العراقيون يتفقون وطهران تندحر

العراقيون يتفقون وطهران تندحر

محسن المطراوي

[email protected]

لا يخفى على احد حجم التأثير الإيراني في الساحة العراقية منذ9/4/2003 فإيران تسعى لإدارة الحكم في العراق عبر العناصر الموالية لها في العراق وعبر المسلحين الموالين لها والعاملين على ابتزاز المواقف وإزالة العقبات وصناعة أوراق الضغط على الحكومة وعلى قوات الاحتلال

في الأيام الأولى وبعد إعلان السيد محمد باقرا لحكيم رفضه لولاية الفقيه في العراق مبررا ذلك بتعدد الطوائف ولاثنيات والاعراق اقدمت ايران –وهي اللاعب القوي في الجنوب-الى اغتيال السيد محمد باقر الحكيم بالتعاون مع تنظيم القاعدة – وانا مازلت مصرا على ولاء القاعدة لايران –وكانت رسالتها واضحة الى الاطراف السياسية في المجلس الاعلى000الذي يدير الامور على قدر استيعابه للاهداف الايرانية بالنيابة  0

وعند الاستعداد لرسم شكل الحكم في العراق حاول الجانب الايراني زج الشعب العراقي في حرب طائفية الهدف منها دفع الشيعة الى التخندق لمعسكر سياسي واحد لضمان التنفذ الشيعي وضمان بقاء وديمومة النفوذ الايراني من  خلاله ووفق نفس المخطط وبعد النجاح في تولي المجلس الاعلى لرئاسة الوزراء في العراق  وفي محاولة محاولة لإقصاء التيار الصدري ( الذي كثرت اعتراضاته  في داخل الائتلاف  ولمحاولاته المستمرة رسم خطوط عربية للتشيع في العراق ودخوله في تحالفات مع أطراف سنية  ) اقدمت ايران على دفع فيلق القدس للعمل في العمق العراقي لتحقيق الاهداف الجديدة والتي تتضمن توريط التيار الصدري وجيش المهدي في حرب طائفية في العراق فقامت العناصر الايرانية بالعمل على اثارة الشيعة والسنة للاقتتال من جانب وتأليب الاحتلال ضد التيار الصدري من جانب آخرفكانت احداث دامية انتهت بحادث جسر الائمة  واحداث سامراء ذات البصمات الايرانيه الواضحة فمارست العناصرالايرانية حملات القتل والتهجير  باسم التيار الصدري وجيش المهدي ،  وعند قيام العشائر بالانخراط في الصحوات والعمل على طرد القاعدة  والمليشيات  بمساعدة من الجيش الامريكي  كان الهدف رجال التيار الصدري فقتل واعتقل اعداد كبيرة منهم  على خلفية اعمال العنف التي عمت البلاد مما ادى الى نبذ التيارالصدري في الشارع الشيعي وعند اقتراب الانتخابات الامريكية  بدءت الحكومة الايرانية تعمل على التاثير في الراي العام الامريكي من خلال استخدام الورقة  العراقية والتاثيرعلى مجريات  مفاوضات الاتفاقية  الامنية فكان التدخل الاول في الايعاز للحكومة العراقية  بسحب فريق التفاوض وابداله بفريق من الدائرة المقربة من المالكي لضمان عدم تسرب معلومات حول طبيعة التدخل الايراني 0

وفي بداية الامر كان الموقف الايراني المعلن رافض للاتفاقية  وبعد التهديد الامريكي لايران واتهامها بالتدخل في الشأن العراقي اعلنت ايران ان الاتفاقية  الامنية شأن عراقي ولن تتخذ موقف منها الا بعد حسم الجدل العراقي بشأنها  وفي مفاوضات الاربعاء (2611) تقدمت الاطراف السياسية في الحكومة بوثيقة الاصلاح السياسي  التي تؤكد فيها على الالتزام بالدستور والتزام السياقات القانونية  والادارية النافذة والتأكيد على وحدة الدولة والسياسيات المرسومة  وفق الانظمة والقوانين وضرورة  الرجوع الى المؤسسات القضائية والتشريعية والادارية الفاعلة -علما ان القبول الايراني بالاتفاقية جاء بعد عرض سيناريو امريكي قائم على اعادة ترتيب البيت العراقي واستبعاد الاطراف الموالية لايران  وبقاء القوات الامريكية في ظل تمديد امريكي لتقوية حكومة الانقاذ المزمعة  ومن ثم الانسحاب  وكان هذا العرض مفزعا للحكومة الايرانية  وتم ترجمة هذا الموقف في قبول الحكومة العراقية بالاتفاقية والترويج لها باعتبارها اتفاقية لسحب القوات الامريكية من العراق 0

إلا إن الاتفاقية لم تكن محل رضا وقبول الأطراف الأخرى في العملية السياسية  خاصة فيما يتعلق بالولاية القضائية  وضمان الخروج من الفصل السابع وحماية الأموال العراقية وتطبيق بنود هذه الاتفاقية وإيجاد شراكة حقيقية لمختلف السلطات الاتحادية في متابعة تنفيذ الاتفاقية وبعد التفاوض توصل الجميع  إلى إعداد وثيقة للإصلاح السياسي في محاولة لاضهار توحد العراقيين في مواجهة متطلبات الاتفاقية الامنية بشكل يعطي قوة للجانب العراقي  الا ان المفارقة المؤلمة ان ايران لم تعترض مع العراقيين المعترضين على بنود الاتفاقية ، بل الاعتراض كان على وثيقة  الاصلاح السياسي  والتي تذكر ايران بالسيناريو الامريكي الذي جاء بلغة التهديد حيث وجدت فيه الحكومة ألأيرانيه تهميشا لهيمنتها المطلقة  على الحكومة العراقية( ومؤسساتها الامنية خاصة) فاعترضت على موضوع الاصلاح السياسي القائم على التصالح بين العراقيين ، متجاهلين الاتفاق والتصالح مع المحتل الذي خرب البلد وقتل ودمر وعطل هدر دماءه وامواله  وفي هذاالاطار حاولت ايران نسف الاتفاق الاخيرومارست ضغوطها لالغاء بعض الفقرات لتكشف عن نواياها واطماعها في العراق 0

إلا إن الأمور سارت بما لا تشتهي  إيران ،حيث اتفق العراقيون على الركون والاحتكام لرأي الشعب في استفتاء تموز من العام المقبل وحتى ذلك اليوم الجميع في اختبار لإثبات النوايا الطيبة والولاء للعراق.