موسوعة جرائم الولايات المتحدة الأمريكية 239

(239) التجارب الأمريكية اللاأخلاقية واللاقانونية على البشر؛ استخدام البشر كحيوانات تجارب دون علمهم (القسم الأول)

ملاحظة

هذه الحلقات مترجمة ومُعدّة عن مقالات ودراسات وكتب لمجموعة من الكتاب والمحللين الأمريكيين والبريطانيين.

اقتباسات

 (كانت دراسة الملاريا في سجن ستاتفيل دراسة خاضعة للسيطرة على آثار الملاريا أُجريت على سجناء سجون ستاتفيل بالقرب من جولييت، إلينوي، ابتداء من الأربعينيات. أجريت الدراسة من قبل قسم الطب في جامعة شيكاغو بالتعاون مع الجيش الأمريكي ووزارة الخارجية. في محاكمات نورمبرغ، استشهد الأطباء النازيون بسابقة تجارب الملاريا الأمريكية هذه كجزء من دفاعهم. واستمرت الدراسة في سجن ستاتفيل لمدة 29 عاما. وفي الدراسات ذات الصلة من 1944 إلى 1946، قام الدكتور ألف ألفينغ، الأستاذ في كلية الطب بجامعة شيكاغو، بإصابة مرضى الأمراض النفسية في مستشفى ولاية إلينوي بمرض الملاريا عمدا، حتى يتمكن من اختبار علاجات تجريبية عليهم).

(كانت تجربة توسكيجي الزهري دراسة سريرية أجريت بين عامي 1932 و 1972 في توسكيجي، في ألاباما، من قبل دائرة الصحة العامة في الولايات المتحدة. في التجربة، تم تقديم "علاج" لـ 400 من الذكور السود الفقراء الذين يعانون من مرض الزهري، والذين لم يُخبروا أنهم مرضى بالزهري ولم يعطوا العلاج لهذا المرض، بل مجرد دراستهم لرسم مسار تقدم المرض. بحلول عام 1947، أصبح البنسلين مُتاحا كعلاج، ولكن الذين يديرون الدراسة منعوا المشاركين في الدراسة من تلقي العلاج في مكان آخر، كاذبين عليهم حول حالتهم الحقيقية. وبحلول نهاية الدراسة في عام 1972، كان 74 فقط من أشخاص الاختبار على قيد الحياة. كان 128 من أصل 399 من الرجال قد توفوا بسبب مرض الزهري والمضاعفات المرتبطة به، وأصيبت 40 من زوجاتهم ، ووُلد 19 من أطفالهم مع مرض الزهري الخلقي. لم تغلق الدراسة حتى عام 1972، عندما تسرب وجودها إلى الصحافة، مما أجبر الباحثين على التوقف في مواجهة الاحتجاج العام).

موسوعة ويكيبيديا

5 أبريل 2017

المحتوى

_____

(ملاحظات تمهيدية مهمة جدا- تمهيد: حصلت التجارب اللاأخلاقية الأمريكية على البشر طوال التاريخ الأمريكي- التجارب الجراحية : إجراء العمليات على الحوامل والرضّع بلا تخدير-  العوامل الممرضة، والمرض، وعوامل الحرب البيولوجية: أواخر القرن التاسع عشر- أوائل القرن العشرين- تجربة توسكيجي للسفلس على السود الفقراء- الأربعينات- الأطباء النازيون يستشهدون بالتجارب الأمريكية في محاكمات نورمبرغ- الخمسينات: إجراء التجارب على سكّان مدن كاملة دون علمهم- الستينات: رشّ العوامل البيولوجية والكيمياوية على آلاف الجنود دون علمهم- تجارب الإشعاع البشري- تجارب اليود المشعة : لجنة الطاقة الذرّية الأمريكية تجرّب على الحوامل والأطفال الرضّع- وفاة 1400 طفل في تجربة واحدة- تجارب اليورانيوم- تجارب البلوتونيوم: التجريب حتى على رماد جثث المتوفين- حكاية المواطن إيب كيد المأساوية - التجارب التي تتضمن مواد مشعة أخرى- دراسة السقاطات الإشعاعية: 21000 حالة وفاة في نيفادا وحدها- مصادر هذه الحلقات)

ملاحظات تمهيدية مهمة جدا

______________

في هذه السلسلة من الحلقات عن التجارب اللاأخلاقية واللاقانونية على البشر التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية سيلاحظ السادة القرّاء أوّلاً إن هذه التجارب الوحشية التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية على بشر لم يكونوا عارفين بطبيعة التجارب ولم يُعطوا موافقاتهم الخطية الواعية عليها وسبّبت لهم أضرارا رهيبة دائمة ومميتة أحيانا هي تجارب سبقت – وبعقود طويلة من السنوات - التجارب الوحشية التي قام بها أطباء وعلماء النظام النازي قبل وأثناء الحرب العالمية الثانية ، وثانيا يبدو أن هذه التجارب كانت هي المثال الذي اتبعه علماء وأطباء النازي في سلوكهم اللاأخلاقي واللاقانوني في هذا المجال حيث استخدم هؤلاء التجارب الأمريكية على البشر "الريادية" هذه كدليل للدفاع عن أنفسهم في محاكمات نورمبرغ بعد الحرب العالمية الثانية ، وثالثا إن مستوى الوحشية والعنف الذي تضمنته هذه التجارب لا يمكن تصوّره ومن غير الممكن عدم ربطه بالبنية السيكولوجية لمن قاموا بها والمناخ العام الذي أحاط بالنمو العلمي والمؤسساتي في تلك البلاد، ورابعا هي الرعاية المؤسساتية المدنية والعسكرية لهذه التجارب التي تؤكد النقطة السابقة.

تمهيد: حصلت التجارب اللاأخلاقية الأمريكية على البشر طوال التاريخ الأمريكي

____________________________________________

في سلسلة من المقالات تناولت موسوعة الويكيبيديا التجارب الطبية الأمريكية التي اعتُبرت غير أخلاقية أو غير موافقة أو غير قانونية متجاوزة الاستخدام التوافقي والأخلاقي والقانوني للبشر في البحوث الطبية.

ويصف تعبير "التجارب البشرية غير الأخلاقية في الولايات المتحدة" العديد من التجارب التي أُجريت على موضوعات الاختبار البشري في الولايات المتحدة التي اعتُبرت غير أخلاقية، وكثيرا ما أُجريت بشكل غير قانوني، دون علم أو موافقة مستنيرة من موضوعات الاختبار. وقد حدثت مثل هذه الاختبارات طوال التاريخ الأمريكي، ولكن بشكل خاص في القرن العشرين.

وتشمل التجارب ما يلي: تعريض الناس للأسلحة الكيميائية والبيولوجية (بما في ذلك عدوى الأشخاص المصابين بأمراض مميتة أو مُوهِنة)، والتجارب الإشعاعية البشرية، وحقن الأشخاص بمواد كيميائية سامة ومشعة، والتجارب الجراحية، وتجارب الاستجواب والتعذيب، والاختبارات التي تتضمن المواد التي تغيّر العقل، ومجموعة واسعة من التجارب الأخرى. تم إجراء العديد من هذه الاختبارات على الأطفال، والمرضى، والأشخاص المُعاقين عقليا، في كثير من الأحيان تحت ستار "العلاج الطبي". في العديد من الدراسات، كان جزءا كبيرا من الأشخاص فقراء، ومن الأقليات العرقية، أو من السجناء.

وقد وفّرت الولايات المتحدة تمويلا للعديد من التجارب، ولا سيما الجيش الأمريكي، ووكالة الاستخبارات المركزية، أو الشركات الخاصة التي تمارس أنشطة عسكرية. وكانت برامج البحوث البشرية عادةً سرّية للغاية، وفي كثير من الحالات لم يتم الإفراج عن معلومات عنها حتى سنوات عديدة بعد إجراء تلك الدراسات.

وكانت الآثار الأخلاقية والمهنية والقانونية المترتبة على ذلك في المجتمع الطبي والعلمي في الولايات المتحدة كبيرة جدا، وأدّت إلى تشكيل العديد من المؤسسات والسياسات التي حاولت ضمان أن البحوث على موضوع الإنسان في الولايات المتحدة ستكون أخلاقية وقانونية في المستقبل. أدى الغضب الشعبي في أواخر القرن العشرين على اكتشاف التجارب الحكومية على البشر إلى تحقيقات وجلسات استماع عديدة في الكونغرس، بما في ذلك لجنة تشرش Church Committee ولجنة روكفلر (كلاهما في عام 1975) واللجنة الاستشارية المعنية بالإشعاع البشري لعام 1994، وغيرها.

التجارب الجراحية : إجراء العمليات على الحوامل والرضّع بلا تخدير

________________________________________

خلال الأربعينيات من القرن التاسع عشر، أجرى ج. ماريون سيمز، الذي غالبا ما يُشار إليه باسم "أب أمراض النساء"، تجارب جراحية على النساء الأفريقيات المُستعبدات، دون استخدام التخدير. وقد توفيت النساء - واحدة منهن أجرى عليها 30 عملية - في نهاية المطاف من الالتهابات الناجمة عن التجارب. ومن أجل اختبار واحدة من نظرياته حول أسباب التريسموس (أو الضَرَز trismus ) عند الرُضّع، أجرى سيمز تجارب استخدم فيها مثقاب الجلد الذي يستخدمه الإسكافي لتحريك عظام جمجمة الأطفال الرضّع للنساء المستعبدات. كما تسبّب في إدمان النساء على المورفين في تجاربه الجراحية، وكان لا يعطيهن المخدر إلا بعد أن تكتمل العملية الجراحية فعليا، من أجل جعلهن أكثر امتثالا وطاعة.

في عام 1874، جاءت ماري رافيرتي، وهي خادمة ايرلندية، إلى الدكتور روبرتس بارثولو من مستشفى السامري في سينسيناتي لعلاج سرطانها. ولأنه رأى في ذلك فرصة بحثية، فقد قطع فتحة في رأسها، وأدخل إبرة أقطاب في مادة دماغها المكشوفة، ووصف التجربة على النحو التالي:

"عندما دخلت الإبرة مادة الدماغ، اشتكت المريضة من الألم الحاد في الرقبة. من أجل تطوير المزيد من ردود الفعل المحسوبة، تمت زيادة قوة التيار ... فأظهر وجهها اضطرابا عظيما، وبدأت بالبكاء. بعد وقت قصير جدا، امتدت يدها اليسرى كما لو أنها تريد الإمساك بشىء أمامها. وتهيّجت الذراع بتشنجات عضلية متتالية. أصبحت عيناها ثابتتين، مع اتساع بؤبؤيهما بدرجة كبيرة؛ كانت الشفاه زرقاء، وظهرت رغوة من فمها. أصبح تنفسها ذا شخير. فقدت الوعي وعانت من الاختلاجات في الجانب الأيسر من جسمها. استمر التشنج خمس دقائق، وخلفته غيبوبة. وعادت إلى الوعي في عشرين دقيقة من بداية الهجمة، واشتكت من بعض الضعف والدوار".

 في عام 1896، أجرى الدكتور آرثر وينتورث صنابير الحبل الشوكي على 29 من الأطفال الصغار، دون علم أو موافقة والديهم، في مستشفى الأطفال في بوسطن، في ماساتشوستس، لاكتشاف ما إذا كان القيام بذلك سيكون ضارّاً أم لا.

في الفترة من 1913 إلى 1951، أجرى الدكتور ليو ستانلي، كبير الجراحين في سجن سان كوينتين، مجموعة واسعة من التجارب على مئات السجناء في سان كوينتين. العديد من التجارب شملت زرع الخصية، حيث يقوم ستانلي بأخذ الخصيتين من السجناء الذين يُعدمون ويزرعهما جراحيا في السجناء الأحياء. في تجارب أخرى، حاول زرع خصيتين من الكباش والماعز والخنازير في السجناء الأحياء. كما أجرى ستانلي تجارب مختلفة لتحسين النسل، والتعقيم القسري لسجناء سان كوينتين. ويعتقد ستانلي أن تجاربه ستجدّد شبابهم، وتتحكم بالجريمة (التي يعتقد أنها لها أسباب بيولوجية)، وتمنع "غير الصالحين" من التكاثر.

clip_image002.jpg

الصورة رقم (؟): د. ليو ستانلي مع سجين أجرى له عدة عمليات واستأصل خصيتيه

العوامل الممرضة، والمرض، وعوامل الحرب البيولوجية

أواخر القرن التاسع عشر

_______________________________

في ثمانينيات القرن التاسع عشر، في هاواي، قام طبيب من كاليفورنيا يعمل في مستشفى ليبرز بحقن ست فتيات تحت سن 12 عاما بجرثومة مرض الزهري (السفلس).

وفي عام 1895، أصاب طبيب الأطفال في مدينة نيويورك هنري هيمان عن عمد طفلين متخلّفين عقليا، أحدهما في الرابعة من عمره والآخر عمره ستة عشر عاما، بمرض السيلان كجزء من تجربة طبية. وأظهر استعراض للأدب الطبي في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين أكثر من 40 تقريرا عن العدوى التجريبية بجرثومة السيلان، بما في ذلك وضع جراثيم السيلان على عيون الأطفال المرضى.

أصاب أطباء من الجيش الأمريكي في الفلبين خمسة من السجناء بمرض الطاعون الدبلي و مرض البريبيري المستحث في 29 سجينا. توفي أربعة من الأشخاص موضوع الاختبار نتيجة لذلك. وفي عام 1906، قام البروفيسور ريتشارد سترونغ من جامعة هارفارد وبصورة مقصودة بإصابة 24 سجينا فلبينيا بالكوليرا، والذين أصبحوا ملوثين بطريقة ما بالطاعون. فعل ذلك دون موافقة المرضى، ودون إخبارهم بما كان يفعله. جميع المرضى أصبحوا مرضى وتوفي 13 منهم.

أوائل القرن العشرين

___________

في عام 1908، أصاب ثلاثة من باحثي فيلادلفيا العشرات من الأطفال بالسلين tuberculin في دار الأيتام في سانت فنسنت في فيلادلفيا، مما تسبّب في عمى دائم في بعض الأطفال وآفات مؤلمة والتهاب العينين في كثير من الآخرين. وفي الدراسة، كان الباحثون يشيرون إلى الأطفال بأنهم "المواد المُستخدمة".

في عام 1909، أصدر ف. سي. نولز دراسة تصف كيف كان قد أصاب عمدا طفلين في دار للأيتام بالمولوسكوم كونتاجيوسوم، وهو فيروس يسبب نمو ثؤلولي - بعد تفشي المرض في دار الأيتام، من أجل دراسة المرض.

في عام 1911، قام الدكتور هيديو نوغوتشي من معهد روكفلر للأبحاث الطبية بحقن 146 مريضا في المستشفى (بعضهم من الأطفال) بمرض الزهري. وقد رُفعت دعوى ضده في وقت لاحق من قبل آباء بعض الأطفال، الذين يزعم أنهم أصيبوا بمرض الزهري نتيجة لتجاربه.

تجربة توسكيجي للسفلس على السود الفقراء

__________________________

كانت تجربة توسكيجي الزهري دراسة سريرية أجريت بين عامي 1932 و 1972 في توسكيجي، في ألاباما، من قبل دائرة الصحة العامة في الولايات المتحدة. في التجربة، تم تقديم "علاج" لـ 400 من الذكور السود الفقراء الذين يعانون من مرض الزهري من قبل الباحثين، الذين لم يُخبروا هؤلاء الأشخاص أنهم مرضى بالزهري ولم يعطوهم العلاج لهذا المرض، بل مجرد دراستهم لرسم مسار تقدم المرض. بحلول عام 1947، أصبح البنسلين مُتاحا كعلاج، ولكن الذين يديرون الدراسة منعوا المشاركين في الدراسة من تلقي العلاج في مكان آخر، كاذبين عليهم حول حالتهم الحقيقية، حتى يتمكنوا من مراقبة آثار الزهري على جسم الإنسان. وبحلول نهاية الدراسة في عام 1972، كان 74 فقط من أشخاص الاختبار على قيد الحياة. كان 128 من أصل 399 من الرجال قد توفوا بسبب مرض الزهري والمضاعفات المرتبطة به، وأصيبت 40 من زوجاتهم ، ووُلد 19 من أطفالهم مع مرض الزهري الخلقي. لم تغلق الدراسة حتى عام 1972، عندما تسرب وجودها إلى الصحافة، مما أجبر الباحثين على التوقف في مواجهة الاحتجاج العام.

الأربعينات

______     

في عام 1941، وفي جامعة مشيغان، قام اختصاصيو الفيروسات ثوماس فرانسيس، وجوناس سالك وباحثون آخرون وبصورة متعمدة بإصابة العديد من مرضى المستشفيات العقلية في مشيغان بفيروس الإنفلونزا من خلال رشّ الفيروس في أنوفهم. فرانسيس بيتون رويس، من معهد روكفلر ورئيس تحرير مجلة الطب التجريبي ، كتب ما يلي إلى توماس فرانسيس بصدد تجاربه :

"قد تتجنب الكثير من المشاكل إذا نشرت بحثك.. في مكان آخر غير مجلة الطب التجريبي. فالمجلة تحت تدقيق مستمر من معارضي "تشريح الكائنات الحيّة وهي حيّة" الذين لن يتردّدوا في استغلال حقيقة أنك استخدمت لاختباراتك بشرا من معاهد حكومية".

دقّق رويس كثيرا في المقالات المنشورة منذ الثلاثينات ، عندما تسبّبت انتعاشة حركة معارضي تشريح الكائنات الحية حيّةً بضغوط ضد تجارب بشرية معينة.

في عام 1941، قام د. ويليام بلاك بتلقيح رضيع عمره 12 شهرا " قُدّم كمتطوّع " بفيروس العقبول. عرض بحثه على مجلة الطب التجريبي التي رفضته على أسس أخلاقية. وصف فرانسيس بيتون رئيس تحرير مجلة الطب التجريبي التجربة بأنها "سوء استخدام للسلطة، وخرق لحقوق فرد لا يمكن تبريره بأن المرض اللاحق له نتائج تأثيرات بالنسبة للعلم". لكن نُشرت الدراسة لاحقا في مجلة طب الأطفال. 

الأطباء النازيون يستشهدون بالتجارب الأمريكية في محاكمات نورمبرغ

_______________________________________

وكانت دراسة الملاريا في سجن ستاتفيل دراسة خاضعة للسيطرة على آثار الملاريا أُجريت على سجناء سجون ستاتفيل بالقرب من جولييت، إلينوي، ابتداء من الأربعينيات. أجريت الدراسة من قبل قسم الطب في جامعة شيكاغو بالتعاون مع الجيش الأمريكي ووزارة الخارجية. في محاكمات نورمبرغ، استشهد الأطباء النازيون بسابقة تجارب الملاريا الأمريكية هذه كجزء من دفاعهم. واستمرت الدراسة في سجن ستاتفيل لمدة 29 عاما. وفي الدراسات ذات الصلة من 1944 إلى 1946، قام الدكتور ألف ألفينغ، الأستاذ في كلية الطب بجامعة شيكاغو، بإصابة مرضى الأمراض النفسية في مستشفى ولاية إلينوي بمرض الملاريا عمدا، حتى يتمكن من اختبار علاجات تجريبية عليهم.

في دراسة امتدت من عام 1946 إلى عام 1948 في غواتيمالا، استخدم باحثون أمريكيون البغايا لتصيب نزلاء السجون ومرضى مستشفيات الأمراض العقلية والجنود الغواتيماليين بمرض الزهري وغيره من الأمراض المنقولة عن طريق الاتصال الجنسي، من أجل اختبار فعالية البنسلين في علاج الأمراض المنقولة جنسيا. وقد حاولوا في وقت لاحق إصابة الناس "بتلقيح مباشر بسكب بكتيريا الزهري على قضبان الرجال وعلى الساعدين والوجوه التي تآكلت قليلا ... أو في حالات قليلة من خلال ثقب الحبل الشوكي". وقد أصيب ما يقرب من 700 شخص كجزء من الدراسة (بما في ذلك الأطفال الأيتام). وقد رعت الدراسة دائرة الصحة العامة والمعاهد الوطنية للصحة والحكومة الغواتيمالية. قاد الفريق جون تشارلز كوتلر، الذي شارك في وقت لاحق في تجارب توسكيجي للزهري. اختار كاتلر القيام بهذه الدراسة في غواتيمالا لأنه لم يكن مسموحا له أن يفعل ذلك في الولايات المتحدة. في عام 2010 عندما تمّ كشف البحث، اعتذرت الولايات المتحدة رسميا إلى غواتيمالا عن تلك الدراسات. وقد تم رفع دعوى قضائية ضد جامعة جونز هوبكنز، وبريستول مايرز سكويب ومؤسسة روكفلر لتورطهم المزعوم في الدراسة.

الخمسينات: إجراء التجارب على سكّان مدن كاملة دون علمهم

_____________________________________

في عام 1950، من أجل إجراء محاكاة لهجوم الحرب البيولوجية، قامت البحرية الامريكية برش كميات كبيرة من بكتيريا سيراتيا مارسيسنس - تعتبر غير مؤذية في هذا الوقت - على مدينة سان فرانسيسكو خلال مشروع يُسمى عملية رذاذ البحر. وتعرّض العديد من المواطنين لأمراض شبيهة بالالتهاب الرئوي، وتوفي شخص واحد على الأقل نتيجة لذلك. عائلة الرجل الذي توفي رفعت دعوى قضائية ضد الحكومة بسبب الإهمال الجسيم، ولكن قاضيا فيدراليا حكم لصالح الحكومة في عام 1981. وقد استمرت اختبارات سيراتيا حتى عام 1969 على الأقل.

أيضا في عام 1950، قام الدكتور جوزيف ستوكيس من جامعة بنسلفانيا عن عمد بإصابة 200 سجين بالتهاب الكبد الفيروسي.

وفي الفترة من 1950 إلى 1972، كان الأطفال المعاقون عقليا في مدرسة ويلوبروك الحكومية في جزيرة ستاتن، نيويورك مصابين عمدا بالتهاب الكبد الفيروسي، للبحث الذي كان الغرض منه هو المساعدة في اكتشاف لقاح لهذا الوباء. وفي الفترة من 1963 إلى 1966، وعد شاول كروغمان من جامعة نيويورك آباء الأطفال المعوقين ذهنيا بأن يتم تسجيل أبنائهم في ويلوبروك مقابل توقيع استمارة موافقة على الإجراءات التي ادّعى أنها "تطعيمات". في الواقع، كانت الإجراءات تنطوي عمدا على إصابة الأطفال بالتهاب الكبد الفيروسي عن طريق إطعامهم مقتطف مصنوع من براز المرضى المصابين بهذا المرض.

في عام 1952، قام تشيستر م. سوثام، وهو باحث في معهد سلون كيترينج، بحقن خلايا سرطانية حيّة، تُعرف باسم خلايا هيلا، في سجناء في سجن ولاية أوهايو ومرضى السرطان. أيضا في سلون كيتيرينغ، تم حقن 300 امرأة صحيحة بالخلايا السرطانية الحية دون أن يخبرن بطبيعة التجربة. وقد ذكر الأطباء أنهم كانوا يعرفون في ذلك الوقت أن تلك الخلايا قد تسبّب السرطان.

في عام 1953 توفي فرانك أولسون بعد سقوطه من مبنى فندق بعد أن سُقي بمخدر أل أس دي LSD دون علمه من قبل وكالة المخابرات المركزية قبل تسعة أيام من الحادث.

نشرت صحيفة سان فرانسيسكو كرونيكل، 17 ديسمبر 1979، ص. 5 مطالبة من قبل كنيسة السيانتولوجيا مفادها أن وكالة الاستخبارات المركزية أجرت تجربة في الهواء الطلق في الحرب البيولوجية في عام 1955 بالقرب من تامبا، في فلوريدا وأماكن أخرى في ولاية فلوريدا ببكتيريا السعال الديكي. وزُعم أن التجربة زادت مرض السعال الديكي ثلاثة أضعاف في ولاية فلوريدا إلى أكثر من ألف حالة وتسببت في زيادة وفيات السعال الديكي في الولاية من واحد إلى 12 عن العام السابق. وقد ذكر هذا الادعاء في عدد من المصادر اللاحقة.

خلال الخمسينات أجرت الولايات المتحدة سلسلة من الاختبارات الميدانية باستخدام الحشرات كأسلحة. وقد تم تصميم عملية حكة كبيرة Operation Big Itch، في عام 1954، لاختبار ذخائر مُحملة ببراغيث غير مصابة (زينوبسيلا تشوبيس). في مايو 1955 تم إسقاط أكثر من 300,000 بعوضة غير مصابة (الزاعجة المصرية Aedes aegypti) على أجزاء من ولاية جورجيا الأمريكية لتحديد ما إذا كان البعوض المُسقط من الجو يمكنه البقاء على قيد الحياة بالتغذّي على البشر. عُرفت اختبارات البعوض  هذه باسم عملية الطنين الكبير Operation Big Buzz. شاركت الولايات المتحدة في اثنين على الأقل من برامج اختبار الأسلحة الحشراتية.

الستينات: رشّ العوامل البيولوجية والكيمياوية على آلاف الجنود دون علمهم ___________________________________________

في عام 1963، تم حقن 22 مريضا مُسِنا في مستشفى الأمراض المزمنة في بروكلين بنيويورك بخلايا سرطانية حيّة من قبل تشيستر م. ساوثام، الذي فعل نفس الشىء في عام 1952 مع السجناء في سجن ولاية أوهايو، من أجل "اكتشاف سرّ الكيفية التي تقاوم الأجسام الصحية بها غزو الخلايا الخبيثة ". حاولت إدارة المستشفى تغطية الدراسة، ولكن مجلس الترخيص الطبي في نيويورك وضع في نهاية المطاف ساوثام تحت المراقبة لمدة عام واحد. وبعد عامين، انتخبته الجمعية الأمريكية للسرطان نائبا للرئيس.

من 1963 الى 1969 وكجزء من مشروع خطر ودفاع السفن، أجرى الجيش الأمريكي الاختبارات التي شملت رش عدة سفن أمريكية بمختلف عوامل الحرب البيولوجية والكيميائية، في حين كان الآلاف من الأفراد العسكريين الأمريكيين على متن تلك السفن. ولم يتم إخطار العسكريين بالاختبارات ولم يُعطوا أي ملابس واقية. وشملت المواد الكيميائية التي تم اختبارها على الأفراد العسكريين في الولايات المتحدة غازات الأعصاب في أكس VX والسارين، والمواد الكيميائية السامة مثل كبريتيد الزنك والكادميوم وثاني أوكسيد الكبريت، ومجموعة متنوعة من العوامل البيولوجية.

في عام 1966، أطلق الجيش الأمريكي عصوية غلوبيجي في أنفاق نظام مترو الأنفاق في مدينة نيويورك، كجزء من دراسة ميدانية عنوانها دراسة لقابلية ركاب مترو الأنفاق في مدينة نيويورك على التأثّر بهجوم سرّي بالعوامل البيولوجية. كما تعرّض نظام مترو أنفاق شيكاغو لتجربة مماثلة من قبل الجيش.

تجارب الإشعاع البشري

______________

أجرى الباحثون في الولايات المتحدة آلاف التجارب الإشعاعية البشرية لتحديد آثار الإشعاع الذري والتلوث الإشعاعي على جسم الإنسان، وبشكل عام على أشخاص فقراء أو مرضى أو عاجزين. معظم هذه الاختبارات تم إجراؤها أو تمويلها أو الإشراف عليها من قبل الجيش الأمريكي، أو لجنة الطاقة الذرية، أو العديد من الوكالات الحكومية الفيدرالية الأمريكية الأخرى.

وشملت التجارب مجموعة واسعة من الدراسات التي تشمل أشياء مثل تقديم الأغذية المُشعة للأطفال المُعاقين عقليا أو الأشخاص المعارضين، وإدخال قضبان الراديوم في أنوف تلاميذ المدارس، والإطلاق المتعمد للمواد الكيميائية المُشعة على المدن الأمريكية والكندية، وقياس الآثار الصحية للمتساقطات الإشعاعية من اختبارات القنبلة النووية، وحقن النساء الحوامل والأطفال الرُضّع بالمواد الكيميائية المُشعة، وإشعاع الخصيتين لنزلاء السجون، من بين أمور أخرى.

تم تصنيف (جعلها سرّية) الكثير من المعلومات عن هذه البرامج وأبقيت سرّية. في عام 1986 أصدرت لجنة الولايات المتحدة الأمريكية للطاقة والتجارة تقريرا بعنوان " خنازير غينيا التجارب النووية الأمريكية: ثلاثة عقود من التجارب الإشعاعية على المواطنين الأميركيين ". في التسعينات، دفعت تقارير الصحفية الأمريكية (حائزة على جائزة بوليتزر) "إيلين ويلسوم" عن تجارب الإشعاع على البشر إلى إنشاء اللجنة الاستشارية المعنية بتجارب الإشعاع البشري بأمر تنفيذي من الرئيس الأمريكي لمراقبة الاختبارات الحكومية. ونُشرت النتائج في عام 1995. وفي وقت لاحق كتبت ويلسوم كتابا يُسمّى ملفات البلوتونيوم The Plutonium Files.

تجارب اليود المشعة : لجنة الطاقة الذرّية الأمريكية تجرّب على الحوامل والأطفال الرضّع

_______________________________________________

في عام 1949 وفي عملية سُمّيت Green Run أطلقت لجنة الطاقة الذرّية عنصر اليود 131 و زينون 133 إلى الغلاف الجوي بالقرب من موقع هانفورد في واشنطن، مما أدى إلى تلوّث مساحة 500,000 فدان (2000 كم 2) تحتوي على ثلاث بلدات صغيرة.

في عام 1953، أجرت لجنة الطاقة الذرية الأمريكية العديد من الدراسات في جامعة أيوا حول الآثار الصحية لليود المُشع عند الأطفال حديثي الولادة والنساء الحوامل. في إحدى الدراسات، أعطى الباحثون النساء الحوامل من 100 إلى 200 ميكروكوريز (3.7 إلى 7.4 مبكابيكريل) من عنصر اليود 131، من أجل دراسة أجنّة النساء المُجهضة في محاولة لاكتشاف في أي مرحلة، وإلى أي مدى يعبر اليود المشع حاجز المشيمة. في دراسة أخرى، أعطوا 25 مولودا حديثا (من الذين تقل أعمارهم عن 36 ساعة ويزنون من 5.5 إلى 8.5 باوند (2.5 إلى 3.9 كيلوغرام)) اليود 131، إما عن طريق الفم أو عن طريق الحقن، حتى يتمكنوا من قياس كمية اليود في الغدد الدرقية، حيث أن اليود سوف يذهب إلى تلك الغدة.

في دراسة أخرى للّجنة، ولباحثين في كلية الطب في جامعة نبراسكا تمت تغذية اليود 131 إلى 28 من الأطفال الأصحاء من خلال أنبوب المعدة لاختبار تركيز اليود في الغدة الدرقية للرُضّع.

في عام 1953، رعت لجنة الطاقة الذرية دراسة لاكتشاف ما إذا كان اليود المُشع يؤثر على الأطفال الخدّج بشكل مختلف عن الأطفال الذين يولدون بعد إكمال مدة الحمل. في هذه التجربة، قام باحثون من مستشفى هاربر في ديترويت بإعطاء اليود 131 إلى 65 من الأطفال الخدّج والكاملين الذين تتراوح أوزانهم بين 2.1 و 5.5 باوند (0.95 إلى 2.49 كغم).

وفاة 1400 طفل في تجربة واحدة

__________________

في الفترة من عام 1955 إلى عام 1960، كان مستشفى ولاية سونوما في شمال كاليفورنيا بمثابة مكان دائم للإفلات من العقاب في التجريب على الأطفال المعوقين ذهنيا الذين تم تشخيص إصابتهم بالشلل الدماغي أو اضطرابات أقل. خضع الأطفال لاحقا لتجربة مؤلمة دون موافقة الآباء البالغين. تم وضع العديد من الصنابير في الحبل الشوكي "التي لم يحصلوا مقابلها على أي فائدة مباشرة". علم مراسلو برنامج 60 دقيقة أنه في هذه السنوات الخمس، تم إزالة الدماغ من كل طفل مات بالشلل الدماغي في ولاية سونوما ودُرس دون موافقة الوالدين. ووفقا لقصة لجنة الإحصاء المركزية، توفي أكثر من 1400 مريض في العيادة.

في تجربة في الستينات، تعرض أكثر من 100 مواطن من ألاسكا اليود المشع باستمرار.

في عام 1962، أطلق موقع هانفورد مرة أخرى عنصر اليود 113، معتبرا الأشخاص الذين على طول طريقه موضوعات للاختبار لتسجيل تأثيره عليهم. كما اختارت لجنة الطاقة الذرية متطوّعين من هانفورد لتناول حليب ملوث باليود 131 خلال هذا الوقت.

تجارب اليورانيوم

__________

"من المستحسن ألّا يتم إصدار أي وثيقة تشير إلى التجارب على البشر فقد يكون لها تأثير سلبي على الرأي العام أو تؤدي إلى دعاوى قانونية، وينبغي أن تُصنف الوثائق التي تغطي مثل هذا العمل" سرّية".

مذكرة لجنة الطاقة الذرية من العقيد أوغ. هايوود للدكتور فيدلر في مختبر أوك ريدج الوطني في ولاية تينيسي-17  أبريل 1947

بين عامي 1946 و 1947، قام باحثون في جامعة روتشستر بحقن اليورانيوم 234 و اليورانيوم 235 في جرعات تتراوح بين 6،4 و 70،7 ميكروغرام لكل كيلوغرام من وزن الجسم إلى ستة أشخاص لدراسة كمية اليورانيوم التي يمكن أن تتحملها الكُلى قبل أن تتضرر.

بين عامي 1953 و 1957، في مستشفى ماساتشوستس العام، قام الدكتور ويليام سويت بحقن أحد عشر مريضا مصابا بمرض مُنهي، وفي غيبوبة، وشبه غيبوبة باليورانيوم في تجربة لتحديد صلاحيته كعلاج كيميائي ضد أورام المخ، وقد مات المرضى كلّهم عدا مريض واحد. قال الدكتور سويت، الذي توفي في عام 2001، بأنه حصل على الموافقة من المرضى وأقرب الأقرباء.

تجارب البلوتونيوم: التجريب حتى على رماد جثث المتوفين

_________________________________

من 10 أبريل 1945 إلى 18 يوليو 1947، تم حقن ثمانية عشر شخصا بالبلوتونيوم كجزء من مشروع مانهاتن. تراوحت الجرعات المُعطاة من 95 إلى 5900 نانوكوريز nanocuries.

تلقى ألبرت ستيفنز، وهو رجل أخطأ تشخيصه بسرطان المعدة، "العلاج" لـ "سرطانه" في مركز سان فرانسيسكو الطبي في عام 1945. الدكتور جوزيف جيلبرت هاميلتون، وهو طبيب مشروع مانهاتن المسؤول عن التجارب البشرية في ولاية كاليفورنيا حقن ستيفنز بالبلوتونيوم-238 و239 دون موافقة مستنيرة. ستيفنز لم يكن لديه سرطان. وعاش لمدة 20 عاما أخرى مع البلوتونيوم المحقون في جسمه. لم يتم إبلاغ ألبرت ستيفنز ولا أيّ من أقاربه أنه غير مُصاب بالسرطان قط وقادوهم إلى الاعتقاد بأن "العلاج" التجريبي قد أدّى دوره. وقد تم الحصول على بقايا حرق جثته بشكل خفي من قبل مركز مختبر أرغون الوطني لعلم الأحياء الإشعاعي البشري في عام 1975 دون موافقة الأقارب الذين على قيد الحياة. ونُقل بعض الرماد إلى مستودع الأنسجة البشرية البيولوجية في جامعة ولاية واشنطن، التي تحتفظ برفات الأشخاص الذين ماتوا بسبب نظائر مشعة في أجسادهم.

تم حقن ثلاثة مرضى في مستشفى بيلينغز في جامعة شيكاغو بالبلوتونيوم. في عام 1946، أُعطي ستة موظفين في مختبر شيكاغو للمعادن المياه الملوثة بالبلوتونيوم -239، حتى يتمكن الباحثون من دراسة كيفية امتصاص البلوتونيوم في الجهاز الهضمي.

وقد تم حقن امرأة تبلغ من العمر 18 عاما في مستشفى في ولاية نيويورك، تتوقع أن تعالج من اضطراب الغدة النخامية، بالبلوتونيوم.

حكاية المواطن إيب كيد المأساوية

___________________

بدأت هذه القصة المأساوية في عام 1945، عندما كان موظف في منشأة أوك ريدج النووية قد تعرّض لحادث سيارة. نجا "إيب كيد" ، لكنه أخذ كمشارك بشري في دراسة مزعجة لم يوافق عليها.

ومن المهم أن نلاحظ أن هذا الرجل كان أمريكيا من أصل أفريقي يبلغ من العمر 53 عاما، حيث أن التجارب السابقة في الحكومة قد تركّزت على الأميركيين الأفارقة والأقليات الأخرى. وقد جرت برامج التعقيم العنصري بين عامي 1929 و 1974 في إطار برامج تحسين النسل المقبولة التي ادّعى المسؤولون أنها من أجل "خلق مجتمع أفضل". وكان معظم الضحايا من النساء السود الفقيرات "اللواتي يعتبرن غير مناسبات ليكنّ أمّهات". تم تعقيم الأفراد الذين تقل أعمارهم عن 10 سنوات لمجرد عدم الالتحاق بالزملاء في المدرسة أو كونهم مزعجين، وقد تمّ تضليل العديد من الآباء والأمهات بصدد تعقيم أطفالهم.

تم أخذ إيب كيد إلى مستشفى وربطه بسرير مع ذراع وساق مكسورة، حيث قابله الأطباء بشأن حالته الصحية الحالية. بعد تحديد انه في حالة صحية سليمة، قام الأطباء بحقنه سرّاً بـ 4.7 ميكروغرام من البلوتونيوم في 10 أبريل. ولا يزال من غير المعروف من الذي أمر بالبرنامج بالضبط داخل الحكومة الأمريكية، لأنها تمكنت من أن تنأى بنفسها عن البرنامج الشائن بأكمله.

في وقت الحقن، كان العلماء على علم تام بالآثار السلبية المرتبطة بالإشعاع. ومع ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان ومرض الإشعاع، كان هؤلاء العلماء يعرفون تماما ما يفعلونه - وهو دراسة آثار نظائر البلوتونيوم على الكائنات الحية.

قبل الاختبارات على كيد، قام العلماء بحقن الحيوانات بالبلوتونيوم ولاحظوا الآثار السلبية الشديدة. وفي بعض الحالات، كانت الحيوانات تتغذى حتى على النفايات المEشعة.

أخذ العلماء إفرازات من كيد خلال الأيام الخمسة التالية لمعرفة مقدار البلوتونيوم الذي تم الاحتفاظ به في جسمه. كما رفضوا تثبيت عظامه المكسورة حتى 15 أبريل / نيسان، وقطعوا عيّنات من العظام قبل القيام بذلك لدراسة محتوى البلوتونيوم في أنسجته العظمية. تم قلع خمسة عشر سنّاً من أسنانه للاختبار.

وبعد كل هذا، فهم لم يبلّغوا كيد بما كانوا يفعلونه. وقالت إحدى الممرضات إنّ كيد المُعذّب هرب بعد منتصف الليل، ووُجد فيما بعد ليموت في عام 1953 من قصور القلب.

التجارب التي تتضمن مواد مشعة أخرى

______________________

وبعد الحرب العالمية الثانية مباشرة، قدّم الباحثون في جامعة فاندربيلت إلى 829 أمّا حامِلا في تينيسي ما قيل لهن إنه "شراب فيتامين" من شأنه أن يحسّن صحة أطفالهن. وكانت الخلطات تحتوي على الحديد المشع وكان الباحثون يحدّدون مدى سرعة انتقال النظير المشع إلى المشيمة. ومن المعروف أن ثلاثة أطفال على الأقل قد توفوا من التجارب، من السرطان وسرطان الدم. توفي أربع من النساء من جراء السرطان نتيجة للتجارب، وتعرضت النساء للطفح الجلدي والكدمات وفقر الدم وفقدان الشعر والأسنان والسرطان.

وفي الفترة من عام 1946 إلى عام 1953، في مدرسة والتر فيرنالد الحكومية في ماساتشوستس، في تجربة برعاية لجنة الطاقة الذرية الأمريكية وشركة كويكر للشوفان، تم تغذية 73 طفلا مُعاقا عقليا على دقيق الشوفان الذي يحتوي على الكالسيوم المشع والنظائر المشعة الأخرى، لدراسة "كيفية هضم العناصر الغذائية". ولم يبلغ الأطفال أو آباؤهم بأنهم يتلقون مواد كيميائية مشعة؛ أخبرهم موظفو المستشفى والباحثون أنهم ينضمون إلى "نادي علمي".

كشف مستشفى جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو عن أن 29 مريضا، بعضهم مُصاب بالتهاب المفاصل الروماتويدي، قد تعرّضوا إلى إجمالي تشعيع الجسم (100-300 جرعة راد) للحصول على بيانات للجيش.

في الخمسينات، أجرى باحثون في كلية الطب في ولاية فرجينيا تجارب على ضحايا الحرق الشديد، ومعظمهم من الفقراء والسود، دون علمهم أو موافقتهم، بتمويل من الجيش وبالتعاون مع لجنة الطاقة الذرية. في التجارب، تعرض الأشخاص إلى حروق إضافية، وعلاج بالمضادات الحيوية التجريبية، وحقن بالنظائر المشعة. كمية الفوسفور -32 المُشع الذي حُقن في بعض المرضى، كانت 500 ميكروكوريز، وهي 50 مرة أكثر من الجرعة "المقبولة" للفرد الصحيح. وبالنسبة إلى الأشخاص الذين يعانون من حروق شديدة، فإن هذا من المرجح أن يؤدي إلى زيادة كبيرة في معدلات الوفيات.

بين عامي 1948 و 1954، وبتمويل من الحكومة الفدرالية، قام باحثون في مستشفى جونز هوبكنز بإدخال قضبان الراديوم في أنوف 582 من تلاميذ بلتيمور في ولاية ماريلاند كبديل عن استئصال الغشاء الغُدّي. وأجريت تجارب مماثلة على أكثر من 7000 من أفراد الجيش والبحرية الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية. أصبح تشعيع الراديوم الأنفي العلاج الطبي القياسي، وكان يُستخدم في أكثر من مليونين ونصف المليون من الأميركيين.

في دراسة أخرى في مدرسة والتر فيرنالد الحكومية، في عام 1956، قدم الباحثون للأطفال المعوّقين ذهنيا الكالسيوم المُشع عن طريق الفم وعن طريق الوريد. كما قاموا بحقن المواد الكيميائية المُشعة في الأطفال المُصابين بسوء التغذية ثم دفعوا الإبر من خلال جماجمهم، إلى أدمغتهم، ومن خلال أعناقهم، وإلى حبلهم الشوكي لجمع السوائل النخاعية للتحليل.

وفي عامي 1961 و 1962، أُخذت من عشرة من سجناء سجن ولاية يوتا عينات دم خُلطت مع مواد كيميائية مشعة، وأعيدت إلى جثثهم.

وقد مولت لجنة الطاقة الذرية معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لإعطاء الراديوم -224 والثوريوم -234 إلى 20 شخصا بين عامي 1961 و 1965. وقد تم اختيار العديد منهم من مركز العمر في نيو إنغلاند وتم تجنيدهم من أجل "مشاريع بحثية عن الشيخوخة". كانت الجرعات 0.2-2.4 ميكروكوريز (7.4-88.8 بيكريل) للراديوم و 1.2-120 ميكروكوريز (44-44040 بيكريل) للثوريوم.

في دراسة عام 1967 نُشرت في مجلة التحقيق السريري، تم حقن النساء الحوامل بالكورتيزول المُشع لمعرفة ما إذا كان سيعبر حاجز المشيمة ويؤثر على الأجِنّة.

دراسة السقاطات الإشعاعية: 21000 حالة وفاة في نيفادا وحدها

____________________________________

clip_image003.png

الصورة رقم (؟): غلاف التقرير النهائي للمشروع 4-1، الذي بحث آثار التلوث الإشعاعي على السكان الأصليين لجزر مارشال

في عام 1957، تم تحديد تفجيرات نووية في الغلاف الجوي في ولاية نيفادا، والتي كانت جزءا من عملية بلومبوب، ظهر في وقت لاحق أنها قد أصدرت ما يكفي من الإشعاعات التي تسبّبت في 11000 إلى 212000 حالة زائدة من سرطان الغدة الدرقية بين المواطنين الأمريكيين الذين تعرضوا لتساقطات هذه الانفجارات، مما أدى إلى ما بين 1100 إلى 21000 حالة وفاة.

في وقت مبكر من الحرب الباردة، وفي دراسات تُعرف باسم مشروع غابريل ومشروع سونشين، حاول باحثون في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا تحديد مدى الحاجة إلى سقاطات نووية لجعل الأرض غير صالحة للسكن. وقد أدركوا أن التجارب النووية في الغلاف الجوي تتيح لهم فرصة التحقيق في ذلك. وقد أدّت هذه الاختبارات إلى نشر التلوث الإشعاعي في جميع أنحاء العالم، كما أن فحص الأجسام البشرية يمكن أن يكشف عن مدى سهولة أخذها للإشعاع، ومن ثم مقدار الضرر الذي لحق بها. وكان ذا الأهمية الخاصة هو السترونتيوم -90 في العظام. وكان الأطفال الرُضع هم محور التركيز الأساسي، حيث كانت لديهم فرصة كاملة لامتصاص الملوثات الجديدة. ونتيجة لهذا الاستنتاج، بدأ الباحثون برنامجا لجمع الجثث البشرية والعظام من جميع أنحاء العالم، مع التركيز بشكل خاص على الرُضّع. تم تحميص العظام وتحليل الرماد لكشف النظائر المشعة. وظل هذا المشروع سرّيا في المقام الأول لأنه سيكون كارثة في العلاقات العامة؛ ونتيجة لذلك لم يتم إخبار الأهل وأسرهم بما يتم القيام به مع أجزاء جثث أقاربهم.

مصادر التجارب الأمريكية اللاأخلاقية على البشر وتأثيرات العامل البرتقالي المدمّرة على االشعب الفيتنامي

____________________________________________________

مصادر حلقات هذا القسم عن التجارب الأمريكية اللاأخلاقية على البشر واستخدامهم كحيوانات تجارب  وتأثيرات العامل البرتقالي المدمّرة على االشعب الفيتنامي سوف تُذكر في ختام الحلقة الأخيرة. 

وسوم: العدد 730