العروبة والأطلال

بمناسبة انعقاد القمة العربية  نكرر النداء الذي اطلقناه ومنذ العام  2006

التيار الوطني الحر ـ ألمانيا ـ

د. رضا حمود

البكاء على الأطلال عادة من عادات شعراء الجاهلية...فقفا نبكي من ذكرى حبيب ومنزل قصيدة عصماء...ومصير قائل هذه الأبيات يختصر تاريخ حقبة سياسية رعناء من تاريخ العروبة والعرب...قبائل متناحرة متخاصمة تستقوي تارة بالروم وتارة أخرى بالفرس فمن كسرى الفرس إلى قيصر الروم تكتب أبخس صفحات الصراع العربي العربي في ذلك الوقت...وقت الجاهلية...وأتى الإسلام فجمع كلمتهم لحين لسنوات قليلة فقط...وانزل قرآنا عربيا لعلهم يفقهون...لا يفقهون ولا يتقون فهداهم إلى الفقه والفهم و التقوى هل فعلا فهموا واتقوا؟؟؟؟؟...اغتالوا الخلفاء والصحابة وأهل البيت...واستمرت المؤامرات في كل حدب وصوب حتى أبناء العم لم يكن عندهم الجرأة لزيارة أبناء عمومتهم...خوفا من هجوم على قلاعهم وحصونهم من نفس أبناء العم الذين يزورنهم...تاريخ يندى له الجبين...وينبرى الكثيرون ليدافعوا عما جرى في حقبات خاليات من هذا التاريخ...عصور مضت لا نريد أن نخوض في تفاصيلها...لكن ماذا عن اليوم...هل نحن فعلا بمستوى أن ندافع عن تاريخنا الحديث...الثورة العربية الكبرى...أين هم رجالاتها...أين هي نتائجها...أين نحن من أهدافها...مثقفون وعامة شعب عاديون...حقبة ما بعد الاستقلال...ثورة عبد الناصر ماذا تبقى منها...ثورة الجزائر وليبيا والسودان وسوريا ولبنان والعراق...وإلى أين مع مليارات النفط والموارد السياحية والبشرية وغيرها...بلد المليون شهيد الجزائر صاحبة القول المأثور...بترولنا لونه أحمر من دم الشهداء...قول تقشعر له الأبدان...وما نفع القول فإنه كقول امرئ القيس أو غيره من شعراء الجاهلية...هذا يدل فقط على أننا نسينا وبعنا بأبخس الأثمان دماء الشهداء...إن كل مواطن قد أصبح مشروع شهيد للفقر والعوز والجوع والتشريد...مواطن من المغرب يصرخ ويجيبه ملايين المواطنين من الخليج إلى المحيط...وطن واحد وشعب واحد وأمة واحدة...شعارات استطاع رجال السياسة أن يفرغوها من محتواها...فلعنت الأوطان بواسطتهم وسلبت كل مقومات الحياة الهنيئة الهادئة...والمثقفون يتلهون بقشور أعطيت لهم ويتلهفون على مناصب تنتظرهم ليصبحوا من الحاشية و ينظموا من الفريق المظلوم إلى الفريق الظالم...بدل من أن يدافع كل عن كرامة أهله وعزة وطنه وشعبه بنى لنفسه قصرا وصنع لنفسه جاها أرضيا يورث من حفيد إلى حفيد...فأصبحت شعارات العروبة معلقة من المعلقات نحفظها عن ظهر قلب قبل امتحان من امتحانات الثانوية العامة في قطر من أقطار هذه المنطقة...واكتمل الصراع بين ما يسمى عروبة شرق أوسطية...الشرق الأوسط منطقة خالية من السلام...وكم ياترى يساوي ثمن السلام في تلك المنطقة...كم من الاغتيالات وكم من المليارات وكم من مشاريع الشهداء...سيكون ثمن السلام...وأي سلام هذا الذي نتكلم عنه سلام الشجعان  الذي قال عنه يوما المرحوم الرئيس عرفات؟؟؟؟....والذي لم نراه حتى اليوم...أم سلام من رب رحيم؟؟؟؟...صراع أديان في تلك المنطقة أم صراع عصبيات وتعصب وتخلف وتلاقي مصالح إقليمية وعالمية؟؟؟؟؟...هل هي لعنة ونقمة النفط أم أنها رفاهية مليارات النفط؟؟؟؟ التي نعرف من أين لكننا لا نعرف إلى أين تذهب...وهل فعلا من حقنا أن نعرف إلى أين؟؟؟...فإذا كان لنا الحق أن ننتمي إلى هذه المنطقة عرقيا وحضاريا فيحق لنا وبدون أدنى شك أن نشكو كما يشكو أي عضو من اعضاء هذا الجسد...إن لبنان وطن صغير شعبه عظيم تحمل مآسي الحرب أعطوها مسميات متعددة حروب أهلية أو تحررية أم ثورة أم انتفاضة او حرب الآخرين على أرضنا وبأيدي لبنانية...باختصار هي حرب والسلام بالرغم من كل مخلفاتها ودوافعها وأهدافها ونتائجها المدمرة...لكننا نحن ما زلنا نرى أن للحرب على لبنان أوجه متعددة من أهمها...ضرب الديمقراطية التي يتغنى الغرب وخصوصا أمريكا بالدفاع عنها و مآزرتها والعمل على تحقيقها و انتشارها في كل أصقاع الدنيا ومن تلك الأصقاع هذا البلد الصغير لبنان...لكن لا بد لنا أن نتساءل هل استطاعت أمريكا والتحالف الغربي أن تصنع في العراق ديمقراطية...ولماذا لم تستطيع أن تصنع هذه الديمقراطية...ولماذا ساهمت أمريكا والغرب في ضرب الديمقراطية الوحيدة في المنطقة العربية في لبنان آنذاك.؟؟؟..كلاهما حديث لكن أحدهما تاريخ مستحدث وآخر حديث...إنهم يتهمون العراقي بأنه ليس في المستوى لاقامة ديمقراطية في وطنه و ان المجتمع العراقي تتحكم فيه العصبيات المذهبية و الطائفية...كما هي الحال في لبنان مع فارق بسيط المعادلة المسيحية الأسلامية في لبنان تختلف عنها في العراق...هذه الاتهامات جزء منها صحيح ويغذيه الغرب وامريكا ورجالات ارتبطت بهذا الاتجاه الايديولوجي والذي يعيد المنطقة فعلا إلى عصر الصراعات الأموية...والعباسية والفاطمية والمماليك وكل حقبات التاريخ الماضي...إن إعادة هذه الحقبة التاريخية إلى واجة التاريخ الحديث لتلك المنطقة...يؤتي ثماره التي تجعل هذه المنطقة مرتعا حقيقيا للصراعات التي لا تنتهي...صراعات إثنية و إثنية وطنية ولابد أن تحالف سلطة المال ورجالات الدين أي الإقطاع السياسي والإقطاع الديني على مثال الكثير من أبناء هذا الشعب من المحيط إلى الخليج...إن الحضارة التي ضربت جذورها في هذه البقعة من الأرض...هي أم للحضارات العالمية...من تلك المنطقة بدأ الإيمان بالله والله الواحد من تلك المنطقة انتشرت رسائل الرحمة والمحبة و الحق والعدل والمساواة و أحب قريبك كنفسك...ومن ضربك على الأيمن فأدر له الأيسر والعين بالعين والسن بالسن...قد يظن البعض أن هاتين الآيتين مختلفتين لا ليس من اختلاف في ماهية الله...الله هو محبة وعدل...والمحبة والعدل التئما ففي الأولى المسامحة والمحبة وفي الثانية العدل ومن العدل فقط يرتعد القتلة والمجرمون...انتشرت في تلك المنطقة الحضارة الفنيقية والأغريقية والفرعونية والبيزنطية والأسلامية...حضارات متعددة انخمدت فقط عندما تخلى رجالاتها عن مبادئهم الانسانية والحضارية والثراث الذي يجعل الإنسان خليفة لله على الارض ويعطي القيمة الحقيقية للوجود الأنساني...سقطت كل الحضارات  واستؤصلت رؤوس مفكريها افتراءا أحيانا باسم الله واخرى باسم الحاكم بأمر الله..كلما ارتفع صوت ينادي بالحرية الحقيقية والعدل والمساواة وإقامة الدولة التي تحكم بالعدل...كان هذا الصوت يخمد...والمؤمنون يسمونه تدخلا شيطانيا فسميه أنت ما شئت أخي المواطن المهم... إن كل المحاولات لإعادة حق الوطن والمواطن كانت رهينة للصراعات الجانبية التي تفنن زعماء المناطق والطوائف والمذاهب و العشائر في حياكتها وإخرجوها بأفلام حقيقية تبان بأنها حقيقة وهي بعيدة كل البعد عن الحقيقة...إنها مسرحيات تقسيم المغانم التي كانت سببا حقيقيا لهزيمة كل الشعوب الغازية والشعوب المعتد ية الظالمة...إن كل محاولة لأقامة نوع من المعادلة الداخلية لتحسين الحالة الاجتماعية والمعيشية كانت تصطدم دائما بطموحات الذين تسلقوا إلى سدة المسؤولية فأبلوا البلاء الحسن في تجويع شعوبهم بالتنسيق والتعاون مع حيتان المال وأهل السطلة المتوارثة من جيل إلى جيل...وكلما تحفز بعض الأبناء من الأجيال الجديدة لاعادة كرامة المواطن والوطن...والعودة إلى الحضارة التي اندثرت معالمها من كثرة ما أحيكت الاعيب من حولنا ومنا وفينا أضاعت أعز ما لدى الانسان من شيئ في ذاته... اي وطن يحميه ويحتمي به ويرزق من خيره وخيراته...ولم نر الخطر الآتي علينا ولم نتعلم من تاريخ الهزائم...انهزم الروم والفرس وانهزمت روسيا القيصرية وروسيا الشيوعية وبريطانيا العظمى والدولة العثمانية...وعدد و لا حرج الكل مهزوم طالما ان شعوب كل المنطقة تعاني الفقر والجوع والتخلف...وأغضننا النظر كي لا نرى تقدم وتطور الآخر...فكنا نحن الأحسن ونعيش سراب الحضارة المندثرة إلى حين...نتأبط شر أعمال حكامنا وموالينا...واضعنا الأوطان واصبحنا نلهث لنستجدي تطبيق القرارات الدولية لينصفنا هؤلاء الذين كانوا سببا في تشريد مئات الآلاف من أبناء جلدتنا...ونتكلم عن الشورىبينهم...فإذا كان أمرهم شورى بينهم فلماذا نسمع الأنين والصراخ والظلم في كل أرجاء هذه المنطقة أم أن أصحاب الشورى هم على ظلال؟؟؟؟؟...أم أنهم يرون ويسكتون فيصيبهم القول بأن الساكت عن الحق شيطان أخرس أم أن الديمقراطية بمعناها الغربي أصبحت بعبعا يخاف منه الكبار والصغار...ونحن نعيش في كل مفاسد الغرب وخلاعته و ألاعيبه و ما يضرنا من تكنولوجيا للتسلية واللهو والفساد...ونبتعد كل البعد عن تنشيط مجتمعاتنا وحمايتها لتنشيطها في فهم التكنولوجيا التي تستخدم للبناء للتعمير للازدهار لرفع رؤوسنا وإعادة حضارتنا المفقودة التي إن اضمحلت لن تزول...فهي مازالت غير مفهومة نتغنى بها في ساعات حزننا وضعفنا النفسي...وحمايتها من مايروج له في الغرب من خلاعة وفقدان للقيم الإنسانية و آخرها زواج الذكور بالذكور وبمباركة بعض الكنائس...والله خلق الإنسان ذكر و أنثى...وفي البدء خلقهما... وكثيرون ينسون

كل الأمور وعلى راسها قضية شعب شرد من أرضه يقيم في مخيمات للاجئين عمرها من عمر النكسة في فلسطين...وإننا ندعو الجميع و خصوصا كبار القوم وشيوخهم بل كل زعماء العالم والذين بأموالهم أصبحوا شيوخا...أن يزوروا ولو مرة واحدة تلك المخيمات في عين حلوة أم في الرشيدية أم في بيروت أو طرابلس ليروا ما صنعت أيدي زعماء الأمس مع زعماء الغرب والعالم وما يصنعه زعماء اليوم مع نفس هذا الغرب اليوم...سترون العجب العجاب سترون شيئا لم تراه الإنسانية حتى في العصور الوسطى أو في الجاهلية...إنها مخيمات الحكم بالإعدام أو التطرف والإرهاب؟؟؟؟؟؟ على كل فرد من أفراد هذا الشعب المغرب...العالم كله يرى ويتكلم عن الديمقراطية وحقوق الانسان لكن ما نراه في هذه المخيمات هو ليس في هذه الأرض التي أمرنا الله أن نعيد بنائها ونعيش فيها متحابين متساوين...ومن لا يؤمن بهذا يؤمن أيضا بأن للإنسان حقوق ولكل شعب حقه في العيش والسلام...والسلام أكذوبة شرق أوسطية منذ العام 1948 أكذوبة نصدقها وندافع عنها أو نغطي رؤوسنا في الرمل كي لا نرى ونسمع...والسلام في تلك المنطقة هو رهن مواقف الزعماء في المنطقة والشعوب في تلك المنطقة رهن للزعماء لأنه بقرارات سياسية و اقتصادية تحل هذه المشكلة وبكل وضوح...قد يستغرب الأكثرية عندما نقول أن الحلول هي في أيدينا...وباختصار أن منطقتنا هي منطقة تجارية سوق مفتوح لكل الشركات الأجنبية إنها بالنسبة للغرب و امريكا واوروبا بالذات سوق استهلاك حقيقي سوق يسيل له لعاب كل أصحاب الراسمال...نحن نستورد كل شيئ حتى أحيانا العار...فهل نستطيع يوما أن ندافع عن انفسنا بموقف سياسي واحد وموحد...مقاطعة بضاعة كل الاطراف التي لا تعمل جديا على تطبيق جميع القرارات الدولية...تلك القرارات التي تعيد الشرعية لحقوق الشعب الفلسطيني وتحل مشكلته والتي هي بيت القصيد في هذه المنطقة منذ وجود الأسرائيلي محتلا ومهجرا لشعب برمته...والذي ما زال كما قلنا يمكث ينتظر حق العودة في البلدان المجاورة التي إن آوته طوعا لكنها لم تحسن إكرامه والدفاع عن حقوقه والتي هي جزء من حقوق المنطقة بالعيش بسلام...فإذا كانوا يريدون للسلام أن يصبح أكذوبة فعلينا أن نعلمهم بأننا نحن أصحاب سلام...والمقاطعة الاقتصادية هي الحل...فلماذا الآخرون لهم حق المقاطعة والحصار الاقتصادي على دولة لاتعجبهم أو لا تنهج نهجهم السياسي ونحن نغدق عليهم بكل خيراتنا واقتصادنا ونحل لهم أزماتهم من بطالة وإفلاس...وهم يردون الجميل بظلمنا وتشويه صورة الإنسان عندنا...العدل هو المطلوب والعدل فقط تحل مشكلة الشعوب...العدل مطلوب أولا في كل أقطار هذه المنطقة وتوزيع الثروة هي حق من حقوق المواطنين والشعوب...والدفاع عن المظلوم حق من حقوق الله  والإنسانية نحن نعلم أن الكثيرين سيضحكون من هذه  المقولة المقاطعة الاقتصادية والحصار الاقتصادي على كل من يقف في تطبيق قرارات الأمم المتحدة وبأقصى سرعة وخلال فترة زمنية محددة فلتؤخذ القرارات الدولية تحت ضغط المقاطعة الاقتصادية لكل دولة تقف ضد هذا المشروع وليطبق هذا على كل دول المنطقة...فهل نحن فعلا بمستوى الدفاع عن أنفسنا لنبدأ مرحلة بناء دولنا التي أنهكتها حروب التحرير التي لم تأت ولن تأتي طالما أننا في هذه الحال...لبنان جريح وجرحه اليم وفلسطين مغتصبة و لن تسكت مغتصبة...ولم أقل كما قال الشاعر مظفر النواب بل أقولها إنها دعوة للتفكير دعوة للوقوف مع الذات وتحصين الذات والنفس لإعادة الكرامة والعزة والسيادة والحرية لشعوب هذه المنطقة التي عانت ما عانته على أيدي الغرباء بايدي من يدعون أنهم احباء للشعب والوطن...الديمقراطية هي ممارسة إعطاء الحقوق  والتقيد  بواجبات الشعب والمواطنين فهل نحن فعلا على مستوى ليكون في بلادنا دولة بمعنى الدولة لا مزرعة من مزارع الاقطاعية في القرون الغابرة...إن جزيرة صغيرة ككوبا استطاعت أن تصمد كل هذا الوقت في موجة الحصار الاقتصادي والسياسي والعزل الدولي عندنا كثير من الملاحظات على نهجها لكن هذا المثل يعيدنا بالذاكرة إلى ما قلناه في هذه الأسطر إن أمة حجمها بهذا الحجم وعددها بهذا العدد تستطيع ان تؤتي بالسلام عنوة لتلك المنطقة...لا نريد حروبا ومدافع وطائرات ودبابات دمرت كلها في صراع نراه أزليا...بل مانريده موقفا سياسيا موحدا يقول لا للظلم و القهر والاحتلال...وموقفا عمليا يضغط على العالم أجمع و بدون استثناء...دعونا نصوم سنة ونتقشف سنوات لنؤمن الحياة والسلام لأجيالنا التي شردت في كل اصقاع المعمورة بحثا عن لقمة العيش والأمان...وهروبا من مخيمات اللجوء ووكالات الغوث الدولية...فهل نستطيع أن نفهم ونسمع....

الدكتور رضا حمود

عضو الهيئة التأسيسية لحزب التيار الوطن الحر في لبنان

الاتحاد اللبناني للحرية ـ المانيا ـ