أوباما وتغيير الثقافة حول"الحجاب"

أوباما وتغيير الثقافة حول"الحجاب"

ابتهال قدور

[email protected]

كاتبة سوريه مقيمة في الكويت

الجرأة وحدها لاتكفي في مواجهة ثقافة سائدة..

لابد أن يصحب هذه الجرأة قوة..

إذ لا بد أن يستند من يعمد الى التغيير الثقافي في مجتمع ما الى رصيد كبير من القوة...القوة العلمية، والتقنيه، والعسكرية، والماليه، وأهم نقطة قوة هي القيادة، أو الرئاسة، أو الزعامه، المأخوذة حقاً وحباً، وليس غصباً وقهراً..

فالأقوياء - حسب التعريف أعلاه - عندما يتكلمون يلف كلامهم بريق سحر لايتواجد في كلام البسطاء أو العاديين من الناس..

والأقوياء حين يشيرون الى أمر ما، إنما هم يوجهون الناس الى تبني ذلك الأمر، سواء قصدوا أم لم يقصدوا..

فللكلام الذي تصحبه قوة، بيان يفوق بسحره وتأثيره أي كلام آخر...

أما حين يتوج هذا الكلام بعمل فإنه يصبح سنة يتبعها غالبية الناس، ويفخرون وهم يقومون بها ، لأن قوياً سبقهم إليها !! 

وقد قام بهذا الشيء الرئيس الأمريكي أوباما في أولى خطواته لتغيير الثقافة السائدة ضد الحجاب، ترجم قناعاته الى عمل وأدخل الى البيت الأبيض مسلمة محجبة لتتولى منصب مستشارة.

وهذا أمر يحسب له على الرغم من حالة الحذر والترقب الذي مازلنا نتمسك بها حياله.

قلة قليلة من النساء المحجبات حاولن اعتلاء صهوة القصور الرئاسية، أو شغل كرسي على منصة البرلمانات، ومع أنهن قلة قليلة، ووجهن بالرفض والقمع تارة وبالتآمر، والاعتداءات، والإهانات تارة، وبالإقصاء المتعمد تارة أخرى!!

من "مروه قاوقجي" في تركيا،الى "سليمه عبدالسلام " في اسبانيا، الى "ماهينور أوزدمير" في بلجيكا...

وهذا السلوك الرافض هو سلوك ينم عن ثقافة مريضة وعنصرية، وعن أيديولوجيا متعصبة بعيدة عن ثقافة الديموقراطية التي تحث على قبول الآخر الذي يبلغ الهدف بالطرق المشروعة..

وهو سلوك ظالم بلا شك لأنه يتجاهل النظر الى قدرات المرأة وإخلاصها وتفانيها، ويركز على طريقة  لباسها...يتجاهل عملها على أرض الواقع، ليركز على مظهرها، يتغاضى عن حجم عطائها لأنها تبدو بصورة لا تتلاءم مع الصورة النمطية للمرأة التي في ذهنه!!

فالغرب وفي كثير من الأمور، خاصة تلك التي تتعلق بالآخر المخالف، لم ينجح في ربط أقواله بأفعال، وقناعاته بإنجازات...

لكن رئيس أكبر دولة، وأقوى دولة اليوم، يبدو أنه يفعلها...تحدث في مصر عن خطأ من يريد منع الحجاب، واعتبر أن للمرأة حق حرية اختيار لباسها، وأكد أن بلده تحاكم وتقاضي من ينكر على المرأة هذا الحق.

مواقف حرة ونزيهة نحن سعداء بها، لأننا نأمل أن يكون فعله ذاك، وأقواله تلك بداية بناءة وعملية لنقلة ثقافية عالمية، تعيد ترتيب الأوراق والأفكار في ما يتعلق بحجاب المرأة في البرلمانات والقصور الرئاسية والدوائر الحكومية...

فهل ستشكل مواقف الرئيس الشاب الجريء الطموح بدايات هذه النقلة؟