دون معرفة وإدراك، تم التغرير بشبابنا العربي

دون معرفة وإدراك، تم التغرير بشبابنا العربي

رضا سالم الصامت

الأسباب التي دعت الشباب للذهاب إلى سوريا بنية الجهاد ، دون استئذان والديهم أو إبلاغ أهليهم ، ذهبوا دون معرفة وإدراك لما عليه واقع الأزمة السورية ، من اختلاط في المفاهيم والتنظيمات ، وللعب الأمنية والاستخباراتية الدولية والإقليمية ، مؤكدين بكل استغراب أنهم اكتشفوا بأن المسلم يقتل أخاه المسلم و ينكل بجثته ، وان تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) يكفر جبهة النصرة ، وجميعهم مسلمين ، وقد تركوا الجيش السوري الذي يقتل المواطنين

وأن السبب الرئيس في عودتهم وتراجعهم ، هو انكشاف الواقع أمامهم ، و أي واقع مر وان البعض من التنظيمات المتطرفة تقاتل بعضها البعض ، وان لا جهاد في سوريا ، وإنما هو قتال بين مسلمين ومسلمين وليس ضد جند بشار الأسد كما تزعم بعض وسائل الإعلام المرئية و المسموعة

وفي إطار التجارب الواقعية التي تم استعراضها ، بان منهج وعقيدة أهل السنة والجماعة لا يكفر أحداً من أهل القبلة ، و أن التكفير العيني لا يكون إلا لشخص واحد وهو القاضي الشرعي وبما يثبت إليه من الإدانات و إن ذلك يزيد في تفاقم هذه الوضع المأساوي

الهدف بات معروفا و هو تعبئة شبابنا العربي بفكرة التكفير ، هو للتبرير عمليات القتل ضد الآخرين ، وسفك دمائهم ، لان قتل المسلم للمسلم مرفوض من الناحية الشرعية ، وهذا ليس من تربية شبابنا ، ولكن للأسف هناك من يستغل في عدم معرفة شبابنا في بعض الأحكام الشرعية وذلك كي يمرروا أجندات وأهداف مشبوهة تبيح القتل وتؤدي للفوضى ، وتدخل مجتمعاتنا في متاهات يرغبون في تحقيقها و بالتالي للقضاء على امتنا العربية و الإسلامية .

 فاللجوء إلى التكفير له عواقب وخيمة ، لان الخروج للجهاد ناجم عن فهم خاطئ وفيه خروج عن جماعة المسلمين وعن ولي أمر المسلمين وعن المبادئ و القيم السمحة التي أتى بها الإسلام و الإسلام براء من كل هذا ، وهو نتاج للإنحراف الذي يبدأ بعقوق الوالدين في البداية أو الخروج على طاعة ولي الأمر ثم ينتهي بهذه الكارثة إن صح التعبير و هناك أسباب أخرى تجعل الشاب العربي يفقد صوابه و يفكر في مغادرة بلده بسبب الفقر و الخصاصة و قلة ذات اليد فيقع في فخ يصعب الخروج منه و بالتالي يقع في الجب بل في سرداب من النار فلا يجد من يمد له يد المساعدة فيندم أشد الندم بعد أن تم التغرير به ، هذا إن لم يمت أو يعذب أو يشرد أو يسحل . المسلم الحقيقي يعرف تماما أن الله سبحانه و تعالى حمى لكم النفس فأكد تحريمها في كتابه وعلى لسان رسوله وقرن القتل بالشرك

فقال تعالى: " والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق "

وقال النبي عليه الصلاة والسلام " اجتنبوا السبع الموبقات. قيل: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق...

قال الله تعالى " من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنّما قتل النّاس جميعاً ومن أحياها فكأنّما أحيا النّاس جميعاً " المائدة 32

قال الله تعالى " و من يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه و أعد له عذابا عظيما . العقوبة هي أن القتل من اكبر الذنوب فهوا مخالف لجميع الأديان السماويه.

صحيح هناك أخطاء فادحة حدثت منذ البداية و نتيجة هذه الأخطاء يدفع شبابنا المغرر بهم الثمن باهظا زد على ذلك لوعة أمهاتهم و آبائهم و أهاليهم حيث لا يعرفون أي شيء عن مصير أبنائهم ، فلا أخبار تصلهم و لا اتصال بهم ، و من بين هذه الأخطاء الإفتاء بالقتل و هذا ليس من صميم الدين و رسالته القائمة على الدعوة بالتي هي أحسن ، فالأمة العربية و الإسلامية بحاجة إلى تعظيم الدماء وتعظيم الأنفس والانضباط بشرع الله سبحانه و تعالى و يمكن أن نتدارك هذه الأوضاع المؤلمة و المزرية بنشر الطمأنينة و السلام .

لكن وفي ظل انتشار هذه الظاهرة اللعينة و القاسية ، ظاهرة اختراق شبابنا والتغرير بهم ، نطالب الحكومات العربية بضرورة النظر في منظومتنا التربوية والفكرية والأخلاقية ، خاصة في ظل الثقافات الدخيلة في زمن التواصل الاجتماعي " الفايس بوك " البعيد عن الرقابة الأسرية ، و على ضرورة تعزيز ثقافة حرمة الدماء والأعراض وتوعية هؤلاء الشباب المغرر بهم لأن الدور التوعوي أمر مهم جدا قد يجعل الشاب يثوب إلى رشده و يعدل عن أفكاره السوداء و كما على خطباء المساجد أن يكونوا في المستوى و أن ينصحوا هؤلاء الشباب إلى طريق الهداية فالإسلام دين حنيف و علينا أن نلتزم بكتاب الله و سنته و نفسر لهم الأحاديث الصحيحة ، حتى يتعضوا و يستغفروا الله و عليهم أن يتوحدوا و يعملوا بروح المحبة و التسامح بعيدا عن الأضغان و الحقد الغير مبرر فيكفي ما عانته بلداننا العربية من ويلات بسب المطامع الغربية و الخلافات و التجاذبات السياسية ، فلا مجال هنا إلا للعمل من اجل تقدم أوطاننا و لكن أن نتحلى بالصبر و وحدة الصف و الثقة المتبادلة و عدم التشكيك و تغليب مصلحة الوطن قبل كل شيء.