مدينة الحمامات واجتماع عن الوضع الأمني في ليبيا

وتنديدا بالعدوان الاسرائلي على غزة !

رضا سالم الصامت

مدينة الحمامات، مدينة ساحلية جميلة تقع في الشمال الشرقي  من البلاد التونسية  احتضنت على مدى يومين الاجتماع الثالث  لوزراء خارجية دول جوار ليبيا بمشاركة وزراء خارجية تونس والجزائر والسودان والتشاد والنيجر ومساعد وزير الخارجية المصري والمبعوث الخاص لجامعة الدول العربية إلى ليبيا ومفوض السلم والأمن للاتحاد الافريقي والمبعوث الخاص للاتحاد الإفريقي إلى ليبيا والقائم بأعمال سفارة دولة ليبيا بتونس.

وحالت المستجدات الأمنية الأخيرة في ليبيا دون مشاركة السيد محمد عبد العزيز، وزير الخارجية والتعاون الدولي الليبي. علما و ان  القمة الإفريقية الأخيرة في غينيا الاستوائية أقرت مبادرة طرحتها الجزائر في 24 يونيو 2014، لتشكيل لجنة وزارية تشمل السودان ومصر وتونس وتشاد والنيجر والجزائر بهدف زيادة الدعم السياسي والأمني لليبيا.

 افتتح الاجتماع  الدكتور  محمد المنصف المرزوقي، رئيس الجمهورية التونسية المؤقت ،  بكلمة أكد فيها على أهمية عقد هذا الاجتماع  في ظرف تشهد فيه الأوضاع في ليبيا تصعيدا أمنيا خطيرا، مؤكدا أن حالة عدم الاستقرار الأمني الناتج عن انتشار السلاح موازاة مع الخطر الإرهابي هو تحدّ محوري في مسار الانتقال الديمقراطي في ليبيا كما يمثل مصدرا للتهديد لكل دول الجوار.

وبيّن رئيس الجمهورية أن مواجهة هذا التحدي لا تكون إلا عبر المؤسسات السيادية الشرعية للدولة باعتبار أن محاولات محاربة المجموعات المتطرفة خارج مؤسسات الدولة لن تزيد الأمور إلا تعقيدا.

 وأضاف المرزوقي أن واجب الأخوة يفرض على الجميع التكاتف من اجل مساعدة الأشقاء في ليبيا على تحقيق التوافق في كنف احترام السيادة الليبية، مبرزا انه لا توجد وصفة جاهزة لحل الأزمة الليبية ولكن الوضع يستوجب تضافر جميع الجهود لتجاوزها وإرساء لبنات عملية سياسية سليمة. وعلى صعيد آخر، استأثرت تطورات الوضع في غزة بحيز هام من كلمة الرئيس التونسي  حيث جدد إدانة تونس الشديدة للعدوان الإسرائيلي بما يمثله من خرق جديد للقانون الدولي وحقوق الإنسان.

ودعا سيادته  الأمم المتحدة وكل منظمات المجتمع الدولي لحمل إسرائيل على وقف عدوانها وإجراء تحقيق دولي عاجل مؤكدا على ضرورة رفع الحصار بكل أشكاله عن قطاع غزة.

من جهته، ألقى السيد المنجي حامدي، وزير الشؤون الخارجية التونسي ، كلمة بيّن فيها  أن خطورة الأوضاع الأمنية في المنطقة والتحركات الأخيرة للتنظيمات الإرهابية في منطقة شمال إفريقيا والساحل والصحراء تستوجب مضاعفة اليقظة وإحكام التنسيق الأمني بين المصالح المختصّة لرصد أنشطة هذه التنظيمات وإحباط مخططاتها الإجرامية.كما أكد السيد الوزير، في نفس السياق، على ضرورة اعتماد إستراتيجية موحدة لمراقبة الحدود من خلال إحداث غرفة عمليات مشتركة بين دول الجوار للتنسيق الأمني وتبادل المعلومات.

 وشدّد على أن الحل في ليبيا لا يمكن أن يكون إلا سياسيا وأنّ الحوار هو السبيل الوحيد  لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء  مشيرا إلى دعوة تونس منذ بداية الأزمة الليبية إلى ضرورة إطلاق حوار وطني شامل ليبي - ليبي في ليبيا الشقيقة وإلى دعمها بكافة  الجهود الإقليمية والدولية الهادفة إلى توفير أفضل الظروف لعقد هذا الحوارالوطني الليبي - الليبي .

وفي ختام كلمته أكد وزير الشؤون الخارجية على أهمية إشراك دول الجوار في الاجتماعات والمؤتمرات والمفاوضات التي تتناول الشأن الليبي باعتبارها المعنية مباشرة باستقرار الوضع في ليبيا والأشدّ تأثّرا بتداعياته. و سيتواصل هذا الاجتماع على مدى يومين لوضع خارطة طريق لدعم ليبيا سياسيا وأمنيا .  وتم خلال الاجتماع :  التأكيد على أهمية هذا الاجتماع باعتباره الإطار الذي يجمع جهود دول جوار ليبيا للتباحث حول التحديات التي تواجهها هذه الدول، والناتجة عن الوضع الأمني بليبيا، والتنسيق والتشاور للمساعدة و على إرساء حوار وطني ليبي في كنف الوئام والتوافق بين أبناء الشعب الليبي والتأكيد على أن دول الجوار تمثل طرفا أساسيا في التعاطي مع المسألة الليبية وفي أي جهد يساعد على حل الأزمة ويخدم مصلحة الشقيقة ليبيا. وخلال الاجتماع الذي دام يومين  تم استعراض التحدّيات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تواجهها دول الجوار، والنّاجمة بالأساس عن تردّي الأوضاع الأمنية في ليبيا وتفاقم ظاهرة الإرهاب والجريمة المنظمة وتهريب الأسلحة مع ضرورة معالجة بؤر الإرهاب في ليبيا باعتبارها مصدر قلق لليبيا ولدول الجوار المباشر وتجفيف منابعه،  و دعوة المؤسسات والهيئات الدينية الوسطية بدول الجوار للتنسيق فيما بينها وتحمل مسؤولياتها في نشر الخطاب الديني المعتدل  و هنأ وزراء الخارجية  العرب للدول المجاورة لليبيا  الشعب الليبي الشقيق على تنظيم الانتخابات التشريعية، والتأكيد على ضرورة إبراز الدعم السياسي لدول الجوار  لتركيز  البرلمان الليبي الجديد والبدء في مهامه التشريعية.

واتفق المجتمعون على ما يلي : ضرورة احترام وحدة ليبيا وسيادتها وسلامتها الترابية. و ضرورة وقف كامل العمليات العسكرية بليبيا. وحث كافة الأطراف والفعاليات السياسية في ليبيا على حلّ خلافاتها عبر الحوار وانتهاج مسار توافقي

مع ضرورة مساهمة دول جوار ليبيا في الاجتماعات والمؤتمرات التي تتناول الشأن الليبي باعتبارها الدول المعنية مباشرة باستقرار الوضع في ليبيا والأكثر  تأثّرا بتداعياته. و دعم كافة الجهود الهادفة إلى توفير أفضل الظروف لعقد مؤتمر الحوار الوطني الليبي، ومساندة مبادرات التحرك العربي والإفريقي للتعامل مع الشأن الليبي

هذا و قد أقر الاجتماع تشكيل فَريقيْ عمل برئاسة وزير الشؤون الخارجية للجمهورية التونسية بالتعاون مع المبعوثين الخاصين لجامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي إلى ليبيا  :

 1 فريق عمل أمني على مستوى الخبراء الأمنيين، وتتولى الجزائر تنسيق أشغاله ويُعنى بمتابعة المسائل الأمنية والعسكرية بما فيها مراقبة الحدود والمساعدة على بلورة تصور محدد فيما  يتعلق بتجميع الأسلحة الثقيلة وفق منهج تدريجي يهدف إلى التعامل الجاد مع هذه المسألة التي تهدد الأمن والاستقرار في ليبيا ودول الجوار.

2 فريق عمل سياسي على مستوى كبار الموظفين وتتولى مصر تنسيق أشغاله ويعنى بالمسائل السياسية بما في ذلك الاتصال بالطبقة السياسية ومكونات المجتمع المدني في ليبيا.

ويتولى فريقا العمل إعداد تقارير ورفعها خلال الأسبوع الأخير من شهر جويلية/ يوليو 2014 إلى وزير الشؤون الخارجية للجمهورية التونسية بوصفه رئيس فريقي العمل والذي يقوم  بدوره برفع تقرير شامل في الغرض إلى الاجتماع الوزاري القادم.

وفي هذا السياق رحب المشاركون باقتراح جمهورية مصر العربية استضافة الاجتماع القادم لوزراء خارجية دول جوار ليبيا خلال النصف الأول من شهر أوت/أغسطس 2014.

كما  أقر المشاركون تشكيل لجنة وزارية من دول الجوار تتحوّل في أقرب الآجال إلى ليبيا للالتقاء بالحكومة الليبية والأطراف الفاعلة والمؤثرة على الساحة الليبية للتعبير عن تضامن دول الجوار مع الشعب الليبي والتشجيع على الحوار الوطني الشامل بين الليبيين.

 وفي الختام، أعرب المشاركون عن بالغ شكرهم وتقديرهم للجمهورية التونسية على استضافة هذا الاجتماع وعلى ما وفّرته من ظروف وإمكانيات لـتأمين نجاح أشغاله.