الإدارة المدنية (الإسرائيلية) في الضفة ودولة أوسلو

لا وجود لحل سياسي في الأفق مع الكيان الصهيوني في ظل الإدارة الأمريكية الداعمة قلبا وقالبا للكيان والمساندة لجرائمه بحق شعبنا الفلسطيني، ووسط مواصلة الاحتلال بناء الآلاف من الوحدات الاستيطانية في الضفة المحتلة وزيادة عدد الحواجز في المناطق الرئيسية وتقسيم مدن الضفة المحتلة إلى  (كانتونات) حيث لم يتبق من الدولة الفلسطينية المرسومة في اتفاقيات أوسلو المشئومة شيئا.

إن الضفة المحتلة تعاني من زيادة طفيفة في بناء البؤر الاستيطانية، وزيادة المواقع العسكرية (الإسرائيلية) الطيارة فضلا عن الدوريات السيارة للجنود الصهاينة في مدن وقرى الضفة و التي تقتحم أي شارع الضفة المحتلة دون إذن مسبق حتى من شرطة أوسلو التي يتباهى مسئوليها بسياسات التنسيق الأمني، ويعلنون أن التنسيق الأمني في الضفة من (المقدسات) .

أدعو المفاوض الفلسطيني أن يخجل من نفسه وسط الظروف المعيشية الصعبة التي يحياها أبناء شعبنا الفلسطيني تحت حراب الاحتلال وينفض يديه من غبار التفاوض مع الاحتلال .. وأقول كفى جريا وراء التفاوض مع الكيان و جلسات التعاون والتنسيق الأمني؛ كافة الوعود الأمريكية للمفاوض الفلسطيني باتت كذبا وخداعا حيث لا يستطع الفلسطيني في الضفة المحتلة التحرك بدون إذن من الاحتلال أو تنسيق في المعابر والحدود أما الأجواء والاقتصاد والمعابر يسيطر عليها الاحتلال الإسرائيلي سيطرة كاملة وتخضع لإجراءات مراقبة شديدة من قبل الكيان .

حديثا أعلن المسؤولين في الكيان الصهيوني عن الاستعداد لتوسيع صلاحيات ما يسمى (جهاز الإدارة المدنية ) في الضفة الذي يتبع مباشرة لجيش الاحتلال، حيث ستعمل الحكومة الصهيونية على زيادة عدد الموظفين في الإدارة المدنية وزيادة الميزانية المرصودة لها؛ وحسب الصحافة العبرية تم إعداد خطة يشرف عليها جنرالان في جيش الاحتلال وهما  ( أحيفات بن حور)  رئيس الإدارة المدنية بالضفة الغربية، والجنرال ( يوآف مردخاي ) منسق أعمال حكومة الاحتلال في الأراضي الفلسطينية، وعرضت خطة توسيع صلاحيات الإدارة المدنية على وزير الدفاع ( أفيغدور ليبرمان)  والخطة بانتظار موافقة الحكومة الصهيونية عليها ورصد ميزانية تمويلها؛ وتهدف الخطة إلى استمرار الهدوء الأمني في الضفة المحتلة ومواجهة أية  المظاهرات والاضطرابات قد تندلع في الضفة وتعيق وصول الخدمات الأساسية لقطعان المستوطنين في مستوطنات الضفة، وتعمل الخطة الأمنية الجدية على زيادة الكادر البشري في الإدارة المدنية بهدف توفير الاحتياجات الأساسية للمستوطنين وعائلاتهم و استكمال مشاريع البنية التحتية الخاصة بالمستوطنات وذلك لتجنب زحمة السير في شوارع الضفة عند عبور المستوطنين فيها وإيجاد حلول للمشاكل البيئة التي تشهدها الضفة المحتلة .

وذكرت وسائل الإعلام العبرية أنه من بين  مهام الإدارة المدنية إصدار تصاريح للعمال الفلسطينيين لدخول للكيان للعمل فيه، عبر شبكة حواسيب مغلقة لا يدخلها إلا جيش الاحتلال.

 وحسب المعلومات المتوفرة يعمل في دوائر الإدارة المدنية في الضفة ومؤسساتها(200 ) موظفا، وكان عدد موظفيها سابقا ( 450 ) موظفا بعدها انخفض العدد إلى (200) موظف فقط، بسبب تزايد التقديرات بانسحاب الكيان  من مدن الضفة، والخطة الجديدة تقضي إلى رفع العدد مجددا إلى ( 400)  موظف لخدمة ما يقارب ( 450 ألف)  مستوطن، الذين تضاعف عددهم أربع مرات منذ اتفاق أوسلو عام 1993م .

ويرى كاتب المقال أنه لن يتحقق حلم الفلسطينيين في بناء دولة فلسطينية مؤقتة حسب الاتفاقات الأممية والدولية على حدود الرابع من يونيو حزيران عام 1967م، ولن ينعم الفلسطينيين بالأمن والأمان وسط مواصلة الكيان الصهيوني جرائمه بحق الأرض والإنسان ومواصلة الخطط الصهيونية لزيادة عدد المستوطنين في الضفة وتمكينهم من العمل والعيش على أرضنا المسروقة.

وللتاريخ فإن الكيان الصهيوني أسس الإدارة المدنية في غزة والضفة عام 1981م بموجب أمر عسكري يحمل رقم ( 947) وتتبع مباشرة للجيش (الإسرائيلي) جاء في هذا الأمر الهدف من تشكيل الإدارة المدنية وهو " إدارة جميع الشؤون المدنية من أجل رخاء ومصلحة السكان ( المحليين) وبهدف تزويد وإدارة الخدمات العامة، مع الأخذ بعين الاعتبار الحاجة للحفاظ على الحكم الصالح والنظام العام )، هذا الهدف هو كلام جميل ومنمق لكنه يخفي ورائه أهداف خبيثة تهدف إلى إحكام السيطرة الكاملة على الفلسطينيين وبث الفرقة والنزاع بين المدن والقرى الفلسطينية، وتقديم معلومات استخباراتية للضباط الجيش الإسرائيلي الذين يشرفون على إدارتها في الضفة وغزة، وقامت سلطات الاحتلال بتعيين المستوطنين موظفين في هذه الإدارة و استخدم المستوطنين نفوذهم في خدمة الأنشطة الاستيطانية في أرضنا المحتلة .

إن الإدارة المدنية في الضفة المحتلة لازالت تسيطر إلى يومنا هذا على زمام الأمور؛ والهدف من توسيع الصلاحيات هو إنهاء حكم سلطة ( أوسلو) في الضفة وسحب كافة الصلاحيات ( الهلامية ) التي منحتها سلطة الاحتلال للسلطة الفلسطينية في الضفة وذلك للامعان في سياسات الإذلال التي تنتهجها سلطات الاحتلال بحق أبناء شعبنا في الضفة المحتلة . 

ويرى كاتب المقال أنه يتوجب على الفلسطينيين التنبه لخطورة الخطط (الإسرائيلية) لتوسيع صلاحيات الإدارة المدنية الإسرائيلية في الضفة، وخطورة زيادة أعداد الموظفين من قطعان المستوطنين في هذه الإدارة لتحقيق أهداف الاستيطان وخدمة مشاريع سرقة الأرض الفلسطينية ومواصلة تقسيم الضفة الفلسطينية.

وسوم: العدد 733