حماس .. والخونة!!
حماس .. والخونة!!
أ.د. حلمي محمد القاعود
يا للهول !
هذا ما يمكن أن ينطق به أي شخص ، يرى حجم الخيانة التي عبّرت عنها الوثائق والأوراق التي كشف عنها سعيد صيام وسامي أبو زهري من حركة حماس في مؤتمر صحفي عُقد بغزة قبل أيام ..
تقول الوثائق والأوراق التي عُثر عليها بمباني الأمن الوقائي والمخابرات الفلسطينية التي كان يشرف عليها دحلان وشركاه : إن هناك تنسيقا دائما ومستمرا بين العدو الصهيوني والقيادة الدحلانية في اغتيال قيادات حماس وقيادات الفصائل المقاومة الأخرى ، وخرائط وتحديدا لتحركاتهم وأرقام سياراتهم ، بحيث تتمكن قوات العدو وطائراته من اصطيادهم ، وهناك أيضا تحديد لمواقع تخزين الأسلحة ، وصنع السلاح البدائي الذي تعتمد عليه المقاومة في مواجهة العدو وأسلحته الفتاكة ، بالإضافة إلى كشف الرغبات الدحلانية في تصفية كل أثر للمقاومة في القطاع والضفة ليستريح العدو ، ويهنأ بالسلام والأمن على الأرض التي يحتلها ، ويغتصبها بقوة السلاح ، وبالتالي يهنأ الدحلانيون وأنصارهم بامتيازاتهم وملايينهم ومشروعاتهم غير المشروعة !
ما كنت أصدق أن الخيانة تهبط إلى هذا الدرك السحيق من الانحطاط ، أن تدل عدوك على أخيك المجاهد ليقتله وأنت تعلم أنه عدوك وعدوه !
ثم تكشف الوثائق ومحاضر الجلسات في الأمن الوقائى والمخابرات الفلسطينية عن تنسيق كامل مع المخابرات المركزية الأمريكية والمخابرات البريطانية ضد المقاومة التي يسميها الغزاة وسادتهم الصليبيون بالإرهاب ، وضد دول عربية أخري ؛ يقدم السادة الدحلانيون بمقتضاها معلومات مهمة عن دول عربية وإسلامية حيث يتاح لهم دخول هذه الدول دون أن يشك فيهم أحد ، فيتعرفون على أسرار تخدم أعداء فلسطين والعرب والمسلمين والإسلام .
وقد أثمر التعاون بين السادة الدحلانيين وأعداء الأمة عن استشهاد العشرات من القيادات الفلسطينية المُقاومة بالفعل ، وضرب العديد من ورش الحدادة ، فضلا عن بعض مخازن السلاح ، وقصف السيارات التي تحمل فلسطينيين أبرياء ، وإفشال العديد من عمليات المقاومة التي كانت تستهدف العدو الصهيوني !
وبدلا من توزيع الأدوار بالمنطق العملي – وليس بالمنطق الإسلامي – فإن السادة الدحلانيين ، ينحازون إلى العدو انحيازا كاملا ، ويصطفون إلى جانبه اعتقادا منهم أنه سيمنحهم السلطة والإمارة والثروة ، ونسوا أن التاريخ يقول إن الغزاة يعاملون من يقف معهم من أهل الوطن معاملة الخدم الذين تنتهي مهمتهم مع استغنائه عنهم وتحقيق غاياته ، والشواهد أكثر من أن تحصى في هذا السياق ، ويعرفها الدحلانيون جيدا ، ولكنهم لا يعون درسها ، ولا يستفيدون من نتائجها .
لقد كانت تجربة الانتخابات التشريعية اختبارا مهما ، كشف حقيقة النوايا والادعاءات التي يزعمها الغزاة والمستعمرون ، عن الحرية والديمقراطية والمجتمعات المدنية ، والحياة الدستورية ، وحين فازت حماس ،وصارت صاحبة الشرعية والأغلبية إذا بالقتلة الغزاة وسادتهم وعملاؤهم ؛ يتنكرون لكل ما قالوه ، ويحاصرون الشعب الفلسطيني ، ويجوّعونه ، ويمنعون عنه المال والطعام والكهرباء ، بحجة أن الديمقراطية لا تتعامل مع الإرهاب ، وإذا قلت لهم إنها نتائج صناديق الانتخابات التي تنادون بها ؛ قالوا لا ، إننا لا نتعامل مع من يرفع شعار الإسلام أو يؤمن به ، لأن الإسلام في منظورهم هو الإرهاب بعينه .. وهكذا فإن القتلة الغزاة أصروا بواسطة عملائهم الدحلانيين على إسقاط حماس ، ولو بالدم والاقتتال الداخلي الذي قاده الدحلانيون معتمدين على قوتهم العسكرية ، وتأييد أعداء فلسطين والإسلام من الغزاة وسادتهم الصليبيين ، وكلما تم عقد اتفاق لحل المشكلات ووقف إطلاق النار في القاهرة أو دمشق أو مكة نقضه العملاء الدحلانيون اعتقادا منهم أن الوقت سيمكنهم من القضاء على حماس وإنهاء دورها ، وما دروا أن الشعب الفلسطيني الذي سئم الأكاذيب على مدى ستين عاما لم يجد غير الإسلام طريقا إلى تحرير بلاده من قبضة الوحوش الضارية التي استغلت الضعف العربي والتمزق الفلسطيني فعاثت في الأرض فسادا ، وضربت وقتلت ونهبت وطردت ، وارتكبت أبشع المجازر داخل فلسطين وخارجها ..
وكانت رمية من غير رام ( يصفها المجرمون والخونة بخطيئة حماس ) حين تصدت حماس للإجرام الدحلاني ، وانتصرت عليه ، وأوقفت المجازر ، والاقتتال ، والسلب والنهب والبلطجة التي كانت تلقى تأييدا ضمنيا من آية الله محمود رضا عباس ميرزا ؛ حبيب الملايين من اليهود ، حيث يتفاوض مع كبار مجرميهم للتنازل عن حق العودة والقدس ، والقبول بدويلة هزيلة مليئة بالمستعمرات اليهودية التى لن يستطيع السيطرة عليها ولا على من فيها ، وخالية من السلاح ، وذات حدود مؤقتة ، وهى دويلة أقل قيمة من تلك التي اتفق عليها السكير الشيوعي السابق المتصهين الحالي في جنيف ، بل وما اتفق عليه أساتذة دحلان في أوسلو !
وإذا كانت حكومة ما يسمى بتسيير الأعمال التي يقوها المتصهين الأميركي " سلام فياض " قد أوقفت عمل مئات الجمعيات الأهلية الإسلامية في الضفة وغزة اعتقادا منها أنها تمثل عمقا اجتماعيا لحماس ، فإنهم واهمون في تخطيطهم للقضاء على حماس أو غيرها من منظمات المقاومة الحقيقية .. لأن الشعب الفلسطيني يعر ف جيدا طريقه ، بعد أن استطاع أن يرغم القتلة بقيادة الإرهابي " شارون " على الخروج من غزة ، وتفكيك مستوطناتهم في مشهد سجله التاريخ للشهداء الذين ضحوا بأجسادهم مع أرواحهم فداء لله والأرض المقدسة .
ومن المفارقات أن الدحلانيين الذين مازالوا يقودون ما يسمى بسلطة الحكم الذاتي المحدودة في المقاطعة أو رام الله ، يستجدون اللقاء – مجرد اللقاء وليس الحوار مع قادة العدو الصهيوني – ويرفضون الحوار مع أشقائهم في حماس ! وحين سأل مذيع في الإذاعة البريطانية أحدهم عن هذه المفارقة ، فإن إجابته كانت الشتائم والسب للمذيع !!
وواضح أن الوقاحة الدحلانية ، التي تجعل الحوار مع العدو ممكنا ، ومع الأشقاء مستحيلا ، نتاج للعلاقة غير المشروعة بين العدو الصهيوني مع الخونة الدحلانيين ، ولا يعني ذلك بحال أن هذه الوقاحة يمكن أن تستمر إلى الأبد ، بل إن كل عربي مخلص يتمنى أن يوفق الله حماس لرمية أخري من غير رام للقضاء على بقية الخيانة الدحلانية في الضفة الغربية ،وساعتها ، فإن كل المحبين لحماس والجهاد الحقيقي ضد العدو الغاصب يتمنون أن تعود حماس للعمل العسكري وحده ، وتتفرغ له تفرغا تاما ، وتترك مجال تسيير الأمور لإداريين تكنو قراط ، يسيرون أمور الناس وشئونهم الاجتماعية ، بعد حل السلطة التي صارت حبرا على ورق ، ولا قيمة لها إلا لدى من صنعوها ليقولوا للعالم إننا جادون في السلام ، وهم يعلمون أنهم أكذب خلق الله ، فقد صنعوها لتحارب الشعب الفلسطيني وتكبل حريته بمزيد من القيود ، ولم يكن سرا أن الولايات المتحدة ، مع العدو الغاصب تقدم السلاح والمال علنا وعلى رءوس الأشهاد للقضاء على المقاومة ، التي يسميها المدعو فياض بالميليشيات !
لقد أدت حماس واجبها في خوض التجربة الانتخابية ، وحصدت ومعها الشعب الفلسطيني ثمارا مرة ، وآن الأوان أن تعود إلى دورها الأصلي في إنزال الضربات بالعدو وإيلامه ، حتى يأتي نصر الله والفتح ، ويومها يفرح المؤمنون بنصر الله.