منتهى الدناءة والخسة ارتزاق أشخاص وهيئات وجماعات بحراك الريف

لا  تكاد صفحة من صفحات مواقع التواصل تخلو يوميا  بل على رأس كل ساعة  من داخل أو داخلين على الخط فيما يخص حراك الريف  ليدلوا بدلائهم في القضية حسب منطلقاتهم وقناعاتهم و إيديولوجياتهم ،وأهدافهم  سواء الخفية منها  أم المكشوفة . ولقد اختار بعض الأفراد والجماعات أسلوب التحريض على تأجيج نار الحراك بنوع من الخبث الذي ظاهره التحليل الموضوعي للحراك وباطنه التعاطف معه والتحيز له بحثا عن شرعنته . وبمنتهى الدناءة والخسة وبانتهازية مفضوحة يرتزق البعض أفرادا ونيابة عن هيئات ومنظمات وجمعيات وجماعات  بحراك الريف بوجوه لا ماء ولا حياء فيها . وقد  تحين هؤلاء الفرصة حتى حدث الحراك وانحرف من حراك له مطالب اجتماعية واقتصادية  في حكم المشروعة وقابلة للتداول بين الدولة ومن يعنيهم الأمر قبل غيرهم إلى حراك يتضمن من الرموز والشعارات والتصريحات المرفوعة ما يشي بإجرام الانفصال في حق الوطن والشعب . ومعلوم أنه لا يختلف اثنان ولا يتناطح كبشان كما يقال حول مشروعية مطالب الحراك اقتصاديا واجتماعيا لأنها مطالب كل الشعب المغربي في كل جهات البلاد ، وليس الريف بأسوأ حال من باقي الجهات ، ولا يوجد مغربي عافاه الله عز وجل من داء العصبية  وهو شر وبيل لا يتعاطف بكل صدق مع أهل جهة الريف ولا أقول  ريافة لأن في أهل الريف من ليس ريفيا وقد كتب له الله العيش في تلك الجهة واكتوى بما اكتوى به غيره من حرمان تماما كما يوجد ريافة في كل جهات الوطن وفيهم من يعيش في سعة وفيهم من يعيش في ضيق ككل المغاربة عربيهم وأمازيغيهم . ولكن الذين يحز في نفس كل مواطن غيور صادق في غيرته أن  يتم التمويه على خيانة  للوطن  ولها مؤشرات  كرفع الأعلام الانفصالية والطائفية إلى جانب رفع شعارات تكرسها . ولا يمكن أن يطمئن الإنسان إلى  إدعاء البراءة من  تهمة الانفصال وخيانة الوطن والذين يدفعون هذه التهمة عنهم  يتعمدون رفع شارات لا تدل على شيء غير الانفصال والخيانة .وكيف يعقل أن يدعي حزب أنه حاز ثقة ساكنة الريف وحصل على عدد الأصوات التي مكنته من رئاسة الجهة وتمثيلها برلمانيا وهو غائب عن حراكها الذي دام أكثر من سبعة أشهر ؟ والذي التزم الصمت طويلا ليحاول في النهاية الارتزاق بالحراك كغيره من الجهات المرتزقة به .؟و كيف يستطيع هذا الحزب أن يرد على الذين قد يتهمونه بأنه وراء هذا الحراك بشكل أوبآخر حسب مؤشرات التعاطف الأخيرة  معه بعد طول صمت ؟ ألا يكون ذلك الحراك عقوبة لمن فاز في الانتخابات وشكل حكومة على علاتها ؟ ألم يبذل ذلك الحزب قصارى جهوده ليكون الفائز المخول له تشكيل الحكومة ، وقد شهد على ذلك  حراك  مدينة البيضاء  قبيل الانتخابات ، والذي تنكر له الجميع ، وفضح أمره  البسطاء  من الناس الذين دعوا إليه  واستغلوا  لذلك ؟ ألم يكن ما يسمى البلوكاج مؤشرا على محاولة  مكشوفة للنيل من الحزب الفائز؟ ، فكانت النتيجة تشكيل حكومة أصبحت اليوم تنعت بأنها حكومة مسلوبة الإرادة . أليس البلوكاج هو ما سلبها إرادتها ؟ ألم يركب الانتهازيون  الحراك لإثبات ضعف وعجز هذه الحكومة الهجينة التي استوى فيها الحزب الحائز على أعلى نسبة من الأصوات بالحزب الحاصل على أقلها ،وقيل له بكل وقاحة ليست العبرة بكثرة الأصوات بل بقوة الشطارة  والدهاء والتحايل  التي تقلب موازين اللعبة الديمقراطية التي تقوم في جميع ديمقراطيات العالم على عامل  عدد الأصوات ؟  ولقد انتظر الانتهازيون حتى توتر الوضع بين السلطة وأصحاب الحراك وأخذ منحى الاحتكاك العنيف واعتقل متزعموه ليجنوا  هم ثمار ذلك بكل دناءة وخسة وهم يصفون الوضع في البلاد بالأسوأ ،وأن  أصحاب الحراك محقون مع أن الانتهازيين  لم يقوموا بحراك ولم يصب  ولم يعتقل منهم أحد بل التزموا التفرج على الحراك وعلى أصحابه متحينين فرصة الاستفادة منه  والتعبير عن أطماعهم وخلفياتهم المبيتة  والمكشوفة التي أكل عليها الدهر وشرب . وعليهم ينطبق المثل المغربي القائل : " سقط العجل فانبرى له أصحاب السكاكين " إن الانتهازيين بكل أصنافهم وإيديولوجياتهم لا يريدون لعب دور العجل  أو الضحية لأنهم يجيدون لعب دور أصحاب السكاكين . وهم يستخفون بأهل الريف ظانين بهم الغباء والاندفاع بحكم طبيعتهم وفطرتهم  حين يتظاهرون لهم بالمؤيدين لهم في حراكهم، والحقيقة أنهم يحرضونهم عليه بطرق ماكرة خبيثة لجني ثماره . ومعلوم أن الحراك في الريف مخترق، ففيه من نيته صادقة ومخلصة في المطالبة بتنمية الريف اقتصاديا واجتماعيا مع خالص الوفاء للوطن الأم ، وفيه من  له نوايا مبيتة يبدي  الانتماء للوطن ويبطن الرغبة في الانفصال عنه ، وفيه من له أطماع أخرى غير خافية  . وصدق من قال :

ولو قدر للمسؤولين أن ينصتوا للنصح لأقترحت عليهم متابعة كل الانتهازيين الذين اغتنموا الفرصة للاستفادة من حراك الريف مع إخلاء سبيل ضحايا الحراك ممن لم  تثبت في حقهم جريمة التنكر للوحدة الوطنية واعتماد قاعدة الوطن غفور رحيم في حقهم وهو حق سبق للمغرر بهم الاستفادة منه  دون أن يعفي ذلك هؤلاء المسؤولين من الاستجابة الفورية  والصادقة لمطالب  جميع المغاربة في الريف وفي باقي مناطق هذا الوطن الغالي . ونأمل أن تحضر الحكمة لدى كل مخلص في حب هذا الوطن لنزع فتيل فتنة لعن الله من أيقظها وحرض عليها بشكل أو بآخر .

وسوم: العدد 723