السفّود السوري
ومضات محرّضة :
مَن يتقلّب عليه؟ ومَن يقلّبه!؟
عبد الله القحطاني
ثمّة مثـل إنجليزي يقول : ضَع إيرلندياً على السفّود ، تجد دائماً إيرلندياً آخر يقـلّبه !
( السفّود هو السيخ الذي يشوَى به اللحم ).
إن الوضع السوري ، بجملته ، وبسائر تفصيلاته.. سفّود حقيقي ، يتقـلّب به على النار أناس، ويقلّبه أناس آخرون !
ولو استعرضنا أبرز تفصيلات المشهد ، لرأينا مايلي :
1) نظام الحكم القائم :
· يقلّب شعب سورية ، بأسره ، بشتّى مِلله ونِحله وطوائفه ، ومذاهبه الفكرية والسياسية.. بمن فيها العناصر المؤيّدة لأسرة آل أسد الحاكمة ، والمحسوبة عليها ، من أحزاب وكتـل وأشخاص ، في المواقع المختلفة ، من تشريعية وتنفيذية وقضائية ونقابية ..! ولا يستثنى من ذلك حزب البعث ، الذي يشكّل غطاء سياسياً ، لحكم الأسرة ، العسكري البوليسي ..! وأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية ، التي تشكّل ديكوراً تزيينياً ( ديموقراطياً !) غير بديع ، في صالون آل أسد .!. والذين يمسكون بالسفّود الكبير، سفّود الاستبداد ، هم العناصر الكبيرة في مجموعة الحكم ، وهم : بشار، وأخوه ماهر، وصهره آصف شوكت ، وكبار أسرة آل مخلوف ، أخوال بشار الأسد ! ثم لكل عنصر من العناصر الرئيسية التابعة لهم ، سفّوده الخاصّ ، الذي يقلّب عليه مَن حولَه ، ومَن دونَه ، من الموالين ، الخاضعين لمراقبة دائمة ، وابتزاز مستمرّ ، وتهديد ماثـل ، في كل لحظة ، بالويل والثبور، وعظائم الأمور، ومصير كمصير الزعبي ، أو كنعان ، أو صلاح جديد ، أو محمد عمران ، مِن قَبل .. أو مَن جاء بعدهم ، ممّن خرج من السلطة حديثاً ، ووضِع تحت المراقبة ، والمنع من السفر، ووضِعت أمواله وأموال أسرته ، تحت الحجز! ونحسب كلاً مِن هؤلاء ، يعرف نفسه جيداً ، قبل أن يعرفه الشعب السوري ! وما نظنّ سورياً واحداً ، يجهل السفّود البشع، الذي يتقلّب عليه الجيش السوري ، فوق الجمر، ، منذ عشرات السنين ! أمّا السفّود الذي يتقلّب عليه مجلس النواب ، (السلطة التشريعية !) فما نحسب مواطناً سورياً ، يعرف معنى التشريع ، ومعنى السلطة التشريعية .. لايحسّ بقسوته وعنفه ، على هذا المجلس ، الذي ينتخَب ، ويجتمع ، ليبصم على قرارات آل أسد ، ويسبّح بحمد الرئيس الملهم ، ويفديه بالروح والدم .. وبالكرامة ..! والسلطة القضائية ، معروف كذلك ، السفّود الذي تتقلّب عليه ، فوق جمر الألم ، والرعب ، والاحساس القاتل باحتقار الذات ، إزاء عبث الأجهزة الأمنية ، بقرارات القضاة وبمصائرهم !
· يقـلّب شعبَ لبنان ، بأسره ، بشتّى طوائفه ومذاهبه ، وأحزابه وتوجّهاته .. الموالي منه للحكم السوري ، والمعارض له ! ولكل زمرة من الزمر اللبنانية ، طريقة خاصّة في التقليب ، تمارسها مجموعة الحكم في دمشق ، بأيدي عناصر استخباراتها ..! (العناصر الموالية لحكام دمشق ، خاضعة لسائر أنواع الضغط ، والابتزاز، والتهديد، والحرمان .. إذا حادت قيد أنملة ، عمّا تَرسمه لها أجهزة المخابرات السورية ، من قول أو سلوك ، في التعامل مع الشأن اللبناني الداخلي ..! أما العناصر المعادية لحكم سورية ، فمعروفة ، مكشوفة ، طرائق التعامل الاستخباري السوري معها ..!).
2) أمريكا : بدأت ، منذ شهورعدّة ، تقلب الزمرة الحاكمة في دمشق ، على سفّود المحكمة الدولية ، الخاصّة بالتحقيق بمقتل الحريري ، وتمارس على هذه الزمرة ، سائر أنواع التهديد والابتزاز، وتحرّك مجلس الأمن الدولي ضدّها ، ليجمّد أموال بعض الشخصيات المتّهمة ، حيناً ، ويحظر استقبال بعضها ، في بعض الدول ، حيناً آخر، ويصدر عقوبات اقتصادية ، حيناً ثالثاً !
3) سفافيد أخرى بديعة : ثمّة شخصيّات ، من أصحاب المطامح ، السياسية وغير السياسية ، تمارس المعارضة ، عن هواية أو اضطرار .. يدفعها حبّ الظهور والشهرة ، إلى صناعة سفافيد من أنواع مختلفة ، إعلامية بالدرجة الأولى ، لتضع عليها بعض قوى المعارضة ، كي تشويها وتأكلها ! فتبدأ بالضجيج الإعلامي ، وكتابة البيانات ، والتصريحات والمقالات ، والمقابلات الفضائية .. تشهّر بهذا الرمز من رموز المعارضة ، أو بهذه المجموعة ، أو بهذا الحلف .. وتصبّ من كؤوس حقدها وحسدها وغيرتها ، ماتظنّه يحرق هذه الفئات ، ويسقطها ، ويدمّرها إلى الأبد ( ليخلو لها وجه أبيها !) .. ثم تكتشف ، بعد الجهد والعناء ، واللهاث المحموم ، في ساحات التشهير والتجريح ، أنها لم تحرق إلاّ أنفسَها ، ولم تَشوعلى سفافيدها غيرَ أبدانها وقلوبها ، ولم تسقِط أحداً سواها ، سواء أكان السقوط خلقياً ، أم سياسياً ، أم اجتماعياً.. فتلوذ بالصمت ، وتنكفئ في زاوية مهملة ، من زوايا النسيان !