التكنولوجيا الروسية في الصناعة والسياسة

أعزائي القراء.....

في أعوام السبعينات كنت عضوا في لجنة تابعة للجيش اثناء خدمتي العسكرية لتقديم تقرير عن حالة المحركات الكهربائية السوفيتية في معامل الدفاع والمتصلة بالمعدات لبيان صلاحياتها وعيوبها حيث كان رؤساء الورشات في هذه المعامل يشتكون من مشاكلها واعطالها واحتراق ملفاتها سريعا .

اتخذنا من بعض المعامل نموذجا وبدأنا بإجراء دراسة فنية مع تقديم مقترحات.

الاستنتاج كان واضحا فهذه المحركات مصممة للعمل بظروف معينة ليس عندها قابلية المرونه اطلاقا كحكامها , فبمجرد تشغيلها تقفز حرارتها لمعدلات غير طبيعية حتى كنا نسخر منها بالقول علينا ان نستغني عن البوتوغاز في بيوتنا لنطبخ عليها طعامنا وقهوتنا. 

ولكن المشكلة ان سياسة النظام شيئ وتقاريرنا الفنية شيئ آخر . فالتقارير كانت ملهاة لامتصاص شكايات رؤساء الانتاج في المعامل فقط حيث يرمى بعدها تقارير الفنيين في سلة المهملات فتخسر الدولة اموالها وبالتالي تحافظ الدولة على صداقتها مع الرفيق بريجينيف.

اعزائي القراء..

لاشيئ اختلف بين العهد السوفيتي الشيوعي والعهد الروسي البوتيني.. قد يكون حصل تطور بسيط نتيجة لاحتكاك الروس مع الغرب , ولكن بالمجمل هذه التكنولوجيا هي ثقافة متأصلة بالشعب الروسي فيهم تنطبق على كل شيئ من الصناعة الى الزراعة الى السياسة.

كل العالم اليوم كاد ان يتفق على مبادئ الحل في سوريا.. فهناك ثوابت لم يعد بإمكان احد تغييرها هذه الثوابت هي: لا مستقبل للاسد ولا لنظامه ولاتركيبة جيشه ومخابراته في سوريا ، والانتخابات سيدة الاحكام للوصول لديموقراطية مدنية لا اقصاء لشريف وطني فيها.

السعودية والمتشددة في انتقاء الاجنحة السياسية والعسكرية استطاعت تحديد موقفها من المعارضة بل شكلت هيئة خاصة بالمفاوضات.

التكنولوجيا الروسية مازلت ترفع وتيرة درجات حرارة موقفها تماما كمحركاتها متصلبة في كل الشيئ.

متصلبة في تشكيل وفد المعارضة على قياسها وقياس زبونها.

متصلبة ضد حضور اي طرف عسكري مع وفد المعارضة .

متصلبة في قضية البحث عن مصير القاتل الاسد ونظامه.

فهي تسير عكس التاريخ والمنطق.

كل همها اليوم ان تدخل الى المعارضة من تشاء وتخرج منها من تشاء لتصل الى هدف مؤامرتها وهو تشكيل حكومة تحالف فقط مع من تريد ضمهم للمعارضة قسرا.

روسيا تسير عكس التاريخ وكل محاولاتها ستبوء بالفشل بلا شك ولن تحصل في نهاية المطاف الا على قشور من مصالحها في المنطقة .

الثمن الذي يدفعه الشعب السوري بسبب هذه التكنولوجيا السياسية الخرقاء وسياسة صبييها باهظ جدا. وهذا امر معروف.

ولكنه اخف ضررا من الاستسلام للتكنولوجيا الروسية الفاشلة والمجربة على مدى عشرات السنين واكثر من ذلك بوجود صبيهم القاتل.

الثوار اصابعهم على الزناد، ثابتون في مواقعهم ومتقدمون في كثير منها.

فهذه هي التكنولوجية السورية الناجحة والتي ستفشل اقذر نظام في التاريخ.  

وسوم: العدد 651