الجولة الرابعة: حي الفرافرة... أعرق أحياء حلب القديمة

أغلب أبنية هذا الحي بنيت منذ حوالي ثمانمئة عام وما تلاها ، ويشتمل الحي على بيوت رائعة بعضها شبيه بالقصور ، ومدارس وجوامع وتكايا وزوايا وحمامات وأفران وسبل ومقاهي وخانات وخانقاهات وأسواق .

تاريخيا ....سكن حي الفرافرة كبار المسؤولين والأغنياء في حلب ، فكانت فيه عائلات : أميري ، كواكبي ، جابري ، كاتب ، خطيب ، مدرس ، منصوري ، قدسي ، كيخيا ....الخ . ومن أشهر البيوت فيه " بيت القطرغاسي " ، الذي رمم في أواخر القرن الماضي وأصبح مقرا للجنة حماية المدينة القديمة ، وتظهر الصور المرفقة الدمار الكبير الذي لحق به ، بما في ذلك قاعته الخشبية التي تعتبر من أجمل القاعات الخشبية التاريخية في العالم ، كما تظهر الصور ركام مئذنة جامع المهمندار التي تعتبر من أجمل مآذن العالم الإسلامي وهي تعود للعصر المملوكي .

ويلحظ من الصور النسبة العالية للخراب في الفرافرة ، ومن خلال زياراتي المتكررة اتضح لي أن الكثير من الأبنية التي تبدو أنها شبه سليمة ، هي في الواقع آيلة للسقوط ، ويشير إلى ذلك نوعية التشققات والتصدع الذي يعرفه جيدا المختصون .

لقد دمر الجهل  ما يقارب ربع مساحة حلب القديمة في منتصف القرن الماضي ، ثم أتى الخراب على جزء كبير مما تبقى من حلب القديمة في حرب السنوات الخمس الأخيرة :

1 ) : بدأ خراب حي الفرافرة بالجهل في عام 1924 م ، عندما أزيلت المدرسة العصرونية التاريخية ، ليحل محلها بناء طابقي عال من البيتون المسلح .

2 ) : مخطط " كوتون " عام 1952 م .... وبعده مخطط " بانشويا " عام 1973 م : فتحت على أساس تلك المخططات الشوارع العريضة الإسفلتية بعد هدم الأبنية الأثرية مكانها بالكامل ، وبنيت الأبنية الطابقية الإسمنتية على جانبي تلك الشوارع ، وكانت النتيجة خراب لجزء كبير من المدينة القديمة ، تجاوز ربع مساحتها ، وتأثيرات سلبية كبيرة على الأجزاء الأخرى التي سلمت من الخراب .معماريا وفنيا واجتماعيا واقتصاديا ، ولا مجال لشرح تفاصيل السلبيات ... رغم أهميتها ....في هذا المنشور القصير .

3 ) : خراب ناتج عن مشروع باب الفرج في اوائل الثمانينات من القرن الماضي .

4 ) :  خراب ناتج عن حرب السنوات الخمس الأخيرة .

إن ما سلم من خراب الجهل ، طاله خراب الحرب ، لذلك فإني أرى أننا على مفترق طرق بين منحى المئة عام الماضية وبين المستقبل ، والكوارث التي حصلت كبيرة وعظيمة ، وبالتالي فإن المسؤوليات والواجبات أكبر ، وما سنقدمه من علم وفن وإخلاص وحب لمدينتنا حلب هو الذي سيحدد مستقبلنا وبشكل حاسم تحت عبارة :      ** نكون أو لا نكون ** .

حلب 25 / 1 / 2017

وسوم: العدد 705