أمين «الائتلاف السوري» وجوازات السفر

الحياة:

في أيار (مايو) 2015 عملت الماكينة الإعلامية المعارضة على الترويج لما سمي حينها «جوازات سفر للسوريين يصدرها الائتلاف»، وتنفس السوريون الصعداء، لإعادة الأمل بحل مشكلتهم التي بدت إلى ما قبل إعلان الائتلاف عقيمة ولا حل لها.

وعلى رغم أن استصدار الائتلاف جوازات السفر وتجديدها لم يكن رخيصاً، (230 دولاراً للجواز غير المستعجل، 430 دولاراً للمستعجل، 100 دولار للتجديد) إلا أن الخبر ذاته كان أشبه بسفينة إنقاذ لشعب يغرق.

أسس الائتلاف مكتباً رئيسياً لاستخراج الجوازات وتجديدها في إسطنبول، ومكتباً آخر في الريحانية، وبدأ العمل على تجديد جوازات سفر واستصدارها، وكان بطل الملحمة السابقة هو السيد نذير الحكيم، الأمين العام الحالي للائتلاف.

بالتأكيد لسنا طموحين إلى الدرجة التي نعتقد فيها أن رئيس الائتلاف وقتها، السيد خالد خوجة، والسيد نذير الحكيم، حامل الجنسية الفرنسية، يمكن أن يعرفا شيئاً عن معنى أن تكون سورياً بلا أوراق ثبوتية وبلا جواز سفر، وبالتالي أن تكون ملاحقاً ومعرضاً للاعتقال في أي بلد تسكنه.

وضعف طموحنا ذاك سببه بالطبع أننا كنا قد بدأنا ندرك الواقع الفعلي البعيد من التنظيرات والبروباغندا السياسة، لكننا، وانطلاقاً من الواقع ذاته، لا نفهم كيف تجرأ هذا الائتلاف والسيد الحكيم على تجاهل كل الكوارث الانسانية التي حدثت بعد «الاحتيال» الذي مورس على السوريين، وبعد استخراج كل تلك الجوازات والتي أدت إلى اعتقال 37 ألف سوري بتهمة تزوير جواز السفر، بعدما تشدق الائتلاف بأن هذا الجواز معترف به في 56 دولة حينها.

الآن، تم انتخاب نذير الحكيم أميناً عاماً للائتلاف قبل أيام قليلة، ولم تكد تمضي 24 ساعة على استحواذه على لقب أمين عام، حتى اتجه سوريون إلى المطالبة بمعاقبته «شخصياً» بوصفه مسؤولاً عن فضيحة جوازات السفر، والتهمة التي وجهها إليه المطالبون والموقعون على العريضة على موقع «أفاز» كانت «الاحتيال»، وتم توجيه الرسالة إلى الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة الأميركية، والدول العربية.

ووفق بيان الحملة فإن الجوازات التي أصدرها مكتب الحكيم في إسطنبول، «تسببت بالملاحقة القانونية لـ37 ألف شخص، ممن حصلوا على جواز سفر.

وعلى رغم فضيحة الجوازات، وتوقيف السوري بعد السوري وسجن بعضهم وملاحقة بعضهم الآخر، ووصول رقم الملاحقين إلى 37 ألف شخص، إلا أن الائتلاف «المتصل بالشعب والمندمج معه» لم يحاول الاعتذار، أو الاعتراف بالخطأ الفادح ومحاولة حل تلك المشكلة، وأكثر من ذلك فإن الحكيم بقي في الائتلاف بمنصب سفير في تركيا، واليوم بات أميناً عاماً.

وإن كان السوريون وصفوه بـ «أبو لصاقة»، فمن الواضح أن الائتلاف لم يسمع بتلك الصفة، ولم يوقع أي من أعضائه على رسالة المطالبة بمحاكمته «عدا حاملي ضغينة شخصية ضده وما أكثر الضغائن في الائتلاف». بكل الأحوال ليست هذه أول ولا آخر مرة يتابع الائتلاف مسيرته غير مبال بما يقول السوريون، فكل نقد له هو «تآمر ضد الثورة»، وكل مديح أو صمت هو «مبايعة إلى الأبد»، وهذا الائتلاف منذ أن كان مجلساً لم يعط الشعب السوري ولا حتى كلمات على اليوتيوب، فهو يعتبر نفسه، بقياداته، الممثل الأوحد والأصدق للسوريين، ومن يقترب من حماه بغمزة، إنما يوهن الإرادة والوحدة الوطنية الثورية، أفلا يحق له إهمال تواقيع حتى مليون سوري؟ لربما يذكرنا هذا بشيء نريد نسيانه من تاريخنا الحديث.

شخصياً لم أكن سعيدة بتبوؤ المعارض العتيق رياض سيف منصب رئيس الائتلاف، ليس لأن سيف ليس الشخص المناسب لترؤس كيان يتكلم باسم المعارضة السورية، وإنما لأن نظافة يد سيف لا تتناسب مع ما وصل إليه «الائتلاف» في مستنقع الفساد وتجاهل السوريين، والذي لم يعد يشكل عند غالبية المعارضين للأسد سوى كوميديا سوداء، وربما وجود رياض سيف في رئاسة الائتلاف لم يترك لنا مجالاً لنقاش بقية الأسماء بدءاً من النائب «سلوى كتاو»، التي سمعنا باسمها يوم تسلمها منصب نائب الرئيس «على رغم شهادة النائب السابق سميرة المسالمة بها على صفحة فيسبوكية بأنها أفضل الموجودات»، وإن كانت شهادة المسالمة لا تعنينا كثيراً بعد بقائها في هذا المنصب لسنوات، من دون أن يكون لها أي تأثير واضح، فإن وجود كتاو أو غيرها لن يقدم ولا يؤخر في مكان كالائتلاف، يبدو أن صلاحيته انتهت.

وسوم: العدد 720