نتنياهو.. هل سينتهي مستقبله السياسي عبر ملف فساد؟

تنبأت القناة الثانية العبرية "الرسمية" عبر معلومات مصدرها فم الشرطة الصهونية، بإمكانية جوهرية لتقديم لائحة اتهام لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو.

حديث القناة الثانية جاء أيضا على لسان كتاب وتحليلات في الصحافة الصهونية مرجحين ارتفاع فرص إنهاء الحياة السياسية لملك" إسرائيل" كما يحب أن يطلق على ذاته(نتنياهو).

في العامين الماضيين وخاصة بعد الخلافات المتفاقمة مع الإدارة الأمريكية والتي وصلت حد التطاول على مؤسسة الرئاسة والخارجية، برزت سلسلة تهم بالفساد لاحقت نتنياهو وأسرته، إذ يمكن تلخيصها بالآتي:

أولا: تلقي هدايا بمبالغ كبيرة من شخصيات ثرية الأمر الذي من شأنه التأثير على حيادية المؤسسة.

ثانيا: استخدام أثاث بيت الحكم لصالح المنزل الشخصي وتورط زوجته في الحادثة.

ثالثا: الاستفاده من رهن زجاجات الخمور والاستحواذ على الفاخر، من هذه المشروبات لأسرة نتنياهو.

رابعا: شبهات بدور محاميه الخاص بصفقة الغواصات الألمانية، بشكل يخالف القواعد السلوكية في هكذا نوع من الصفقات.

خامسا: الابتزاز السياسي وتجيير القانون للاعلام، مقابل الابتعاد عن مهاجمة سلوك نتنياهو وحكومته من قبل صحيفة يدعوت أحرنوت على سبيل المثال.

هذه الملفات كان أقواها وما زال الملف المتعلق بالهدايا التي قدمت لنتنياهو من أثرياء، والتي قدرت بأنها أحد أشكال الرشاوي الأمر الذي وفر مادة غنية لامكانية تقديم لائحة اتهام عدا عن الملف الرابع .

النقاش في المؤسسات الإسرائيلية الشرطية والقضائية، جاء على نحو تساؤل: هو هل المادة المتوفرة والشهادات المقدمة، والتي ترابطت بما يعرف بسفريات نتنياهو وأسرته وتمويلها من قبل مؤسسات رجال أعمال، يمكن بناء عليها لائحة اتهام متماسكة من شأنها إدانة نتنياهو؟

الإجابة الدارجة في تاريخ القضاء الصهوني هذا ممكن خاصة في حال احكام الشرطة على شهادة متناقضة ومتفقة مع أدلة به نتنياهو في جلسات التحقيق المتعاقبة.

لذلك في حال قدمت لائحة اتهام ضد نتنياهو، فإن بنية اللائحة إذا مست بقواعد نزاهة الحاكم والائتمان، فإن على من قدمت بحقه اللائحة الاستقالة من منصبه.

هذا الأمر كان حاضرا في عديد القضايا منها قضية الرئيس الإسرائيلي كتساب والذي حوكم في قضايا تتعلق بالتحرش الجنسي ومحاولة الاغتصاب، كما درج أيضا في قضية القيادي العمالي فؤاد بن الي عيزر الذي حاول الترشح لقيادة الدولة إلاأنه تراجع على خلفية تحقيقات الشرطة المتقدمة، بالإضافة إلى ما جرى لمجموعة من وزراء الاحتلال ومن بينهم أولمرت كرئيس وزراء للكيان.

فرص تقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو باتت مرتفعه، والتأثير على مستقبله السياسي بات هذه الأيام ممكنا، لذلك من المهم، وضع سيناريوهات للوضع الذي عليه السياسة الإسرائيلية في حال ترجح الفرضية:

أولا: الانتخابات المبكرة: ستتسبب لائحة اتهام ضد نتنياهو، برفع فرص قيام انتخابات مبكرة، الأمر الذي سيفتح المجال أمام تنافس محموم داخل اليمين، على وراثة نتنياهو في قيادة هذا المعسكر ، وبذلك سيكون البيت اليهودي بقيادة نفتاللي بينت أحد أهم المستفيدين في هذا التيار.

ثانيا: حزب الليكود سيتعرض لضربه مهمة كون الحزب قائم على شخص نتنياهو، في المقابل سيعزز تيار الشباب في قيادة الحزب، برغم خلوه الآن من الشخصيات ذات البعد المؤثر جماهيريا.

ثالثا: في حال مغادرة نتنياهو سيكون المجال مفتوحا في الساحة الحزبية الإسرائيلية، لإمكانية قيام حزب جديد يضم قيادات أمنية وأكاديمية وسيكون لها حضورا مهما في تشكيل أي حكومة جديدة.

رابعا: سيكون من أهم الرابحين في الساحة الحزبية الإسرائيلية، يوجد مستقبل بقيادة يائير لابيد في حال فشل الليلكود بناء منظومة حزبية مقنعه، الأمر الذي قد يدخله على منافسة على تشكيل الحكومة القادمة.

هذه النقاط يمكنها فتح شهية التيار الفلسطيني الذي يرى بالمفاوضات سبيلا مهما لبناء الدولة، الشهية هذه و من خلال المعيطات ليس محببا ولا موضوعيا، كون التيار اليميني المتطرف سيظل من حيث البنية العددية في الكنيست، هو الأكبر والأكثر تأثيرا، ولا يمكن لأي من الأحزاب الإسرائيلية، بناء تحالف حكومي دون المرور عبر بوابة اليمين.

بالإضافة إلى أن فرضية تولي لا بيد رئاسة الحكومة، لا يعني أيضا تغير وجه الحكم في الكيان، كون البنية الثقافية للابيد وأبجديات حزبه تقترب من اليمين وروحه في التعاطي مع الاستيطان والقدس وملفات الصراع الأخرى.

كخبراء في الشأن الصهيوني، تقديرنا أن مغادرة نتنياهو لن تنعكس كثيرا على الشعب الفلسطيني سواء التخلص منه عبر ملف فساد أو غيره.

لكنه سينعكس كثيرا على بنية الكيان "الحضارية" المزعومة للكيان، والتي ظل الغرب يقدمها اليوم وسابقا كواحة مدنية في الشرق (المتخلف)، ليظهر الوجه الحقيقي أن الاحتلال ما هو إلا تجمع بشري لقيط، جمعته المصالح وتوليفات القوى الكبرى لضرب بنية أمة ظلت تنافس الحضارات الكبيرة، منذ مئات السنوات.

هذا الدور التفتيتي نجحت بدعمه قوى الاستعمار، وأضافت له توليفات سياسية في المشرق ساعدت على بقاء الانهيار في الأمة، حتى وصلنا إلى نقطة يصعب فيها الحديث عن الاصلاح، الأمر يحتاج ثورة فكرية وعلمية وسياسية لنسف القائم و البناء من جديد.

وسوم: العدد 707