألف الصيغة الثقافية للوطن العربي

هذا الكيان المنبثق عن المعارضة , في تبنيه الثقافة التراكمية  عند مفكرينا العظام , والذين تشبعوا من الثقافة العربية والإسلامية , وجعلوها أساس بناء ثقافتهم , واطلاعهم على الحضارات الأخرى, وإدخال الصالح منها لمجتمعنا , هي الأساس الفكري لتشكيل الجبهة المعارضة للأنظمة الحاكمة في الوطن العربي .

يقدمون للشعب العربي مشروعهم هذا , فيه ثمرات جهد مفكرينا العظام

ليكون الداعم القوي لهذا المشروع , موجها للأنظمة الحاكمة إما أن يطبق هذا المشروع , ويكون لنا الوطن العربي الإسلامي , أو أنكم مجبورون عن التخلي عن كل أوهامكم السيادية والتي ترونها وتحسبونها حقيقة وما هي إلا وهما .

لتكون تلك نهاية الصراع بين الفريقين ويتحول الصراع ,لصراع بناء على المستوى الأمثل

وتذكيرا بقول الله عز وجل في كتابه العزيز (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءاً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون )

صدق الله العظيم