الاتحاد الأوروبي يعلن الحرب عمليا ضد اللاجئين

إنها مأساة مثيرة للأسف ضد المهاجرين قد تكون مجرد بداية دموية. فقد قرر الاتحاد الأوروبي إغلاق حدود البلقان بالأسلاك الشائكة أمام عشرات آلاف اللاجئين الذين وصلوا إلى اليونان، ومن بينهم 13 ألفا عالقون عند الجانب اليوناني من الحدود مع مقدونيا. 

وحتى في ألمانيا التي طالما كانت تفتخر بأنها أدخلت مليونا من اللاجئين لحدودها فإنها جعلت الشرطة تشن حملات أمنية لإبعاد الذين أصبحوا مرفوضين للجوء إلى الخارج.

وأمس الأول لقي شاب مصري حتفه عقب قفزه من قطار كان يسير بكامل سرعته بالقرب من مدينة ميونيخ الألمانية خوفا من الترحيل على ما يبدو. وأثناء تحقق رجال الشرطة من هويات ركاب القطار في ساعة مبكرة من صباح أمس الجمعة، اكتشفوا أن هذا الشاب، 17 عاما، كان يختبئ أسفل مقعد في مقصورة خاوية. وبينما كان رجال الشرطة يتحققون من أوراقه، تمكن الشاب من الانتقال لمقصورة أخرى في القطار، القادم من مدينة فيرونا الإيطالية. وفي تلك المقصورة فتح الشاب إحدى نوافذ القطار وقفز منها. 

ومن المؤسف أن المانيا لا تتردد في فرض كافة سياستها القوية ضد المطلوبين بالخروج من حدودها، وهي في الحقيقة أصبحت تمارس كلمات مخادعة، حيث أن التصريحات مختلفة تماما، إذ أن الحرب تسعى إلى إبعاد اللاجئين عبر قوات الشرطة، وهو ما أكد به كذلك رئيس الوزراء السلوفيني ميرو سيرار، اذ صرح لصحيفة «فيلت» الألمانية أن «برلين تقول من ناحية إن الحدود الألمانية ستظل مفتوحة أمام اللاجئين، لكن من ناحية أخرى هناك منذ فترة طويلة قيود يومية أو زمنية مفروضة على الدخول عبر الحدود الألمانية».

يذكر أن سلوفينيا قررت عقب قمة الاتحاد الأوروبي وتركيا، مطلع الأسبوع الجاري، السماح فقط بمرور اللاجئين الذين بحوزتهم جوازات سفر وتأشيرات سارية، وتبعتها في ذلك كل من صربيا وكرواتيا ومقدونيا. ويعتبر طريق البلقان مغلقا فعليا منذ ذلك الحين أمام اللاجئين.

وبينما تعلن وكالة الحدود الخارجية الأوروبية (فرونتكس) أن عدد اللاجئين وصل إلى 130 ألفا في اليونان، فإن أوروبا أصبحت تتجه عمليا إلى خطوات أقرب إلى الحرب منها إلى التعاون.

وقد أعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الاثنين الماضي إرسال ثلاث بوارج عسكرية للمشاركة في عمليات حلف شمال الأطلسي للتصدي لتهريب المهاجرين في بحر إيجه. وجاء في بيان له «علينا أن نكسر تجار المهربين المجرمين وردع الأشخاص المتكدسين في مراكب متداعية من خوض غمار هذه الرحلة الخطرة وغير المجدية». 

ويمثل الوضع من اللاجئين موقفا أساسيا داخل بريطانيا تجاه الاستفتاء المقرر في شهر حزيران/ يونيو المقبل من البقاء في الاتحاد الأوروبي. ويزعم الرافضون لأوروبا أن بريطانيا ستتمكن من منع قدوم اللاجئين. وقال نايجل فاراج زعيم حزب «استقلال بريطانيا» في تغريدة مؤخرا «مع استغلال آلاف الإرهابيين الإسلاميين أزمة اللاجئين، سنكون أكثر أمانا بكثير في حال خروجنا من الاتحاد الأوروبي».

ولاحظ أحد رجال الدين المسيحي في بريطانيا أمس «أن الحديث الرافض لاستقبال اللاجئين لا يعني بأي حال عملا جرائميا بالضرورة إذ أنه من الطبيعي أن يفضل الناس مصالحهم في تحسين العمل والأموال»(..).

الواقع أن أوروبا أصبحت تدرك أن خلافاتها بشأن المهاجرين أصبحت تمثل خطرا وجوديا حقيقيا. بل أن بعض المسؤولين في أوروبا يقولون سريا «إنه لم يعد ممكنا أن يجتمع وجود الاتحاد الأوروبي بعد عشرة أعوام من الآن»، ويعتبرون أن «الاتحاد الأوروبي يواجه خطر تصاعد الشعبوية والقومية بسبب تدفق المهاجرين بأعداد قياسية على أوروبا».

الواضح إذن أن أوروبا اختارت أن تفضل وجودها ومصالحها على قوانينها وأخلاقياتها بمساعدة اللاجئين الهاربين من الموت، وبالتالي فإن أوروبا لم تعد تستطيع أن تزعم أنها ما زالت أفضل حقا في تقديم النموذج للآخرين في بلادنا عندما يتعلق الأمر بدروس الحقوق والقوانين والمشاعر الإنسانية.

وسوم: العدد 659