على هامش التحرُّك التركيّ نحو إدلب

بتصريحه إلى " رويترز " يوم الخميس: 21/ 9، يكون الرئيس التركي قد أسدل الستار على النقاش بخصوص دخول قوات بلاده إلى إدلب، ضمن تفاهمات " روسية ـ تركية ـ إيرانية "؛ لنشر " 1500 " جندي من تلك الدول، للإشراف على اتفاق خفض التصعيد فيها، بناء على مخرجات " أستانا 6 ".

هذا و يرجّح أن يكون هذا التحرّك التركي بغطاء سياسيّ، و قد توفّر له ذلك من خلال المنسق العام لهيئة التفاوض الدكتور رياض حجاب، في حديثه لقناة الجزيرة فجر الخميس: 21/ 9: " نحن ندعم أي عملية عسكرية لتركيا والجيش الحر ضد القاعدة في إدلب ".

و كذا بغطاء شرعي مصحوب بدعم لوجستي، و كان ذلك من خلال بيان المجلس الإسلامي السوري بتاريخ: 30/ 8، الذي دعا فيه إلى تشكيل الجيش الوطني، تزامنًا مع الرغبة التركية في ذلك؛ ليكون القوة المحلية التي تتحرك إلى جانبها على الصعيد الميداني، على غرار ما كان في عملية درع الفرات، مع ملاحظة الفارق أنّ الأمر هنا سيكون منظمًا، و على نحو أفضل منه، فضلاً على أنّه أيضًا بالتعاون مع المؤسسات الأهلية و المدنية المحلية في المحافظة.

و لن يكون التحرّك جديًا إلاَّ بعد عودة الرئيس أردوغان من اجتماعات الأمم المتحدة، و عقب اجتماع مجلس الأمن القومي، الذي أعلن عنه اليوم: 22/ 9، لمناقشة ملفي استفتاء إقليم كردستان في العراق، و التحرّك نحو إدلب، و عقب اتصال هاتفي سيجريه الاثنين المقبل:25/ 9، بنظيره الروسي، حيث سيبحث معه التطورات الأخيرة في سورية و بخاصة إدلب، و ذلك  قبيل لقاء لهما على مأدبة عشاء يوم الخميس: 28 أيلول الجاري في تركيا.

إلى ذلك الحين سيتمّ إرسال وحدات هندسية إلى المنطقة العازلة بين معبري باب الهوى، و جلوة غوزو، و المزيد من الوحدات الخاصة، التي سيرافقها وحدات سيتجاوز عديدها أربعة آلاف، من فصائل درع الفرات المنضوية حديثًا في الجيش الوطني، المرضي عنه: أمريكيًا، و روسيًا، و حتى الممول خليجيًا، و الذي بات ضرورة مُلحَّة لسحب عدد كبير من عناصر هيئة تحرير الشام السوريين، المبايعين لها: رغبةً أو رهبةً، من غير عقيدة قتالية مؤدلجة.

في مقابل ذلك فإن هيئة تحرير الشام قد استعجلت تنفيذ هذا التحرّك بفتح معركة في الريف الشمالي لحماة المجاور لجنوب إدلب يوم الثلاثاء: 19/ 9؛ بهدف فتح ممر آمن لـها يمتد من ريف حماة باتجاه شرق حماة، و قد يصل إلى وادي الفرات للالتقاء بـداعش، حسبما يرى مسؤولون غربيون.

هذه المعركة التي بات ينظر إليها على أنّها قفزة في الهواء، غير محسوبة العواقب، و أتت على كثير من البنى التحتية التي قامت خلال فترة الهدنة على امتداد الأشهر التسعة الماضية، و طالت كثيرًا من مقرات و قادة و حواضن الفصائل التي رفضت الرضوخ لهيمنة الهيئة؛ الأمر الذي استدعى كثيرًا من علامات التعجب.

و يرى المراقبون أنّ هذا التحرك العسكري سيستند على ثلاثة عناصر:

1ـ عسكري: ستقوم تركيا من خلاله بحشد قواتها على الحدود لـلضغط على قيادة الهيئة، لدفعها لحل التنظيم و إخراج القياديين الأجانب و التابعين لـلقاعدة إلى مناطق داعش.

2ـ مدني: بتشكيل مجلس مدني بعيد عن الهيئة لإدارة إدلب، يختلف عن المجلس الذي تدعمه حاليًا.

3ـ إداري: بتحويل فصائل الجيش الحر إلى شرطة مدنية تكون مرتبطة بتركيا، كما حصل في مناطق درع الفرات شمال حلب.

و يسبق هذا التحرّك جملةٌ من الاتصالات التي تجريها تركيا مع وفد من الهيئة، الذي تستضيفه في استنبول هذه الأيام، سيحدد من خلالها شكل العلاقة بين الطرفين في حال أصبحت القوات التركية في مناطق إدلب.

هذا و يرى عددٌ من المراقبين أنّ تركيا تنظر إلى ردود فعل الهيئة المنتظرة بكثير من التبسيط، و لا تولي كبير أهمية لكثير من تصريحات قادتها، و لاسيما بعدما أخذت الانشقاقات فيها تتنامى، سواء على مستوى الأفراد أو التجمعات، و سيكون أكثرها فاعلية مع أولى خطوات جنودها داخل أراضي إدلب، ناهيك عن الإنهاك الذي أخذ يصيبها من توالي مسلسل الاغتيالات في كوادرها، من المهاجرين المرتبطين آيديولوجيًا مع تنظيم القاعدة.

وسوم: العدد 739