مصر بين أبو حصيرة والجدار الفولاذي

محمد فاروق الإمام

محمد فاروق الإمام

[email protected]

هل مصادفة أن يتزامن بناء الجدار الفولاذي الذي تقيمه مصر حول عنق الجياع والمحاصرين في غزة مع استقبالها لوفود الحجاج الصهاينة إلى مزار (أبو حصيرة) الذي يدعي اليهود أنه أحد قديسيهم المدفون في مصر في رواية لا سند لها ولا دليل، وهل مصادفة أن تعلن القاهرة أن النائب البريطاني البطل جورج غلوي الذي تحدى الحصار الصهيوني وقيادة بلاده للرباعية وقاد ويقود حملات وقوافل شريان الحياة لنجدة أهلنا في غزة المحاصرة الجائعة، شخص غير مرغوب يه في مصر، مع السماح لآلاف الزائرين اليهود باختراق سماء مصر القومي إلى مطارات مصر ليقيموا مهرجاناتهم الماجنة عند ضريح أبي حصيرة الذي ما هو إلا مسمار جحا أرادت منه الصهيونية مكاناً وأرضاً لقطعانها، بعد أن تمكن الجيش المصري في العاشر من رمضان 1973من تحطيم خط بارليف ودحر الجيش الصهيوني الذي كان في أذهان المصريين والعرب والعالم لا يقهر!!

ففي الوقت الذي يعاني فيه قطاع غزة الحصار الإسرائيلي، وإقفال المعابر وتزايد حاجة السكان إلى لقمة العيش والدواء، تستمر مصر في بناء الجدار الفولاذي لتحكم الحصار على أهلنا في غزة ولتقطّع شرايين الحياة بين قطاع غزة والأراضي المصرية.. وفي الوقت الذي تعلن مصر أنها ببنائها للجدار الفولاذي بين مصر وقطاع غزة تحافظ على أمنها القومي، وصلت قوافل بغايا وفسّاق بني صهيون (265) صهيونياً إلى القاهرة فجر يوم الثلاثاء الخامس من الشهر الحالي على طائرة خاصة من تل أبيب لحضور احتفالات مولد (أبو حصيرة) في محافظة البحيرة.

وصرحت مصادر أمنية بالمطار بأن (من بين الإسرائيليين حوالي 40 حاخاماً ورجل دين يهودي)، وشددت على أنه تم اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمينهم منذ خروجهم من المطار حتى مقر الاحتفال في قرية (دميتوه) التابعة لمركز دمنهور في البحيرة، وكان 299 يهودياً قد وصلوا من قبل على ثلاث طائرات للمشاركة في الاحتفالات، وقررت السلطات المصرية العام الماضي عقب الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، منع اليهود من إقامة الاحتفال بمولد (أبو حصيرة) حرصاً على سلامة اليهود وأمنهم خشية ردة فعل المصريين تجاه ما فعله الصهاينة بغزة هاشم من قتل لأهلها وتدمير لكل مظاهر الحياة فيها.

وتتضمن احتفالات اليهود عند قبر (أبو حصيرة) الرقص والغناء وشرب الخمر وذبح بعض الخراف، وقد نجح اليهود في زيادة مساحة المقبرة من 350 متراً مربعاً إلى 8400 متر مربع. ويدعي اليهود أن (أبو حصيرة) حاخام يهودي من أصل مغربي واسمه الأصلي أبو يعقوب وله كرامات مشهودة.

أي عار هذا الذي تلبسه القاهرة للمصريين والعرب والمسلمين.. تخنق أهل غزة هاشم وتمنع عنهم الغذاء والدواء، بحجة المحافظة على أمن مصر القومي، وفي نفس الوقت تفتح أجواءها ومياهها وبرها للصهاينة الذين ذبحوا أطفال مصر في بحر البقر وقتلوا أسرى مصر في صحراء سيناء بدم بارد، وقتلوا ويقتلون أبناء فلسطين صباح مساء منذ أن وطئت أقدامهم أرض فلسطين وقبل أن يقوم كيانهم غير الشرعي عام 1948 دون خوف على أمن مصر القومي.. (معادلة لا أعتقد أن المجانين قبل العقلاء ستتمكن من هضمها معدتهم)!!