عشاّق البطولات الوهمية، وهوَس النضال الزائف
عشاّق البطولات الوهمية،
وهوَس النضال الزائف !
ماجد زاهد الشيباني
· صناعة الأبطال المزيّـفين ، والزعامات الفذّة الزائفة .. أصبحت لعبة مكشوفة ، في عالمنا الإسلامي عامّة ، والعالم العربي خاصّة .. والذين يبادرون إليها ، هم أعداؤنا، مع الأسف الشديد !
· أحد الأقزام المعاصرين ، صنِع بطريقة خاصّة ، فصار صنماً مفروضا تقديسه على أبناء بلاده ، عبر ممارسات طويلة ، مارسها هو، ومارسها السادة الذين صنعوه ! حتى بات يفعل بالأمّة كل مايحلو له ، من قتل ، وتدمير للقيم الإسلامية .. دون أيّ حرج ! وما يزال أتباعه ومقدّسوه ، حتى اليوم ، يسبّحون بحمده ، ويَعدّون تراثه العلماني ، نصوصاً مقدّسة ، لايجوز المسّ بها ، أو الاقتراب منها ! ويفسّرون كل سلوك ، يظنّون ، ظناً ، أنه مخالف لتعاليم وثنهم المقدّس ، بأنه مؤامرة على دولتهم ، وعلمانيتها ، وحداثتها !
· الشعوب ، بأكثريتها الساحقة ، تحبّ الأبطال ، وتطرب لذكرهم ، وتمجّد أفعالهم ، حتى لوكانوا أبطالاً أسطوريين ، ممّا نسجته خيالات الكتّاب ومؤلّفي القصص والروايات القديمة ! ولايغيب عن البال ، أن قصصاً كثيرة ، مثل : قصص عنترة بن شداد ، وأبي زيد الهلالي ، والزير سالم ، والظاهر بيبرس .. ظلت إلى عهد قريب ، وسائلَ السمر الأساسية ، للأكثرية الساحقة من شعوبنا العربية ! تُقرأ في المقاهي والبيوت ، وأماكن السمر الأخرى ، فتهتزّ لها القلوب ، وتلتهب الأكفّ بالتصفيق ، لدى ذكر أيّة بطولة خارقة ، تمرّ في الرواية المقروءة ! كما يبيت المستمعون في غمّ وحزن ، إذا مرّ فصل فيه أذى للبطل ، أو ضيق ؛ من سجن ، أو أصابة في معركة ، أو نحو ذلك !
· صنّاع الأبطال الجدد ، يعرفون من أين تؤكل الكتف ، ويدركون ، جيداً ، ماالذي يحرك المشاعر الإسلامية ، ويستثير الحمية العربية ! إنها قضية فلسطين ، بالدرجة الأولى ، وكل ماله بها صلة ، من قرار، أو شعار، أو سلوك !
· الشعارات ، هي أهون مايمكن تقديمة ، لعشاق البطولات ! فالقرار قد يسبّب حرجاً ، أو إرباكاً .. والسلوك قد يسبّب بعض الأذى ، لأصحابه ، أو للآخرين ! لذا ؛ يأتي الشعار، لحلّ المسألة ، جذرياً !
- فالشعار سهل ، ولا يكلّف شيئاً !
- الشعار سهل التسويق والتعميم ، عبر وسائل الإعلام المختلفة !
- الشعار يسهل حفظه ، وترديده ، وتكراره .. حتى تحفظه الجماهير كلها !
- الشعار يَسهل التفنّن في صياغته ، وفي أدائه !
- الشعار حين يسوّق جيداً ، ويهيمن على عقول الجماهير، ينسيها الحقائق كلها، وأولها : أن صاحب الشعار، ربّما كان دجّالاً مخادعاً ! ومنها : أن الشعار، وحده ، كافٍ في مرحلة ما ، لطمأنة المغفّلين ، أنه يمكن أن يتحوّل إلى فعل، في الزمان والمكان المناسبَين! ولا سيّما إذا كان صاحبه من النوع (الشاطر!) الذي لايسمح لأحد ، أن يجرّه إلى معركة ليس مستعداً لها ! وأنه ، هو ، وحده ، من يحدّد زمان المعركة ومكانها .. حتى لو حلّقت طائرات عدوّه ، فوق قصره ، أوضربَت منشآت حيوية ، في عمق بلاده !
· الغريب ، الذي يصعب تفسيره ، هو أن الكثيرين ، من عشّاق الشعارات ، اليوم ، الذين يحرصون على أن تلتهب أكفّهم بالتصفيق ، وحناجرهم بالهتاف ، للشعار وحامله .. هم من المثقّفين ، حملة الشهادات المختلفة ، العليا والدنيا ! وبعضهم من المتمرّسين في النضال السياسي ، وقيادة الأحزاب والجماهير ! وهم يضعون أنفسهم في مواقع متقدّمة ، من حيث الفهم والعلم ، والخبرة السياسية ، والحكمة .. حتى كأنهم يحتكرون هذه الأشياء ، كلها ، ويجرّدون الآخرين منها !
· فسبحان القائل : فإنّها لا تَعمى الأبصار ولكنْ تَعمى القلوب التي في الصدور!