يوم جاء المستشار الفرنسي إلى مدينة الباب..

الشيخ حسن عبد الحميد

ذكريات :

المستشار يعتبر هو حاكم سوريا ،

 وقد عين ابن المحدث الكبير بدر الدين الحسني . 

عين المستشار ولد المحدث الشيخ تاج نائبا له ، لذا قامت مظاهرات في دمشق تهتف : 

شد الخيط ، شد الخيط ، شيخ تاج وقع في القليط 

والقليط : مياه المجاري ، 

واعتبر الشعب السوري أن التعاون مع المستعمر في صوره هو الوقوع في القليط وهو مجمع الأقذار ومياه النجاسات  . 

جاء المستشار إلى مدينة الباب : 

أربعون سيارة جديدة ( قطع الخيط ) الوزاء والأمناء العامون ، والمتزلفون والمنافقون ، ولكل عهد منافقوه .

 اخذنا نحن الصغار إلى الحمام كي لاتفوح منا رائحة الخمة ، وحلقت شعورنا كي لا يظهر القمل ، وغدينا على حساب البلدية رز مع اللحم ، وجعلنا ذلك نكتة : احم احم رز بلحم ، وهو من نوادر الزمان في تلك الأيام  .

حفظونا نحن الصغار قصيدة نقولها بالفرنسية : كومب ببان ، دو حران .... 

ووقف عالم المدينة الازهري الجديد يلقي كلمة المدينة في الترحيب بالضيف العزيز على المنافقين المتزلفين  

وكان هذا العالم قادما لتوه من الأزهر الشريف ، قال العالم الازهري للمستشار : لا نقول لك كما قالت بنو اسرائيل لموسى اذهب انت وربك فقاتلا انا هاهنها قاعدون ، بل نقول لك اذهب فقاتلا انا معكما مقاتلون ؟ 

كان هذا العالم الجليل صديقا لوالدي اسهر معه ،  كان قائم مقام البلد مسيحي فإذا جاء شيخنا بشر ولد القائم مقام بقدومه قائلا : بابا ، بابا جاء مطران المسلمين ! 

وياللعجب انطقه الله بالحق ! 

وللعلم فإن سراي الباب التي هدمت بنيت في عهد الشيج تاج أول رئيس لسوريا ، والمأمول من مجلس البلدة اعادة السراي إلى غابر مجدها بالتعاون مع المهندس المعماري احمد عبد الهادي العثمان المقيم في عمان حفظه الله 

نعود : 

الحفل الذي اقيم للمستشار تبارت كل العشائر إلى مد يد العون واظهار قوتها وعدد ابنائها ، آمل ان تتسابق هذه العشائر وتتعاون مع المجلس المحلي في إعادة السراي إلى غابر مجدها ، وهي من طابقين وتحتها قبو يحوي نافئس المخطوطات من أيام الحكم العثماني  

آمل من أعضاء المجلس البلدي حياهم الله أن يشمروا لخدمة الوطن ، فطالما هتفنا نحن الصغار 

بلادي ، بلادي فداك دمي ، وهبت حياتي فدا فاسلمي 

أعيدوا ترميم مساجد البلدة 

أعيدوا بناء مسجد الصديق 

ان الشارع الممتد من جامع فرحات إلى ساحة مرطو شقه رجل واحد اسمه صفوح بيك المؤيد العظم ، واسمه محفور على جدار البلدية ، وهو الذي انشأ  مايسمى بالمنشية ، وآمل أن نقرأها بميم مضمومة وياء ساكنة وشين مكسورة ، وهي من الانتشاء ، لا كما ينطقها عوام المثقفين  .

ياأعضاء المجلس البلدي فرد ترك بصمته على مدينة الباب فشمروا انتم واسهروا الليالي واعلوا الهمم لتعيدوا للباب شهرتها مدينة العلم والعلماء  .

يااعضاء مجلس البلدة عبئكم ثقيل ، لكن همة الشباب تزيل الصعاب  .

اعيدوا للباب آثارها القديمة ، فرغوا القمريات من التراب ، واغرسوا اشجارا وزهورا من عين حج أحمد الى جامع عبد الرحمن بن عوف ، مرورا بجامع سيدنا بلال رضي الله عنه 

وعلى من درس التاريخ أن يكشف للاجيال عن جب بلايا ، وجب حازم ، وعين البط ، وعين منصورية 

أين الخرزات ؟ أين وادي تيماء ؟ 

أين البرك ؟ أين بركة شفيق افندي ؟؟

اعلموا ياأبناء البلدة أن اول حلقة للقرآن الكريم كانت مقرها جامع اليماني ، ابحثوا عن مدرسة المعابدة ، وعن جامع الاردبيلي ، ابحثوا عن مجدكم الغابر أيها الشباب  .

لا أزال أحمل صورة في صغري : 

كنت عند جامع سيدنا عمر رضي الله عن عمر الفاروق وقف موتور عسكري بريطاني فتح خريطة لمدينة الباب وسأل بلكنة بريطانية : تل بطنا ، تل بطنا ، عرفت انه يريد تل بطنان ، يريد المطار الألماني  ؟

ختاما لاتقول كما قال عالمنا الأزهري ، بل نقول جميعا : إنا معكم مقاتلون  .

أقول قولي هذا واستغفر الله

فرجك ياقدير  .

وسوم: العدد 735