مجاعة أثيوبيا سببها صندوق النقد والبنك الدولي 97

مجاعة أثيوبيا سببها صندوق النقد والبنك الدولي، سياسات الصندوق دمّرت زراعة أثيوبيا وقتلت مليون إثيوبي، و8 ملايين يواجهون خطر الموت جوعاً (97)

(ورقة الإطار السياسي التي تنص على التغيرات الدقيقة التي يتعين الاضطلاع بها في إثيوبيا ، قد صيغت بعناية في واشنطن من قبل مسؤولي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي نيابة عن الحكومة الانتقالية، وأحيلت إلى أديس أبابا للتوقيع من قبل وزير المالية . تطبيق تدابير التقشف الشديدة أجهض عمليا أي إمكانية لإعادة إعمار وبناء البنية التحتية التي دمرتها الحرب في البلاد. طالب الدائنون بتحرير التجارة والخصخصة على نطاق كامل للمرافق العامة، والمؤسسات المالية، ومزارع الدولة والمصانع. تم تسريح موظفي الخدمة المدنية بما في ذلك المعلمون والعاملون في المجال الصحي، وتم تجميد الأجور وإلغاء قوانين العمل لتمكين مؤسسات الدولة من "تسريح عمالها الفائضين". وفي الوقت نفسه، أصبح الفساد مستشريا. وقد أقيم مزاد علني على الأصول المملوكة للدولة من قبل رأس المال الأجنبي وبأسعار تنافسية)

(البنك الدولي وصندوق النقد الدولي مهّدا الطريق لزوال الاقتصاد الفلاحي في جميع أنحاء المنطقة مع نتائج مدمرة تعاني منها حتى اليوم. الآن، في إثيوبيا، وبعد خمسة عشر عاما من المجاعة التي تركت ما يقرب من مليون قتيل ، فإن الجوع يستشري مرة أخرى في هذه الأرض. هذه المرة، حيث يواجه ثمانية ملايين شخص خطر الموت جوعا، صرنا نعلم أنه ليس الطقس والجفاف هو المسؤول عن ذلك، بل سياسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي)

البروفيسور

مايكل شودوفسكي

(وكمعلومة ، في عام 1999 تبرعت الولايات المتحدة بـ 711 مليون دولار لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة ، وهو ما يمثل نصف ميزانيته العالمية . من كان مدير البرنامج ؟ إنها "كاترين برتيني" وهي مسؤولة سايقة في وزارة الزراعة الأمريكية .. الآن يمكنك أن تتصوّر ما سيحصل ؟؟ وكاترين برتيني هذه هي التي أصبحت المبعوثة الخاصة للأمم المتحدة إلى أثيوبيا وقت المجاعة .. تصوّر هذه الشبكة الرهيبة الملعونة التي تجد فيها الموظف الأمريكي في كل مكان يتحكم بتصريف مصالح الشركات الأمريكية وقت الأزمات باسم المنظمة الدولية!!)

 

المحتوى

______

(العلاج الاقتصادي لصندوق النقد الدولي سبب المجاعة والخراب في أثيوبيا - المجاعة في القرن الأفريقي ليس سببها الجفاف بل سياسات الصندوق والبنك الدولي - صندوق النقد أداة واشنطن في تدمير أثيوبيا - صلاحيات الأقاليم طريق تفكيك الدولة الأثيوبية - صندوق النقد يبيع مخزونات الحبوب في أثيوبيا الجائعة لغرض إصلاح اقتصادها - واشنطن تغسل مخزون حبوبها القذرة الممنوعة في أوروبا واليابان على جياع أثيوبيا المساكين - غسيل فوائض الحبوب الأمريكية القذرة المعدّلة وراثيا - سرقة محاصيل أثيوبيا التقليدية وتسجل براءات اختراع بها باسم الشركات الغربية - مع المجاعة تصفية المراكز الوطنية للحفاظ على البذور - مجاعة أثيوبيا خلقها صندوق النقد لصالح الشركات متعددة الجنسيات - بسبب سياسات صندوق النقد مات مليون اثيوبي بالمجاعة و 8 ملايين يواجهون خطر الموت جوعا - ملحق:  أموال التبرعات الخيرية لجياع أثيوبيا وجّهتها المخابرات الغربية نحو تسليح أطراف الحرب الأهلية – مصادر حلقات صندوق النقد الدولي)

العلاج الاقتصادي لصندوق النقد الدولي سبب المجاعة والخراب في أثيوبيا

_________________________________________

يقول البروفيسور مايكل شودوفسكي في كتابه المهم "عولمة الفقر" :

"إن "العلاج الاقتصادي" الذي فرضته ولاية صندوق النقد الدولي والبنك الدولي على أثيوبيا كان إلى حدّ كبير مسؤولا عن إثارة المجاعة والخراب الاجتماعي في هذا البلد وباقي بلدان أفريقيا جنوب الصحراء ، عابثاً بالاقتصاد الزراعي ومتسببا في إفقار ملايين البشر.

ومع تواطؤ فروع معينة داخل حكومة الولايات المتحدة ، تم فتح الأبواب للاستيلاء على البذور التقليدية والسلالات المحلية من قبل شركات التكنولوجيا الحيوية  في الولايات المتحدة ، التي مرّرت – بمكر ومن وراء الأستار – التبنّي المميت لبذور هذه الشركات المعدّلة وراثيا genetically modified seeds تحت غطاء المعونات العاجلة والإغاثة من المجاعة.

وعلاوة على ذلك، وتحت قواعد منظمة التجارة العالمية ، فإن شركات التكنولوجيا الحيوية الزراعية الكبرى تستطيع استغلال قوى السوق لصالحها وكذلك فرض الأتاوات على المزارعين. توفّر منظمة التجارة العالمية الشرعية لعمالقة الصناعات الغذائية لتفكيك برامج الدولة وبضمنها مخزونات الحبوب المعدّة للطوارىء ، وبنوك البذور ، وخدمات الإرشاد والقروض الزراعية .. إلخ ، من أجل نهب الاقتصادات الفلاحية وخلق التفجّرات الدورية للمجاعات.

المجاعة في القرن الأفريقي ليس سببها الجفاف بل سياسات الصندوق والبنك الدولي 

_____________________________________________

 حوصر أكثر من 8 ملايين شخص في إثيوبيا – وهم يمثلون 15٪ من سكان البلاد – في "مناطق المجاعة" . وقد انهارت الأجور الحضرية وسقط العاطلون عن العمل وعمال المزارع الموسمية والفلاحون الذين لا يملكون أرضا في براثن الفقر السحيقة. كانت وكالات الإغاثة الدولية تتفق دون مزيد من الدراسة على أن العوامل المناخية هي السبب الوحيد والحتمي لفشل المحاصيل والكارثة الإنسانية التي تلت ذلك. ما فشلت الصحف ووسائل الاعلام في الكشف عنه هو أنه على الرغم من الجفاف والحرب على الحدود مع اريتريا ، فإن عدة ملايين من الناس في المناطق الزراعية الأكثر ازدهارا من أثيوبيا قد أسقطوا في هوّة المجاعة. ولم تكن محنتهم نتيجة نقص الحبوب ولكن بسبب عقيدة "الأسواق الحرة" و "الطب الاقتصادي المر" المفروض بموجب برامج التكيف الهيكلي لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

كانت إثيوبيا تنتج أكثر من 90٪ من احتياجاتها الاستهلاكية من الحبوب. ولكن في ذروة الأزمة، قُدر العجز الغذائي على الصعيد الوطني لعام 2000 من قبل منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) بـ 764000 طن متري من الحبوب وهو ما يمثل عجزا قدره 13 كيلوغراما للشخص الواحد. في "أمهرة" كان إنتاج الحبوب (1999 -2000) يزيد بعشرين في المئة عن الحاجة الاستهلاكية. ولكن 2.8 مليون شخص في أمهرة (يمثلون 17٪ من سكان المنطقة) أصبحوا حبيسي مناطق المجاعة و"في خطر"، وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة. في حين أن فوائض الحبوب في "أمهرة" كانت تزيد على 000،500 طن متري (1999-2000)، فإن "احتياجات الإغاثة الغذائية" التي تمّ وسمها من قبل المجتمع الدولي كانت ما يقارب 000،300 طن. نمط مماثل ساد في "أوروميا" ، المدينة الأكثر اكتظاظا بالسكان في البلاد، حيث تم تصنيف 1.6 مليون شخص "في خطر"، على الرغم من توافر أكثر من 000،600 طن متري من فائض الحبوب. في كلا المنطقتين، واللتين تشكلان أكثر من 25٪ من سكان البلاد، لم تكن ندرة المواد الغذائية - وبشكل واضح - هي سبب الجوع والفقر والعوز الاجتماعي. ومع ذلك، لم تُعطَ  أي تفسيرات كاملة من قبل وكالات الإغاثة الدولية ومعاهد البحوث الزراعية.

صندوق النقد أداة واشنطن في تدمير أثيوبيا

__________________________

في إثيوبيا، جاءت حكومة انتقالية إلى السلطة في عام 1991 في أعقاب حرب أهلية طويلة ومدمرة. بعد انهيار الاتحاد السوفيتي المؤيد لنظام العقيد منغستو هايلي مريم أسقط الأخير من السلطة. قامت جهات مانحة متعددة بتمويل مشروع إعادة الإعمار والانعاش في حالات الطوارىء (ERRP) الذي وضع على عجل لغرض التعامل مع الديون الخارجية التي تقرب من 9 مليارات دولار والتي تراكمت خلال حكومة منغستو. تم إعادة جدولة ديون اثيوبيا العالقة مع نادي باريس للدائنين الرسميين في مقابل الإلتزام بإصلاحات بعيدة المدى في المجال الاقتصادي الكلي. وكأداة للسياسة الخارجية للولايات المتحدة، وصف صندوق النقد الدولي الجرعات المعتادة من الدواء الاقتصادي المر. وبسبب وقوعها في مأزق الديون والتكيف الهيكلي، فإن الحكومة الانتقالية الجديدة في إثيوبيا ، التي تقودها الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الاثيوبي (الجبهة الشعبية الثورية الديمقراطية) – المكونة إلى حد كبير من الجبهة الشعبية لتحرير تجراي - قد التزمت بشكل متطرف بحزمة "إصلاحات السوق الحرة"، على الرغم من الميول الماركسية لقادتها. أطلقت واشنطن فورا على  إثيوبيا - جنبا إلى جنب مع أوغندا - في فترة ما بعد الحرب الباردة تسمية "تحفة السوق الحرة في أفريقيا".

في حين تم خفض الميزانيات الاجتماعية في إطار برنامج التكيف الهيكلي بدرجة كبيرة، فإن الإنفاق العسكري – المموّل في جزء منه من تدفق قروض التنمية الجديدة – قد تضاعف أربع مرات منذ عام 1989 . ومع دعم واشنطن لكلا الجانبين في الحرب الحدودية بين اريتريا واثيوبيا ، تصاعدت مبيعات الأسلحة الأمريكية (راجع الملحق رجاء). وجري تقاسم الغنيمة بين مصنّعي الأسلحة وتكتلات الصناعات الزراعية. ففي مرحلة ما بعد الحرب الباردة، وضعت هذه التكتلات أنفسها في التوفير المربح للمساعدات الطارئة إلى البلدان التي مزقتها الحروب. ومع تصاعد الإنفاق العسكري الممول من الأموال المُقترضة، تم تخصيص ما يقرب من نصف عائدات التصدير في إثيوبيا لتلبية التزامات خدمة الديون.

ورقة الإطار السياسي التي تنص على التغيرات الدقيقة التي يتعين الاضطلاع بها في إثيوبيا ، قد صيغت بعناية في واشنطن من قبل مسؤولي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي نيابة عن الحكومة الانتقالية، وأحيلت إلى أديس أبابا للتوقيع من قبل وزير المالية . تطبيق تدابير التقشف الشديدة أجهض عمليا أي إمكانية لإعادة إعمار وبناء البنية التحتية التي دمرتها الحرب في البلاد. طالب الدائنون بتحرير التجارة والخصخصة على نطاق كامل للمرافق العامة، والمؤسسات المالية، ومزارع الدولة والمصانع. تم تسريح موظفي الخدمة المدنية بما في ذلك المعلمون والعاملون في المجال الصحي، وتم تجميد الأجور وإلغاء قوانين العمل لتمكين مؤسسات الدولة من "تسريح عمالها الفائضين". وفي الوقت نفسه، أصبح الفساد مستشريا. وقد أقيم مزاد علني على الأصول المملوكة للدولة من قبل رأس المال الأجنبي وبأسعار تنافسية، وعهد لشركة برايس ووترهاوس كوبر Price Waterhouse Cooper بمهمة تنسيق بيع ممتلكات الدولة.

صلاحيات الأقاليم طريق تفكيك الدولة الأثيوبية

_____________________________

في المقابل، أدت الإصلاحات إلى تهشيم النظام المالي الاتحادي. حيث تم خفض تحويلات الموازنة إلى حكومات الولايات وتركت المناطق لوسائلها الخاصة. وبدعم من عدة جهات مانحة، اعتبرت "الأقلمة" (تمزيق البلاد) بأنها "تفويض الصلاحيات من الحكومة الاتحادية إلى الحكومات الإقليمية". عرف ذئاب صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ما كانوا يفعلون بالضبط. وعلى حد تعبير صندوق النقد الدولي، فإن "للمناطق القدرة على تقديم تدخلات فعالة وكفوءة للتنمية وعلى نطاق واسع، وكذلك قدرتها على تحصيل الإيرادات".

البنك الدولي يدمّر اقتصاد الفلاحين في أثيوبيا

_________________________

مصممة على أساس الإصلاحات التي اعتُمدت في كينيا في عام 1991، تم التلاعب بالأسواق الزراعية عمدا نيابة عن التكتلات الزراعية العالمية. طالب البنك الدولي بالإلغاء السريع للرقابة على الأسعار ورفض جميع الإعانات للمزارعين. أسعار النقل والشحن أعيد تنظيمها بحيث أدّت إلى زيادة أسعار المواد الغذائية في المناطق النائية المتضررة من الجفاف. في المقابل، تم تسليم أسواق المدخلات الزراعية بما في ذلك الأسمدة والبذور لأكثر من تاجر من القطاع الخاص بما في ذلك شركة Pioneer Hi-Bred International التي دخلت في شراكة مُربحة مع مؤسسة إثيوبيا للبذور (الجهة الحكومية المحتكرة للحبوب في أثيوبيا).

في بداية الإصلاحات في عام 1992، "تبرّعت" الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID  بكميات كبيرة من الأسمدة  "في مقابل إصلاحات السوق الحرة":

"تم توفير محتلف السلع الزراعية في مقابل إصلاحات في تسويق الحبوب ... والقضاء على الإعانات الغذائية المقدّمة للمواطنين ... ركّز جدول أعمال الإصلاح على التحرير والخصخصة في قطاعات الأسمدة والنقل في مقابل التمويل لاستيراد الأسمدة والشاحنات .... لقد وفرت لنا هذه المبادرات ضمن البرنامج "مُدخلا" ممتازا لتحديد السياسات في القضايا الرئيسية".

في حين أن مخزونات الأسمدة التي "تبرعت" بها الولايات المتحدة قد استنفدت بسرعة؛ ساهمت المواد الكيميائية المستوردة بإزاحة منتجي الأسمدة المحلية وإفلاسهم. وكانت نفس الشركات التي تعمل في مجال استيراد الأسمدة تعمل أيضا في السيطرة على التوزيع بالجملة في السوق المحلية من الأسمدة باستخدام التجار المحليين كوسطاء.

في حين سُجلت زيادة في الإنتاج في المزارع التجارية وفي المناطق المروية (حيث تم استعمال الأسمدة والبذور ذات العوائد العالية). فإن الاتجاه العام، مع ذلك، كان نحو مزيد من الاستقطاب الاقتصادي والاجتماعي في الريف، والذي تميز بانخفاض العوائد بشكل كبير في الأراضي الهامشية الأقل إنتاجية التي تستغل من قبل الفلاحين الفقراء. حتى في المناطق التي زاد الانتاج فيها، تم إسقاط المزارعين في براثن تجار البذور والأسمدة.

صندوق النقد يبيع مخزونات الحبوب في أثيوبيا الجائعة لغرض إصلاح اقتصادها

________________________________________

في عام 1997، أعلن مركز كارتر ومقره في اتلانتا - والذي يعمل بنشاط على تعزيز استخدام أدوات التكنولوجيا الحيوية في زراعة الذرة - أعلن بفخر أن "إثيوبيا قد تصبح مصدّرة للغذاء لأول مرة" . ولكن ، وفي مفارقة قاسية، أمرت الجهات المانحة الحكومة الأثيوبية بتفكيك احتياطيات الحبوب المخصصة لحالات الطوارئ (والتي أنشئت في أعقاب مجاعة 1984-1985) ، وللأسف رضخت السلطات لهذا الأمر الغريب المدمّر.

بدلا من تجديد المخزونات الغذائية الطارئة في البلاد، تم تصدير الحبوب لتوفير العملة الصعبة لتلبية التزامات خدمة ديون إثيوبيا. تمّ تصدير ما يقرب من مليون طن من محصول 1996 ، وهو رقم كان يمكن أن يكون كافيا بما فيه الكفاية (وفقا لأرقام منظمة الأغذية والزراعة - الفاو) لمواجهة حالة الطوارئ التي حصلت في عام 1999-2000. في الحقيقة نفس المواد الغذائية الضرورية التي تم تصديرها (أي الذرة) أعيد استيرادها بمشقة بالغة بعد بضعة أشهر. كانت السوق العالمية قد صادرت احتياطيات الحبوب في أثيوبيا.

واشنطن تغسل مخزون حبوبها القذرة الممنوعة في أوروبا واليابان على جياع أثيوبيا المساكين

________________________________________

في المقابل، تم ضخ فائض محصول الذرة المعدلة وراثيا في الولايات المتحدة (والمحظورة من قبل الاتحاد الأوروبي وكندا واليابان والمنبوذة من قبل المستهلكين الآسيويين !!) على القرن الأفريقي في شكل مساعدات طارئة. كانت الولايات المتحدة قد وجدت آلية ملائمة لـ "غسل مخزونها من الحبوب القذرة". لم تكتف تكتلات الأعمال الزراعية بحشر صادرات اثيوبيا من السلع فقط ، بل كانت متورطة أيضا في شراء شحنات الطوارئ من الحبوب مرة أخرى من إثيوبيا. خلال مجاعة 1998-2000، تم منح عقود مربحة جدا لتجارة الذرة لشركات تجارة الحبوب العملاقة مثل آرشر دانييلز ميدلاند (ADM) وشركة كارجيل. في سنة واحدة حصلت الشركتان على عقود توريد بقيمة 140 مليون دولار !. هكذا تمّ تدمير اقتصادات الفلاحين.

غسيل فوائض الحبوب الأمريكية القذرة المعدّلة وراثيا

_____________________________

أدى فائض الحبوب المعدلة وراثيا التي روّجت لها الولايات المتحدة في البلدان التي مزقتها الحروب إلى إضعاف النظام الزراعي. تمّ "التبرّع" بـ 000،500 طن من الذرة ومنتجات الذرة في 1999-2000 من قبل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لوكالات الإغاثة بما في ذلك برنامج الأغذية العالمي (WFP) والتي بدورها تتعاون بشكل وثيق مع وزارة الزراعة الأمريكية التي تخطط لتدمير القطاع الزراعي في البلدان النامية . على الأقل 30٪ من هذه الشحنات (والتي تم شراؤها بموجب عقود مع شركات الصناعات الزراعية في الولايات المتحدة) كان من فائض مخزونات الحبوب المعدلة وراثيا. وكانت الأمم المتحدة عبر برنامج الأغذية العالمي التابع لها متواطئة ضمنيا في ذلك حيث – وبسبب اعتمادها المطلق وتبعيتها للولايات المتحدة – لم تكن تدقق في نوعية الحبوب وتحديد ما هو معدّل وراثيا منها.

وكمعلومة ، في عام 1999 تبرعت الولايات المتحدة بـ 711 مليون دولار لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة ، وهو ما يمثل نصف ميزانيته العالمية . من كان مدير البرنامج ؟ إنها "كاترين برتيني" وهي مسؤولة سايقة في وزارة الزراعة الأمريكية .. الآن يمكنك أن تتصوّر ما سيحصل ؟؟ وكاترين برتيني هذه هي التي أصبحت المبعوثة الخاصة للأمم المتحدة إلى أثيوبيا وقت المجاعة .. تصوّر هذه الشبكة الرهيبة الملعونة التي تجد فيها الموظف الأمريكي في كل مكان يتحكم بتصريف مصالح الشركات الأمريكية وقت الأزمات !!

وبسبب الحرب على الحدود مع اريتريا ومحنة آلاف اللاجئين، ساهم تدفق المساعدات الغذائية الملوثة في تلوث مخزونات اثيوبيا من البذور الأصلية والسلالات المحلية. وفي مفارقة قاسية، كان عمالقة شركات الطعام قد سيطروا في نفس الوقت - من خلال شراء المساعدات الغذائية الملوثة - على بنوك البذور في أثيوبيا. ووفقا لتقرير بيوووتش في جنوب أفريقيا : "يتم التعامل مع أفريقيا كـ "مزبلة" للعالم ... التبرع بالغذاء والبذور غير المفحوصة مختبريا لأفريقيا ليست عملا من أعمال الشفقة ، ولكنه محاولة لجذب أفريقيا نحو المزيد من الاعتماد على المساعدات الخارجية".

وعلاوة على ذلك، فإن جزءا من "المساعدات الغذائية" قد تم توجيهه في إطار برنامج "الغذاء مقابل العمل" والذي أدى إلى زيادة تثبيط الإنتاج المحلي لصالح واردات الحبوب. ففي إطار هذا المخطط ، تم التعاقد مع المزارعين الفقراء والمعدمين والذين بلا أراض ، للعمل في برامج البنية التحتية الريفية في مقابل "التبرع" لهم بمقدار من الذرة المستوردة من الولايات المتحدة.

وفي الوقت نفسه، انخفضت الأرباح النقدية لأصحاب الملكيات الصغيرة في زراعة القهوة. وفي حين أن شركة بايونير هاي ، قد نصّبت نفسها مسؤولة عن توزيع وتسويق البذور، فقد نصّبت شركة كارجيل نفسها للهيمنة على أسواق الحبوب والبن من خلال شركة اثيوبية تابعة لها. لأكثر من 000،700 مزارع من أصحاب الملكيات الصغيرة (أقل من 2 هكتار)، ينتجون ما بين 90 و 95٪ من ناتج القهوة في البلاد، تسبّب رفع القيود عن الائتمان الزراعي جنبا إلى جنب مع انخفاض أسعار تسليم محصول القهوة، في زيادة مديونيتهم وفقدانهم الأراضي، وخاصة في غوجام الشرقية التي تُعتبر (سلّة خبز إثيوبيا).

سرقة محاصيل أثيوبيا التقليدية وتسجل براءات اختراع بها باسم الشركات الغربية

________________________________________

جرت خصخصة احتياطيات البلاد الواسعة من الأصناف التقليدية من البذور (الشعير، التف (نبات عشبي يعتبر محصولا رئيسيا في أثيوبيا وتستخدم حبوبه لانتاج الطحين) ، الحمص، الذرة، الخ)، جرت خصخصتها ، والتلاعب بها وراثيا ، وتسجيل براءات اختراع بها من قبل التكتلات الزراعية العالمية الكبرى : "بدلا من التعويض والاحترام، الاثيوبيون اليوم يحصلون على فواتير من الشركات الأجنبية فيها "براءات اختراع" الأنواع المحلية في زراعتهم ، ويُطلب منهم الدفع لاستخدامها" .

كان قد تم تأسيس "صناعة البذور التنافسية" تحت إشراف صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وانضمت مؤسسة البذور الاثيوبية (مؤسسة الحبوب الحكومية في أثيوبيا) إلى شركة بايونير هاي بريد الأمريكية في توزيع حبوب الشركة الأمريكية المعدّلة وراثيا (جنبا إلى جنب مع المبيدات الزراعية المقاومة للتهجين) على أصحاب الملكيات الصغيرة. في المقابل، تم نقل تسويق البذور إلى شبكة من المتعاقدين من القطاع الخاص و"شركات البذور المصنفة" مع الدعم المالي والمساعدة التقنية من برنامج البنك الدولي. كما تمّ إلغاء نظام تبادل البذور "غير الرسمي" من فلّاح إلى فلّاح لتحويله في إطار برنامج البنك الدولي إلى نظام "رسمي" موجهة نحو السوق يسيطر عليه "منتجون – بائعون خاصّون للبذور.

في المقابل، كان معهد البحوث الزراعية الاثيوبي قد قام بالتعاون مع المركز الدولي لتحسين الذرة والقمح في تطوير فصيلة مهجنة جديدة بين الذرة المكسيكية والاثيوبية. أنشئ المركز الدولي لتحسين الذرة والقمح في بداية الأربعينات من قبل شركة بايونير هاي بريد الدولية بدعم من مؤسسات فورد وروكفلر، وأسس علاقة حميمة مع الصناعات الزراعية في الولايات المتحدة. وجنبا إلى جنب مع معهد نورمان بورلوغ الذي مقره في المملكة المتحدة، شكل هذا المركز الذراع البحثية فضلا عن لسان حال تكتلات البذور الكبرى. ووفقا لمؤسسة التقدم الريفي فإن "المزارعين الأميركيين كسبوا بالفعل 150 مليون دولار سنويا من خلال زراعة أصناف من الشعير طُوّرت من سلالات أثيوبية. لكن لا أحد في إثيوبيا يرسل فواتير إلى الفلاحين الأمريكيين ليدفعوها أو يحاسبهم قانونيا".

مع المجاعة تصفية المراكز الوطنية للحفاظ على البذور

________________________________

كانت المجاعة 1984-1985 تهديدا خطيرا لاحتياطي اثيوبيا من السلالات المحلية من البذور التقليدية. في استجابة للمجاعة ،عملت الحكومة من خلال مركز الموارد الوراثية النباتية على التعاون مع مركز "بذور البقاء" لتنفيذ برنامج للحفاظ على التنوّع الحيوي الأثيوبي. هذا البرنامج - الذي استمر في ظل الحكومة الانتقالية – اشتغل بمهارة للحفاظ على السلالات المحلية على مستوى المزرعة وتحسين محاصيل المجتمعات الريفية بخدمات الدعم الحكومي. أنشئت شبكة واسعة من مواقع الحفاظ على النباتات ومزارع السلالات شارك فيها نحو 30000 من المزارعين. في عام 1998، وبالتزامن زمنيا مع هجمة المجاعة في 1998-2000، شنّت الحكومة حملة على مراكز بذور البقاء ، وأمرت بإغلاق البرنامج.

كانت الخطة الخفية تتمثل - في نهاية المطاف – في القضاء على الأصناف والسلالات التقليدية الأثيوبية المزروعة في المشاتل على مستوى القرية. حيث كانت الأخيرة تجهّز أكثر من 90٪ من حاجة الفلاحين من البذور من خلال نظام التبادل من مزارع إلى مزارع. ودون أن تفشل، أدّت مجاعة 1998-2000 إلى زيادة استنفاد بنوك البذور على المستوى المحلي. إن مخازن احتياطيات الحبوب التي كان المزارع عادة يراها مملوءة خلال الأوقات الصعبة أصبحت فارغة. ومثل أكثر من 000،30 أسرة فلّاحية أخرى في منطقة جالغا Galga ، أكلت مخزوناتها من البذور لموسم الحصاد القادم. والمأساة أن عملية مماثلة كانت تتكشف في إنتاج القهوة حيث تم تهديد القاعدة الوراثية لحبوب البن العربي نتيجة لانهيار الأسعار المدفوعة للمزارع وإفقار صغار الملاك.

مجاعة أثيوبيا خلقها صندوق النقد لصالح الشركات متعددة الجنسيات

______________________________________

وبعبارة أخرى، فإن المجاعة نفسها ، كانت في جزء كبير منها نتاجا لـ "الإصلاحات" الاقتصادية المفروضة لصالح الشركات الكبيرة من قبل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وحكومة الولايات المتحدة الأمريكية حيث عملت على تقويض التنوع الجيني في إثيوبيا لصالح شركات التكنولوجيا الحيوية في الولايات المتحدة. مع إضعاف نظام التبادل التقليدي، جري تبديل بنوك البذور على مستوى القرية ببذور شركة هاي بريد المعدلة وراثيا التجارية. في المقابل، فإن توزيع البذور على المزارعين الفقراء قد أدمجت – بشكل ماكر - مع برامج "المساعدة الغذائية". فحزم مساعدات برنامج الأغذية العالمي والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID ومجموعات الإغاثة كانت غالبا ما تشمل "تبرعات" من البذور والأسمدة، وبالتالي تمهد الطريق لصالح بذور الشركات الزراعية المعدلة وراثيا لتستقر في قلب الأراضي الزراعية في أثيوبيا. برامج الإغاثة ومعونات الطوارئ ليست هي "الحل" لكنها "السبب" في المجاعة. فمن خلال الخلق المتعمد للاعتماد على البذور المعدلة وراثيا، مهدت الطريق لاندلاع المجاعات في المستقبل.

بسبب سياسات صندوق النقد مات مليون اثيوبي بالمجاعة و 8 ملايين يواجهون خطر الموت جوعا

______________________________________

هذا النمط  التدميري تكرّر في جميع أنحاء بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ونتجت عنه دائما المجاعات. من هجمة أزمة الديون في أوائل الثمانينات ، كان البنك الدولي وصندوق النقد الدولي قد مهد الطريق لزوال الاقتصاد الفلاحي في جميع أنحاء المنطقة مع نتائج مدمرة تعاني منها حتى اليوم. الآن، في إثيوبيا، وبعد خمسة عشر عاما من المجاعة التي تركت ما يقرب من مليون قتيل ، فإن الجوع يستشري مرة أخرى في هذه الأرض. هذه المرة، حيث يواجه ثمانية ملايين شخص خطر الموت جوعا، صرنا نعلم أنه ليس الطقس والجفاف هو المسؤول عن ذلك ، بل سياسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومن ورائهما واشنطن.

ملحق:

أموال التبرعات الخيرية لجياع أثيوبيا وجّهتها المخابرات الغربية نحو تسليح أطراف الحرب الأهلية

_________________________________________

في مقال عنوانه : "عذرا بوب، ملايين باند أيد Band AID دُفعت لشراء البنادق: رجل أعمال خيرية في إثيوبيا يروي قصته المثيرة للقلق" للصحفية زوي برينان نشرتها صحيفة الدايلي ميل البريطانية المعروفة في عدد 19 آذار 2010، وردت معلومات مهمة لكنها تصدم الوعي وتثير الإنتباه لربط ما ورد فيها من معلومات ، عبر قراءة ما بين السطور ، بالمعلومات التي وردت في المقالة السابقة أعلاه عن التفجير المتعمد للمجاعة في أثيوبيا عن تمويل الولايات المتحدة ، وحليفها الذيلي البريطاني طبعا ، عبر أجهزة مخابراتهما الشريرة التي عاثت في العالم والحياة فسادا ، لطرفي الحرب الأهلية في أثيوبيا بالسلاح .

لقد دعم الاتحاد السوفيتي السابق ومن خلال مساعدة الحكومة الليبية حكومة الرئيس الأثيوبي الشيوعي منغيستو هيلا مريام (الذي لوحق لاحقا بتهمة الإبادة البشرية) بـ 4 مليار دولار من المساعدات العسكرية لمواجهة حركة التمرد في الشمال قرب الحدود الأرتيرية خصوصا حركة تحرير شعب تيغري . قدّم السوفيت 600 دبابة نوع 62 ووصلت العشرات من طائرات النقل العسكرية العملاقة من طراز أنتونوف  AN-22، وهي تنقل المعدات العسكرية لإسناد الحكومة الأثيوبية. 

تصف المقالة المشاهد المأساوية للحرب الأهلية الفظيعة على لسان بعض من عايشوها:

"الزعيم الشيوعي منغستو هايلي مريم – شرع بخطة "الرعب الأحمر" عام 1977. قامت قوأته بإحراق القرى المتمردة، وجمعت الآلاف من البشر في الكنائس وأضرمت النيران فيها في مشاهد مروعة من الوحشية.

تعرضت النساء للاغتصاب بشكل منتظم، وكانت شوارع العاصمة أديس أبابا مملوءة بجثث مئات الضحايا من الأطفال".

في ظلّ هذه الحرب الأهلية الماحقة جاءت المجاعة المدمّرة لتحصد مئات الآلاف من الا{واح البريئة في اثيوبيا .

فما الذي قامت به الجمعيات الخيرية ؟

وما الذي تكشّف الآن عن نشاطاتها "الخيرية" ؟

وما الذي نقرؤه بين سطور مقالة الدايلي ميل وخلفها ؟

بعد أن صُدم العالم بالمشاهد والإحصائيات المروعة للمجاعة التي اجتاحت أثيوبيا (كان الكثير من الضحايا شبه فاقدي الوعي من الجوع ولا يستطيعون رفع أيديهم لطرد الذباب عن أجسامهم المهزولة وهم ينتظرون الموت !).

وصف مراسل البي بي سي في أثيوبيا "مايكل بورك" الوضع في ظل المجاعة عام 1984 بأنه "أقرب شىء إلى جهنم على الأرض" .

أثارتصور المجاعة الضمير العالمي ، وبعد سنة (في عام 1985) كانت بريطانيا تستضيف أضخم حملة تبرعات خيرية في التاريخ الحديث لصالح ضحايا المجاعة. حيث اجتمع على استاد ويمبلي، وفي فيلادلفيا، نجوم البوب ​​ديفيد باوي وجورج مايكل ، وبحضور الملكة لتصميم خطة مبهرة لإطعام الجياع في أثيوبيا .

طالب المطرب "بوب جيلدوف" الناس في كل مكان من العالم : "لا تذهبوا إلى الحانة الليلة - من فضلكم، ابقوا في بيوتكم ، وأعطونا المال. هناك أناس يموتون الآن، لهذا أعطونا المال ".

انسكب المال على حفل موسيقى الروك الذي استمر 16 ساعة في 13 يوليو 1985 وجمع – كبداية – 65 مليون جنيه إسترليني وشاهده جمهور عالمي يقدر بنحو 1.5 مليار مشاهد.

لقد كانت لحظة أمل رائعة .

ولكن ما الذي حصل بعد ذلك ؟

لقد فجّرت إذاعة البي بي سي الحقيقة الصادمة حين أشارت إلى أن أغلب هذه المعونات الإنسانية في الثمانينات ذهبت لتمويل المليشيات المعارضة المسلحة!!

ثار المطرب بوب جيلدوف الذي أشرف على الحملة غاضبا ضد البي بي سي حين أعلنت أن أموال جمعيته الخيرية كانت تذهب لشراء الأسلحة. وتوعّد برفع دعوى ضد الحكومة الأثيوبية.

فما هي الحقيقة؟ وأين ذهبت الأموال التي تبرع بها الناس بنوايا مخلصة لضحايا المجاعة ؟

هنا رجل فرقة المعونة في إثيوبيا يروي قصته المثيرة للقلق.

قال هذا الرجل وهو "جون جيمس" الذي كان المدير الميداني لفرقة الإغاثة في أثيوبيا من 1985 إلى 1991 أن 20% من أموال الإغاثة ذهبت إلى مسلحي المعارضة الذين وصفهم بـ "قوة للتحرّر". وقال إنه سافر بقوافل إغاثة كان يعلم أنها تحمل أسلحة للمتمردين ؟؟

وقال إن فرقتهم لا يمكن أن توصل مواد الإغاثة للجائعين الأثيوبيين إذا لم تعط رشى وأموالا للمسلحين !!

هنا دعونا نتساءل : هل تعطي 95 مليون دولار للمسلحين لتوصل أكياس الطحين للجائعين ؟؟

ثمّ لماذا لا تقوم الدول الغربية "المحبة للإنسان" وحقوقه بإيصال هذه المساعدات بإشراف الأمم المتحدة ؟؟ لماذا لا تسلم أكياس الطحين مثلا للجائعين ؟

قال أحد المتمردين، وهو "غبريمدهين أرايا" ، أن ما يُقدّر بـ 95 مليون دولار من أموال المساعدات من الحكومات والمنظمات الخيرية الغربية، بما في ذلك فرقة المعونة BAND AID ، كانت تُنفق على الأسلحة والآليات السياسية لحزب المتمردين. انه يعتقد بأنه لم يُستخدم سوى 5 مليون دولار لمساعدة السكان المحليين الجائعين !! والمتحدث باسم فرقة الإغاثة نفسها قال أن مجموع ما تمّ تقديمه بين عامي 1985 و1991 هو 7 مليون دولار تقريبا ، وهذا يؤكّد حكاية الخمسة مليون دولار التي قالها المتمرّد "أرايا".

 ويقول مراسل بي بي سي أن مراجعة حسابات فرقة الإغاثة تظهر أنها صرفت 11 مليون دولار لهذه الجمعية وجماعات أخرى قريبة من المتمردين.

في السنوات التي سبقت عام 1992 تم جمع وصرف أكثر من 100 مليون جنيه إسترليني .

الدكتور ماكس ببردي، مسؤول اغاثة من المعونة المسيحية، كان يحمل 000،500 دولار في جيوبه وهو ينتقل عبر الحدود في عام 1984، والتي استخدمها لشراء الحبوب من التجار كما يدّعي. وقد أصر على أن المال الذي كان يحمله هو لتغذية من يتضورون جوعا.

لكن "التاجر" الذي كان يتعامل مع  ماكس ببردي كان "غبريمدهين أرايا" - الذي كان، في الواقع، عضوا بارزا في جبهة تحرير شعب تيغري.

"أنا كنتُ ألبس الملابس كي أبدو مثل التجار المسلمين. وكانت هذه خدعة لعمال الإغاثة".

عمال الإغاثة كانوا يفحصون مجرد عينة عشوائية من أكياس الحبوب التي يتم شراؤها، وضع أرايا أكياسا مملوءة بالرمل تحت الحبوب. ويقول انه سلم المال لقادته، بما في ذلك ميليس زيناوي – الذي أصبح رئيس الوزراء الأثيوبي. رفض زيناوي التعليق. لكن قائد جبهة تحرير شعب تيغري السابق "أريغاوي برهي" يدعم رواية غبريمدهين للأحداث، وهو يعيش الآن في المنفى في هولندا.

لكن الصحيفة قدّمت صورة صريحة بالأبيض والأسود تؤكّد شكوكنا في أن هذه الحملة الخيرية استخدمت كغطاء لإيصال الأموال لحركة المعارضة المقاومة للنظام الموالي للسوفيت كي تشتري بها الأسلحة من الدول الغربية . في هذه الصورة يظهر موظف الإغاثة ماكس ببردي (الحريص على الأثيوبيين الجائعين)

في الصورة يظهر ماكس ببردي وهو يلبس ملابس مبتذلة وبـ "النعال" (الصندل) وهو يفتح حقيبة مليئة بالنقود الغربية، ويقوم بعدّ النقود مع غبريمدهين أرايا وتكلويني أسيفا مدير جمعية الإغاثة في تيغري ، وهذه الجمعية كان الجميع يعرف أن من يديرها هم المتمردون !! أنظر إلى الصورة وسوف تثير لديك الشكوك مثلما أثارتها لدينا :

الصورة رقم (1) : هكذا يحسبون أموال المتبرعين المخلصين مع تجّار السلاح والمتمردين 

clip_image001_feb92.jpg

الآن، الرأي العام مستاء من حقيقة أن أموال المساعدات والتبرعات قد ذهبت لدفع مبالغ صفقات الأسلحة لإدامة الحرب الأهلية وخدمة أهداف الحرب الباردة.

بعدها بدأ جلدوف بالهدوء والتبرير قائلا أن منطقة مشتعلة بالحرب الأهلية يمكن أن تُفقد فيها بعض الأموال !!

ولكن ، لماذا تماطل فرقة الإغاثة عندما بدأت التحقيقات .. ولماذا بدأت شركات المحاسبة بالتسويف والتأخير في كشف الحسابات ؟؟

مساكين الأفارقة الجائعين .. يثري الغربيون من آلامهم حتى وهم يموتون جوعا !! 

مصادر حلقات صندوق النقد الدولي سوف تُذكر في الحلقة الأخيرة من هذه السلسلة

وسوم: العدد 670