السيد الرئيس
السيد الرئيس – أعانك الله
أرجو التكرم بالعلم بأنني أخاطب فيك (حماس)
د.عطا الله أبو السبح
..وصلت إلى المجلس بإرادة شعبك نعم ..بديمقراطيةٍ سليمة أيضا نعم ..لم تمارس التزييف – بشهادتهم - أيضا ألف نعم ..لم يتهمك أحد منهم قط ..كانوا يعتقدون أن الفوز محتـَّم ولن يكون لك ...هم أم الولد ، وهم الشرعية ،هم التاريخ والجغرافيا معاً ، هم الحاكم والمحكوم وهم الأصيل والوكيل والكفيل ، وهم الماضي و هم الحاضر وهم المستقبل ، هم ، هم الشهداء ، وهم البطولة وهم الثورة وهم السلام ، هم كل شيء ...شيطان رجيم من وقف في وجوههم وكيف له ذلك !! ..هم من نقلوا القضية من لاجئٍ لا شيء ،إلى صاحب قضية وقرار ولكنهم غفلوا عن كثير ، غفلوا أنْ ليسوا كذلك في كل ذلك ، غفلوا أن التكريم الأعظم للإنسان قدرته على التمييز، وقدرته على الإدراك ، وقدرته على الربط والتحليل والتركيب ... داخل كل فرد محكمة دائمةُ الانعقاد، والقاضي نبيه ومتيقظ ، هيهات أن يصدر حكماً في غياب تمييزه وإدراكه ،وهيهات أن يصدر دون تحليل المواقف وتركيبها وربطها ، يفرُّ من القولبة كما يفر من المحوِ والإلغاء ، ويرفض بإباءٍ من يغض الطرف عنه، كما يرفض المداهنة والمهادنة ، ويكره العمى حتى جرى على لسانه مجرى المثل ..(أكره كذا كره العمى) وبالتالي فهو مبصر ...أبصر الفساد ببصرٍ حديد ..أبصر القطط السِّمان وأبصر المجون والقصف وضاربي (الودع ) أبصر المسحوقين والمظلومين والرتب ، أبصر العملاء والمطعونين، كما أبصر المافيا وقطاع الطريق و الكلاب الضالة، أبصر الهوى الأسوأ المسمى قانون السلامة الأمنية ، الذي ارتقى به الرزايا ظهورَ أصحاب الهمم ، وداس الكسالى رؤوسَ العاملين بلا وهن ،أبصر المواكب والمرافقين والنادي و(المنتدى ) ،أبصر بنات الثورة وأبناءها من المراهقات والمراهقين في رغد من العيش ، رآهم ورأى كرامة (الفلسطيني) تداس تحت أحذيتهم ، ومسكين من يعترض ، مسكين من ينصح ، مسكين من يهمس لداخله (هذا عيب ) ...(يطربقون ) الدنيا على رأسه.
مسكين من له نظر، مسكين من يتذكر أعرافنا وتقاليدنا عند رؤيته أولاد (الأكرمين ) ، ومسكين وألف مسكين ومسكين.
أبصر اللص يحكم على الأمين بقطع اليد لأنه فكر أن يقول لا (للصوص) وأبصر الحياء يُغتصب ،والحرية تُغتصب، والذي يسابق في ساحات الظلم والحكم يُسحب ويُسحل أو يُلقى وراء الشمس..رأى كيف تقطعت أوصال موسى عرفات وخليل الزبن ،وأبصر كيف كانت قاعات القضاء مهازل ,أبصر الأرض مستباحة والتجارة مستباحة، ومقاعد الدرس مستباحة، وأبصر كيف يمسي رئيس الجامعة سخلةٌ يسوقها غِــرٌّ من الشبيبة، ويطرده طرد المعدمين عن أبواب أصحاب الجاه والسلطان المتخمين ،ويحول بينه وبين سيارته ، ساخراً : هاك شيكلاً واذهب إلى أمك (يللا ...يللا) أبصر كل ذلك ، أبصر كيف قـُطع لسان القانون فلم ينطق بالحق في دعوى تزييفك لانتخابات البلديات : رفح وبيت لاهيا والبريج ،وسمع الوعيد (لن تأخذها حتى لو صار الدم إلى الركب ..) أبصر المحامين وهم يتمسحون ويتزلفون للآت والعزى ومناة الثالثة الأخرى ..أبصر كل ذلك وغيره وغيره الكثير ...استمع إلى الوعيد ,وإلى الانتصارات الدون كيشوتية ، وقرأ التاريخ بالمعايشة أو المراسلة أو الهمس ،وعرف حقيقة الثوار من الثوار الحقيقيين ، عرف الكثير من القضاء ، عرف الكثير عن مدريد وأوسلو وطابا وشرم الشيخ وباريس ،عرف الكثير عن العناق واللقاء وعن طواحين الهواء ،عرف معنى المستوطنة وعرف المعنى الحقيقي للموت ،وعرف معنى الحصار ومن المحاصَر ومن المحاصِر ،وعرف معنى التقدم والانكسار ، ورأى الرهط التسعة الذين يفسدون في الأرض ، يهلكون الحرث والنسل : غازي ورشيد ومحمد وسمير وخالد سلام والطيب ،رأى محموداً وطلال كما رأى كبيرهم الذي علمهم السحر ، كما رأى السماسرة الكبار والسماسرة الصغار .....والمحكمة دائمةُ الانعقاد وحان الزمان كما حان المكان، لينطق القاضي بالحكم ، فكان اليوم الخامس والعشرين من الشهر الأول يوم سماع النطق بالحكم ، ونــُطق بالحكم في غمرة من سكرهم وغرورهم و نارجسيتهم ،كان زلزالاً ترنحت له حبة العين والفؤاد كوندا من ورائها إدارة الصغير بوش ، كما ترنحت له رأس القلب تسيفي وطغمة الأشرار في تل أبيب، وبهتت العواصم ، ذهول ....بلبلة ...حيرة ....تخبط ....هذا حال وكلاء محاكم التفتيش ، كيف .....؟ كيف .......؟ كيف.....؟ والجواب سهل ممتنع ...إنه التمييز و الإدراك والربط والتحليل والتركيب ...وقاض نبيه متيقظ ...سقط المرتهن ! ،خاصة وأن الميدان وعر ومحفوف بالمحارق ، بالقصف ، محفوف بالحراب وباستلاب الأرض ، ومخطط جهنمي لتدمير الأقصى وسبي القدس محفوظ بإعدام حق اللاجئ كي لا يعود ، محفوف بالمعتقلات الفاغرة الأفواه لتبتلع المزيد ، فلا يكفي أحد عشر ألفاً في جوفها ، محفوف بتجار الوطن وأدعياء الطهارة والنزاهة والشرف ، محفوف بأنياب الرباعية ، وخارطة الطريق والمعاهدات الذليلة التي خطتها أيادٍ إبليسية ، وأمْلتها على (المضبوعين ) بعد أن أسكروهم في (بار) هولست ودهاء (بيرس) ووفاء (اسحق رابين) ثم ذهب شارون وسيفه .
نطق القاضي بالحكم ...فطاشت عقولهم ، وخرجوا ، وقد انكسر سيفهم الذي أُعــِدَّ ليقطَّ الباقي من رأس الوطن ...ورآك العالم قادماً لا محالة على أكتاف (الديمقراطية ) وأدرك العالم أن هذا الشعب قد لفظ المرتــَهن وأسلم زمامه للحر ولسان حاله (فلنجرب)
انك في اختبار صعب ...قدمت في ساحاته شهادات وقامات وبواسل ...قدمت في ساحاته الرجال الرجال ..ولا يزال الرهان عليك وأنت قائم ...فلا تنم .
أتذكر يا صاحبي كيف كبلوك حتى منعوا عمن أعطاك ومن لم يعطك نسمة الهواء ، وسلب عباس بمراسيمه ما أعطاكه الدستور والقانون الأساسي وما يمليه الخلق الرفيع وفي هذا أتذكر أن ........(!!)
أراني هنا أتوقف لأعود للحديث يوم غدٍ إن عشت (أنا) لغدٍ بمشيئة الله