الظواهري وداعش... لعبة الموت والقاعدة المثقوبة

الظواهري وداعش...

لعبة الموت والقاعدة المثقوبة

مصطفى العلي

[email protected]

إذا كانت الثورة السورية قد تمكنت من إماطة اللثام عن حقيقة داعش وأبي بكرها البغدادي على أنها ليست أكثر من ذراع خبيثة وامتداد مخابراتي للحرس الثوري الإيراني ورئيسه السابق قاسمي قاسم الشرور وموزع المصائب في هذه المنطقة بالاشتراك مع مخابرات النظام السوري اللذان دمّرا العراق معا وأوشكا على تدمير ومحو سورية الإسلام والعروبة من خارطة المنطقة .... كل ذلك باسم القاعدة وختم الظواهري..

فأين هو هذا الظواهري الأسطورة من هذه اللعبة ..!؟

أين موقعه وموقفه من آلاف بل عشرات الآلاف من البشر اللذين يتحولون إلى أكوام من اللحم الممزق المشوي وفي أحيان كثيرة باسم (القاعدة) ولا أحد يدري إلا الله والآية العظمى القابعة في قم بأي ذنب قتلت!! وبأي غرض حقير وتحت أي نوع من أنواع الإسلام الذي لم يكن منذ أن أنزل الله كلمة إقرأ على نبيه محمد في بعض نواحي مكة إلا رسالة خير ورحمة للعالمين ونسمة مباركة عرفته ديار بني سعد منذ نعومة أظفاره ..!؟

هل يعقل أن يقبل هذا الظواهري الدكتور بكل هذا الإجرام مهما كانت طبيعة فهمه للدين !؟.... لم نسمع له تصويبا أو تنصلا أو إدانة لأعمال قتل لم تكن لتبرر وتقبل تحت أي نوع من أنواع الإسلام الذي جعل حرمة المسلم عند الله أعظم من حرمة الكعبة التي يرتبط بها الركن الخامس من أركان الإسلام "كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه" ونشر ثقافة قطع الرؤوس باسم دين إنما جاء رحمة للعالمين شملت رحمته حتى الحيوان (إن الله رفيق يحب الرفق في الأمور كلها.....وإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته....) لا يمكن لهذا أن يتسق أبدا مع ما تقوم به السيارات المفخخة العشوائية تحت أي عنوان... في دين تتصدره قاعدة كبيرة جليّة واضحة وضوح الشمس "ولا تزر وازرة وزر أخرى"

صحيح أن شدة الظلم توقظ في نفوس المظلومين غريزة الثأر وحب الانتقام المودعة في طبيعة كل كائن حي ولكن ليس بالطريقة المتحللة من أي قيم أو دين حقيقي أو أخلاق لا فرق بين طفل وامرأة وشيخ ..له علاقة أم مجرد عابر سبيل..!!! وإلا فبم يختلف دعاة تحرير البشرية هؤلاء عن أنظمة إنما يزعمون أنهم يحاربونها لظلمها وإجرامها !؟... ما كان المسلم ليكون مسلما في المسجد ومجرما في الشارع.. المسلم مسلم في السلم ومسلم في الحرب ومسلم في كل شؤون حياته

لا يمكن أن ينسجم إلا مع ما عُهِدَ عن النظام المجوسي الباطني الذي لا يحلّ حلالا ولا يحرم حراما يؤزّه حقد معتق منذ مئات السنين ينفذونه اليوم ثأرا بعد مئات السنين بالشرب من دماء أطفال الشام

هل الظواهري بهذا المعنى حقيقة أم وهم ؟ هل هو الآخر ملغوم كواليه على العراق في إمبراطوريته الافتراضية المزعومة أبو بكر البغدادي !؟

كيف يدير معركته !؟ مع العالم!؟.. وهو المطلوب حيا أو ميتا لكل دول العالم بلا استثناء!؟

 من أي كهف ناء في جبل من جبال أفغانستان أو باكستان لا يستطيع الوصول إليه إلا أولو العزم من الرجال..؟

وبأي اتصالات تمر عبر مصفاة فائقة الدقة يملكها أعداءه الذين يمتلكون ناصية العلم والتقنية التي تستطيع تحديد موقع أي صاحب حنجرة ولسان من بصمة صوته حالما يضع سماعة الهاتف على أذنه ويقول "ألو"....!؟

 كيف يتواصل مع أجزاء دولته الخفية !؟ ضمن وضع بالغ الصعوبة من المطاردة والملاحقة والتعقب !؟ هل يستخدم الحمام الزاجل كما كانوا يفعلون أيام السيف والترس!؟ أم لغة المورس ...!؟ أم لعله يتعامل بالحاسة السادسة وتخاطر الأرواح لقيادة إمبراطوريته الافتراضية المترامية الأطراف ..!؟..

كيف يتابع أخبار أتباعه وتحركات أعداءه الذين هم في كل الدنيا وربما على بعد أمتار من مخبأه المحمي بطاقية الإخفاء من عيون شبكة من قصاصي الأثر المتلهفين للتقرب برأسه هدية لا تقدر بثمن لولي نعمتهم (القاعد في البيت الأبيض).....هذا العدو العملاق الذي له أقماره الصناعية وأجهزته التجسسية التي تكاد تحصي حركات أهل الأرض وسكناتهم و"تعرف القرد وين قاعد" كما يقولون... كيف لنا أن نصدق خرافة بهذا الحجم !!؟؟

 وإذا كان هذا الظواهري حقيقة وله وجوده الفعلي على الأرض وبهذه الإمكانيات البهلوانية الجبارة التي تعجز عنها كل فهلويات المخابرات الأمريكية فكيف ينطلي عليه أن ما يقوم به دواعشه على أرض الواقع إنما هو جهاد في الاتجاه الخطأ يصب في مصلحة بشار الأسد وإيران وإسرائيل ولا يخدم إلا عدوة عمره أمريكا بما يسفك من دماء الأبرياء والمجاهدين الصادقين على حد سواء... !؟

إن ما يصدر عنه من تصريحات بين الآونة والأخرى يبدو تناقضها واضحا جليا لا يصدر إلا عن جاهل بالواقع أو جاهل بالمعلوم من الدين والسياسة بالضرورة.. باستمراره في تبني هذه الفئة الخارجة عن كل ضابط وقانون ودين بأهداف لم تعد تخفى على أحد أهمها:

· إجهاض الثورة وإشغالها بصراعاتها الداخلية

· تفريغ حلم المسلمين في عدالة دولة الإسلام بهذا الأنموذج القزم الذي يثير كراهية الناس واشمئزازهم من الدين والمتدينين لعشرات السنين

· سحب البساط الأخلاقي من تحت الثورة بتشويه سمعة الإسلاميين الذين يشكلون العمود الفقري للثورة عن طريق افتعال ممارسات إجرامية تنسب إليهم لا يقبلها عقل ولا منطق ولا دين

· إثارة وتأليب المجتمع الدولي على الإسلام والمسلمين وهو المتوتر أصلا من أي مصطلح يمت إليهم بصلة من قبل أن يفعل الدواعش ما يفعلون .

· هذا بالإضافة إلى حرمان الثورة من الاستفادة من عمقها الاستراتيجي الإسلامي بوقف سيل المتحمسين المتدفقين لنصرة إخوانهم في سورية الجريحة في الوقت الذي يفتح فيه الباب على مصراعيه لاستقبال المتطوعين لذبح الشعب السوري على مرأى ومسمع العالم.

 يتبنى الظواهري داعش لسنوات طويلة رغم كل ما قامت به من إجرام واضح وتآمر فاضح بقي مستورا حتى كشفت الثورة السورية ستره من خلال ما تقوم به من جرائم والقيام بتصفية قيادات الثورة وإعلامييها الذين عجز النظام عن الوصول إليهم .. ورغم كل ذلك لم يقل كلاما فصلا يعلن براءة تنظيمه من أعمالها سوى بعض التصريحات الضبابية التي تزيد الريبة والشك لاسيما تصريحاته التي تأتي متماهية مع سعي النظام للحصول على ذريعة يتهمنا فيها بالإرهاب أمام هذا المجتمع الدولي المهووس بهذه الكلمة يراها في كوابيس أحلامه .

حيث لا يجد هذا الظواهري الحكيم وقتا يتذكرنا فيه إلا يوم نكون في أمس الحاجة لابتعاده عنا وعدم ذكر اسم ثورتنا على لسانه بين يدي مؤتمر دولي نطمح من خلاله إلى إيجاد موقع لثورتنا في هذا العالم عبر الحصول على اعتراف من أممه المتحدة يحررها من محاولات النظام المستميتة للختم علينا بختمه وختم قاعدته وإبقاءنا في الدائرة الحمراء....

فأي ظواهري هذا إذا كان موجودا على أرض الواقع وليس خرافة أو أسطورة!!؟

إذا كان لا يدري فتلك مصيبة وإن كان يدري فالمصيبة أعظم وأعظم بكثير... بل كلمة "المصيبة" هنا لا ترقى للتعبير عن حجم الكارثة وهول المفاجأة الحاصلة

إذا كان لا يدري ! فهذا يعني أنه ساذج أحمق تجري أنهار من ماء بل ومن دماء من تحته ولا يحس حتى ولا برطوبة سرواله الذي تلون بالأحمر وهو يطفو على نهر مزيج من الماء والدمع والدم!! وهو بالتالي لم يعد هو نفسه الظواهري أمير القاعدة الشبح التي يراها الأمريكيون في أحلامهم

الأجدر به في هذه الحالة أن يصمت إلى الأبد ويفتش له عن طريقة لا قتلاع الخازوق الذي تمكن منه بكل "صنعة لطافة" كما يقولون

وإذا كان يدري فهو بغدادي آخر جزء من اللعبة اللعنة والمؤامرة .... أحد المنفذين للمشروع الصهيوصفوي القذر..

وفي أحسن الأحوال قد يكون هذا الظواهري معتقلا أو مختطفا كما حصل لعدنان عقلة زعيم الطليعة المقاتلة عام 1983 في سورية يوم تم استدراجه مع المزيد من عناصره إلى الفخ والقضاء على حركته التي كانت نواة لأول مشروع جهادي تحرري من نوعه في العصر الحديث

أو ربما يكونون قد استطاعوا تفكيك هذا اللغم الذي يدعى القاعدة وإعادة توجيهه إلى الجهة التي أطلق منها كما يفعل الثوار السوريون مع براميل النظام التي لا تنفجر... أو أنهم قد نجحوا في إعادة تدوير ثوب القاعدة وإلباسها لأشكال مختلفة من الفزاعات ويختبيء خلفها طواغيت العالم ... "إياكم أنا أوالطوفان" ... يقتلهم بسيف القاعدة حتى يعودوا إليه صاغرين يطلبون منه المساعدة ..... تماما كما بفعل صيادوا الفيلة

كل هذا يعني أن القاعدة الموجودة في الأسواق ليست هي نفسها قاعدة المجاهدين الذين نذروا أنفسهم لنصرة المظلومين بل هي قاعدة مثقوبة أو لنقل تنظيما شبيها بالقاعدة أخترعه العقل الأمريكي ليكون شريكا له في حرب باردة من نوع جديدة تسوق الحكومات والشعوب الحائرة المغلوبة على أمرها إلى ظلّها وحمايتها سوقا

لقد آن للمجاهدين الصادقين أن يخلعوا هذا الثوب الممزق الذي أفقده تقاطر الدماء منه طهارته وأصبح عبئا عليهم لا يستر عورة ولا يقي بردا ولا يرجى لزينة ...

فليطرحوه ثوبَ قتلة مجرمين في أعين كل العالم وليستبدلوه بثوبهم الإسلامي الحقيقي الناصع الأصيل الذي تدل عليه أفعالهم في تحرير الشعوب المستضعفة من شر وحوش هذه الغابة الدولية وأن يبقوا نارا تحرق الظالمين بوهج عدالة الإسلام ويدا بيضاء تأخذ بأيدي التائهين إلى شاطئ الإسلام والسلام.